سواليف:
2025-12-11@04:38:48 GMT

كيف باتت العشائرية خصوصية أردنية؟

تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT

كيف باتت #العشائرية #خصوصية_أردنية؟
بقلم: د. #هاشم_غرايبه

مقال الإثنين: 26 / 8 / 2024
من البداهة اعتبار الأردن قد مر بمراحل التطور ذاتها التي مرت بها الأقطار المجاورة، كونه جزءا من بلاد الشام، حيث كانت القبلية بديلا أمنيا لنظام الدولة في حالات ضعفها، مما حدا بالعشائر الأردنية خلال ضعف الدولة العثمانية أن تتكتل في كل منطقة لحماية ممتلكاتهم ومزروعاتهم من غزوات البدو القادمين من الصحراء .


ويذكر (فريدريك .ج . بيك) في كتابه: تاريخ شرق الأردن وقبائله، ص 165: “إبان القرن الذي سبق الميلاد، اضطرت مدن الاتحاد اليوناني ( الديكابوليس) أن تتآزر لدرء خطر غارات بدو الصحراء، لكن كان الانسان أمينا على نفسه ومتاعه خلال الفترات منذ الخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين والأيوبيين والمماليك، فأفاد ذلك الزراعة وخاصة في منطقة شمال الأردن، إذ أن ستماية سنة من الاستقرار منذ انتهاء الحكم الروماني وحتى نهاية دولة المماليك على يد الأتراك، أوجد شعبا زراعيا ماهرا في تلك المنطقة .
ولما ازداد خطر الغزوات من بدو الصحراء فقد أوجد القرويون دويلات صغيرة تعرف بالنواحي وكل ناحية تقع تحت سيطرة رئيس قوى الشكيمة الذي كان يقود القرويين في المعارك، ولاتزال النواحي للآن معتمدة كتقسيمات ادارية .”
بعد ان رزح الأردن تحت الحكم البريطاني إثر اندحار العثمانين عام 1916، وجد المستعمر أن التعامل مع شيوخ القبائل وزعماء العشائر حسب المبدأ البريطاني الشهير (فرّق تسد) يحقق له احكام السيطرة بأقل كلفة عسكرية.
أصبح تقريب البعض من شيوخ العشائر موجبا لترسيخ سطوة أكبر لشخصية الشيخ بين عشيرته، فيما دفعه الى إظهار الولاء أكثر فأكثر من أجل تلبية طلبات أقربائه، وفي نفس الوقت كان ذلك وسيلة لتجفيف منابع المعارضة الوطنية المناهضة للإستعمار، ولإضعاف الزعماء المحليين المطالبين بإلغاء المعاهدة البريطانية.
لم تتغير هذه السياسة بعد تأسيس المملكة رغم زوال مبررات العشائريه بعد إرساء الأسس المطلوبة للدولة، والاستقرار الأمني وزوال خطر الغزوات القادمة من الصحراء، إلا أن السلطة استمرت في دعم البنية العشائرية لدرجة أن عبارات مثل: الأهل – العزوة – العشيرة، ظلت سائدة في الخطاب الرسمي، كما ظلت ذيول الأفكار البريطانية قائمة حتى بعد رحيل “غلوب باشا”.
لقد وجدت السلطة ومنذ البدايات نخبا سياسية مثقفة تطالب بالديمقراطية والدستور والوقوف امام المخاطر الصهيونية، وضغطت النخب التي نظمت أنفسها في أحزاب تظاهرت لاسقاط الأحلاف الاستعمارية مثل حلف بغداد، ومن أجل إلغاء المعاهدة البريطانية.
وقد وصلت هذه النخب السياسية ذروة قوتها عندما سيطرت على مجلس النواب واسقطت حكومات، فلم يعد من قوة تعادلهم غير تشجيع القوى الموالية تقليديا (المؤلفة قلوبهم)، وهي بعض من القيادات العشائرية غير المسيسة لترجيح كفة الموالين في مجلس النواب.
يقول السير جون غلوب (المعروف في الأردن بـ غلوب باشا) في مذكراته، ص :265 “بعد سقوط حكومة فوزي الملقي عام 1954، عاد توفيق ابوالهدى مرة أخرى وقرر اجراء الانتخابات، واذ قرر ضمان الأغلبية له فقد طلب الي أن اهيء الجنود للمشاركة في التصويت للمرشحين الذين اختارهم هو”.
قد يتوقع البعض أن هذه الممارسه تعود الى الماضي، لكنها استعيدت دائما بصور متعددة، وأقربها كانت في الانتخابات البلدية عام 2007، حينما استعادت الدولة فكرة أبو الهدى مرة أخرى باللجوء الى تصويت العسكر لمنع اكتساح الإسلاميين لها.
عندما سمحت الدولة بعودة الحياة البرلمانية عام 1989، لم تتدخل في توجيه النتائج لأول وآخر مرة، لأنها أرادت معرفة توجهات الناخبين الحرة، وحينما تبين اكتساح الاسلاميين، استعانت بصديق نصحها بفكرة الصوت الواحد، والذي طبقته بدءا من عام 1993، وفيه توظيف لسلبيات العشائرية بجعل الانتخاب بناء على العصبيات التي تحقق المكاسب المناطقية بدل أن تكون على البرامج الوطنية، كما أنها تقطع العلاقات بين العشائر، وتنشئ الإحن والاحقاد بين ابناء العشيرة الواحدة، وهي أنجح وسيلة لقطع الطريق على المرشحين المثقفين والبرامجيين.
وهذا يفسر بقاء الأردن متمسكا بالعشائرية فيما رأينا كل الأقطار المجاورة خطت خطوات واسعة نحو المؤسسية، إذ ظل تعزيز المفاهيم العشائرية منهجا ثابتا على الدوام متمثلا في تغليب المحسوبية والجهوية على الأسس الإدارية، وهكذا أصبح الالتفاف حول العشيرة وشيخ العشيرة أمرا له موجبات ومبررات، فهو الواسطة الأسرع للوصول.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: العشائرية

