لجريدة عمان:
2025-12-07@20:01:40 GMT

ليس دفاعا عن طالب البلوشي

تاريخ النشر: 24th, August 2024 GMT

لا يملك المرء إلا أن يتعاطف مع الفنان العُماني طالب محمد البلوشي الذي كان «ترند» وسائل التواصل الاجتماعي في الأيام الماضية إزاء الحملة الكبيرة التي شُنَّتْ ولا تزال تُشَنُّ عليه في منصة إكس وفيسبوك، وغيرهما، بسبب أدائه دور كفيل من جنسية خليجية في الفيلم الهندي «حياة الماعز».

وليت أن هذا الهجوم كان نقدًا لتمثيله أو طريقة تقمصه للدور، وإنما هو في معظمه مجرد شتائم شخصية له، طالت في بعض الأحيان البلد الذي ينتمي إليه!

في عالم الفن والتمثيل، هناك نقطتان مهمّتان على كل متفرج على فيلم سينمائي أو مسرحية أو مسلسل تليفزيوني أن يضعهما في اعتباره بينما يجلس أمام الشاشة الكبيرة واضعًا رِجْلًا على رِجْل وفي يده الفشار؛ الأولى أنه لا يُمكن أن يُدان ممثِّلٌ لأنه أدى شخصية معينة، خيّرةً كانت أم شريرة، فأداء الأدوار المتنوعة والمختلفة جزءٌ أساسيٌّ من حياة أي ممثل.

يمكن فقط أن ننقد هذا الأداء فنقول إنه تقمص الشخصية بشكل ممتاز، أو العكس، كان أداؤه باهتًا، ولم يعطِ الشخصية حقّها من التمثيل. أما النقطة الثانية - وهي الأهم - أن الممثل لا يمثل شعبًا كاملًا أو مجتمعًا بأسره عندما يؤدي دورًا معينًا؛ بل يمثل فقط الشخصية التي يجسدها في العمل الفني. وهنا تحضرني مقولة شهيرة عن فن التمثيل مفادها أن «التمثيل ليس هو الشخص الذي أنت عليه، بل هو الشخص الذي يمكنك أن تكونه»؛ فالممثل ليس هو الشخصيةَ التي يؤديها، بل هو الشخص الذي يستطيع أن يجسد تلك الشخصية بكل أبعادها، وفي حالة «حياة الماعز» فإنه لو لم يؤدِّ طالب شخصية الكفيل الشرير الذي يعذب عمّاله الهنود لكان قد أداها أي ممثل آخر، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن ذلك الشرير الذي ظهر في الفيلم بجنسية معينة لا يعني إطلاقًا أن كل أبناء تلك الجنسية هم مثله.

وعلى كلٍّ، طالب البلوشي ليس الممثل الأول، ولن يكون الأخير، الذي يواجه انتقادات بسبب دور أداه في فيلم، ويحضرني هنا مثال قريب حدث الشهر الماضي، وقد انتُقِدَ الممثّل هذه المرة حتى قبل أن يُصوِّرَ مشهدًا واحدا من الفيلم، الذي أثار ضجة وهو مجرد فكرة في أذهان صُنّاعه! وأعني به الفيلم الكوميدي «النونو» للممثل المصري أحمد حلمي الذي أثار غضب الكثير من المصريين، بعد أن أعلنت مُنتِجتُه؛ هيئة الترفيه السعودية، أن حلمي سيجسّد فيه شخصية نصاب يستهدف الحجاج والمعتمِرين في بعض عملياته، وهو الأمر الذي اعتبره مصريون في وسائل التواصل الاجتماعي تكريسًا لصورة نمطية مسيئة للشعب المصري، ما أدى إلى إعلان هيئة الترفيه عن إلغاء الفكرة.

مثال آخر؛ في عام 1985، قدم الممثل الأمريكي ميكي رورك واحدًا من أبرز أدواره السينمائية في فيلم «سنة التنين» «Year of the Dragon»، الذي أخرجه المخرج الأمريكي مايكل تشيمينو. لعب رورك دور الكابتن ستانلي وايت، وهو ضابط شرطة نيويوركي ذو أصول بولندية، يعمل في حي «تشاينا تاون» المعروف بكثافة سكانه من الأمريكيين الصينيين. وعلى الرغم من الأداء الممتاز لميكي رورك، إلا أن الفيلم أثار انتقادات الجالية الصينية في أمريكا؛ متَّهِمة إياه أنه يقدم صورة نمطية سلبية عن الصينيين الأمريكيين، ويعزز الصور النمطية العنصرية عنهم. واجه الفيلم اتهامات بالإساءة إلى مجتمع «تشاينا تاون» وتقديمه بصورة غير عادلة.

