سواليف:
2025-12-14@20:34:55 GMT

تأملات قرآنية

تاريخ النشر: 26th, September 2024 GMT

#تأملات_قرآنية

د. #هاشم_غرايبه

يقول تعالى في الآيتين 3 و4 من سورة الزخرف: ” إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ . وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ”.
كما يقول تعالى في الآية 55 من سورة المائدة: “إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ”.


قرنت بين هذين الموضعين في كتاب الله، كمثال على ليّ أعناق الآيات الكريمة لكي توافق هوى البعض، فيوردونها كدليل شرعي على صحة ادعائهم.
لقد جاء بذلك من ابتدع قضية الولاية في الدين، وقال بأن الولاية على الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم يجب أن تكون لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وذريته من بعده.
أول دليل على بطلان زعمهم، أن علياً وهو الأعلم منهم بالقرآن ومراداته لم يقل بذلك أبدا، بل كل ما قيل في هذا الموضوع كان بعده، وعلى أزمان متعددة.
أما الآية الرابعة من سورة الزخرف، فالواضح من السياق أن الحديث هو عن القرآن الكريم وليس عن شخص، فالهاء في إنه ضمير متصل تعود على أقرب اسم معرف سبقها، وهو هنا (قرآناً)، ولا يستقيم المعنى إلا ان كان مكانة هذا القرآن العلية عن أي كتاب سماوي آخر، والتي جميعها محفوظة في أم الكتاب أي اللوح المحفوظ .
لذلك لا يصح أبدا القول أن هذه الآية نزلت في “علي” على أنه مسجل في أم الكتاب أنه حكيم.
أما في آية سورة المائدة، فهي تحدد من هم الذين يجب أن يتولاهم المؤمنون، ولا يوالوا أحدا غيرهم عليهم، والولاية هنا هي الرعاية والعناية من قبل الولي، بدليل قوله تعالى: “اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ: [البقرة:257]، أي ان المؤمنين، ولأنهم اتخذوا الله وليا ومستعانا، فهو لا يخيب ظنهم فيه، لذا يتولاهم الله برحمته، فيهديهم الى سبيل الرشاد، فيفوزوا فوزا عظيما، ولا يتولى الكافرين بل يتركهم للطواغيت الظلمة جزاء إعراضهم عن هديه، والذين سيودوا بهم الى التهلكة.
إذا فالله هو ولي المؤمنين، لكنه في هذه الآية قرن رسوله بذاته العلية بالولاية، لأن من يتبع الرسول ويطيعه فهو مطيع لله حكما، ولأنه تعالى لم ينزل هذا القرآن مقتصرا على زمن الدعوة، فقد أضاف العلماء المخلصين في كل الأزمنة القادمة ليظلوا الهداة المرشدين للأمة، لأن العلماء ورثة الأنبياء، بالطبع ليس في النبوة، بل بالأخذ عنهم والاسترشاد بعلمهم.
الذين قالوا بأن هذه الآية نزلت في “علي” هو خوض في آيات الله بغير علم وليّ لأعناقها، فجاءوا بقصة أن عليا كان يصلي في بيته حينما جاء سائل يطلب صدقة، فمد علي يده وهو في الركوع بخاتم في أصبعه ليأخذه السائل، ولذلك لتوافق القصة قوله تعالى “وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ” .
القصة من أصلها رواية، وليست حديثا نبويا لا يناقش متنه، وما ينقضها من أساسها:
1 – ان “عليا” التقي الورع لا يقطع صلاته لدخول سائل، وليس السائل على عجلة، بل الوقت الطويل، ولا يمكن لهذا السائل أن يطلب الصدقة وهو يراه قائما يصلي، بل ينتظر دقيقة لحين تسليمه.
2- لقد ذكر تعالى “الزكاة” وليس الصدقة، وهنالك اختلاف كبير بينهما، فالزكاة فريضة واجبة الأداء في وقت محدد، ولا يمكن أن تؤجل الى حين طلبها من محتاجيها، بينما الصدقة من النوافل التي تؤدى في أي وقت، كما ان الخواتم هي حلية، وليس متوقعا من (علي) التقي الورع أن يقتني الحلي، كما أنه ليس من المعهود أن تقدم الخواتم للسائلين كصدقات.
3- لا يمكن أن يكون قصد الله تعالى (والله أعلم بمراده) بالركوع أنه ذلك الركن بالصلاة، فأداء الزكاة لا يمكن أداؤها خلال وقت الصلاة، لأن احتساب قيمة الزكاة وتوزيعها وفق الشروط الشرعية يلزمها أن يكون المرء حاضر الذهن لها متفرغا لأداء أركانها، وفي الصلاة يكون انشغال تام عن كل ما عداها وحتى لو كانت عبادة أخرى، لذلك فلا بد أن يكون الركوع هنا يعني الخضوع والإذعان.
هكذا نتوصل الى أن كلي الاستدلالين باطل، وأنه لا سند شرعي لقضية ولاية الإمام الفقيه، لأنه إلغاء لمبدأي الشورى، وأن التفاضل بين المؤمنين بالتقوى وليس بالأنساب.