إقرأ أيضاً:

زيادة الرواتب ليست شعبوية… بل دفاع عن الدولة والمجتمع

#زيادة_الرواتب ليست #شعبوية… بل #دفاع عن #الدولة و #المجتمع
بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة

في خضم مناقشات الموازنة العامة لعام 2026، لفتت انتباهي كلمة سعادة النائب ينال فريحات تحت قبة البرلمان، بما حملته من وضوح وجرأة ومسؤولية وطنية عالية. لم تكن الكلمة استعراضًا خطابيا ولا مزاودة سياسية، بل جاءت أقرب ما تكون إلى مكاشفة صادقة مع الحكومة والرأي العام، تنطلق من هموم الناس اليومية وتستند إلى منطق الأرقام وروح الدستور ومبدأ سيادة القانون.

حين يقول النائب ينال فريحات إن زيادة الرواتب ليست مطلبًا خياليًا ولا شعبويًا، بل هي “قمة المنطق” بعد خمسة عشر عامًا من الجمود في سلم الرواتب مقابل تضاعف تكاليف المعيشة؛ فإنه يضع إصبعه على جرح يعرفه كل مواطن أردني. لا يمكن لدولة تريد الاستقرار الاجتماعي أن تبقي رواتب موظفيها ومتقاعديها – مدنيين وعسكريين – في حالة تجمّد، بينما الأسعار ترتفع والضرائب تتوسع وأعباء الحياة تثقل كاهل الأسرة الأردنية. إن رفض “كتلة حزب جبهة العمل الإسلامي” التصويت على الموازنة في حال خلت من زيادة الرواتب ليس ابتزازًا سياسيًا، بل هو استخدام دستوري وأخلاقي لأدوات الرقابة البرلمانية في اتجاه حماية الطبقة الوسطى والشرائح الأضعف، التي تشكل صمام الأمان لأي مجتمع ودولة.

