نستكمل حديثنا اليوم عزيزى القارئ عن ارتكاب أطراف الحرب فى السودان جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، فتقوم قوات الدعم السريع بانتهاكات شتى فى حق المواطنين، ويستهدف الجيش المدنيين بعمليات القصف العشوائى، فهو مخالف للقوانين الدولية والمحلية، كما تغلق المسارات، وتتفاقم المأساة الإنسانية، والمجتمع الدولى يدرك ذلك، ودعا إلى حل سلمى، لكن حكومة الأمر الواقع فى بورتسودان تتعنت وترفض التفاوض، إن أستمرار الحرب فى السودان له تبعات اقتصادية سلبية على اقتصادات المنطقة وكذا المؤسسات المالية والبنوك متعددة الأطراف، فالسودان يعد بوابة لنفاذ الصادرات المصرية إلى أسواق دول حوض النيل وشرق أفريقيا، ومع استمرار الحرب وانعدام الأمن، سيتأثر حجم التبادل التجارى بين البلدين، وهو ما ينعكس سلباً على الاقتصاد المصرى الذى يعانى بعض الأزمات فى وقتنا الراهن، ويعد السودان مورداً رئيسياً للمواشى واللحوم الحية وهى إحدى السلع الاستراتيجية لمصر، حيث تمد السودان مصر بنحو أكثر من ١٠% من احتياجاتها من هذه السلع، وهو ما يزيد الضغط على أسعار اللحوم محليا والتى ستنعكس على معدلات التضخم المرتفعة، وأنه فى حال تطور الاشتباكات فى السودان إلى حرب أهلية طويلة ودمار البنية التحتية وتدهور الأوضاع الاجتماعية، سيؤدى ذلك إلى عواقب اقتصادية طويلة المدى وتراجع جودة أصول البنوك متعددة الأطراف فى السودان إلى جانب ارتفاع القروض المتعثرة والسيولة النقدية.

لقد ازدادت الأزمة تعقيداً بعد دخول أطراف إقليمية ودولية فاعلة على خط الصراع فى محاولة منهم لأداء أدوار بارزة لإنهاء الصراع، يطرح كل هذا تساؤلات عديدة، فهل تقف مصر مكتوفة الأيدى وسط نزوح متوقع ومستمر بالملايين من المواطنين السودانين فى ظل أزمة اقتصادية طاحنة على الشعب المصرى، يعد السودان بالنسبة إلى مصر مسألة أمن قومى، واستقراره يعنى بالضرورة استقرار الحدود الجنوبية لمصر، واستمرار الاقتتال فى الخرطوم يعنى أن القاهرة عزيزى القارئ على مشارف حالة من عدم الاستقرار الداخلى، سواء على المستوى الأمنى أو الاقتصادى، فبجانب المشكلات الاقتصادية التى تعانيها مصر من ارتفاع سعر صرف الدولار، وارتفاع نسبة التضخم، فضلاً عن حالات نزوح المواطنين السودانيين التى بدأت مع تدهور الأوضاع فى العاصمة الخرطوم. ونتيجة هذا الوضع الاقتصادى العصيب لمصر أصبح الموقف المصرى حرجاً للغاية، فعلى الرغم من العلاقات الوطيدة بين مصر ومجلس السيادة الانتقالى بالسودان بقيادة البرهان فإن مصر لم تتدخل تدخلاً مباشراً فى الأزمة، ويفسر هذا الموقف المصرى المحايد بأن مصر محكومة فى تعاملها مع الأزمة السودانية بعلاقتها مع دول أخرى إقليمية صديقة لمصر وداعمة لقوات حميدتى، ولكن مع استمرار تصاعد الأزمة سيكون من غير المستبعد أن تتدخل مصر فى المشهد، سواء كان سياسياً أو عسكرياً، والحقيقة أنه مع إصرار الطرفين على المواجهة العسكرية، ومحاولة كل طرف إقصاء الآخر من المشهد، وهنا يلوح فى الأفق سيناريو هو الأصعب بالنسبة لمصر بالتحديد، وهو صعود حميدتى فى السودان، الذى سيمثل تهديداً للاستقرار الإقليمى، فالدول التى تفضل السلام على الفوضى تأمل فى تحقيق الجيش نصراً سريعاً على قوات الدعم السريع، فأول ما سيفكر فيه قائد قوات الدعم السريع هو اكتساب الشرعية داخلياً، وتوحيد الشعب وراء قضية قومية تضمن الاستقرار الداخلى، وهذا لن يتأتى إلا بتوجيه أنظار السودانيين نحو مصر، تحديداً منطقتى حلايب وشلاتين، بمعنى أن انتصار حميدتى فى الصراع الدائر بالسودان ينقل المعركة إلى مصر، وهو ما يعنى عدم استقرار حدودها الجنوبية، فضلاً عن تدفق اللاجئين السودانيين، وهو أمر خطير للغاية يهدد الأمن القومى المصرى فيما يتعلق بموجة إرهاب جديدة، فمن الممكن أن تحوى تلك التدفقات خلايا إرهابية نائمة قد يلجأ إليها حميدتى للضغط على مصر لتسليم حلايب وشلاتين، لهذا فالتدخل العسكرى المصرى ضرورة حتمية الآن أو مستقبلاً إذا ما آلت الأمور إلى تفوق قوات الدعم السريع على الجيش السودانى، ويعد الوضع حالياً فى السودان صراعاً للحصول على السلطة، وللحديث بقية