مقالات ذات صلة ضرب حزب الله في لبنان هل سيُثمر في حل ما بغزة..؟ 2024/09/26

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: تأملات قرآنية هاشم غرايبه لا یمکن

إقرأ أيضاً:

هل عرفت الله؟.. خطيب المسجد النبوي: تتجلى عظمته في هذا الكون الفسيح

قال الشيخ عبدالباري الثبيتي، إمام وخطيب المسجد النبوي، إن السؤال الذي يتبادر في ذهن كثير من الناس هل عرفت الله تعالى ؟.

هل عرفت الله

وأوضح " الثبيتي" خلال خطبة الجمعة الثالثة من شهر جمادي الآخرة اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، أن القرآن الكريم يفيض بالآيات الدالة على الله عز وجلن، فهو العظيم تتجلى عظمته في هذا الكون الفسيح.

وتابع: وفي تعاقب الليل والنهار وفي انبثاق الحياة، وانتظام الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ليشهد الخلق على أن وراء كل هذا النظام الدقيق ربًا لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، منوهًا بأن الله تعالى يدبر كل شيء بحكمة لا يضل معها شيء.

وأضاف أن الله تعالى يدبر كل شيء بحكمة لا يضل معها شيء، مشيرًا إلى التأمل في أسماء الله وصفاته فهو الرحمن القائل: (ورحمتي وسعت كل شيء)، فرحمة الله تسع العاصي والجاهل والمنكر فكيف بمن يطيعه ويحبه.

ليست في العطاء

 وأشار إلى أن الرحمة ليست في العطاء فقط بل تكون في البلاء, ففي الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حين رأى أمًا تضم طفلها خوفًا وشفقة قال: (لله أرحم بعباده من هذه بولدها).

وأفاد بأن لطف الله يتجلى في طيات الأحداث، فيأتي بالخبر من حيث لا يحتسب ويدل على ما يصلح القلب والدنيا وهو الحفيظ الذي لا يغيب حفظه لحظة قال تعالى: (فالله خير حافظًا وهو أرحم الراحمين).

 وأكد أنه تعالى هو القريب المجيب الذي يسمع المناجاة والقريب الذي لا يحتاج إلى وساطة لمناجاته، وفي هذا سر من أسرار القرب أن الله يحب أن يرى العبد يناجيه قال تعالى: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم).

الغفور الحليم

وأفاد بأنه هو الغفور الحليم الذي يفرح بتوبة عبده والحليم الذي لا يعاجل بالعقوبة قال جل من قائل: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم).

وأردف: وهو الودود الكريم الذي يغدق ولا يمن وهو الحكيم العليم الذي يدبر بحكمة لا تدركها العقول قال تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم)، مشيرًا إلى أن من أحب الله وعبده، دون أن يراه فقلبه يشتاق إلى لقاء الله، وتنتظره الروح ويترقبه القلب.

ووصف ما في الجنة من نعيم لا ينفد ورؤية الله رؤية واضحة، ففي الحديث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته)، موصيًا المسلمين بتقوى الله فهي أكمل زاد يصلح القلب ويهدي الخطى ويجمع للعبد خير الدنيا والآخرة.

طباعة شارك خطيب المسجد النبوي إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالباري الثبيتي خطبة الجمعة من المسجد النبوي هل عرفت الله

مقالات مشابهة

  • 3 أمور ترفع قدرك عند الله.. مركز الأزهر يوضح
  • ما حكم من نسى الاغتسال قبل دخول مكة المكرمة؟.. علي جمعة يجيب
  • كيف يمكن لهذه الدولة الخليجية أن تساعد لبنان؟
  • اعتقاد خاطئ عن آية وأما بنعمة ربك فحدث
  • ما سر قل أعوذ برب الفلق؟.. علي جمعة: تحصنك من 8 شرور مهلكة
  • ما حكم الوضوء بماء المطر وفضله؟.. الإفتاء توضح
  • خطيب الأوقاف: من أعظم نعم الله على الإنسان أن خلق له الوقت والزمن
  • محاضرة بعنوان لطائف قرآنية بجامع السلطان قابوس بالسويق
  • هل عرفت الله؟.. خطيب المسجد النبوي: تتجلى عظمته في هذا الكون الفسيح
  • عمرو أديب : الله يكون بعونك يا مو