سمير طنطاوي لـ "الفجر": السنوات الخمس القادمة الأشد حرارة في التاريخ ومخاوف من غرق جزر بالكامل (حوار)
تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT
كشف الدكتور سمير طنطاوي، مندوب مصر لدي الهيئة الدولية لتغير المناخ، واستشاري التغيرات المناخية بالأمم المتحدة، سيناريوهات تأثيرات التغيرات المناخية خلال السنوات القادمة وعلاقة التغيرات المتاحة بموجات الحرارة المتطرفة التي شهدتها دول عدة خلال شهر يوليو الماضي.
وقال طنطاوي، في حوار لـ "الفجر" إنه يتوقع أن تكون السنوات الخمس القادمة حتى 2027 هي الأشد حرارة على الإطلاق في التاريخ، كما أن زيادة معدلات ذوبان الجليد القطبي سيؤدي إلى غرق مناطق ساحلية وجزر كاملة، وإلى نص الحوار.
ما علاقة التغيرات المناخية بموجات الحرارة الشديدة التي تعرضت لها عدة دول مؤخرا؟
السبب في ذلك التغيرات المناخية التي تحدث وزيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وفشل مؤتمرات الأمم المتحدة للتغيرات المناخية حتى الآن في تنفذ قرارات خفض هذه الانبعاثات.
ما هي ظاهرة القبة الحرارية وتأثيراتها؟
ظاهرة القبة الحرارية هي ظاهرة جوية تحدث كل فترة زمنية، وأثرت خلال شهر يوليو على 7 دول عربية هي مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا ولبنان وفلسطين.
ووصلت فيها درجات الحرارة في هذه الدول إلى نحو 50 درجة مئوية في الظل، وهي ظاهرة تنشأ نتيجة اختلاف ضغوط جوية في طبقة الجو العليا "ستراتوسفير"، فيتكون مرتفع جوي يضغط على الطبقة الأدنى "تروبوسفير" الأكثر سخونة، وتسبب زيادة الشعور بارتفاع درجات الحرارة من 5 لـ10 درجات مئوية، وتستمر لمدة أسبوع أو 10 أيام وقد تستمر لمدة أكبر من ذلك.
ماذا عن مناخ السنوات الخمس القادمة ولماذا هي الأشد حرارة؟
وفقا لتحديث مناخي جديد أصدرته المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، يتوقع أن ترتفع درجات الحرارة العالمية في السنوات الخمس القادمة حتى 2027، بسبب انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وظاهرة النينو الطبيعية، لتصل إلى مستويات قياسية غير مسبوقة.
ومن المحتمل بنسبة 66% أن يتجاوز المتوسط السنوي لدرجات الحرارة العالمية بالقرب من سطح الأرض مستويات ما قبل العصر الصناعي بمقدار 1.5 درجة مئوية، وذلك في عام واحد على الأقل في الفترة من 2023-2027.
ومن المحتمل بنسبة 98%، أن تكون سنة واحدة على الأقل من السنوات الخمس المقبلة وفترة السنوات الخمس هذه بالإجمال، الأكثر حرّا في التاريخ.
هل فشلت جهود العالم في الحد من الاحتباس الحراري؟حينما نقول إن تركيز غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي وصلت إلى 424 جزءا في المليون وهذا يقترب من 450 جزءا في المليون وهو ما يعني ارتفاع درجات الحرارة بمقدار درجتين عالميا.
هذه الزيادة مطردة وكبيرة في غازات الاحتباس الحراري وتشير إلى أن العالم فشل في إيجاد حلول لخفض الانبعاثات بشكل فوري وبالتالي التعامل مع قضية التغيرات المناخية.
وتم حتى الآن عقد 27 دورة من مؤتمرات الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة للتغيرات المناخية وحتى الآن لم يستطع العالم تنفيذ القرارات الصادرة عنها وبالتالي هي غير فاعلة حتى الآن بالشكل الكافي.
ما التأثيرات المتوقعة على المناطق والمدن الساحلية؟
مشكلة المدن الساحلية تكمن في ارتفاع مستويات سطح البحر وهو أمر مرتبك بذوبان الجليد القطبي الذي يعتمد في المقام الأول على ارتفاع درجات الحرارة والتغيرات المناخية.
