جُمعة: نعيش عصرًا عجيبًا وحالة من التيه والتغبيش
تاريخ النشر: 31st, August 2024 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، ومفتي الجمهورية السابق أننا نعيش في عصر غريب عجيب، فقد الناس فيه المعيار والمقياس الذي يقاس به الحق ويقاس به الباطل، والذي ينكر به المنكر، ويُرد به الخطأ، وخيمت علينا حالة من التيه والتغبيش، فنسينا أن مردنا هو كتاب الله وسنة رسول الله ﷺ.
. صيغ للصلاة على النبي لقضاء الحاجة الكتاب الحكيم
وتابع جُمعة عبر صفحته الرسمية على الموقع الإلكتروني فيسبوك أننا أيضًا نسينا أن في هذا الكتاب حكم ما بيننا، نسينا ما ورد عن النبي ﷺ في وصف كتاب الله، حيث قال: «إنها ستكون فتنة، قال: قلت فما المخرج؟ قال: كتاب الله، فيه نبأ من قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى (أو قال العلم) من غيره أضله، هو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي تناهى الجن إذ سمعته حتى قالوا: (إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ) ، من قال به صدق، ومن عمل به أُجِر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم» (شعب الإيمان).
وأضاف جُمعة أننا نرى فى القرآن دساتير كثيرة تنظم الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بوضع المبادئ والأسس لهذه المناحي من مناحي الحياة، لكنها لا تدخل في التفاصيل الجزئية لمرونتها، وهي التي في هذا المقام يمكن أن نسميها (نسبية جزئية) أي أنها ليست نسبية مطلقة تصل إلى حد اختلاف التضاد، بل هي نسبية جزئية، تشتمل على اختلاف التنوع الذي نقدر معه على تحصيل تلك المرونة.
ولذا أمر الله رسوله بأن يحكم بين الناس بكتابه فقال - تعالى-: (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ).
بل عدَّ ربنا الانحراف عن منهجه والاحتكام لمبادئ ما أنزل الله بها من سلطان جهلاً وجاهليةً، فقال تعالى: (أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ).
فوضى الفتاوىوأشار جُمعة أن ربنا يحذرنا من أن نأخذ ديننا من غيرنا، وأن الفتوى التي تصدر من العلماء لا بد أن تكون لها بينة، وأن تراعي فيها المبادئ القرآنية والسنن الإلهية والنموذج المعرفي للمسلمين، فلا ينبغي للعالم المجتهد أن يتأثر بمناهج الغير ومبادئهم، وإن كان لا بد فعليه أن يطَّلع على تلك المبادئ ويعرفها ويراعيها، ولكن لا يتأثر بها ويجعلها منطلقاً له أو إطاراً مرجعياً.
وانتهى جمعة إلى أن المسألة تحتاج إلى يقين راسخ، لئلا يختل اليقين فيتحول إلى ظن، فيختل الإيمان بالله وبموعوده، والله جعل الجنة لمن صدَّق بموعوده، يقول النبى ﷺ : «أربعون خصلة أعلاهن مَنِيحَةُ العَنْزِ، ما من عامل يعمل بخصلة منها رجاء ثوابها وتصديق موعودها إلا أدخله الله بها الجنة» (البخاري). ومنيحة العنز: هي أن تعطي جارك عنزتك يحلبها يوماً أو يومين ثم يردها بحالها إليك فلا تتكلف شيئاً، فما بالك بأدنى تلك الخصال إن كانت هذه أعلاها، إذاً فهو عمل قليل مع صدق في التوجه ويقين بالوعد والموعود، وبه يدخل المسلم جنة ربه بسلام، هكذا أخبرنا الصادق المصدوق ﷺ
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تعالي علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء ورد عن النبي مفتي الجمهوري هيئة كبار العلماء الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء الدكتور علي جمعة ج معة كتاب الله الكتاب
إقرأ أيضاً:
منزلة عظيمة .. علي جمعة: شكر الله أرقى من الصبر والرضا
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، ان للشكر منزلة عظيمة فهو أرقى من الصبر والرضا كما ذكر صاحب (غذاء الألباب): أن الصبر واجب بلا خلاف، وأرقى منه الرضا، وأرقى منهما الشكر، بأن ترى نفس الفقر مثلا نعمة من الله أنعم بها عليك، وأن له عليك شكرها.
والإكثار من الشكر مستحب خاصة عند تجدد النعمة، كما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يخر لله ساجدا شاكرا له عند سماع خبر فيه نصر أو خير.
وشكر الله يكون على وجهين: شكر العام، وشكر الخاص، فالعام الحمد باللسان، وأن تعرف أن النعمة من الله . والخاص الحمد باللسان والمعرفة بالقلب والخدمة بالأركان وحفظ الجوارح عما لا يحل، وعن محمد بن كعب: الشكر هو العمل، لقوله تعالى : {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} . أي لتحصلوا بأعمالكم الشكر الواجب عليكم.
والشكر لا يكون بالقلب والباطن فحسب، بل يكون بالجوارح فمن شكر الجوارح ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ : صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - ﷺ - حَتَّى انْتَفَخَتْ قَدَمَاهُ فَقِيلَ لَهُ : أَتَتَكَلَّفُ هَذَا وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ : « أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا ».
قال رجل لأبي حازم : مَا شُكْرُ الْعَيْنَيْنِ يَا أَبَا حَازِمٍ؟ قَالَ: إِنْ رَأَيْتَ بِهِمَا خَيْرًا أَعْلَنْتَهُ، وَإِنْ رَأَيْتَ بِهِمَا شَرًّا سَتَرْتَهُ.
قَالَ فَمَا شُكْرُ الْيَدَيْنِ؟ قَالَ: لَا تَأْخُذْ بِهِمَا مَا لَيْسَ لَهُمَا، وَلَا تَمْنَعْ حَقًّا لِلَّهِ هُوَ فِيهِمَا.
قَالَ فَمَا هُوَ شُكْرُ الْبَطْنِ؟ قَالَ: أَنْ يَكُونَ أَسْفَلَهُ طَعَامًا، وَأَعْلَاهُ عِلْمًا.
قَالَ فَمَا شُكْرُ الْفَرْجِ؟ قَالَ: كَمَا قَالَ تعالى :{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِين فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُون}.
قَالَ فَمَا شُكْرُ الرِّجْلَيْنِ؟ قَالَ: إِذَا رَأَيْتَ حَيًّا غَبَطْتَهُ اسْتَعْمَلْتَ بِهِمَا عَمَلُهُ، وَإِنْ رَأَيْتَ مَيِّتًا مَقَتَّهُ كَفَفْتَهُمَا عَنْ عَمَلِهِ، وَأَنْتَ شَاكِرٌ لِلَّهِ.
فَأَمَّا مَنْ شَكَرَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَشْكُرْ بِجَمِيعِ أَعْضَائِهِ ؛ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ لَهُ كِسَاءٌ، فَأَخَذَ بِطَرْفِهِ وَلَمْ يَلْبَسْهُ، فَلَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ مِنَ الْحَرِّ، وَالْبَرَدِ، وَالثَّلْجِ، وَالْمَطَرِ .
وقال الجنيد –رحمه الله- : الشكر أن لا ترى نفسك أهلا للنعمة .
وهذا إشارة إلى حال من أحوال القلب على الخصوص، وكل منهم يقول بحسب الحال الغالب عليه أو بما يليق بالسائل.