خبير جيولوجي: صخور محافظة ظفار الأقدم في شبه الجزيرة العربية
تاريخ النشر: 23rd, August 2024 GMT
تتميز محافظة ظفار بتنوع جيولوجي فريد إذ توجد بها صخور الدرع العربي الذي يقدر عمرها أكثر من مليار سنة وهي الأقدم في شبه الجزيرة العربية وتعدّ المحافظة إقليمًا جيولوجيًا مستقلًا ضمن 3 أقاليم جيولوجية في سلطنة عمان، وتطغى على تركيبة المحافظة الصخور الروسوبية مشكلة نسبة 90% وهي التي ترسبت في البحر ابتداء من جبل سمحان إلى جبال القمر إلى منطقة اللكبي وصوقرة والبادية شمالا.
وقال الدكتور علي بن فرج الكثيري، الخبير الجيولوجي: توجد في سلطنة عمان 3 أقاليم جيولوجية وهي إقليم ظفار وإقليم الحقف وإقليم شمال عمان، والظروف الجيولوجية في هذه الأقاليم الثلاثة مختلفة، وتتميز محافظة ظفار بوجود مكتشفات لأقدم الصخور في شبه الجزيرة العربية، وهي صخور الدرع العربي وتسمى أحيانا بالصخور القاعية المتبلورة التي تمتد من مرباط إلى حاسك (سهل صالوت) وفقا للتسمية المحلية، وهي عبارة عن صخور نارية بلوتونية (بردت في باطن الأرض) وصخور أخرى متحولة من أصل ناري يقدر عمرها بحوالي 800 مليون سنة إلى 1.3 مليار سنة تتخللها صخور نارية على شكل قواطع جرانيتية وبازلتية أحدث عمرا حيث يقدر عمرها بحوالي 750 مليون سنة، وتتكون الصخور النارية البلوتينة في هذه المنطقة من معادن متبلورة قد يتجاوز قطرها السنتيمتر أحيانا لأنها بردت ببطيء في باطن الأرض وهي تتكون غالبا من الكوارتز والفلدسبار الفاتح والأحمر والمعادن الصفائحية (المايكا) والمعادن الداكنة مثل الهورنبليند والبايروكسين والألوفين، وتتنوع الصخور القاعية المتبلورة في سهل صالوت حسب محتواها من المعادن ،على سبيل المثال تحتوي صخور الجرانيت غالبا على الكوارتز والفلدسبار الأحمر، بينما يغلب الفلدسبار الفاتح والكوارتز في صخور الجرانوديوريت والتونوليت ويندر الكوارتز في صخور الديوريت ويغلب فيها الفلدسبار الفاتح والهورنبليند بينما يغلب البايروكسين والفلدسبار الفاتح مع بعض الألوفين في صخور الجابرو، علما بأنه تستخدم العناصر المشعة مثل اليورانيوم والآرجون وغيرها لحساب تقدير عمر الصخور النارية، بينما يقدر عمر الصخور الروسوبية بالأحفوريات أو المستحاثات وأنواع الكائنات المتحجرة بها، كذلك لدينا في سهل صالوت صخور مرباط الرملية الرسوبية والتي تكونت فوق الصخور القاعية المتبلورة، حيث تحمل هذه الرسوبيات ظواهر لوجود الجليد في حقبة زمنية قديمة حيث يعتقد العلماء بأن الكرة الأرضية ككل كانت مغطاة بالثلج (نظرية كرة الثلج) وهذه الدلائل موجودة في منطقة وادي عين بمرباط أسفل جبل سمحان، ومن ناحية التركيبة الصخرية فإن قرابة 90% من محافظة ظفار عبارة عن صخور روسوبية ترسبت في البحر ابتداء من جبل سمحان إلى جبال القمر إلى منطقة اللكبي وصوقرة والبادية شمالا، وأغلب هذه الرسوبيات تتكون من الحجر الجيري وبعض رواسب الصخور الرملية في مرباط وشمال غرب ريسوت مثل عين أنساريتا ومنطقة الحوطة بولاية رخيوت كذلك توجد بعض مواقع الجبس والطين الصلصال.
