محمد بن زايد في واشنطن تكريساً لقرار استراتيجي إماراتي
تاريخ النشر: 23rd, September 2024 GMT
يلتقي رئيس الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد، الرئيس الأمريكي جو بايدن في واشنطن اليوم الإثنين، لمناقشة التعاون في الذكاء الاصطناعي، حيث تحاول الدولة الخليجية تأمين وصول أسهل إلى التكنولوجيا المتقدمة المصنوعة في الولايات المتحدة.
ويأتي الاجتماع خلال أول رحلة رسمية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى الولايات المتحدة منذ سبع سنوات، مؤكداً تصميمه على كسب دعم البيت الأبيض في جهوده لتحويل الإمارات العربية المتحدة، إلى رائدة في الذكاء الاصطناعي.وتقول صحيفة "فايننشال تايمز" إن الإمارات واحدة من أهم حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، لكن العلاقات تقلبت في بعض الأحيان في السنوات الماضية.
The UAE is laying a foundation for a "new phase" in its U.S. relationship, @Abdulkhaleq_UAE tells CNBC’s @dan_murphy as tech, A.I. and investment ties top the agenda during the UAE President's visit to Washington pic.twitter.com/ZOA32C6l4C
— CNBC Middle East (@CNBCMiddleEast) September 23, 2024ومع ذلك، أعطى الذكاء الاصطناعي زخماً جديداً للعلاقة، إذ جعلت أبوظبي، الذكاء الاصطناعي محور خطتها للابتعاد عن صادرات الوقود الأحفوري، واتخذت قراراً استراتيجياً بالشراكة مع الشركات الأمريكية التي تنتج أحدث التقنيات.
وقال أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي للشيخ محمد بن زايد، للصحافيين في دبي الأسبوع الماضي، إن "الذكاء الاصطناعي والتغييرات الجديدة في الحوسبة السحابية، وما إلى ذلك، ستغير الطريقة التي يبدو بها العالم.لا يمكننا أن ندع هذا النوع من موجة الاختراقات التكنولوجية، تمر مرور الكرام".
وأضاف "إذا كنا نعتقد أن الهيدروكربون في طريقه إلى الخروج، ببطء ولكن بثبات، فعلينا استبدال تدفق الإيرادات بشيء آخر".
The UAE is laying a foundation for a "new phase" in its U.S. relationship, @Abdulkhaleq_UAE tells CNBC’s @dan_murphy as tech, A.I. and investment ties top the agenda during the UAE President's visit to Washington pic.twitter.com/ZOA32C6l4C
— CNBC Middle East (@CNBCMiddleEast) September 23, 2024وقال مطلعان على خطط الإمارات إنهما يتوقعان أن يتفق الرئيسان على وثيقة تحدد إطاراً واسعاً للتعاون بين الولايات المتحدة والإمارات في الذكاء الاصطناعي.
وأفاد أحدهما بأن الإمارات تريد رسم "خريطة طريق" قبل الانتخابات الأمريكية المقبلة "لتأمين التقدم...أياً كان الرئيس الذي سيتولى منصبه في يناير" (كانون الثاني)
وأضاف أن المسؤولين كانوا يهدفون إلى تغيير تسمية التصدير لدولة الإمارات حتى يسهل الحصول على الرقائق.
وقال براد سميث، رئيس شركة مايكروسوفت، التي استثمرت 1.5 مليار دولار في مجموعة الذكاء الاصطناعي الأهم في الإمارات G42 في أبريل (نيسان)، لـ"فاينانشال تايمز" في الأسبوع الماضي إن وضوح ضوابط التصدير "ناشئ" رغم أن الأمر "استغرق عدة أشهر للعمل عليه".
وأضاف سميث، أن طلبات التصدير التي قدمتها مايكروسوفت، وشركات التكنولوجيا الأخرى لم تكتمل تماماً، لكنها على وشك الاكتمال.
في إشارة إلى سعي الإمارات العربية إلى تعميق العلاقات مع الشركات الأمريكية، أعلنت G42، في الأسبوع الماضي أنها تتعاون مع نفيديا، الشركة الأمريكية التي تصنع الرقائق المهمة للذكاء الاصطناعي، في مبادرة لتوقع الطقس.
