تظل الموسيقى أحد أعظم إبداعات الإنسان على مر الأجيال مهما بلغ من تقدم علمى استطاع من خلاله اكتشاف الذرة واختراق الفضاء الكونى وسبر أغوار الأرض والغوص فى أعماق البحار السحيقة.
فقد مثلت الموسيقى دورًا عظيمًا فى حياة البشرية منذ فجر التاريخ، فاعتبرتها أساطير الشعوب المنقوشة على جدران الكهوف هدية من الآلهة للإنسان، حيث أشارت الدراسات الإثنولوجية إلى أن الموسيقى نشأت من خلال محاكاة الإنسان لأصوات الحيوانات والطيور والغناء والدق على الأشياء كالطبل وكانت مرتبطة بالرقص الإيقاعى فى الحروب قبل اختراع الآلات الموسيقية.
وقد امتزجت الموسيقى بالإنسان، حيث غدت جزءًا من كيانه لا يحيا من دونها، فهى تعبر عن سِلمه وصراعاته؛ انتصاراته وانكساراته، فرحه وحزنه، فيما يمثل نتاج إرث طويل تتمازج فيه مكوناته: أرضه، ثقافته، تاريخه، لذا فعندما تستمع لموسيقى شعب ما فإنك تتعرف على ثقافته بل فلسفته أيضًا، فلكل بلد طابعه الموسيقى المميز، بل قل كل إقليم يحظى بـ«بصمته الموسيقية» التى تميزه عن غيره من الشعوب، فالموسيقى الغربية مثلًا تتميز بالإيقاع السريع الذى يتواءم مع ثقافته المادية، بينما نجد الموسيقى الشرقية تنحو نحو الإيقاع الهادئ ذى النغم الرصين المتفق مع عبق الشرق وسحره المميز. وتتميز كل آلة من الآلات الموسيقية بحضورها الفريد، إذ تثير فى النفس لونًا مشاعريًا مختلفًا، فالناى مثلًا يستدعى الأنين، بينما العود يثير الشجن فيما نجد المزمار يثير الحماسة والبيانو النشاط والجدة…إلخ.
ولكل جيلٍ موسيقاه التى تناسب إيقاع عصره التى قد يراها ممن ينتمون إلى الجيل السابق عليه غثًا لا يرقى إلى الذوق الفنى، بينما يرى الجيل الحديث موسيقى الجيل السابق قد عفا عليها الزمن بل وقد يسخر من بطء إيقاعها وطولها غير المعقول بالنسبة له وهكذا تتعاقب الأجيال ويختلف ما يهوى كل جيل من ألوان الموسيقى المختلفة، لكن تظل فى النهاية مناط عشقهم الأوحد مهما اختلفت أشكالها أو إيقاعاتها، فهكذا هو ديدنها عبر الأزمنة.
وشخصيًا فقد حبانى الله بأذن موسيقية تبلغ من التنوع حدًا أكاد أحار فيه، فهى تستمع لشتى صنوف الموسيقى، بدءًا من الموسيقى الكلاسيكية لبيتهوفن ورامسكى وتشايكوفسكى، حيث أحلق معها فى عالم الخيال غير المحدودة، مرورًا بأغانى الطرب الأصيل، أم كلثوم وفوزى وعبدالحليم التى تثير فى النفس الشجن والرومانسية وأنعطف أحيانًا على الأغانى الشعبية لعدوية وبهاء سلطان وحكيم وما تمثله من تراثنا المصرى الشعبى وما يزخر به من كلمات تعبر عن الحارة المصرية بكل أصالتها وواقعيتها، ناهيك بشتى صنوف الموسيقى الغربية من الديسكو والراب والجاز.. إلى آخره، وهكذا من الشرق إلى الغرب، من الذوق الكلاسيكى إلى الشعبى يجد المرء نفسه يتراوح بين نغمات «دو رى مى فا صول لا سى»، إنها الموسيقى وسحرها الذى لا يفارق روح الإنسان أينما ذهب ومهما مر من مواقف فى حياته، فاستحقت عن جدارة أن يطلق عليها «هيموجلوبين الروح».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: خارج السرب
إقرأ أيضاً:
«هارب موود».. منى واصف وسحر الموسيقى على المسرح الصغير بالأوبرا
ضمن فعاليات وزارة الثقافة، تقيم دار الأوبرا المصرية برئاسة الدكتور علاء عبد السلام، حفلاً بعنوان “هارب موود” للفنانة منى واصف، وذلك في التاسعة مساء غد، الجمعة 20 يونيو، على المسرح الصغير.
يشارك فى الحفل العازفان ضحى الجرزاوى (بركشن)، وكريم واصف (دبل باس وبيز جيتار).
ويتضمن برنامجه باقة منوعة من المؤلفات الكلاسيكية الغربية والعربية، منها ميدلى سيد درويش (يمامة بيضا، زورونى كل سنة مرة، شد الحزام)، ماركو بولو، رقصات الخريف، خدنى بين إيديك، الحب الضائع، مُضناكَ مع ارتجالات حرة للهارب، أرى النور، ميلونغا للحب، حديقة موريش، ميدلى عبد الحليم سالمة يا سلامة لداليدا وغيرها.