حذر الكاتب دانيال لاريسون من أن توقيع اتفاقية دفاعية بين الولايات المتحدة والسعودية سيكون "كارثة على المصالح الأمريكية"، معتبرا أن "الاستسلام اليائس" سيدفع المملكة وإسرائيل إلى "طلب المزيد قريبا"، وكأن واشنطن تطلق النار على قدميها.

ووفقا لتقارير إعلامية أمريكية وإسرائيلية فإن السعودية طرحت إمكانية تطبيع علاقتها مع إسرائيل مقابل توقيع اتفاقية دفاعية مع الولايات المتحدة، والحصول على أسلحة متطورة، ودعم أمريكي لبرنامج نووي مدني.

ولا ترتبط السعودية بعلاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، وتشترط على الأخيرة الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.

لاريسون تابع، في تحليل بمركز الأبحاث الأمريكي "ريسبونسبل ستيتكرافت" (Responsible Statecraft) ترجمه "الخليج الجديد"، أن وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين كتب مقالا في صحيفة "وول ستريت جورنال" قبل أيام اعتبر فيه أن توقيع اتفاقية دفاعية مع الرياض سيكون "الأساس الذي يمكن أن يُبنى عليه الانسجام الإقليمي الحقيقي"، واستخدم مثال معاهدة واشنطن مع كوريا الجنوبية كنموذج.

وأردف لاريسون أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تدرس "هذه الفكرة بجدية، لكن واشنطن لا تحتاج ولا تستطيع تحمل أي التزامات أمنية إضافية، فلا ينبغي أن تتعهد بإرسال جنودها للقتال نيابة عن نظام ملكي (...) يشن حريا عدوانية ضد جارتها الأفقر خلال معظم السنوات العشر الماضية".

ومنذ 2015 تقود السعودية تحالف عسكريا عربيا يدعم الحكومة الشرعية في اليمن، في مواجهة قوات جماعة الحوثي، المدعومة من إيران، والمسيطرة على محافظات ومدن بينها العاصمنة صنعاء (شمال) منذ 2014.

واعتبر لاريسون أن "الالتزام الرسمي بالدفاع تجاه السعودية هو أمر غير مقبول ويتعارض مع المصالح الأمريكية، وهي رشوة أكبر بكثير من أن تُمنح للرياض لمجرد إقامة علاقات مع إسرائيل".

وبشدة، يرغب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تطبيع العلاقات مع السعودية؛ نظرا لمكانتها البازة في العالمين الإسلامي العربي، بما قد يعني فتح باب التطبيع مع دول عديدة أخرى، وكذلك قدراتها الاقتصادية الضخمة.

اقرأ أيضاً

الفيل في العربة.. عقبتان رئيسيتان أمام نجاح تطبيع السعودية وإسرائيل

مقاربة الكوريتين

و"ليس لدى الولايات المتحدة مصالح حيوية على المحك تستدعي التعهد بالدفاع عن المملكة، فإيران ليست على وشك غزو أو حتى مهاجمة السعودية"، كما أضاف لاريسون.

وزاد بأنه "بصرف النظر عن الضربات التي تعرضت لها منشآت لشركة النفط السعودية أرامكو في 2019، والتي كانت رد فعل على الحرب الاقتصادية لإدارة (الرئيس الأمريكي السابق دونالد) ترامب (2017-2021)، فإن إيران والسعودية ليس لهما تاريخ من الاشتباكات المباشرة".

وبوساطة الصين، استأنفت الرياض وطهران علاقتهما الدبلوماسية بموجب اتفاق في 10 مارس/ آذار الماضي، ما أنهى قطيعة استمرت 7 سنوات بين بلدين يقول مراقبون إن تنافسهما على النفوذ أجج العديد من الصراعات في أنحاء المنطقة.

ورأى لاريسون أن "مقارنة كوهين بشأن الكوريتين غريبة، فالعداء بين إيران والسعودية لا يشبه العداء المستمر منذ عقود بين كوريا الشمالية والجنوبية، ولا مصلحة لإيران في احتلال المملكة، وتفتقر إلى الوسائل لفعل ذلك، وعلى عكس كوريا الشمالية، لا تمتلك إيران أسلحة نووية".

وحذر من أنه "من المرجح أن يؤدي إقامة علاقة أمنية أقوى بين الولايات المتحدة والسعودية في مواجهة إيران إلى تفاقم التوترات الإقليمية وقد يشجع المتشددين في طهران على اتباع سياسات أكثر تصادمية".