حين يصف النائب الفريحات موازنات الحكومات المتعاقبة بأنها جبائية لا تنموية، فهو يعبّر عن شعور عام متراكم لدى فئات واسعة من المجتمع. فالموازنة التي تقوم أساسًا على زيادة الضرائب والرسوم دون رؤية تنموية حقيقية، لا يمكن أن تنتج إلا المزيد من المديونية والفوائد وتآكل القدرة الشرائية للمواطن. النقد هنا ليس رفضًا لمبدأ الموازنة ولا لمؤسسات الدولة، بل هو دعوة لإعادة صياغة فلسفة إعداد الموازنة العامة لتكون موجهة لخدمة الإنسان الأردني، وتوفير فرص العمل للشباب الذين – كما قال النائب – “شِيبوا وهم ينتظرون فرصة عمل، حتى أصبح الشاب في الثلاثين وما زال يأخذ مصروفه من والده”. هذه ليست مبالغة، بل واقع يعيشه آلاف الخريجين.

مقالات ذات صلة مطر مطر…مطر مطر 2025/12/08

ما جاء في كلمة النائب ينال فريحات مهم جدًّا في إعادة التذكير بالحقيقة البدهية: أن حزب جبهة العمل الإسلامي جزء أصيل من مكونات المجتمع الأردني، وجزء من نسيجه السياسي والوطني، يقف – كما قال – في ظهر الأردن والملك والجيش والأجهزة الأمنية. من الخطأ السياسي والوطني أن يُدفع أكبر حزب منظّم في البلاد إلى زاوية الشيطنة أو التخوين أو الإقصاء. فالحياة الحزبية الصحية تقوم على التعددية والتنافس البرامجـي، لا على محاولات نزع الشرعية عن طرف أو شيطنته إعلاميًا. وحين يؤكد النائب أن نواب الحزب لم يصوّتوا يومًا لصالح الموازنات التي راكمت المديونية، فإنه يقدّم قراءة سياسية لمسار طويل من المعارضة البرلمانية، يمكن الاتفاق أو الاختلاف معها، لكن لا يمكن تجاهلها أو اختصارها في صورة نمطية أو خطاب تخويني.

الفقرة التي شدّتني أكثر في كلمة النائب ينال فريحات ، هي تأكيده أن الملك عبد الله هو ملك للجميع: لحزب الميثاق، ولحزب الجبهة، ولمازن القاضي، ولينال فريحات. هذه الجملة تختصر الرؤية التي ننادي بها منذ سنوات: الدولة ليست حكرًا على تيار أو حزب أو منطقة أو طبقة. والملكية الدستورية في الأردن هي إطار جامع لكل الأردنيين على اختلاف اتجاهاتهم، ما داموا ملتزمين بالدستور واحترام القانون. من هذا المنطلق، يصبح غير منطقي – وغير منصف – أن يُقدَّم الاختلاف السياسي مع حزب أو كتلة على أنه خروج عن الصف الوطني أو تحدٍّ للدولة.

السؤال الذي طرحه النائب: “هل من يقول للملك إن أكبر حزب سياسي في تاريخ البلاد ليس معك، يعتبر محبًا للملك وغيورًا على الأردن؟” سؤال يستحق التوقف عنده؛ فمحاولة عزل قوى سياسية واسعة عن مؤسسة الحكم لا تخدم الاستقرار، بل تضعف الجبهة الداخلية التي نحتاجها جميعًا في مواجهة التحديات الإقليمية والاقتصادية والأمنية. وحين يؤكد النائب أن الاحتكام يكون إلى الدستور والقانون، وأن مبدأ سيادة القانون هو الفيصل للحكم على الجميع، فإنه ينسجم تمامًا مع ما نؤكد عليه دائمًا: الأردن دولة قانون ومؤسسات، لا تخضع لابتزاز من أحد، ولا تقبل إملاءات من أحد، لا من الداخل ولا من الخارج.

