أيها الوزراء انتباه: ممنوع ممارسة السياسة
تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT
قام الرئيس قيس سعيد بتحوير وزاري واسع فاجأ الكثيرين، بحكم أن الانتخابات الرئاسية لم يعد يفصلها عن التونسيين سوى أسابيع قليلة لا تجاوز الخمسة. وجرت العادة أن يفعل ذلك الرؤساء عموما بعد تجاوز الامتحان الانتخابي، فيتجهون بعد انتصارهم إلى اختيار وجوه جديدة توحي بدخول مرحلة مغايرة في الحكم. لكن يبدو أن سعيد واثق من أنه باق في السلطة، وأن ما سيقع يوم 6 تشرين الأول/ أكتوبر لن يغير من الأمر شيئا!
اللافت للنظر في هذا السياق هو التبرير الذي اعتمده الرئيس المنتهية ولايته لتفسير الخطوة التي أقدم عليها، فهو أهم من تفاصيل التحوير وحجمه؛ اعتبر سعيد أن الوضع الراهن يتسم بـ"صراع مفتوح بين الشعب التونسي المصر على التحرر وعلى تحقيق العدالة والحرية، وعلى مقاومة الفساد وجهات مرتمية في أحضان دوائر خارجية تمني نفسها بالعودة الى الوراء.
وهذا التأكيد ليس بالجديد في الخطاب الرئاسي، لكن المعطى الهام الذي أضافه هذه المرة قوله إن اختيار عدد من المسؤولين، جهويّا ومحلّيا ومركزيّا، كان بناء على تعهدهم على تحقيق أهداف الشعب التونسي ومطالبه المشروعة، لكن لم تمر سوى أيّام بعد تكليفهم إلا وانطلقت المنظومة من وراء الستار لتنجح في احتواء عدد غير قليل منهم، اختيار عدد من المسؤولين، جهويّا ومحلّيا ومركزيّا، كان بناء على تعهدهم على تحقيق أهداف الشعب التونسي ومطالبه المشروعة، لكن لم تمر سوى أيّام بعد تكليفهم إلا وانطلقت المنظومة من وراء الستار لتنجح في احتواء عدد غير قليل منهم، والالتفاف عليهم عليهم، مما حوّل الوضع منذ مدة إلى صراع بين نظام دستوري جديد ومنظومة فاسدة ما زال الفاعلون فيها يُمنون أنفسهم بالعودة الى الوراء، مؤكدا بالخصوص على أنه "تشكلت داخل أجهزة الدولة مراكز وهو أمر يقتضي الواجب وضع حدّ فوري له". وأضاف أن الدستور الحالي ينص على أن "الوظيفة التنفيذية يمارسها رئيس الجمهورية وتساعده حكومة"، مبرزا أنّ "الوزير للمساعدة ولا يمكن أن تكون له خيارات خارج الخيارات التي يضبطها رئيس الجمهورية".
هكذا أصبح الأمر أكثر وضوحا مقارنة بأي وقت مضى. في البداية كان هناك اعتقاد رسمي بأن مصدر "التآمر" على رئيس الدولة ينحصر في المعارضين له من سياسيين ونشطاء، وفي عدد من "الفاسدين"، لكن "الخطر" الذي يهدد الأمن القومي تجاوز هذا النطاق الضيق واتسعت دائرته لتشمل أطرافا داخل الدولة؛ بمن في ذلك مسؤولين قام هو شخصيا باختيارهم وتعيينهم، لكن سرعان ما يتم احتواؤهم ليصبحوا بدورهم أدوات تُستعمل ضد الدولة ورئيسها، وبالتالي تحولت "المعركة" إلى صراع مفتوح ضد "مراكز قوى" قادرة على توظيف أجهزة الدولة واستخدامها لتنفيذ سياسات "مشبوهة".
بناء على ما تقدم، يتضح أن عقلية المؤامرة اتسعت دائرتها لتحتل مكانة مركزية في الرؤية السياسية السائدة حاليا في تونس. وهذا المنهج التآمري من شأنه يخلق حالة من الخوف والشك تؤدي بالضرورة إلى توسيع دائرة الضحايا، والاعتماد أكثر فأكثر على سياسة أمنية تعمل على تحجيم المعارضة والمجتمع المدني.
ليس مسموحا لأي مسؤول مهما علت رتبته ومكانته أن يناقش رئيس الدولة، أو يخالفه في قول أو فعل، فإذا تجرأ وفعل تتم إقالته مباشرة، ويتسرب الشك في ولائه، وقد يصل الأمر الى توجيه تهمة التآمر إليه
وبما أن الدستور الحالي ينص على أن الوظيفة التنفيذية يمارسها رئيس الجمهورية وتساعده حكومة، فهذا يعني أن الوحيد الذي من حقه ممارسة السياسة سواء بمعناها الواسع أو الضيق هو الرئيس سعيد، الذي قام بتوضيح هذه المسألة بشكل حاسم. فالوزير دوره ينحصر فقط في تقديم المساعدة لا غير، "ولا يمكن أن تكون له خيارات خارج الخيارات التي يضبطها رئيس الجمهورية". لهذا لم يتردد قيس سعيد لحظة واحدة في إعفاء وزير الفلاحة رغم رتبته العسكرية، لمجرد تأكيد هذا الأخير على أن أزمة المياه في تونس تعود الى انحباس الأمطار وتغير المناخ في العالم، رافضا بذلك ضمنيا التفسير الذي اعتمده الرئيس سعيد حين اعتبر أن انقطاع الماء في مختلف المحافظات ليس ظاهرة طبيعية، وإنما تقف وراءه لوبيات تعمل على إرباك الأوضاع بمناسبة موعد تنظيم الانتخابات الرئاسية.