وكلما زادت تركيزات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي زاد معدل الاحترار العالمي وبالتالي زادت عملية ذوبان الجليد وارتفاع مستوى سطح البحر ويهدد المدن الساحلية بالغرق.
وحتى الآن معدلات ذوبان الجليد في الحدود الآمنة ولكن السيناريوهات تؤكد أنه مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة نتيجة زيادة تركيزات غازات الاحتباس الحراري سيؤدي إلى مزيد من ذوبان الجليد القطبي وارتفاع مستويات سطح البحر بنسب قد تؤدي إلى غرب مناطق ساحلية وجزر واختفائها من على الخريطة بشكل كامل.
ما خطورة ارتفاع مستويات سطح البحر على الإسكندرية؟
الإسكندرية مثل أي مدينة ساحلية أخرى تواجه خطر ارتفاع مستوى سطح البحر وبالتالي غرق بعض المناطق المنخفضة فيها، ولكن توجد بعض أعمال الحماية منذ عهد محمد علي وأخرى يتم تنفيذها الآن، والمشكلة ليست في ارتفاع سطح البحر فقط ولكن أيضا في تآكل الشواطئ نتيجة اندفاع الأمواج وهناك جهود وطنية للحد من عمليات النحر للشواطىء.
هل نشهد ظواهر مناخية خلال السنوات القادمة بمعدلات أعلى؟
أعلنت الأمم المتحدة أن شهر يوليو الماضي هو أكثر الشهور سخونة منذ بداية القياس مع توقعات بأن يستمر ارتفاع درجات الحرارة خلال الأعوام القادمة، حيث حددت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن الخمس سنوات القادمة حتى 2027 ستكون الأشد حرارة عن الوضع الحالي، وربما يؤدي ارتفاع درجات الحرارة الكبير في بعض الأماكن إلى جعلها غير صالحة للسكن.
هل نشهد هجرات مناخية خلال السنوات القادمة بسبب التغيرات المناخية؟لا أتوقع ذلك في القريب العاجل ولكن السيناريوهات تقول إن ارتفاع درجات الحرارة ومشكلات المياه والغذاء قد تؤدي على المستوى المتوسط والبعيد قد تؤدي إلى هجرات داخلية، والوضع يزداد سوءا فيما يتعلق بدرجات الحرارة لكنها حتى الآن في حدود قدرة الناس على التكيف معها وتحملها في إطار المرونة المناخية.
ما تأثيرات التغيرات المناخية على المحاصيل الزراعية؟تشير الدراسات إلى أن كل المحاصيل الزراعية سوف تتأثر سلبا نتيجة التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة ومشكلات المياه، باستثناء محصول وحيد وهو محصول القطن الذي تشير التوقعات إلى أنه الوحيد الذي سيحقق زيادة إنتاجية مع ارتفاع درجات الحرارة.
ما أنماط خطر التغيرات المناخية على الأمن الغذائي؟بالنسبة لتأثيرات التغيرات المناخية على الأمن الغذائي العالمي فهي تتعلق بتراجع معدلات الإنتاجية الزراعية وتدهور الأراضي والتصحر والجفاف إضافة إلى زيادة عدد السكان مما يؤدي إلى زيادة الفجوة الغذائية وتهديد الأمن الغذائي.
ما توقعات درجات الحرارة خلال السنوات القادمة؟
خلال السنوات الخمس القادمة ستكون هناك ارتفاعات أكبر في درجات الحرارة من التي تشهدها حاليا، وتوقعت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية وصول ظاهرة النينو في النصف الثاني من عام 2023 ولكن وصلت ظاهرة النينو بشكل أسرع ولها تأثيرات تظهر بدية من العام القادم.
وظاهرة النينو هي ظاهرة طبيعية ترتفع فيها درجة حرارة المياه السطحية إلى نحو 1.5 درجة مئوية وموجات أعاصير وفيضانات خاصة على منطقة البحر الكاريبي.
ما آخر تطورات شهادات وسوق الكربون؟بالنسبة لشهادات الكربون يستعد العالم لتبادل شهادات الكربون في إطار اتفاق باريس للمناخ والوضع مختلف عن تبادل شهادات الكربون في إطار اتفاقية الأمم المتحدة للتغيرات المناخية.