من المهم أن نذكر هنا أن الأعمال الفنية لا يُرد عليها بالسباب أو الشتائم، بل بأعمال فنيّة أخرى. فالفن هو مساحة للتعبير عن الأفكار والمشاعر ووجهات النظر المختلفة، ومن الطبيعي أن تثير إعجاب هذا المتلقي وتغضب ذاك. لذا فإن الرد الحضاري على أي عمل فني يشعر متلقوه بإساءته إليهم هو تقديم عمل فني آخر يعبر عن وجهة نظرهم، وهذا سيسهم بالتأكيد في إثراء الحوار الثقافي. وأضرب هنا مثالًا بفيلم «مولد أمة» «The Birth of a Nation»، الذي أُنتِجَ عام 1915 وأخرجه دي. دبليو. جريفيث، وهو فيلم أمريكي صامت يروي قصة الحرب الأهلية الأمريكية وإعادة الإعمار من وجهة نظر عائلة بيضاء جنوبية. يُمجِّد الفيلم جماعة «كو كلوكس كلان» الأمريكية العنصرية، ويصوّر أفرادها أبطالًا يحاولون حماية الجنوب من الفوضى والعنف اللذين ينسبهما الفيلم بشكل غير عادل للأمريكيين من أصل إفريقي. فكان أن ردّ على هذا الفيلم بعد خمس سنوات المخرج الأمريكي من أصل إفريقي أوسكار ميشو بفيلم «داخل حدودنا» «Within Our Gates» الذي سلط الضوء على واقع الحياة اليومية للأمريكيين من أصل إفريقي في تلك الفترة، مع التركيز على قضايا الظلم الاجتماعي والعنصرية. ورغم أن هذا الفيلم لم يحقق نجاحًا تجاريًّا كبيرًا في وقته، إلا أنه يُعَدُّ اليوم من أهم الأفلام التي عالجت موضوع العنصرية والتفرقة في أمريكا، ويُشار إليه بشكل متكرر في الدراسات الأكاديمية حول السينما الإفريقية الأمريكية والتاريخ الاجتماعي للولايات المتحدة.

خلاصة القول، على منتقدي الفنان طالب البلوشي أن يدركوا أنه، كغيره من الممثلين في شتى أنحاء العالم، قد يؤدي أدوارًا تثير جدلًا أو استياءً لدى البعض. ومع ذلك، فإن تقييم مثل هذه الأدوار يجب أن يحدث من منظور فني بحت، بعيدًا عن التسييس أو الهجوم الشخصي أو التعرض لبلده أو هويته. الفن هو وسيلة للتعبير ولإثارة النقاش، وليس أداة لتوجيه الاتهامات أو الإساءة للآخرين. وفي النهاية، وكما علمنا المثال الذي سردناه قبل قليل، يمكن أن يكون الرد الحضاري على أي عمل فني بتقديم عمل فني آخر يفتح باب الحوار ويقدم وجهة نظر مغايرة تعزز الفهم المتبادل والاحترام بين الثقافات والشعوب.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: عمل فنی

إقرأ أيضاً:

الأوقاف تعلن مواعيد المقابلات الشخصية للمتقدمين لشغل وظائف الشئون القانونية

أعلنت وزارة الأوقاف، عن مواعيد المقابلات الشخصية للمتقدمين لشغل الوظائف المعلنة للعمل بالإدارة العامة للشئون القانونية، وذلك عن طريق الندب من المديريات التابعة للأوقاف أو الجهاز الإداري بالدولة على وظيفة محقق قانوني، والبالغ عددهم (٣١) متقدمًا، ووظيفة باحث شئون أوقاف، والبالغ عددهم (٣) متقدمين؛ ممن قاموا بالتقديم عبر الرابط المعلن، أنه قد تحدد موعد المقابلة الشخصية يوم الأحد الموافق ٧ / ١٢ / ٢٠٢٥م، ويوم الاثنين الموافق ٨ /١٢/ ٢٠٢٥م، في تمام الساعة العاشرة صباحًا، وذلك بمقر ديوان عام الوزارة بالعاصمة الجديدة.