وتعتبر كل من إسرائيل وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها، وتمتلك تل أبيب ترسانة نووية لم تعلن عنها رسميا وغير خاضعة للرقابة الدولية، وتتهم هي وعواصم إقليمية وغربية، بينها الرياض وواشنطن، طهران بامتلاك أجندة توسعية في المنطقة والسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول إيران إنها تلتزم بمبادئ حُسن الجوار وإن برنامجها النووي مصمم للأغراض السلمية، بما فيها توليد الكهرباء.

كما أن توقيع اتفاقية دفاع "سيشجع الحكومة السعودية على أن تصبح أكثر تهورا على افتراض أن الولايات المتحدة ستكون هناك لإنقاذها (...) وإيران لم تشن حربا تقليدية ضد جيرانها منذ قرون، ولم تحارب إلا عندما تعرضت للهجوم"، بحسب لاربسون.

واعتبر أن "الحكومة الإيرانية هي التي لديها سبب للقلق بشأن الهجمات الخارجية، فهي التي تعرضت بشكل روتيني للتهديد بعمل عسكري غير قانوني على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية بسبب برنامجها النووي. والالتزام الأمني الأمريكي تجاه السعودية قد يمهد الطريق لشن هجمات على إيران".

ومضى قائلا إن "الولايات المتحدة ستحصر نفسها بلا داع في منافسة إقليمية إلى الأبد، وهذا من شأنه أن يعزز ويقوي الانقسامات التي بدأت تضعفها التقاربات الأخيرة بين إيران وجيرانها".

اقرأ أيضاً

ردا على وول ستريت جورنال.. واشنطن وتل أبيب: لم نتوصل إلى شئ حتى الآن حول صفقة تطبيع السعودية

صفقة خاطئة

لارسون حذر أيضا من أن "التنازلات الأمريكية لإسرائيل والسعودية لتسهيل تطبيعهما ستزيد من شهيتهما لمزيد من المكاسب".

وأردف أن "تأييد كوهين للضمانات الأمنية الأمريكية للسعوديين مفيد لأنه يذكرنا بأن الغرض الحقيقي من إقامة علاقات أوثق بين إسرائيل والمملكة هو تشكيل تحالف إقليمي مصمم على الصراع مع إيران".

وزاد بأن "الحكومة الإسرائيلية شعرت بخيبة أمل عندما أعادت إيران والسعودية علاقاتهما الدبلوماسية، لكنهما الآن متشجعان لرؤية أن إدارة بايدن تبدو مستعدة لإعادة استراتيجيتهما المناهضة لإيران إلى المسار الصحيح".

واعتبر لاريسون أن "آخر شيء تحتاجه الولايات المتحدة اليوم هو تحويل المزيد من الاهتمام والموارد إلى المنطقة التي استهلكت سياستها الخارجية على مدار العشرين عاما الماضية، ولكن هذا هو بالضبط ما سيحدث إذا ارتكبت واشنطن خطأ متابعة هذه الصفقة، ولذلك يحتاج الكونجرس إلى التصعيد الآن ورفض منح التزام أمني جديد للسعوديين".

واحتمال تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، وفقا لخبراء، ربما يدعم بايدن الذي يأمل في الفوز بفترة رئاسية ثانية في الانتخابات الرئاسية العام المقبل.

اقرأ أيضاً

صفقة خداع.. تطبيع السعودية وإسرائيل لا يضمن قيام دولة فلسطين

المصدر | دانيال لاريسون/ ريسبونسبل ستيتكرافت- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السعودية الولايات المتحدة إسرائيل تطبيع إيران الولایات المتحدة توقیع اتفاقیة

إقرأ أيضاً:

شراكة مصرية تطلق منصة K-12 في أمريكا

أعلنت شركة CIRA Global Ventures، الذراع الاستثماري لمجموعة سيرا للتعليم، عن دخولها سوق التعليم في الولايات المتحدة من خلال شراكة مع أكاديمية فالكون، تضمنت الاستحواذ على حصة أقلية في المنصة التعليمية المتخصصة في التعليم الأساسي وقبل الجامعي (K-12) في شمال ولاية فيرجينيا.

وتُعد هذه الخطوة أول توسع لمجموعة تعليمية مصرية في سوق أمريكا الشمالية، في وقت يشهد فيه قطاع التعليم العالمي تحولات متسارعة نحو النماذج الرقمية والتعليم القائم على المهارات، خصوصًا في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM).