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الإخوان الإرهابية السودان جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية قوات الدعم السريع الجيش المدنيين قوات الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

مع تصاعد الهجمات على بورتسودان.. رئيس وزراء السودان الجديد باختبار صعب

يصدر كامل إدريس، رئيس الوزراء السوداني الجديد، خلال الساعات المقبلة قراراً بحل الحكومة الحالية تمهيداً لبدء مشاورات موسعة لتشكيل حكومة جديدة، تُركز على اختيار وزراء من كفاءات مستقلة بعيداً عن المحاصصة السياسية، وذلك في خطوة تهدف إلى مواجهة الأزمة الأمنية والاقتصادية التي تمر بها البلاد.

وتأتي هذه التحركات الحكومية في وقت تشهد فيه بورتسودان، التي تحولت إلى عاصمة مؤقتة للبلاد وملاذاً للنازحين، تصاعداً في الهجمات التي تشنها قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، حيث تتعرض المدينة لغارات متكررة بطائرات مسيرة تستهدف البنية التحتية الحيوية، بينها المطار الدولي العامل ومحطات الوقود ومرافق توليد الطاقة، ما أدى إلى انقطاعات متكررة في التيار الكهربائي وتدهور الخدمات الأساسية، خاصة في ظل استمرار الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع التي دخلت عامها الثالث.

ويُعَدّ هذا الوضع الأمني والاقتصادي المتدهور أحد أبرز التحديات التي تواجه حكومة كامل إدريس الجديدة، والتي يُتوقع أن تركز في تشكيلتها على كفاءات مستقلة وقادرة على التعامل مع الملفات المعقدة، بما في ذلك حماية البنى التحتية الحيوية وتأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى نحو 25 مليون نسمة يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

ويُذكر أن كامل إدريس، الحاصل على شهادة الدكتوراه في القانون الدولي، وذو الخبرة الدولية في مجال الملكية الفكرية، يسعى إلى تجاوز المحاصصة التقليدية بين القوى السياسية، مع الإبقاء على مشاركة الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، في محاولة لتحقيق استقرار سياسي يساهم في تخفيف التوترات الأمنية الراهنة، خاصة في ظل استمرار استهداف قوات الدعم السريع للمناطق التي يسيطر عليها الجيش.

وتأتي هذه التطورات في ظل إعلان الجيش السوداني تطهير ولاية الخرطوم من قوات الدعم السريع، واتباع الأخيرة لاستراتيجية تعتمد على الغارات بعيدة المدى بواسطة الطائرات المسيرة على المدن التي يسيطر عليها الجيش، مع محاولات لاستعادة الأراضي في جنوب البلاد، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني في السودان.

مقالات مشابهة

  • مع تصاعد الهجمات على بورتسودان.. رئيس وزراء السودان الجديد باختبار صعب
  • “رجال الأمن.. عيون الوطن الساهرة” .. البرهان يؤكد أن المعركة مستمرة ولن تتوقف إلا بالقضاء على مليشيا آل دقلو الإرهابية
  • ناشطة مصرية: أول زيارة لي كانت إلى جنوب السودان أثناء الأزمة قبل 10 سنوات
  • عيد الإعلاميين.. جمال الشاعر يتحدث عن تجربته في برنامج صباح الخير يامصر
  • الدعم السريع تقصف مشفى وتقتل العشرات وسط السودان
  • قوات الدعم السريع ترتكب جريمة ضد الأمم المتحدة في السودان
  • الأوضاع الإنسانية في السودان.. حقيقة أم مزايدات سياسية؟
  • ستة قتلى بقصف مسيّرة تابعة لقوات الدعم السريع على مستشفى في السودان
  • السودان.. خروج مستشفى الأُبَيِّضْ عن الخدمة بهجوم لـ"الدعم السريع"
  • حرس الحدود يواصل ضرباته القاصمة لتجار ومهربي المخدرات