وتهيب الوزارة بجميع المتقدمين الالتزام بالحضور في الموعد المحدد، مع ضرورة إحضار بيان حالة وظيفية حديث من جهة العمل الحالية، شاملًا تقارير الكفاية والجزاءات، وصورة من بطاقة الرقم القومي.

وزير الأوقاف للمتسابق محمد ماهر: "عطّرت الأجواء في ذروة خطاب الحق.. وتحياتي لك ولوالدك"وزير الأوقاف يشيد بالمتسابق محمد القلاجي: قريبًا سنقدّمه هدية للعالم الإسلامي

 تفاصيل إعادة النظر في قيم الإيجار للممتلكات التابعة لها

قال الدكتور أسامة رسلان، المتحدث باسم وزارة الأوقاف، إن قرار تعديل القيمة الإيجارية للأراضي الزراعية التابعة للأوقاف ليس مرتبطًا بحاجة محددة أو موقف طارئ، وإنما يأتي ضمن استيفاء الإجراءات اللازمة لضمان تحقيق مصلحة المستأجرين مع الحفاظ على أمانة الوزارة في إدارة الأوقاف باعتبارها ناظرة للوقف وليست مالكة له.

وأضاف رسلان، خلال اتصال هاتفيه في برنامج "ستوديو إكسترا" على شاشة إكسترا نيوز، أن معالي وزير الأوقاف، منذ توليه المنصب في يوليو 2024، عمل على إعادة هيكلة القيادات داخل الوزارة، ودفع بالكفاءات والخبرات الناجحة إلى مواقع الإدارة، ومن ضمنها تعيين مدير جديد لهيئة الأوقاف متخصص في الاستثمار والأعمال، حيث عكف على دراسة الملفات التي شهدت تراخٍ على مدار عقود سابقة.

وأشار المتحدث باسم الوزارة إلى أن اللجان المعنية لم تكن تعمل فقط من القاهرة، بل انتشرت في جميع المحافظات بالتعاون مع خبراء محليين على دراية بأسعار الأراضي والممارسات في كل منطقة، لضمان تحديد القيمة الإيجارية بشكل عادل. وبيّن أن الأراضي صُنفت إلى فئات (ممتازة، جيدة، متوسطة، ضعيفة) بناء على موقعها، قربها من الخدمات، وتكلفة الري، ليتم تحديد المبالغ الجديدة بما يتناسب مع واقع السوق.

وأكد رسلان أن الهدف من التعديلات هو سد الفجوة الكبيرة بين القيمة الإيجارية القديمة والقيمة الفعلية للأراضي، موضحًا أن مثالاً لفدان كان يُؤجر بـ12–15 ألف جنيه سنويًا، بينما تبلغ القيمة السوقية الفعلية للفدان المجاور 55–75 ألف جنيه.

وقال إنه تم تحديد قيمة جديدة بين 40–45 ألف جنيه كحد أقصى للفدان، لتمنح المستأجرين ميزة نسبية مقارنة بالجيران مع الحفاظ على حقوق الوقف.

واختتم رسلان حديثه بالتأكيد أن الوزارة تحرص على تحقيق التوازن بين مصلحة المستأجرين وواجباتها القانونية، مع مراعاة العدالة في تطبيق الأسعار بما يعكس معطيات السوق الفعلية دون الإضرار بأحد.

طباعة شارك الأوقاف مواعيد المقابلات لشغل الوظائف المعلنة الشئون القانونية وزارة الأوقاف

مقالات مشابهة

  • انتخاب مريم البلوشي لرئاسة اللجنة المعنية بحماية البيئة في «الإيكاو»
  • يناير المقبل..بدء العمل برسوم تصاريح معالجة البيانات الشخصية
  • انتخاب مريم البلوشي لرئاسة اللجنة المعنية بحماية البيئة في الإيكاو
  • قرار وزاري بتحديد رسوم تصريح معالجة البيانات الشخصية
  • مدعوون لإجراء المقابلة الشخصية / أسماء
  • خالد الجندي: الفتوحات الإسلامية كانت دفاعاً عن الحرية الإنسانية
  • الشيخ خالد الجندي: الفتوحات الإسلامية كانت دفاعاً عن الحرية الإنسانية
  • المهند البلوشي يحقق ذهبية تاريخية لعُمان في التايكوندو
  • الأوقاف تعلن مواعيد المقابلات الشخصية للمتقدمين لشغل وظائف الشئون القانونية
  • مخالفات في بطاقتك الشخصية تعرضك لـ 5 غرامات مالية