تاوجا.. قصة 3 قرى غريبة ظهرت في جبال المغرب
تاريخ النشر: 16th, September 2024 GMT
تحناوت- حيثما وليت وجهك في المناطق المتضررة من زلزال القرن الذي ضرب المغرب العام الماضي، يحدثك القرويون عن الدور الكبير الذي تقوم به مؤسسات المجتمع المدني في تقديم المساعدة للمتضررين على أصعدة مختلفة.
فمنذ الساعات الأولى للزلزال، بادرت كثير من الجمعيات الخيرية لنقل أطنان من الأكل والألبسة والأدوية للمتضررين حتى إن الأكل فاض عن المطلوب، كما قدمت لهم خياما وأغطية.
ومنذ ذلك الوقت لم تنقطع عمليات الدعم التي تقدمها تلك الجمعيات طيلة العام الماضي بحسب إمكانياتها وما تستطيع تقديمه، وساعد بعضها القرويين في حفر الآبار، وتوفير اللوازم المدرسية، إلى جانب بناء منازل من جدران مسبقة الصنع.
ومن التجارب الناجحة التي أشاد بها كثيرون، تجربة جمعية "فاعل خير"، التي يقودها شباب من أبناء منطقة إقليم تارودانت، والتي استطاعت -برغم قلة الإمكانيات- بناء 3 مشاريع سكنية بسيطة لضحايا الزلزال في بعض دواوير تابعة إداريا للإقليم الملاصق لإقليم الحوز.
وعلى الرغم من أن الحوز كان هو بؤرة زلزال العام الماضي الذي بلغت شدته 7.2 درجات على مقياس ريختر، فإن قرى ومداشر الإقليم عانت من دمار شديد، علما أنه الإقليم الأكبر في المغرب من حيث عدد الجماعات الإدارية، وهو ما جعل عدد المتضررين أكبر من نظرائهم في إقليم الحوز.
"تاوجا" تعني بالأمازيغية "الأسرة"، وهو الاسم الذي اختارته جمعية "فاعل خير" -التي أسسها شباب عام 2012- لمشاريعها السكنية الثلاثة المخصصة لضحايا الزلزال، والتي نجحت في إنجازها هذا العام.
ويحكي لنا أسامة غويفردا -المشرف العام على مشروع تاوجا بالمناطق المتضررة من زلزال الحوز ونائب رئيسة مؤسسة فاعل خير- أن الاسم اختير ليعكس تلاحم الأسر في المناطق المتضررة والذي بدا واضحا بعد الزلزال، حيث تعززت الروابط بين أفراد العائلات في مواجهة تداعيات الزلزال المدمر.
وذلك فضلا عن أن المشاريع السكنية البسيطة بنيت بشكل يضمن تعزيز تلك العلاقات الجماعية بين سكان الدواوير (تجمعات سكانية) المعنية.
يوضح غويفردا أن المشروع الأول يوجد بدوار توونة في جماعة أركانة واستفادت منه 50 أسرة، والثاني في آيت واعبدي بجماعة تافنغولت بشراكة مع مؤسسة إحياء الخيرية، واستفادت منه 30 أسرة، والثالث في دوار مسونة واستفادت منه 20 أسرة، وكلها دواوير (تجمعات سكانية) بإقليم تارودانت.
تلك المنازل المؤقتة مشيدة بجدران وسقوف مسبقة الصنع، عازلة للحرارة، ومجهزة بمطابخ صغيرة، وبأثاث مناسب، وبمراحيض خاصة للنساء والرجال، ومزودة بالماء الساخن الذي هو عملة عزيزة في تلك المناطق الجبلية النائية.
كما تضم أيضا قاعات مخصصة للنساء لممارسة أنشطة تعليمية وتقديم دروس محو الأمية، وأنشطة تجارية بسيطة مدرة للدخل، كالخياطة أو بيع منتجات محلية مثل زيت أركان.
وتلك المشاريع السكنية تضم أيضا مطبخا جماعيا يخصص للمناسبات التي تحتاج فيها العائلات لمكان أوسع للطبخ، ومساجد للصلاة مع أماكن مخصصة للنساء.
