ذكر الرئيس محمد أنور السادات في كتابه " البحث عن الذات " يصف الفترة التي قضاها بمعتقل ماقوسة بمحافظة المنيا يقول ، " لم يكن المعتقل الجديد الذي نقلونا إليه معتقلا بمعنى الكلمة , بل قصرا شامخا يقف منعزلا على ضفاف ترعة الإبراهيمية ، يحيط به التراب ، وخلفه قرية صغيرة لا تختلف كثيرا عن ميت أبو الكوم .

 

 عرفنا بعد ذلك ، انه كان ملكا لأحد أعيان حزب الوفد ، وساءت حالته المالية فأجره للحكومة التي أحالته إلى معتقل ، فعندما وصلنا وجدنا المهندسين العسكريين يعملون في بناء أسوار من الأسلاك الشائكة تحيط بالقصر كله  ، وقذ أقمت في معتقل ماقوسة هذا من ديسمبر 42 إلى سبتمبر 43 .

 

وروى الرئيس الراحل محمد أنور السادات ،  كانت اقامتى بمعتقل ماقوسة صعبة في الأيام الأولى ، رغم انه كان قصرا منيعا به مرايا فرنسية ، وأخشاب فاخرة وشبابيك من الزجاج الملون ، وحمامات رائعة ، أشياء لم أر مثلها من قبل في حياتي بهرتني في أول الأمر، وكانت مصدر دهشة لي ، ولكن مع الوقت تعودت عليها ، وأصبح السجن سجنا كبقية السجون " ، بهذا المعتقل تعلم السادات اللغة الألمانية و أتقنها في 9 أشهر ، حيث علمه ايها حسن جعفر الأخ الغير شقيق لحسين جعفر ، أو ( أبلر ) الجاسوس الألمانى ، والذي كان مسجونا معه بنفس المعتقل . 

 

وكان الرئيس الراحل أنور السادات ، قد انتقل في أول أكتوبر عام 1939 لسلاح الإشارة، وبسبب اتصالاته بالألمان قُبض عليه،  وصدر النطق الملكي السامي بالإستغناء عن خدمات اليوزباشي محمد أنور السادات، غير أن السادات لم يتم فصله من الجيش فقط ، بل قرر الإنجليز اعتقاله ، وتم نقله بالفعل إلى سجن الأجانب ، وتنقل السادات ما بين سجن الأجانب بالقاهرة إلى معتقل ماقوسة بمدينة المنيا في الصعيد،  ثم إلى معتقل الزيتون بالقاهرة، وهرب من المعتقل عام 1944 وظل مختبئًا، حيث سقطت الأحكام العرفية، وبذلك انتهي اعتقاله حسب القانون، وأثناء فتره هروبه عمل السادات تبّاعًا على عربة لوري، كما عمل تبّاعاً ينقل الأحجار من المراكب النيلية لإستخدامها في الرصف، وفي عام 1945 انتقل إلى بلدة أبو كبير في الشرقية ، حيث اشترك في شق ترعة الصاوي.

 ويقع قصر عبد الرحمن سليمان الماقوسي بقرية ماقوسة مركز المنيا، وتم بناؤه بداية القرن العشرين٠ مشغول بالخشب علي طراز معماري فريد وجري هدمه في منتصف عام 2011 وأقيم في موقعه منزلان ،  واشتهر القصر القديم بأنه شهد جزءاً من التاريخ ، وكان منفي للرئيس السادات , وكانت مباني القصر تقع علي مساحة 460 متراً ، في مساحة إجمالية تبلغ 1700 متر مربع ، ويتكون من طابقين وله 4 واجهات تطل علي الطريق الزراعي القاهرة - أسيوط ، وعلي الحديقة المحيطة بالقصر بزخارفه الجميلة ، والبلكونات الخشبية ذات الأعمدة النادرة.

        

 واغرب ما روى عن ذلك القصر ، أنه في صباح أحد أيام عام العام 1946 ذهب مدير فندق "  إيتاب " بمحافظة المنيا بصحبة حكمدار المحافظة ، إلى معتقل ماقوسة ، وهو قصر لأحد الإقطاعيين المصريين ، استأجرته منه الحكومة ، ليكون معتقلا للسياسيين، واخذ يسأل المعتقلين عن السبب الذي دفعهم لطلب تغيير وجبة الإفطار الكونتننتال بالفول والطعمية، فما إن علم منهم أنهم يريدون أخذ الفارق بين سعر الوجبتين وتوزيعه على فقراء المعتقلين،  حتى وافق على طلبهم على الفور، وصاروا يتقاضون كل طلعة شمس عدة جنيهات من خزانة الدولة، التي اتفقت مع هذا الفندق تحديداً ليعد وجبات الطعام للمعتقلين، ويقوم بخدمتهم مجموعة من السفرجية، برفقة مدير الفندق نفسه، كما كان من واجبات الحكمدار حضور أحد الوجبات يومياً للإطمئنان على راحة النزلاء

           

 ويؤكد أهالي ماقوسة ، تعاطف آبائهم مع السادات ، ومنهم عبد الغني أبو قاسم حيث كان يعمل في القصر ، وعبد الفتاح أبو عمامة "صاحب دكان" وخليفة نصر "سقا" ومحمد رضوان بتوصيل الطعام والصحف إلي السادات في منفاه ، وزار الرئيس السادات ماقوسة بعدما تولي رئاسة الجمهورية ، ورد الجميل بإعلان قرار المعاش المعروف باسم "معاش السادات" للفقراء.