وفق هذه الرؤية ليس مسموحا لأي مسؤول مهما علت رتبته ومكانته أن يناقش رئيس الدولة، أو يخالفه في قول أو فعل، فإذا تجرأ وفعل تتم إقالته مباشرة، ويتسرب الشك في ولائه، وقد يصل الأمر الى توجيه تهمة التآمر إليه في حال لم ينزو ويلزم الصمت. فالذي يقبل الوزارة يقبلها بهذه الشروط، أو عليه البقاء بعيدا عن الأضواء حتى لا يحترق.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه قيس سعيد التونسيين تونس وزراء قيس سعيد مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات اقتصاد سياسة صحافة سياسة مقالات تكنولوجيا سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رئیس الجمهوریة على أن
إقرأ أيضاً:
لخدمة الشباب والنشء.. رئيس الوزراء يؤكد دعم الدولة للمشروعات الثقافية وتنمية الوعي بالمحافظات
أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، دعم الدولة الكامل لمختلف المشروعات الثقافية المتنوعة التي تستهدف خدمة الشباب والنشء، مشددًا على أن الاستثمار في الثقافة والمعرفة يمثل ركيزة أساسية لبناء الإنسان المصري، وذلك تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية وتحقيقًا لأهداف رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة.
جاء ذلك خلال جولة رئيس مجلس الوزراء لتفقد مشروعات المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» بالقرى المستهدفة في محافظة القليوبية، حيث توجه إلى مكتبة مصر العامة بمدينة شبين القناطر، للاطلاع على مستوى الخدمات الثقافية والتعليمية المقدمة للمواطنين، خاصة الأطفال والشباب.
وخلال وصوله إلى مقر المكتبة، أوضح رئيس الوزراء أن مكتبات مصر العامة تلعب دورًا محوريًا في نشر الوعي الثقافي وتنمية مهارات النشء والشباب، مؤكدًا أن هذه المشروعات تأتي في إطار خطة الدولة لبناء جيل واعٍ ومثقف قادر على الإبداع والمشاركة الفعالة في عملية التنمية الشاملة.
من جانبه، أكد المهندس أيمن عطية، محافظ القليوبية، أن مكتبة مصر العامة بشبين القناطر تمثل إضافة نوعية ومهمة للمنظومة الثقافية بالمحافظة، مشيرًا إلى أن هذه المشروعات تسهم بشكل مباشر في رفع الوعي والمعرفة لدى الأجيال الجديدة، مع الحرص على تكثيف الأنشطة والفعاليات الثقافية والتعليمية بجميع فروع المكتبات؛ لضمان وصول الخدمات إلى أكبر عدد ممكن من المواطنين.
وأضاف محافظ القليوبية أن مكتبة شبين القناطر تُعد الفرع الثاني للمكتبات العامة بالمحافظة بعد مكتبة بنها، لافتًا إلى أنه جارٍ العمل على إنشاء فرع ثالث بمدينة شبرا الخيمة، بما يعكس اهتمام المحافظة بنشر الثقافة والمعرفة، مؤكدًا أن القراءة تمثل حجر الأساس في بناء وعي الشباب والنشء وصقل مهاراتهم الفكرية.
وفي السياق ذاته، أوضح السفير رضا الطايفي، مدير صندوق مكتبات مصر العامة، أن منظومة مكتبات مصر العامة تضم حاليًا 34 مكتبة عامة موزعة على 18 محافظة، بالإضافة إلى 24 مكتبة متنقلة، مشيرًا إلى أن مكتبة شبين القناطر تُعد الفرع الـ31 على مستوى الجمهورية، والثاني في محافظة القليوبية بعد مكتبة بنها، مع الاستعداد لافتتاح فرع ثالث بشبرا الخيمة خلال الربع الأول من العام المقبل.
بدورها، أوضحت أماني ناجي، مدير مكتبة مصر العامة بشبين القناطر، أن المكتبة الجديدة تتكون من ثلاثة طوابق على مساحة 210 أمتار مربعة، وتضم قاعات اطلاع مخصصة للأطفال والكبار، ومركزًا متطورًا للحاسب الآلي، وقاعة للأنشطة، ومسرحًا للعروض الثقافية والفنية، إلى جانب قاعات للأطفال للتعليم والأنشطة الإبداعية مثل القراءة والرسم وتنمية المهارات، فضلًا عن قاعات تدريب حديثة مجهزة للكبار وذوي الهمم، ومكتبة إلكترونية متطورة.
وخلال تفقده قاعة اطلاع الأطفال بالطابق الأرضي، أجرى الدكتور مصطفى مدبولي حوارًا وديًا مع الأطفال، حثهم خلاله على الاهتمام بالقراءة والاطلاع في مختلف المجالات، مؤكدًا أهمية التعرف على تاريخ مصر وحضارتها العريقة، ومشيرًا إلى أن القراءة تمثل الأساس لبناء مستقبل مشرق للأفراد والوطن.
كما شملت الجولة تفقد رئيس الوزراء للطابق الأول، حيث اطلع على معمل الحاسب الآلي، وقاعة الأنشطة، وقاعة اطلاع الكبار، وأجرى حوارًا مع عدد من الطلاب المترددين على المكتبة، الذين أكدوا استفادتهم من الأنشطة الثقافية والتعليمية المتنوعة، إلى جانب الاطلاع على أحدث الموسوعات العلمية، واختُتمت الجولة بالاستماع إلى ابتهالات دينية قدمتها إحدى الطالبات في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم.