الجزيرة:
2025-08-12@10:25:14 GMT

السلام البعيد المنال في شرق الكونغو الديمقراطية

تاريخ النشر: 31st, August 2024 GMT

السلام البعيد المنال في شرق الكونغو الديمقراطية

يقود الرئيس الأنغولي جواو لورينسو جهودًا دؤوبة لتحقيق السلام في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث جمع وزيرَي خارجية الكونغو الديمقراطية، ورواندا في محاولة لرأب الصدع بين البلدين. كانت الغاية من هذه الجهود البناءَ على التقدم الذي تحقق في الشهر السابق، حيث تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار كان من المفترض أن يدخل حيز التنفيذ في 4 أغسطس/آب.

لكن الواقع على الأرض كان مختلفًا، إذ استؤنف القتال حتى خلال القمة نفسها. ورغم تأكيد وزيرة خارجية الكونغو الديمقراطية، تيريز واغنر كايكووامبا، على أن وقف إطلاق النار قد تم الالتزام به "إلى حد كبير"، فإن استمرار الاشتباكات بين تحالف القوى الثورية الذي يضم حركة "أم 23″ و"تحالف نهر الكونغو" والجماعات المسلحة المتحالفة مع الجيش الكونغولي، أظهر حجم التحديات التي تواجه جهود الوساطة.

موقف رواندا والكونغو

ترى رواندا أن الخطوة الأولى نحو السلام يجب أن تتمثل في تحييد "القوات الديمقراطية لتحرير رواندا" (FDLR)، وهي القوة العسكرية الكبرى في المنطقة. بينما تفضل الكونغو الديمقراطية وأنغولا تنفيذ وقف إطلاق النار، وتحييد القوات بشكل متزامن. هذا التباين في المواقف أدى إلى عرقلة المفاوضات، حيث لم يُبدِ أيّ من الطرفين استعدادًا للتنازل.

اتهمت حكومة الكونغو الديمقراطية رواندا بمحاولة تعطيل المفاوضات؛ لإجبارها على التفاوض مع "تحالف نهر الكونغو" و"حركة أم 23″، حيث يعارض الرئيس فيليكس تشيسكيدي بشدة الدخول في مفاوضات مع هاتين الحركتين. هذا الجمود أدى إلى تعقيد الوضع، وجعل التقدم نحو فك الارتباط شبه مستحيل.

وسطاء السلام

في عام 2022، وبمبادرة من أنغولا، تمّ تأسيس آلية للتحقق من وقف إطلاق النار بقيادة الجنرال الأنغولي جواو ماسوني، بهدف ضمان التزام جميع الأطراف بالاتفاقات الموقعة. خلال الاجتماع الأخير، اقترحت أنغولا توسيع الفريق المراقب ليشمل أعضاء من الكونغو الديمقراطية ورواندا، مع احتمال إشراك بعثة "مونوسكو" التابعة للأمم المتحدة. لكن هذا الاقتراح لم يعتمد رسميًا، مما ترك الآلية دون دعم كافٍ.

وقد انطلقت جهود السلام من محادثات سياسية معروفة باسم "عملية نيروبي" و"عملية لواندا"، لكن هذه الجهود تصطدم بتعنّت الرئيس تشيسكيدي في التعامل مع "أم 23″ و"تحالف نهر الكونغو". رفضه للحوار يعطل التقدم نحو السلام ويعمّق الانقسامات.

يتطلب تحقيق السلام في شرق الكونغو الديمقراطية تحولات جوهرية في موقف الرئيس فيليكس تشيسكيدي، إذ يتعين عليه الاعتراف بالانتماء الكونغولي الكامل لحركة "أم 23" و"تحالف نهر الكونغو"، وتجاوز رؤيته المحدودة التي تعتبرهما مجرد أدوات للتأثير الرواندي. استمرار تشيسكيدي في هذا النهج المتصلّب لن يؤدي إلا إلى تعميق الأزمة، ويمنع أي فرصة لتحقيق الاستقرار.