ومن التفاصيل المميزة بتلك المشاريع السكنية الثلاثة أنها مُنارة بشكل جيد، سواء تعلق الأمر بالساحات أو بالمنازل نفسها، وذلك اعتمادا على الطاقة الشمسية التي تجتهد جمعية "فاعل خير" على استغلالها بشكل جيد لتوفير متطلبات السكان من دون الحاجة لتكاليف باهظة.
أيضا تضم تلك المشاريع فضاءات صغيرة مخصصة للألعاب لكي يضمن الأطفال حقهم في اللعب ونسيان مأساة الزلزال المدمر.
ويؤكد غويفردا أن سر نجاح مثل هذه المشاريع يمكن تلخيصه في كلمتين: الطاقم الشاب الذي يدير شؤون الجمعية، وتمويل المحسنين الذي يتم وفق الشروط القانونية التي تفرضها الدولة. وهذا النجاح يشكل بالنسبة للقرويين المتضررين حبل نجاة من مخالب البرد القارس الذي يغمر المنطقة في فصل الشتاء، وكذلك من الحرارة الخانقة التي لا ترحم في أيام الصيف اللاهبة.
وكما في إقليم الحوز، لا تزال بعض التحديات تواجه تنفيذ المشروع الحكومي لإسكان المتضررين من الزلزال، وخاصة ما تعلق بالدعم المقدم، والمقرر بـ80 ألف درهم (نحو 8 آلاف دولار) لمن أصيب بيته بضرر جزئي، و140 ألف درهم (نحو 14 ألف دولار) لمن هدم بيته بشكل كامل.
ويذكر لنا محدثنا أن الدفعة الأولى المقدرة بـ20 ألف درهم (نحو 2000 دولار)، لا تكفي بتاتا للانتهاء من بناء أساسات البيت وفق الشروط التقنية المقاومة للزلزال، علما أن السلطات تشترط الانتهاء منه لتقديم الدفعة الثانية بنفس المبلغ ثم الثالثة فالرابعة.
وما يزيد الوضع سوءا بالنسبة للقرويين هو الارتفاع الكبير في ثمن مواد البناء وخاصة الإسمنت والحديد، لينضاف إلى مصاريف النقل إلى أعلى الجبل، فضلا عن أجور عمال البناء والذين إن لم يكونوا من أهل القرية، فلابد من توفير أماكن للمبيت لهم إلى جانب مصاريف العمل والأكل والشرب، وهو ما يرهق جيوب القرويين.
ولا يترك الشباب -نساء ورجالا ممن يقفون خلف "فاعل خير"- أهالي المساكن النموذجية لمصيرهم بعد تسليمهم "منازلهم" المؤقتة، بل تستمر العلاقة معهم ما داموا يقطنون بتلك المنازل، حيث تضمن لهم الجمعية صيانة المنازل ومختلف المرافق الخدمية.
كما تبادر الجمعية بتنظيم مبادرات يحتاجها القرويون ومن بينها توزيع قفف أغذية في المناسبات الدينية وبينها رمضان الكريم، وتوفير أضاحي العيد، وذلك إلى جانب توفير محافظ وكتب ودفاتر للتلاميذ، وذلك إلى جانب تنظيم مخيم صيفي للأطفال ولو لبضعة أيام.
ولا تعد مشاريع إسكان ضحايا الزلزال في منازل مصنعة مؤقتة المشاريع الوحيدة التي تستغرق عمل "فاعل خير"، بل إن مشاريعهم الخيرية المقدمة للقرويين تحديدا كثيرة.