وأكد أن سهول محافظة ظفار بدءًا من ريسوت وامتدادًا إلى ولاية طاقة هي عبارة عن روسوبيات فيضية نتيجة جريان الأودية والفيضانات وتتكون من التربة والحصى المتباعدة إذ إنها لا تتكون على شكل طبقات صخرية مثل التي تترسب في المياه والبحار وإنما مجموعة من الصخور مختلفة الأحجام والأشكال بالإضافة إلى الطين والتربة، ولها دلالات إذ كلما كان شكل الحجر غير منتظم يعنى ذلك أن الحجز نقل من مسافة قصيرة، وتتجاوز نسبة الطين في الرسوبيات الفيضية 60% بمعنى أن الأودية والفيضانات جلبت الطين والصخور الجيرية على شكل طمي من مواقع أخرى ورسّبتها في السهل، وتعتمد خصوبة السهل على تقليب التربة وإضافة بعض المغذيات.
وأشار إلى أن السهل الممتد من ريسوت إلى ولاية طاقة تعرض للكثير من عوامل التسطيح نتيجة حركة البشر والمركبات، ومن خلال التقليب ستكون هذه الأراضي أكثر خصوبة وإن كانت فيها كمية كبيرة من الحصى والصخور، وتؤدي كميات الأمطار دورًا رئيسيًا في تعزيز نمو النباتات في السهل، كما أن وجود الحصى يقلل من عوامل التعرية للتربة .. مشيرًا إلى أن ما يفصل الجبال عن السهل هي الصدوع متوازية مع صدوع تكوين خليج عدن والبحر الأحمر، والمقصود بالصدع فالق أرضي نتيجة حركة الصفائح التكتونية ونزول أجزاء من الأرض على جانب الصدع وكنتيجة لذلك تتكون السهول الفيضية وعلى ضوء ذلك تفتح الأودية مجارٍ لها في هذه السهول.
وأكد أن مناطق عاشوق وقرضيت والمغسيل تكونت في ذروة نشاط تكون خليج عدن والبحر الأحمر والجزء البركاني موجود في اليمن، والجزء منها في محافظة ظفار تم تغطيته بالرسوبيات وهذه المنطقة ضمن نطاق ما يسمى بالوادي الصدعي وهو غير نشط حاليا ويتكون من صدعين متوازيين إذ تهبط الصخور التي في الوسط إلى أسفل مما يؤدي إلى دخول البحر ويرسب الرسوبيات البحرية الجيرية، وهذا ما تتميز بها مناطق المغسيل وعاشوق وقرضيت .. مؤكدًا حسب الوضع الجيولوجي فإن محافظة ظفار غير معرضة للزلازل القوية إذ تقع المحافظة بعيدا من صدع "أوين" الذي يبعد عن مدينة صلالة حوالي 150 كيلومترًا باتجاه البحر وهو عبارة عن صدع تباعدي لا تنتج عنه زلازل قوية خلافا للصدوع التي تلتقي عندها الصفائح التكتونية، وتتباعد الصفيحة الأفريقية وصفيحة الصومال عن الصفيحة العربية بحوال 2.2 سنتمتر سنويا انطلاقا من صدع "أوين" حيث من المتوقع علميا أن ينتج عن هذا التباعد اتساع البحر الأحمر عبر ملايين السنين.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: محافظة ظفار عبارة عن
إقرأ أيضاً:
مهرجان ظفار السياحي والفعاليات الثقافية المنتظرة
دأبت بلدية ظفار المشرفة على مهرجان ظفار السياحي على إقامة برامج ثقافية متنوعة حافلة بالمحاضرات والندوات والحوارات المفتوحة ضمن أنشطة المهرجان، بالإضافة إلى استضافة العديد من الكتَّاب والمثقفين والصحفيين من الوطن العربي لزيارة محافظة ظفار والتعرُّف على معالمها الأثرية وأنشطة المهرجان، أو إقامة محاضرات ثقافية متنوعة تلبي رغبة الجمهور المتعطش للمثاقفة والحوار المباشر مع الضيف الكاتب والمفكر.
