2 سبتمبر، 2024

بغداد/المسلة: الفساد في العراق يعد من أكثر القضايا الشائكة والمعقدة التي تعصف بالبلاد منذ سنوات طويلة.

وتعترف شخصيات سياسية بارزة بوجود فساد كبير ومتصاعد في مختلف مفاصل الدولة، حيث أكد النائب ياسر الحسيني أن هناك شبهات فساد وتقصير واضحة في عمل العديد من الوزارات والمسؤولين، إلا أن هناك حماية سياسية تمنع محاسبة هؤلاء واستجوابهم في مجلس النواب.

و هذه الحماية تأتي من جهات مسيطرة على المشهد الحكومي والبرلماني، مما يعقد الأمور ويجعل من الصعب محاربة الفساد بفعالية.

حالات التقصير والشبهات في عمل الوزارات والمسؤولين لا تقتصر على الأفراد فحسب، بل تشمل منظومة كاملة من الفساد المحمي سياسياً.

ورغم أن هذه الحالات معروفة ومشخصة، إلا أن هناك ضغوطاً شديدة تمنع أي تحرك جاد للمحاسبة أو الاستجواب، مما يعزز ثقافة الإفلات من العقاب ويزيد من انتشار الفساد. بعض النواب متهمون بالتغطية على الفساد مقابل تحقيق مصالح شخصية مع الفاسدين، مما يزيد من تعقيد المشكلة ويعمق الأزمة.

و العراق مصنف ضمن الدول الأكثر فساداً في العالم، حيث احتل المرتبة الخامسة في مؤشر مدركات الفساد لعام 2023 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية.

وهذه المرتبة المتدنية تعكس مدى استفحال الفساد وتأثيره السلبي على الدولة والمجتمع. على الرغم من وجود قوانين تحارب الفساد في معظم دول العالم، إلا أن العراق يبدو أنه حالة خاصة، حيث يحظى الفاسدون بحماية من كل من الجهات السياسية وحتى من بعض الدول الخارجية التي ربما تدعمهم.

و غياب القانون وانتشار ما يمكن تسميته بـ “شريعة الغاب” في العراق، أدى إلى سحق كرامة رجل الأمن الحقيقي وانتشار الفساد في أدق تفاصيل الدولة.

و كل فاسد في العراق له “ظهر وسند” في بغداد، سواء كان وزيراً أو رئيس كتلة أو حزب.

و هذه الحماية لا تقتصر على المستويات الدنيا من الحكومة، بل تمتد لتشمل حتى أعلى المستويات، مما يساهم في تعميق الفساد وانتشاره.

و الفساد المستشري في العراق ليس مجرد ظاهرة سطحية، بل هو محمي ومغطى بصراعات سياسية ومناكفات بين الأطراف المختلفة.

و كل الحكومات التي تعاقبت على الحكم في العراق رفعت في البداية شعارات محاربة الفساد، وتحركت باتجاه اتخاذ إجراءات، لكنها سرعان ما تصطدم بواقع “الحماية الحزبية” التي تصيب تلك التحركات بالترهل والفشل.

وتحول  الفساد في العراق إلى دولة داخل الدولة، محمية من قبل قوى مختلفة تحرسه وتطوره يوماً بعد يوم.

و الخشية الأكبر هي أن يصبح الفساد جزءاً لا يتجزأ من النظام العام في العراق، مما يعقد من فرص الإصلاح ويجعل من مكافحة الفساد مهمة شبه مستحيلة في ظل الظروف الراهنة.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: فی العراق الفساد فی

إقرأ أيضاً:

خور عبد الله: بين الجغرافيا والسيادة والخذلان السياسي

11 مايو، 2025

بغداد/المسلة:

وليد الطائي

خور عبد الله ليس مجرد ممر مائي ضيق يفصل العراق عن الكويت، بل أصبح رمزًا لملف معقّد تتداخل فيه السيادة الوطنية، والتنازلات السياسية، والتوازنات الإقليمية. فمنذ عام 1993، حين صدرت قرارات مجلس الأمن التي أعادت ترسيم الحدود بين العراق والكويت بعد غزو 1990، بقيت هذه المنطقة بؤرة للجدل، والغضب الشعبي، والإحساس العميق بالغبن.