ولا تنفك ترى أسامة غويفردا ومن معه يعلنون في مختلف منصات التواصل الاجتماعي عن مبادرات خيرية فاتحين الباب أمام من يريد المساهمة في رسم ابتسامة على وجوه متعبة لتلاميذ يريدون فقط أن يعيشوا حياة طبيعية كباقي الأطفال.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المشاریع السکنیة إقلیم الحوز إلى جانب فاعل خیر
إقرأ أيضاً:
«سيدات أعمال الشارقة» يكّرم أفضل المشاريع النسائية
الشارقة: «الخليج»
كرّم مجلس «سيدات أعمال الشارقة» ثلاث رائدات أعمال متميّزات في ختام مسابقة «بيرل كويست» (Pearl Quest)، التي نظّمها المجلس الأربعاء، بمشاركة نخبة من الشركاء من مختلف القطاعات الاقتصادية في الشارقة. وقدمت المسابقة منصة حصرية لثماني رائدات أعمال لاستعراض أفكار مشاريعهن الريادية أمام لجنة تحكيم متخصصة، تنافست خلالها المشاركات على جوائز مالية بلغ مجموعها 55000 درهم، حيث فازت آلاء محمد الجمل بالمركز الأول وجائزة قدرها 25000 درهم عن مشروع «بلبل»، فيما حصلت كل من ميسون الشامسي ومدار السويدي على المركزين الثاني والثالث وجائزة قدرها 15000 درهم لكل منهما، عن مشروعي «كريمز بوتانكس» (Creams Botanics) و«بيت الطين» (House of Clay) تكريماً لابتكاراتهن وجودة عروضهن.
حضر حفل تكريم الفائزات كل من الشيخة هند بنت ماجد القاسمي، رئيسة مجلس سيدات أعمال الشارقة وخالد جاسم المدفع، رئيس هيئة الإنماء التجاري والسياحي بالشارقة ومريم بن الشيخ، مديرة مجلس سيدات أعمال الشارقة وسارة عبد العزيز النعيمي، الرئيسة التنفيذية لمركز الشارقة لريادة الأعمال (شراع)، إلى جانب نخبة من الشخصيات البارزة والمستثمرين وقادة القطاعات المختلفة.وأكدت مريم بن الشيخ، مديرة مجلس سيدات أعمال الشارقة، في كلمتها خلال الحفل الختامي: «نحن في المجلس وبدعم ورعاية قرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، نؤمن بأن نهوض المرأة هو أساس ازدهار الاقتصاد، فالمشاريع النسائية تمثل أدوات للتغيير ووسائل لخلق فرص العمل ومصادر للإبداع ومن هنا يأتي التزامنا بتمكين رائدات الأعمال ودعم تطور مشاريعهن». وقالت: «المشاركات في (بيرل كويست) قدّمن نماذج مشرّفة على ما يمكن أن تحققه المرأة من تأثير ونمو، خاصة بعد مشاركتهن في برنامج ريادة الأعمال الذي نظّمه المجلس بالشراكة مع شراع».
الجائزة الكبرى
وحصد مشروع «بلبل»، بقيادة آلاء محمد الجمل، الجائزة الكبرى من خلال تطوير منصة لغير الناطقين بالعربية في دولة الإمارات العربية المتحدة، لتجاوز الحواجز اللغوية والاندماج في المجتمع العربي، حيث يقدم البرنامج، القائم على سيناريوهات واقعية، تجربة تعليمية تفاعلية للمغتربين، سواء المبتدئين أو من يواجهون صعوبة في المحادثة من خلال جلسات مع معلمين وتقديم تجربة تعليمية واقعية مدعومة بتقنية الذكاء الاصطناعي من خلال روبوت المحادثة «بلبل فريند»، ليشكل بوابة شاملة لاكتساب اللغة والتعرف إلى الثقافة.
وفي تعليقها على المشاركة، قالت الجمل: «فخورون بهذه المرحلة المفصلية في رحلتنا ومتحمسون لما يحمله المستقبل، كانت تجربة المشاركة مملوءة بالتعلّم والإلهام وسعدتُ جداً بالحصول على هذه الفرصة القيّمة».
المركز الثاني
ويُعد مشروع «كريمز بوتانكس»، الحاصل على المركز الثاني، علامة إماراتية أسستها ميسون الشامسي المتخصصة بالرفاهية المستدامة، حيث يقدِّم منتجات يدوية في الإمارات مصنوعة من زيت نوى التمر وتستوحي هويتها من طبيعة الدولة ونباتاتها وروائحها.