لكن ذلك النشاط الثقافي توقف لأسباب غير معلومة وبالتأكيد ليس الجانب المالي هو العائق؛ بدليل أن إدارة المهرجان لا تزال ترعى العديد من الأنشطة التي تتطلب تكاليف مالية مثل النسخة الأولى من مهرجان ظفار المسرحي الدولي الذي أقيم العام الماضي في مدينة صلالة. وهنا لا يتّسع لنا المجال للحديث عن أهمية المهرجان ولا عن الجهة الرسمية التي يفترض بها حسب تخصصها الإداري الإشراف على المهرجان وإدارته، وإنما نتساءل عن غياب الفعاليات الثقافية ضمن أجندة المهرجان، كالندوات الفكرية والجلسات السردية والشعرية، مما يعني غيابها حرمان شريحة كبيرة من المجتمع من حضور الفعاليات الثقافية التي أثبتت أن الجمهور متشوق لها ويرغب في حضورها، وقد رأينا ذلك في مناسبات مماثلة سواء في معرض مسقط الدولي للكتاب، أو خلال الأيام الماضية التي تتوافد فيها أعداد غفيرة من الجنسين تجاوزت الألف ومائتي شخص لحضور ندوة فكرية في مجمع السلطان قابوس الشبابي للثقافة والترفيه بصلالة، ولم تتجاوز الكلفة المالية للمحاضرة ألف ريال عُماني.
تمثل الثقافة عنصر جذب سياحيا ولعلها من أهم الصناعات السياحية التي اتخذتها الخطط التنموية والرؤى الاستراتيجية ضمن أجنداتها لخلق سياحة ثقافية مستدامة كالمؤتمرات والندوات والمهرجانات الفنية والموسيقية والسينمائية، ولا يمكن استعراض الأمثلة ولا التذكير بالتجارب الناجحة والناجعة لقيام صناعات ثقافية ضمن مهرجانات سياحية دولية.
نأمل من إدارة مهرجان ظفار السياحي الاهتمام بالأنشطة الثقافية المستدامة، ويمكن لإدارة المهرجان إشراك الكيانات الثقافية في المحافظة المتمثلة في المبادرات الثقافية وفرع الجمعية العُمانية للكتّاب والأدباء ومكتبة دار الكتاب ومركز ظفار للثقافة والإبداع، في إدارة بعض الفعاليات ضمن الهوية الترويجية لمحافظة ظفار، مما يساهم في بناء عناصر بشرية وطنية تدير وتنشط الندوات والملتقيات، كإقامة معرض صلالة للكتاب بالتعاون مع وزارة الثقافة والرياضة والشباب واتحاد الناشرين العرب ليكون مناسبة ثقافية دائمة، بالإضافة إلى إدراج فعاليات ثقافية كالأيام الثقافية الخليجية تتضمن فعاليات ثقافية خليجية، يتعرَّف الزائر خلالها على أبرز الأنشطة على الساحة الخليجية وأهم الإنتاجات الأدبية والفكرية والفنية، وهذا بحد ذاته عنصر جذب للجمهور من داخل سلطنة عُمان وخارجها.
إن المطلوب من المهرجانات السياحية أن تعمل مع المثقف والمؤسسة الثقافية جنبًا إلى جنب لتفعيل الخطط والاستراتيجيات الوطنية التنموية، وتحمّل المسؤولية لتحقيق أهداف الهوية الترويجية لكل محافظة، وبالتأكيد فإن النتائج المرجوة ستتحقق طالما تُنفذ الأعمال حسب الخطط الواضحة لخدمة الإنسان والوطن.