 

كما أقيم شمال القصر ( خلال فترة حكمه )، مبنى ليكون متحف للآثار الفرعونية، إلا انه لم يصلح فتم عمله كمقر ادارى للتفتيش الأثرى، وتحول القصر فيما بعد إلى مدرسة ماقوسة الإعدادية، ثم مدرسة الأحرار الإعدادية ثم المعهد الديني الأزهرى بماقوسة، حتى تم هدمه بالكامل عام 2011 للأسف الشديد.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: السادات أخبار محافظة المنيا أنور السادات إلى معتقل

إقرأ أيضاً:

في معرض دمنهور للكتاب.. البحيرة تكشف أسرار تراثها وحضارتها

شهد معرض دمنهور الثامن للكتاب، الذي تنظمه الهيئة المصرية العامة للكتاب، ندوة بعنوان "البحيرة.. تراث وحضارة"، شارك فيها الدكتورة زينب يحيى، والدكتورة هبة سعد، والدكتور أحمد نعيم، وأدارها الدكتور علاء النحاس، بحضور نخبة من المتخصصين والمهتمين بالشأن الأثري.

استهلت الندوة بكلمة الدكتور خالد فرحات، مدير عام آثار البحيرة، الذي استعرض الأهمية الأثرية للمحافظة، مؤكدًا أنها تزخر بمواقع تاريخية تمتد من عصور ما قبل التاريخ وحتى العصر الحديث، مشيرًا إلى جهود وزارة السياحة والآثار في أعمال الحفائر التي كشفت عن مواقع أثرية فريدة تعكس عمق الحضارة المصرية في دلتا النيل.

وتحدث الدكتور علاء رجب النحاس، مدير الوعي الأثري، عن التلال الأثرية المنتشرة في مراكز المحافظة، والتي يبلغ عددها نحو 186 تلًا أثريًا تمتد عبر العصور الفرعونية والبطلمية والرومانية والبيزنطية والقبطية والإسلامية، مؤكدًا أن هذه التلال تمثل خريطة حية لتاريخ البحيرة وتحتاج إلى مزيد من الدراسات الميدانية والتوثيق العلمي.

وقدمت الدكتورة زينب يحيى عرضًا تفصيليًا حول حفائر تل الأبقعين، موضحة أنه أحد الحصون العسكرية التي أقامها الملك رمسيس الثاني على الحدود الغربية للدلتا، واحتوى على وحدات سكنية وصوامع تخزين وثكنات جنود ومعبد ملحق بالحصن. وأشارت إلى أن الحفائر كشفت عن لقى أثرية متنوعة تشمل أدوات حربية وتمائم وجعارين وأدوات زينة وفخارًا، تعكس ملامح الهوية الدينية والعسكرية لقاطني الحصن.

فيما تناولت الدكتورة هبة سعد سليمان نتائج الحفائر في تل أبو الجدور بمركز أبو المطامير، موضحة أن أعمال التنقيب التي بدأت منذ عام 1986 وحتى عام 2025 أسفرت عن اكتشاف بقايا لمعاصر نبيذ وحمام أقدام بطلمي وصوامع لتخزين الغلال، إضافة إلى أوانٍ فخارية وعملات معدنية وقطع أثرية توثق التتابع التاريخي للموقع.

أما الدكتور أحمد نعيم، فتحدث عن علوم الحفائر الأثرية بين الدراسة والتطبيق، موضحًا أن علم الحفائر لا يقتصر على الاكتشاف الميداني، بل يشمل دراسة وتحليل البقايا الأثرية لفهم التراث الفكري والثقافي للإنسان القديم، عبر مراحل تبدأ من جمع المعلومات عن المواقع وحتى توثيق النتائج ونشرها علميًا.

واختُتمت الندوة بمناقشة مفتوحة مع الحضور، أوصى المشاركون خلالها بضرورة إنشاء متحف قومي لمحافظة البحيرة، ليضم مكتشفاتها الأثرية ويبرز مكانتها كأحد أهم المحافظات المصرية الغنية بالتاريخ والحضارة.

طباعة شارك الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة معرض دمنهور الثامن للكتاب الهيئة المصرية العامة للكتاب البحيرة تراث وحضارة

مقالات مشابهة

  • متحف قصر الأمير محمد على بالمنيل يحتفل بـ ذكرى نصر أكتوبر
  • الاحتلال يُصدر ويجدد "الإداري" بحق 60 معتقلًا بينهم صحفيان
  • عفت السادات بعد تعيينه بمجلس الشيوخ: فخور بثقة الرئيس السيسي
  • بجاية: حجز 4 قناطير من الفول السوداني الفاسد بالقصر
  • بجاية: حجز 4 قناطير من الفول السوداني فاسد بالقصر
  • في معرض دمنهور للكتاب.. البحيرة تكشف أسرار تراثها وحضارتها
  • كبير خدم الأميرة ديانا يكشف سرًا جديدًا عن العائلة الملكية
  • تسريب نادر يكشف أسرار iPhone 16e.. خطأ من هيئة الاتصالات الأمريكية يضع آبل في مأزق
  • عودة قوية لقصر ثقافة حلوان.. منصة فنية ومجتمعية لخدمة المواطنين
  • اللبان: عودة قصر ثقافة حلوان يعزز الانتماء الوطني.. فيديو