يتألف "تحالف نهر الكونغو" وحركة "أم 23" في الواقع من أعضاء ينتمون إلى مجموعة متنوعة من القبائل الكونغولية، من بينها قبيلة الهوتو التي تنحدر من شمال كيفو، وقبيلة الهونده، والباشي، والتوتسي، بالإضافة إلى قبيلة البالوبا التي ينتمي إليها الرئيس نفسه. يشير هذا التكوين المتنوع إلى أن هذه المجموعات ليست مجرد أدوات تخدم المصالح الرواندية. الرئيس تشيسكيدي على دراية تامة بهذه الحقيقة، مما يعكس تعقيد الوضع الداخلي في الكونغو الديمقراطية، حيث لا يمكن تجاهل الأبعاد المحلية للنزاع.

الدور الدولي

يتعيّن على المجتمع الدولي، وخاصةً المشاركين في عمليات السلام في لواندا ونيروبي، اتخاذ خطوات أكثر فاعلية في الضغط على تشيسكيدي لتغيير موقفه. إن الدبلوماسية والضغط السياسي يمكن أن يكونا مفتاحًا لإقناعه بضرورة الحوار مع جميع الأطراف المعنية. وإذا لم يتمكن المجتمع الدولي من إحداث هذا التغيير في الموقف، فإن جهود السلام ستظلّ تواجه عراقيل كبيرة، وستبقى المنطقة غارقة في العنف وعدم الاستقرار.

لا يمكن تحقيق سلام دائم في شرق الكونغو الديمقراطية دون معالجة الجذور الحقيقية للصراع. يجب أن يكون هناك اعتراف بالمظالم المحلية والتعامل معها بجدية. الحوار الشامل الذي يضم جميع الأطراف، بمن في ذلك الجماعات المسلحة التي لديها مظالم مشروعة، هو السبيل الوحيد لتحقيق استقرار طويل الأمد.

لذلك، يجب على المجتمع الدوليّ، ولا سيّما أولئك المعنيين بعمليات السلام وفق آليات لواندا ونيروبي، أن يلعبوا دورًا نشطًا في تشجيع تشيسكيدي على إعادة النظر في موقفه. يمكن للضغط الدبلوماسي، مصحوبًا بحوافز للحوار، أن يساعد في تغيير وجهة نظره، ويمهد الطريق لمفاوضات أكثر شمولًا.

بالإضافة إلى ذلك، يجب بذل جهود لمعالجة القضايا الأساسية التي تغذي الصراع، مثل: النزاعات على الأراضي، والتمييز المنهجي، وانعدام الأمن الناجم عن وجود عشرات المليشيات المسلحة المدعومة من قبل الحكومة، وما تخلفه من آلاف اللاجئين في الدول المجاورة، وتعيق التوزيع العادل للموارد.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الکونغو الدیمقراطیة إطلاق النار السلام فی جهود ا فی شرق

إقرأ أيضاً:

تدقيق المرشحين ضمانة الديمقراطية وحماية للعراق من اختراقات الماضي

10 أغسطس، 2025

بغداد/المسلة: تأتي قضية تدقيق قوائم المرشحين للانتخابات البرلمانية المقبلة في العراق لتضع هيئة المساءلة والعدالة في قلب نقاش دستوري وقانوني وسياسي حيوي يتعلق بمدى قدرة الدولة على حماية الديمقراطية الناشئة من اختراقات قد تهدد جوهرها.

و أكد رئيس الهيئة باسم البدري في مقال أن عمل الهيئة لا ينطلق من منطلقات سياسية أو ضغوط انتخابية، بل يستند إلى قواعد قانونية صارمة وترسانة دستورية واضحة تنظم مسؤوليات الهيئة وأدوارها في تصفية آثار النظام السابق.

وبهذا المعنى فإن هيئة المساءلة ليست أداة للانتقام السياسي بل جهاز قانوني يراعي حقوق الإنسان والحريات ويحاول التوفيق بينها وبين متطلبات العدالة الانتقالية التي تستهدف عدم عودة ممارسات الأنظمة الشمولية السابقة.

ويمكن اعتبار العدول عن قرارات سابقة قضائية تصحيحًا منهجيًا يعكس نضج المؤسسة القضائية في التعامل مع ملفات معقدة تتطلب دقة ومراجعة مستمرة،

وهو دليل على مرونة القضاء العراقي واحترامه لمبادئ العدالة والإنصاف.

التمييز الدقيق بين العضوية الشكلية والفاعلية الحزبية يمثل خطوة متقدمة في محاربة التسييس والتعميم الذي قد يؤدي إلى إقصاء غير مبرر أو ظلم للمتهمين.

ويؤكد هذا التمييز أن المعايير ليست جازمة أو قاطعة بل قائمة على أدلة ومستندات يمكن الطعن فيها أمام هيئة تمييز قضائية مستقلة، ما يعزز من شرعية القرارات ويمنح المواطنين ثقة في عملية المساءلة.

وأكثر من ذلك، فإن دور الهيئة التمييزية القضائية المستقلة في النظر في الطعون يعكس قوة النظام القانوني العراقي وقدرته على ضبط الإقصاء السياسي، وإرساء قواعد عادلة تتناسب مع روح الدستور العراقي لعام 2005.

استقلال هذه الهيئة وعدم تسييس قراراتها هو ركيزة أساسية لمنع استخدام العدالة الانتقالية كأداة للاستقطاب السياسي أو الانتقام، بل كآلية لتحقيق مصالحة وطنية وحماية الحقوق الدستورية.

وفي هذا الإطار، فإن الهجمات الإعلامية والسياسية على الهيئة تضر بثقة الجمهور في مؤسسات الدولة وتضر أيضاً بعملية الانتقال الديمقراطي التي لا تزال في مراحلها الأولى.

اما عملية تدقيق المرشحين قبل الانتخابات فهي ضمانة حيوية لشرعية المؤسسات السياسية القادمة، وتعبير عن إرادة الدولة في بناء نظام ديمقراطي مستقر يحترم القانون ويحفظ الذاكرة الوطنية دون تأجيج لروح الانتقام أو الانقسام.

وهذه العملية القانونية المحكمة تعكس تقدمًا ملموسًا في تجربة العدالة الانتقالية العراقية التي لم تكن سهلة، إذ تراكمت من ورائها دروس وعبر سياسية وقانونية ينبغي استثمارها لتثبيت أسس الديمقراطية الحقة.

وبهذا تكون هيئة المساءلة والعدالة بمثابة درع دستوري يحمي المشهد السياسي من التدهور ويقنن قواعد التنافس، مؤكدًا أن الاستحقاقات الديمقراطية ليست مجرد انتخابات بل منظومة متكاملة من الإجراءات القانونية التي تضمن نزاهتها.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • عاجل | مصدر حكومي سوري للجزيرة: وفد من قوات سوريا الديمقراطية يصل دمشق لجولة مباحثات جديدة تستكمل اتفاق 10 آذار
  • الرئيس الأوكراني يشكر ولي العهد السعودي على جهوده من أجل السلام
  • مصر للطيران تنقل شحنة إنارة ضخمة بأطوال خاصة إلى الكونغو
  • ماكرون يقترح تشكيل تحالف دولي لتحقيق الاستقرار في غزة
  • بيئة الكونغو في خطر.. خطط نفطية قد تهدد ملايين البشر والغابات
  • البرهان لبرنار هنري ليفي: هذه هي الديمقراطية
  • تدقيق المرشحين ضمانة الديمقراطية وحماية للعراق من اختراقات الماضي
  • تجدد معارك الجيش وإم 23 في الكونغو
  • الرئيس الصيني: سنواصل تعزيز محادثات السلام بشأن الأزمة الأوكرانية
  • بيان مشترك بشأن الاجتماع الافتتاحي لآلية التنسيق الأمني المشتركة (JSCM) لاتفاق السلام بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية رواندا