كما رحبت الشركات الأمريكية التي تتطلع إلى تمويل مشاريع الذكاء الاصطناعي باهظة الكلفة من موارد أبوظبي.
وأعلنت شركة MGX، وهي أداة استثمار جديدة في أبوظبي متخصصة في الذكاء الاصطناعي، الأسبوع الماضي أنها تنضم إلى شركة إدارة الأصول "بلاك روك" وشركاء البنية التحتية العالمية، ومايكروسوفت لإطلاق صندوق بـ 30 مليار دولار للاستثمار في مراكز البيانات والطاقة لتشغيلها.
ويُذكر أن مستشار الأمن الوطني لدولة الإمارات الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، الذي يرأس مجموعة 42، زار واشنطن في يونيو (حزيران) في سياق جهود أبوظبي لتأمين دعم واشنطن لطموحاتها في الذكاء الاصطناعي.
ويشار إلى أن صحيفة "فاينانشال تايمز" نشرت سابقًا أن مؤسس شركة OpenAI سام ألتمان، والشيخ طحنون بن زايد، ناقشا تمويل مشروع طموح لتصنيع الرقائق.
وقال قرقاش إن للشيخ طحنون بن زايد "فهم جيد للتكنولوجيا"، مشيراً إلى أن ذلك قد يساعد في المفاوضات بين الإمارات، والمسؤولين والمديرين التنفيذيين الأمريكيين. وأضاف:"عندما يجلس مع شخص مثل ألتمان أو أياً كان، فإنه يتحدث لغته تماماً".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: تفجيرات البيجر في لبنان رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية محمد بن زايد فی الذکاء الاصطناعی الولایات المتحدة الأسبوع الماضی محمد بن زاید
إقرأ أيضاً:
استراتيجية الأمن القومي 2025 الأمريكية تعيد تشكيل نظرة واشنطن للعالم
تُعدّ استراتيجية الأمن القومي الأمريكية لعام 2025 إحدى أكثر الوثائق تأثيرا في رسم ملامح السياسة الدولية خلال العقد المقبل، إذ لا تكتفي بتحديد التهديدات التقليدية، بل تقدّم رؤية أعمق تعكس تحوّلا أيديولوجيا في الطريقة التي ترى بها الولايات المتحدة موقعها في العالم. فوفق تحليلات مؤسسات بحثية بارزة مثل معهد بروكينغز ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، فإن الوثيقة تمثل انتقالا من "إدارة النظام الدولي" إلى "التنافس على تشكيله"، في لحظة عالمية يغلب عليها الاضطراب وتراجع اليقين. هذا الانتقال من "الإدارة" إلى "التشكيل" هو جوهر التحول الاستراتيجي؛ إنه اعتراف بأن العصر أحادي القطب قد انتهى، وأن واشنطن تسعى لفرض نموذجها وقيمها في مواجهة نماذج بديلة.
الصين من "منافس استراتيجي" إلى "خصم حضاري شامل"
تضع الاستراتيجية الجديدة الصين في صدارة التهديدات، مستخدمة مصطلحا لافتا هو "الخصم الحضاري الشامل" هذا التوصيف يعكس قناعة أمريكية بأن بكين لا تسعى فقط إلى التفوق الاقتصادي والعسكري، بل تهدف إلى إعادة صياغة النظام العالمي وفق نموذج حكمها المركزي ونسختها الخاصة من الحداثة.
وبحسب مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، فإن هذه هي المرة الأولى التي تنظر فيها واشنطن إلى الصين باعتبارها قوة نظامية تريد تشكيل قواعد اللعبة الدولية بدلا من التكيّف معها. ولذلك تنتقل المنافسة بين الطرفين إلى مجالات استراتيجية تشمل التكنولوجيا المتقدمة، وسلاسل التوريد، والذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني، وتأثير المؤسسات الدولية. استخدام مصطلح "الحضاري" يعمق الانقسام الأيديولوجي، مما يرفع المنافسة لتكون صراعا وجوديا بين نموذجين متنافسين يمتد ليشمل المؤسسات الثقافية والتعليمية.