وفي وقت اتفاقية الأمم المتحدة كان يتم تداول الشهادات في إطار اتفاق كيوتو وعبارة عن بيع وشراء شهادات بين الدول الصناعية والدول النامية وتنفيذ مشروعات لخفض الانبعاثات، وفي الوضع الحالي الخاص باتفاق باريس سيتم تخصيص جزء متعلق بتبادل الشهادات بين الدول وبعضها، إلى جانب وجود فرصة للقطاع الخاص في تبادل وحدات الكربون بشكل طوعي وتداول هذه الشهادات.
هل يمكن أن نصل إلى احترار عالمي أكثر من درجتين مئويتين؟ارتفاع درجات الحرارة عالميا بين درجتين و3 درجات أكدته تقارير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في تقريرها عن المناخ خلال فترة الخمس سنوات القادمة من 2023 حتى 2027 يؤكد ارتفاع درجات الحرارة 3 درجات خلال السنوات القادمة وهو عكس ما توقعته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ والتي توقعت الوصول بهذا الرقم بحلول 2050 ولكننا سنصل إليه بشكل أسرع.
ماذا إذا وصلنا إلى معدل احترار عالمي 3 درجات؟أتمنى ألا نصل إلى هذا الوضع، ولكن إذا وصلنا إليه يؤدي إلى تأثيرات سلبية كبيرة على جميع النظم الإحيائية واندثار بعض الكائنات الحية التي لن تتحمل درجات الحرارة سواء حشرات أو نباتات أو حيوانات، إلى جانب التأثير على نسب الخصوبة في بعض الموارد الإحيائية والإنتاجية الزراعية والحياة البحرية ومعدلات الهجرة الداخلية والخارجية.
كما أن ذلك سيؤدي إلى أضرار اقتصادية كبيرة حيث خسر العالم خلال السنوات الـ20 الماضية نحو 16 تريليون دولار نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، نتيجة موجات الطقس السيئ.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: ظاهرة النينو القبة الحرارية درجات الحرارة ذوبان الجليد المنظمة العالمیة للأرصاد الجویة ارتفاع درجات الحرارة التغیرات المناخیة الأمم المتحدة ظاهرة النینو ذوبان الجلید الأشد حرارة سطح البحر حتى الآن هی ظاهرة فی إطار حتى 2027
إقرأ أيضاً:
ارتفاع درجة حرارة المحيطات.. هل وصلنا إلى نقطة تحول مناخي؟
في عام 2023 لم يكن وضع المحيطات طبيعيا، فقد ارتفعت حرارتها بشكل مفرط وظلت كذلك حتى الآن، وساهمت في احترار الكوكب بأكمله تقريبا، وبحسب العلماء لم يكن الأمر مجرد ارتفاع في درجة الحرارة، بل قد يكون ذلك بداية لشيء أكبر يشمل تغييرا في آلية عمل مناخ الأرض.
وكشفت دراسة جديدة أن موجات الحر البحرية لعام 2023 حطمت كل الأرقام القياسية المعروفة، إذ كانت أقوى وأطول، وغطت مساحات أكبر من أي وقت مضى، كما لم تكن موجة واحدة، بل كانت موجات عديدة متداخلة وممتدة.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4البلاستيك يغزو المحيطات.. فمن أكبر الملوثين في العالم؟list 2 of 4موجة الحر في المحيط الهادي زعزعت النظم البيئيةlist 3 of 4علماء يضعون خريطة للبلاستيك بالمحيطات والنتائج صادمةlist 4 of 4حموضة المحيطات تتجاوز الحدود الآمنة والخبراء يحذرونend of listولا تعد موجات الحر البحرية مجرد بقع دافئة في البحر، بل هي ارتفاعات حادة وممتدة في درجة حرارة البحر قد تستمر لأشهر وتأثيرها مدمر، إذ تقتل الشعاب المرجانية وتطرد الأسماك وتعطل مصائد الأسماك بأكملها.
وبسبب تغير المناخ الناجم عن أنشطة الإنسان أصبحت هذه الأحداث أكثر تواترا وأكثر شدة.
ووفقا للدراسة، شهد 96% من سطح المحيطات العالمية موجات حر، وتحملت مناطق مثل شمال الأطلسي وشمال المحيط الهادي والمناطق الاستوائية فيه وجنوبه الغربي أسوأ آثارها، وشكلت هذه المناطق مجتمعة 90% من ارتفاع حرارة المحيطات غير الاعتيادية.
