عالم من الصمت.. لاكروا داخل أكبر سجن في اليابان
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
من الخارج، قد تظن أنك ترى المقر الرئيسي لشركة كبيرة متعددة الجنسيات، ولكن هذه الواجهة الحديثة لمؤسسة مميزة خادعة للغاية، فهذا هو سجن فوتشو، الذي يمتد على عدة مئات من الهكتارات في منطقة سكنية في ضواحي طوكيو، إنه السجن الأكبر في اليابان، حيث يقضي 1700 رجل، بينهم 350 أجنبيا، أحكامهم وسط صمت ثقيل.
بهذه المقدمة، افتتحت صحيفة لاكروا تقريرا حول زيارة نادرة لفوتشو، نظمتها وأشرفت عليها السلطات القضائية اليابانية لعدد قليل من الصحفيين الأجانب، لتكشف النقاب عن ظروف احتجاز السجناء في اليابان، وهو مكان منظم بشكل صارم، ويمكن أن يقضي فيه الناشط البيئي بول واتسون عقوبته إذا تسلمته اليابان.
وتوضح الصحيفة -في تقرير لمراسلها في طوكيو دوريان مالوفيتش- أن المعتقلين في هذا السجن ملزمون بأنظمة زمنية صارمة للغاية، فهم يستيقظون عند الساعة السادسة و45 دقيقة صباحا، ويتناولون وجبة الإفطار في صمت، وفي الثامنة يذهبون للعمل في الورشة دون أن يحق لهم التحدث حتى الظهر، حين يتناولون الغداء في صمت أيضا.
بعد الغداء تكون العودة لورشة الخياطة أو الطباعة أو الجلود لمدة 4 ساعات في صمت مهيب، حيث تبقى الرؤوس منحنية على العمل، وبينها حوالي 30 سجينا أبكم يكررون نفس الإيماءات ميكانيكيا حتى الساعة الرابعة و40 دقيقة مساء، تحت حرارة شديدة في نهاية الصيف الياباني، حيث "لا تسمح لنا الميزانية بتكييف جميع المساحات، لكننا نوزع المياه بانتظام"، كما يقول المدير ياشيرو هيرويوكي متأسفا.
أخيرا، تأتي لحظة "الحرية" الوحيدة التي يستطيع فيها جميع النزلاء، اليابانيون والأجانب، الركض والمشي في الملعب الرياضي وحتى التحدث "لمدة 30 دقيقة" قبل العشاء الصامت في الساعة الخامسة مساء وإطفاء الأضواء عند الساعة التاسعة مساء.
وأمام المراحيض، يحدد المدير أن كل سجين يحق له الاستحمام 3 مرات لمدة 15 دقيقة أسبوعيا من دون أن يتكلم، ويقول إن "المعتقلين الأجانب لا يتمتعون بأي امتيازات خاصة. نحن ببساطة نقدم لهم بعض وسائل الراحة المادية المحددة".
هيرويوكي: لا هواتف محمولة ولا مخدرات ولا أسلحة ولا سكاكين.. ونسبة هروب السجناء صفر
العمل جزء من العقوبةويوضح المراسل أن الزنازين الفردية تبلغ مساحتها 10 أمتار مربعة وهي نظيفة تماما، ومجهزة بسرير حديدي على الطراز الغربي ومرحاض وتلفزيون صغير بشاشة مسطحة، ويقول المدير إن "90% منهم (الأجانب) لديهم زنزانة فردية، في حين أن كل 4 أو 5 يابانيين في زنزانة مزودة بحصير".
ويؤكد المدير هيرويوكي أن "جميع النزلاء ملزمون بالعمل في ورش مختلفة، باستثناء المرضى جسديا أو عقليا، وهؤلاء تتم رعايتهم من قبل وحدتنا الطبية. العمل جزء من عملية إعادة التأهيل. ومبلغ 4 آلاف ين (30 يورو) الذي يتقاضاه كل سجين شهريا إذا كان يعمل، "لا يشكل راتبا فهو جزء من عقابه".
ويضيف المدير أن السجناء "إذا تصرفوا بشكل جيد، يكسبون نقاطا تتيح لهم الحصول على امتيازات معينة"، مثل زيارة أفراد معينين من أسرهم، مرتين في الشهر لمدة 30 دقيقة، من خلال النافذة، أما السلوك السيئ والشتائم وأدنى عنف ضد السجناء أو الحارس فيعاقب عليه على الفور.
وعند السؤال إذا كان من حق السجناء امتلاك هاتف محمول، يجيب المدير مذهولا "هذا لا يمكن تصوره. لا هواتف محمولة ولا مخدرات ولا أسلحة ولا سكاكين"، أما عدد مرات الهروب من هذا السجن فهي صفر، كما يؤكد المسؤول عنه.