وجاء تأسيس أكاديمية فالكون استجابة لزيادة الطلب على نماذج تعليمية تجمع بين المناهج الدولية المعتمدة والاهتمام بالهوية الثقافية، لا سيما داخل المجتمعات متعددة الخلفيات الثقافية في منطقة واشنطن وشمال فيرجينيا.

 وبموجب الاتفاق، تصبح الأكاديمية شريكًا حصريًا لـ CIRA Global Ventures في قطاع التعليم الأساسي وقبل الجامعي داخل الولايات المتحدة.

وتعتمد الأكاديمية على مناهج تعليمية دولية، إلى جانب مسارات دراسية تركز على STEM، مع دمج محتوى ثقافي ولغوي يستهدف طلابًا من خلفيات متنوعة.

 ويهدف هذا النموذج إلى تقديم تعليم يتماشى مع متطلبات السوق التعليمية الأمريكية، مع الحفاظ على خصوصية ثقافية ولغوية تبحث عنها بعض الجاليات.

وبحسب البيانات المعلنة، يضم الكادر التعليمي في الأكاديمية معلمين يتمتعون بخبرات أكاديمية متقدمة، حيث يحمل عدد كبير منهم درجات دراسات عليا، كما تلقى معظمهم تدريبًا متخصصًا على مناهج البكالوريا الدولية (IB)، وهو ما يعكس توجهًا للاعتماد على معايير تعليمية معترف بها دوليًا.

وتشير التقديرات إلى أن منطقة واشنطن وشمال فيرجينيا تضم عشرات الآلاف من الطلاب في مراحل K-12، ما يجعلها من الأسواق التي تشهد طلبًا متزايدًا على التعليم الخاص. 

وتسعى أكاديمية فالكون إلى العمل داخل هذه الفجوة من خلال نموذج تعليمي يستهدف مجتمعات تبحث عن توازن بين التعليم الحديث والبعد الثقافي.

وفي إطار الشراكة، تعتزم CIRA Global Ventures ضخ استثمارات إضافية لدعم التوسع في المراحل الدراسية، بما يشمل إضافة المرحلة الثانوية، إلى جانب تطوير بنية تعليمية تعتمد على تقنيات حديثة في تدريس العلوم والتكنولوجيا.

وقال محمد القلا، الرئيس التنفيذي لمجموعة سيرا وCIRA Global Ventures، إن دخول السوق الأمريكية جاء بعد فترة من الدراسة لتطورات قطاع التعليم في أمريكا الشمالية، مشيرًا إلى أن الشراكة تأتي ضمن خطة أوسع للتوسع الجغرافي ونقل الخبرات التعليمية إلى أسواق جديدة.

من جانبه، أوضح لؤي سعيد، رئيس مجلس إدارة أكاديمية فالكون، أن التعاون مع CIRA Global Ventures يهدف إلى دعم بناء نموذج تعليمي مستدام يستجيب لاحتياجات الطلاب أكاديميًا وثقافيًا، مع الالتزام بالمعايير التعليمية المعتمدة.

وتندرج هذه الخطوة ضمن توجه أوسع تشهده مؤسسات تعليمية في المنطقة نحو التوسع الخارجي، في ظل تصاعد المنافسة العالمية على نماذج التعليم المرنة، وازدياد الطلب على حلول تعليمية تجمع بين المحتوى الأكاديمي والتكنولوجيا والخصوصية الثقافية.

مقالات مشابهة

  • شراكة مصرية تطلق منصة K-12 في أمريكا
  • دول عربية وإسلامية تصدر بياناً حول «أونروا».. أمريكا تجدد دعم إسرائيل!
  • غوتيريش يدعو إريتريا وإثيوبيا لتعزيز الالتزام باتفاقية الجزائر للسلام
  • الولايات المتحدة ترحب بإعادة بوليفيا علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل
  • إسرائيل تبلغ الولايات المتحدة بأنها ستتحرك بنفسها لنزع سلاح حزب الله في لبنان
  • إعلام عبري: إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة بالتحرك لنزع سلاح حزب الله
  • وزيرا دفاع أمريكا واليابان: تصرفات الصين لا تساعد على السلام الإقليمي
  • الولايات المتحدة تطالب إسرائيل بإزالة الأنقاض من غزة
  • إيران ترد على منع أمريكا 3 من دبلوماسييها من العمل في نيويورك
  • إيران تدين منع أمريكا 3 من دبلوماسييها عن مواصلة أنشطتهم بنيويورك