في عام 2013، فجّر تصديق البرلمان العراقي على اتفاقية “تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله” غضبًا واسعًا في الشارع العراقي. شعر الكثير من العراقيين، وخاصة في البصرة، أن جزءًا من السيادة قد تم التنازل عنه تحت ذرائع “التعاون الدولي” و”حسن الجوار”. فالاتفاقية، بحسب المنتقدين، ثبّتت واقعًا جائرًا رسمته قرارات دولية في ظل ظروف كان العراق فيها ضعيفًا ومجروح السيادة.

أين كانت السيادة عندما تم إقرار الاتفاقية؟ لماذا لم تُطرح للنقاش الوطني الحقيقي؟ لماذا تُسلَّم المواقع البحرية والموانئ تدريجيًا دون مقاومة تُذكر؟ أسئلة كثيرة ظلّت دون أجوبة، وسط صمت رسمي وتبريرات دبلوماسية لا تقنع الشارع، الذي يرى في كل خطوة كهذه تنازلًا يكرّس حالة الضعف والتبعية.

الكويت، من جانبها، لعبت أوراقها بذكاء وبدعم دولي، مستفيدة من الشرعية التي وفّرها لها مجلس الأمن. بينما العراق، المثقل بالفساد والانقسام والضعف السياسي، وجد نفسه يعاني من سوء التفاوض وضياع الملفات الوطنية الكبرى.

ليس الجُرم في الاتفاقية بحد ذاتها، بل في الطريقة التي تم تمريرها بها، والسكوت المخجل عنها. فلو كانت الحكومة العراقية قوية، وذات إرادة تمثل فعليًا مصالح العراقيين، لكان من الممكن التفاوض على ترتيبات أكثر عدالة تحفظ الحقوق ولا تفرّط بالسيادة.

الشارع العراقي لا يحتاج إلى مزيد من الخطب، بل إلى وقفة حقيقية لاسترجاع ما يمكن استرجاعه، أو على الأقل وقف مسلسل التنازلات الذي لا يبدو له نهاية. فخور عبد الله ليس نهاية الطريق، بل هو محطة من سلسلة طويلة من قضايا لم تُحسم لا بالعدل ولا بالقانون، بل بميزان القوى السياسية والدولية.

وفي النهاية، خور عبد الله لم يُسرق فقط من الجغرافيا العراقية، بل من ضمير ممثلي الشعب، ومن عزيمة الحكومات التي نسيت أن من لا يحمي حدوده، لا يحمي كرامته.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • العراق يسجل أعلى معدل لتفريخ الكيانات السياسية
  • من الثورة إلى الانقلاب: كيف أعاد العسكر إنتاج الفساد؟
  • مصادر سياسية:السوداني “توسل “بالشرع الحضور لقمة بغداد مقابل رفض الأخير
  • مجلس وزاري يحول مساءلة أخنوش إلى مساءلة كتاب الدولة
  • نتنياهو: لا يوجد خلاف مع ترامب وليس هناك نية للاعتراف بدولة فلسطينية
  • اعتراف ايراني: التهريب مستمر الى العراق بعيدا عن الإحصاءات الجمركية
  • نائب إطاري:البرلمان وراء زيادة الفساد في العراق
  • خور عبد الله: بين الجغرافيا والسيادة والخذلان السياسي
  • طهران: تصريحات “ويتكوف” تؤكد سياسية واشنطن المدمنة على إيذاء الشعب الإيراني
  • العراق.. استرداد نصف مليار دولار من الأموال المُهرَّبة خلال 2024