تضع الاستراتيجية الجديدة الصين في صدارة التهديدات، مستخدمة مصطلحا لافتا هو "الخصم الحضاري الشامل" هذا التوصيف يعكس قناعة أمريكية بأن بكين لا تسعى فقط إلى التفوق الاقتصادي والعسكري، بل تهدف إلى إعادة صياغة النظام العالمي وفق نموذج حكمها المركزي ونسختها الخاصة من الحداثة. روسيا تهديد يمكن احتواؤه لا منافسته
على الرغم من استمرار الحرب في أوكرانيا، تتعامل الاستراتيجية الأمريكية مع روسيا بوصفها تهديدا "حادّا ومباشرا" لأمن أوروبا، لكنها ليست منافسا شموليا للنظام الدولي كما هي الصين. وتتبنى واشنطن مقاربة "إدارة الصراع" مع موسكو، في محاولة للحفاظ على تركيزها الاستراتيجي على آسيا.
ويرى خبراء في "تشاتام هاوس" أن هذا التحوّل قد تكون له انعكاسات مباشرة على الأمن الأوروبي، حيث يُخشى أن يؤدي إلى تقليص انخراط الولايات المتحدة تدريجيا في القارة، ما يدفع الأوروبيين إلى تطوير مفهوم "الاستقلال الاستراتيجي" بشكل أسرع، مهما كانت العقبات السياسية والاقتصادية. هذا التمييز يكرس "الانتقائية الاستراتيجية" الأمريكية، حيث تُعتبر روسيا تحديا تكتيكيا ومؤقتا يجب "إدارته" لتجنب تشتيت الانتباه عن محور التنافس الحاسم في آسيا.
أوروبا الحليف المتوتر والعاجز عن حماية هويته
لا تخفي الاستراتيجية لهجتها النقدية تجاه أوروبا، التي تتهمها بأنها تعاني "تآكلا حضاريا" نتيجة التحولات الديموغرافية والضغوط الاجتماعية الناتجة عن الهجرة والثقافات المتعددة. وترى الوثيقة أن هذه العوامل أضعفت قدرة أوروبا على حماية نموذجها الليبرالي.
وقد أثار هذا القسم جدلا واسعا، حيث اعتبر "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية" أن واشنطن أصبحت تنظر إلى أوروبا بوصفها الحلقة الأضعف في النظام الغربي. وتبدو هذه الرؤية إشارة مباشرة إلى الأوروبيين بأنهم مطالبون بتقليل اعتمادهم الأمني على الولايات المتحدة، خاصة في ظل التحولات المتسارعة في موازين القوى العالمية. هذا القسم يؤكد أن الولايات المتحدة تستعد لـ "تقاسم العبء" بشكل أكثر صرامة، ويربط الأمن بالهوية، مما يظهر قلقا أميركيا عميقا يتجاوز القدرات العسكرية وصولا إلى تماسك النموذج الغربي نفسه.
تحالفات جديدة قائمة على الهوية والقيم
تتبنى الاستراتيجية الجديدة مبدأ "التحالفات المعيارية"، حيث تمنح الولايات المتحدة الأولوية للتعاون مع الدول التي تشترك معها في الهوية الحضارية والقيم السياسية، أكثر من تلك التي تتقاطع معها في المصالح وحدها. ويرى مركز "بروكينغز" أن هذا التحوّل قد يعمّق الانقسام الدولي، لأنه يعيد اصطفاف الدول وفق اعتبارات أيديولوجية وثقافية، بدلا من المنطق البراغماتي الذي حكم العلاقات الدولية منذ نهاية الحرب الباردة. هذا التحول يمثل عودة إلى الاصطفافات الأيديولوجية والثقافية، مما قد يعمّق الانقسام بين المعسكرات الدولية، على حساب العلاقات القائمة على المصالح المادية وحدها.
عالم متعدد الأقطاب.. ومع ذلك مضطرب
توضح الاستراتيجية أن العالم يتجه نحو تعددية قطبية مضطربة، حيث تزداد القوى المؤثرة وتتناقص القدرة الأمريكية على ضبط الإيقاع العالمي. وتبرز آسيا كالمسرح الرئيس للتنافس، مدفوعة بصعود الصين والهند وتوسع تأثيرهما في الاقتصاد والتكنولوجيا.
لا تخفي الاستراتيجية لهجتها النقدية تجاه أوروبا، التي تتهمها بأنها تعاني "تآكلا حضاريا" نتيجة التحولات الديموغرافية والضغوط الاجتماعية الناتجة عن الهجرة والثقافات المتعددة. وترى الوثيقة أن هذه العوامل أضعفت قدرة أوروبا على حماية نموذجها الليبرالي. وتؤكد الوثيقة أن التكنولوجيا ـ وخاصة الذكاء الاصطناعي، والبنى التحتية الرقمية، والأنظمة ذاتية التشغيل، وحروب الفضاء والفضاء السيبراني ـ ستكون الميدان الرئيس للصراع القادم. وفي هذه البيئة، تدخل أوروبا مرحلة من الشكوك العميقة حول مستقبل الضمانات الأمريكية، بينما تتزايد الدعوات لإنشاء منظومة دفاعية أوروبية أكثر استقلالا.
ويرى "تشاتام هاوس" أن العقد المقبل سيشهد تحالفات مرنة وصراعات طويلة وتنافسا أعمق بين النماذج الحضارية، في عالم تتداخل فيه القوة العسكرية مع التكنولوجيا والقيم في آن واحد. النقطة الجوهرية هنا هي أن "من يملك التكنولوجيا، يملك مفاتيح المستقبل". هذا يرفع من قيمة "التنافس التكنولوجي" ليصبح مساويا في الأهمية للتنافس العسكري والجيوسياسي.
بداية عصر جديد من التنافس الشامل.. واستشراف لمستقبل مضطرب
تكشف استراتيجية الأمن القومي الأمريكية لعام 2025 أن الولايات المتحدة ترى نفسها في قلب صراع طويل على هوية النظام الدولي. فالصين خصم حضاري شامل، وروسيا تهديد يمكن ضبطه، وأوروبا حليف يحتاج إلى إعادة تأهيل، بينما تتحول التكنولوجيا إلى الركيزة المركزية للقوة في القرن الحادي والعشرين.
وتشير هذه الرؤية إلى أن الولايات المتحدة تتجه إلى تركيز جهودها على آسيا، باعتبارها محور التنافس الحاسم. وهذا سيقود على الأرجح إلى تراجع نسبي للدور الأميركي في أوروبا والشرق الأوسط، ما قد يخلق فراغات استراتيجية لن تستطيع القوى المتوسطة ملأها بسهولة.
أما على المدى البعيد، فإن العالم يبدو أنه متجه نحو نظام متعدد الأقطاب لكنه عالي التوتر، حيث تتداخل المنافسة في ثلاثة مجالات رئيسية: التكنولوجيا الفائقة، والموارد الاستراتيجية، والتحالفات القائمة على الهوية الثقافية والقيم.
وإذا لم تُطوَّر آليات دولية لإدارة هذا التنافس، فإن العالم قد يدخل مرحلة "اللاسلم واللاحرب المستدامة" التي يتوقعها العديد من الباحثين في الأمن الدولي مرحلة لا تشهد حروبا كبرى، لكنها لا تعرف سلاما مستقرا كذلك.
إن هذه الاستراتيجية، في جوهرها، ليست وثيقة أمنية فحسب، بل خريطة للعالم القادم: عالم تتقاطع فيه الجغرافيا مع التكنولوجيا، ويتنافس فيه المنطق الحضاري مع المصالح الاقتصادية، وتعود فيه القوة إلى معناها الأكثر تعقيدا: من يملك التكنولوجيا، يملك مفاتيح المستقبل.
السيناريو المستقبلي المتوقع هو نظام عالمي غير مستقر، حيث تكون المنافسة المستمرة هي القاعدة الجديدة، بدلا من السلام المستدام.