الاختلاف مع حزب جبهة العمل الإسلامي – أو أي حزب آخر – يجب أن يبقى في إطار المعادلة الدستورية: من يحترم القانون، يمارس حقوقه الكاملة، ومن يخالف القانون، يُحاسَب وفق القانون نفسه. لا يجوز أن يتحول الخلاف السياسي إلى محاكم ميدانية إعلامية، ولا أن تتحول الشاشات والمنصات إلى أداة لـ “شيطنة” طرف سياسي بعينه، ثم نطلب من الشارع أن يثق بجدية مشروع التحديث السياسي ومأسسة العمل الحزبي!

المخرج من هذا الانسداد في النقاش حول الأحزاب – وعلى رأسها جبهة العمل الإسلامي – ليس مزيدًا من التصعيد، بل حوار وطني شفاف تشارك فيه الدولة والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني، يقوم على الاعتراف المتبادل، والشفافية في عرض المخاوف والهواجس من جميع الأطراف، وتطبيق القانون بعدالة على الجميع دون انتقائية أو انتقام سياسي، والاتفاق على خطوط حمراء وطنية: الولاء للعرش الهاشمي أمن البلاد، استقرارها، وحدة المجتمع، واحترام النظام الدستوري. في هذا الإطار، تصبح كلمة النائب فريحات نموذجًا لخطاب معارض وطني ومنطقي في الوقت ذاته؛ خطاب ينطلق من هموم الناس، ويحترم ثوابت الدولة، ويرفع سقف المطالبة بالحقوق دون أن يتجاوز على رمزية الملكية أو مكانة الجيش والأجهزة الأمنية.

الأردن اليوم أمام مرحلة دقيقة، اقتصادية وسياسية واجتماعية. وفي مثل هذه اللحظات، لا تُقاس قوة الدولة بقدرتها على إسكات الأصوات الناقدة، بل بقدرتها على استيعابها في إطار الحوار والقانون. إنني، كأستاذ في العلوم السياسية و خبير دولي في دراسات الديمقراطية ،ومهتم منذ عقود بدراسة التجربة الحزبية الأردنية، أرى أن كلمة النائب ينال فريحات تشكل فرصة لإعادة النقاش إلى مساره الصحيح: نقاش حول سياسات الموازنة، لا حول شرعية المعارضة، وحول برامج الأحزاب، لا حول وجودها من الأصل، وفي حضن الدولة وتحت سقف مؤسساتها، لا خارجها.

الأردن – دولةً وقيادةً وشعبًا – أكبر من أن يخضع لابتزاز أو إملاءات، لكنّه أيضًا أكبر من أن يُختزل في لون واحد أو تيار واحد. التعددية السياسية ليست خطرًا على الدولة، بل هي ضمانة لاستمرارها، والحوار الصادق، لا التخويف والتخوين، هو الطريق الأسلم لحماية الوطن وتعزيز الثقة بين النظام السياسي والمجتمع. في النهاية، يبقى السؤال الجوهري: هل نريد أحزابًا حقيقية تمارس دورها في الرقابة والتشريع وتعبّر عن نبض الشارع؟ إن كانت الإجابة نعم – وهي كذلك – فلا بد أن نستمع جيدًا لمثل هذه الأصوات، لا أن نحاول إسكاتها.

مقالات مشابهة

  • وزير إسرائيلي: الحرب على سوريا باتت حتمية
  • ترامب: أيام الرئيس الفنزويلي باتت معدودة
  • تحذير عاجل للمصريين: هجمات إلكترونية إسرائيلية تهدد خصوصية الملايين
  • ترامب: أيام الرئيس الفنزويلي "باتت معدودة"
  • قافلة خير أردنية إلى اليمن.. 54 ألف طرد غذائي دعمًا للأشقاء
  • “جوهرة الصحراء”… أول فيلم أردني يوثق تاريخاً مسيحياً
  • ترامب مُهدّدا: أيام الرئيس الفنزويلي باتت معدودة
  • زيارة تحمل رسائل أبعد من البروتوكول
  • زيادة الرواتب ليست شعبوية… بل دفاع عن الدولة والمجتمع
  • «رحلة الهجن» تشق طريقها عبر صحراء الإمارات