واستمرت موجة الحر في شمال المحيط الأطلسي 525 يوما، بدءا من منتصف عام 2022 ولم تهدأ، كما شهدت منطقة جنوب غرب المحيط الهادي موجة حر بحرية واسعة النطاق وممتدة حطمت الأرقام القياسية السابقة.
كما جاءت ظاهرة النينيو في شرق المنطقة الاستوائية بالمحيط الهادي، حيث بلغت درجات حرارة المحيط هناك ذروتها عند 1.63 درجة مئوية فوق المتوسط.
وبالنسبة للحياة البحرية وهذا النوع من الحرارة يمكنه أن يغيّر كل شيء، بما في ذلك الحركة والتكاثر والبقاء.
ومن خلال تقنية تتبع انتقال الحرارة عبر الطبقات العليا من المحيط وجد الباحثون أسبابا متعددة لموجات الحر البحرية لعام 2023، ففي بعض المناطق قلّت الغيوم، مما سمح بوصول المزيد من أشعة الشمس إلى المياه.
إعلانوفي مناطق أخرى أدى ضعف الرياح إلى قلة اختلاط المياه، مما تسبب في ركود المياه الدافئة.
كما تحولت تيارات المحيطات أيضا عن أنماطها المعتادة، مما ساهم في زيادة تراكم الحرارة، وبذلك تختلف الأسباب باختلاف الأماكن، لكنها جميعها تؤدي إلى نفس النتيجة: محيطات ظلت ساخنة لفترة طويلة جدا.
تلعب المحيطات دورا مهما في تنظيم المناخ على الكوكب، إذ تمتص 90% من الحرارة الزائدة، و23% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن الأنشطة البشرية، كما تعد مصدر 85% من بخار الماء في الغلاف الجوي وتنتج 50% من الأكسجين الذي نحتاجه.
وتشير الدراسة إلى أن الأعاصير المدارية الشديدة في عام 2023 مثلت تحولا جوهريا في ديناميكيات المحيط والغلاف الجوي، وقد تعمل بمثابة تحذير مبكر من نقطة تحول وشيكة في نظام مناخ الأرض.
وتعني نقطة التحول المناخي تجاوز عتبة لا يستطيع فيها النظام التعافي بمفرده، وبالنسبة للمحيطات قد يؤدي ذلك إلى موجات حر أكثر تواترا، وانهيار شبكات الغذاء، وتناقص أعداد الأسماك وتدمير الشعاب المرجانية جراء ذات الأهمية البالغة في النظم البيئية البحرية جراء تحمض المياه.
كما لن يقتصر التأثير على البحار، فالمحيطات الدافئة تحتفظ بكمية أقل من الأكسجين، مما يعيق تبادل الحرارة والرطوبة مع الغلاف الجوي، ويؤدي ذلك إلى تفاقم الأحوال الجوية المتطرفة، مما يؤثر على كل شيء، من العواصف والأمطار إلى الجفاف على اليابسة.
وبحسب الباحثين، فإن أحداث عام 2023 تسلط الضوء على التأثيرات المتزايدة للمناخ الحار والتحديات في فهم الأحداث المتطرفة، ويواجه العلماء مهمة عاجلة تتمثل في مراقبة مدى تكرار حدوث هذه الظواهر وكيف تتطور بمرور الوقت.
ويحتاج ذلك -حسب الدراسة- إلى بيانات عالية الدقة ومعالجة أسرع ونماذج قادرة على التنبؤ بشكل أفضل بهذه التغيرات المعقدة في مختلف المناطق، حيث يمكن للمجتمعات التي تعيش خاصة في المناطق الساحلية أن تستعد لمزيد من الاضطرابات المتكررة في النظم البيئية البحرية.
وتشير الدراسات إلى أن مستقبل المناخ العالمي يعتمد بشكل كبير على سلامة المحيطات وقدرتها على الاستمرار في أداء وظائفها الطبيعيىة، لكن الصراع على الموارد وتصريف النفايات -خصوصا البلاستيكية- وكلها عوامل تسرع من احترار المحيطات وتحمضها وتعجل بنقطة تحول مناخي هي الأخطر على الكوكب.