وقد نددت عديد من المنظمات غير الحكومية بالانتهاكات العديدة لحقوق الإنسان في مراكز الاحتجاز في اليابان، حيث يُسجن المتهمون في انتظار محاكمتهم وإدانتهم، كما نددت بسوء المعاملة التي يتعرض لها المهاجرون غير النظاميين في مراكز الاحتجاز المختلفة والنساء في السجون.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات فی الیابان
إقرأ أيضاً:
تفاحة بلا طعم .. سلسلة إخفاقات تهز عرش آبل
رغم مكانتها كأحد أكثر العلامات التجارية نفوذًا في عالم التكنولوجيا، لم تسلم شركة آبل من سلسلة من الإخفاقات التقنية والتجارية التي أثارت تساؤلات حول قدرتها على الابتكار المستدام.
فخلف التصميمات الأنيقة والعروض التسويقية المبهرة، هناك قرارات وإصدارات لم ترتقِ إلى مستوى تطلعات المستخدمين والمستثمرين، وبعضها ألحق ضررًا بصورتها كشركة تتصدر المشهد التقني العالمي.
هاتف بلا حرارةعندما طرحت آبل هاتف iPhone 15 Pro، واجه الجهاز انتقادات حادة بسبب مشكلات الحرارة الزائدة، وهي أزمة غير معتادة بالنسبة لشركة لطالما تغنّت بالكفاءة والأداء.
رغم تحديثات النظام المتكررة، لم تتمكن آبل من إقناع جمهورها بأن المشكلة مؤقتة، خاصة مع استخدام إطار التيتانيوم الجديد الذي تبين لاحقًا أنه ليس السبب الحقيقي، مما زاد من حدة الإحباط لدى المستخدمين والمراجعين على حد سواء.
في خطوة بدت وكأنها محاولة للحاق بركب الواقع المعزز، كشفت آبل عن نظارة Vision Pro بسعر باهظ تجاوز 3500 دولار.
ورغم ما حملته من تقنيات مبتكرة، إلا أن السوق لم يتفاعل بالشكل المتوقع، وسرعان ما خفتت الحماسة.
تحدثت التقارير الأولية عن ضعف المبيعات، وتراجع الطلب، وقيود استخدام لا تناسب الجمهور العام، ما وضع المشروع أمام تحدٍ كبير في إثبات جدواه كمنتج ثوري.
معالجات متأخرة وخط إنتاج متباطئفي الوقت الذي تتسابق فيه الشركات لتقديم تحسينات جذرية في الأداء، واجهت آبل انتقادات بسبب تأخيرها في إطلاق معالجات جديدة لمجموعة أجهزة Mac، وتأجيل تحديثات أساسية لبعض خطوط الإنتاج.
أثار الخط الزمني غير المنتظم وتكرار نفس التصميمات في إصدارات متعددة مثل iPhone SE وiPad استياء المستخدمين، خاصة أولئك الذين يتطلعون إلى تجديد أجهزتهم بتقنيات حقيقية جديدة لا مجرد تحسينات طفيفة.
قضايا تحديثات وتراجع الابتكاريعاني مستخدمو أجهزة آبل مؤخرًا من مشكلات متكررة في تحديثات نظام iOS، إذ ظهرت أخطاء في الأداء وعطل في بعض الميزات مثل Siri وخاصية Always-On Display.
تزامن هذا التراجع في الاستقرار التقني مع شعور عام بأن الشركة لم تعد تقدم الابتكارات النوعية كما في السابق، وأنها تعتمد بشكل مفرط على الإرث القديم دون تطوير جذري يواكب التحول السريع في الصناعة.
خسائر في المحكمة والرأي العاملم تقتصر الإخفاقات على المستوى التقني، بل واجهت آبل ضربات قانونية واقتصادية، مثل حكم المحكمة الأوروبية الذي ألزمها بتغيير منفذ الشحن إلى USB-C بدلًا من Lightning، ما اعتبره كثيرون تراجعًا عن سياسات الانغلاق التي لطالما تمسكت بها.
كما واجهت الشركة دعاوى تتعلق بالممارسات الاحتكارية في متجر App Store، مما زعزع صورتها كشركة "مستهلك أولًا" وفتح الباب أمام مزيد من الضغوط التنظيمية.
أين تذهب آبل؟رغم هذه الإخفاقات، ما زالت آبل تمتلك قاعدة جماهيرية واسعة وقوة مالية هائلة، لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو، هل تستطيع الشركة استعادة بريقها كمبتكر أول في قطاع التكنولوجيا؟ أم أن نمط التكرار والاستثمار في الهالة بدلاً من الابتكار الحقيقي سيقودها نحو المزيد من التراجع في عالم لا يرحم من يتأخر عن سباق المستقبل؟