ما حقيقة التنمُّر في مدرسنا؟
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
سالم بن نجيم البادي
هل يوجد تنمر في مدارسنا؟ وهل هو منتشر بين طلبة مدارسنا بشكل كبير للدرجة التي يمكن ان نطلق عليه ظاهرة التنمر؟
لقد ترددتُ في الكتابة عن موضوع التنمر في المدارس لانني لا املك احصائية دقيقة توضح حجم هذه المشكلة، كما إن ثقتي كبيرة في ادارات المدارس وكل الذين يعملون في المدارس ومع وجود الأخصائي الاجتماعي في كل مدرسة والأخصائي النفسي في بعض المدارس ولائحة شوؤن الطلبة والتي تحتوي على الإجراءت التي تتخذ في حق الطلبة في حال مخالفتهم لقواعد الانضباط السلوكي، إلّا أنني لا أريد أيضا أن أًنكر وجود حالات من التنمر في المدارس.
ولا أفترضُ المثالية في كل من يعملون في مدارسنا ولا أريد تزكيتهم كلهم، وهم كما كل البشر، قد يُقصِّرون في عملهم ويخطئون، ويوجد بينهم من لا يُبالي ولا يهتم ولا يسعى إلى علاج حالات التنمر. ومنهم من ينكر وجود المشكلة هروبًا من تبعاتها وحرصًا على سمعة المدرسة.
والمُتنمَر عليه، عادة يُعاني من بعض المشكلات والشعور بالنقص وضعف الشخصية أو المرض أو التأتأة وعيوب النطق أو السمنة الزائدة أو الهزال الواضح واللون والأصل والعرق والفقر والمناطقية والبيئة التي نشأ فيها والشكل والهندام وضعف التحصيل الدراسي وحتى مهنة الأب ووظيفته!
ومن أشكال التنمر الضرب والعنف والتلفُّظ بالكلمات النابية والنبذ والإهمال والسخرية والاستهزاء والنظرة الدونية وأخذ أغراض وأدوات وممتلكات الطالب بالقوة، والتشويش عليه أثناء الدرس والافتراء عليه، وتشويه سمعته والوشاية به، ونسب كل التخريب الذي قد يحصل في المدرسة إليه، والتضييق عليه في طابور الصباح، وفي مكان الجلوس في الصف، ومزاحمته عند شراء الطعام وقت الاستراحة، وعند برادات مياه الشرب وغير ذلك من أشكال التَنمُّر.
ومن شأن التنمر أن يُدمِّر شخصية الطالب ويجلب له الأمراض النفسية وضعف الشخصية الذي قد يُرافقه مدى الحياة، وقد يكره المدرسة والتعليم والحياة، وقد يفكر في التخلص من حياته؛ لذلك نهيب بالأسرة مراقبة سلوك وتصرفات أبنائهم والتواصل المستمر مع المدرسة وتعزيز القيم الدينية والأخلاقية وزرع الثقة بالنفس، وإزالة الحواجز النفسية بين الابن والأب والأم، والإنصات إلى الابن، وإتاحة الفرصة له للحوار والمناقشة، والبوح بمشاعره، والمشكلات التي يُعاني منها، عوضًا عن الصمت وكتم المشاعر، إلى جانب تعويده على تحمل المسؤولية وإشاعة الحرية والشورى في البيت، وخلق جو من التسامح والسلام والمحبة والاحترام بين أفراد الأسرة.
ويأتي دور المدرسة مكملا لدور الأسرة، وعلى كل من يعمل في المدرسة أن يهب إلى مساعدة الطالب الذي يعاني من مشكلة التنمر، والوقوف بجانبه حتي يستعيد ثقته بنفسه، وإظهار الاهتمام به، ومنحه الجوائز على كل إنجاز يقوم به، وإن كان بسيطًا أمام جميع طلبة المدرسة، وتشجيعه على التغلب على الضعف الذي يعاني منه، ويمكن تكليفه ببعض الأعمال وإشراكه في الأنشطة والمسابقات المختلفة، وفي إذاعة المدرسة، وفي الكشافة وتحية العلم، واستقبال زوار المدرسة، ومنحه عضوية بعض اللجان المدرسية، ومتابعته في الفصل ومرافق المدرسة، والسؤال عن أحواله وتشجيعه على الإبلاغ عن المضايقات التي قد يتعرض لها، والعمل على إقناعه بأنه مهم وأنه إنسان سويّ، وتحفيزه على الإبمان بقدراته واحترام ذاته وحبها وتقديرها، وأنه شجاع ومقدام وقادر على الدفاع عن نفسه. علاوة على التنسيق الدائم مع ولي أمر الطالب المتنمَر عليه للتعاون بين البيت والمدرسة.
وينبغي على المدرسة الحزم في تطبيق لائحة شؤون الطلبة وإعلام أولياء أمور المتنمِرين تنفيذ العقوبات الرادعة في حق الطلبة الذين يتنمرون، ولو استدعى الأمر رفع أمرهم إلى المديريات التعليمية أو نقلهم إلى مدارس أخرى، وإذا لم تُجدِ كل تلك الإجراءت لردع المتنمِرين يمكن أن يتم فصلهم من المدرسة فصلًا نهائيًا حتى لو لم تتضمن لائحة شؤون الطلبة هذا الإجراء أو رفع أمرهم إلى الجهات المختصة.
إنَّ التنمر جريمة في حق إنسان بريء لا ذنب له، وضرر هذه الجريمة جسيم وخطير، والمتنمِر مجرم وإن كان طفلًا في الصفوف الدراسية الدنيا، كما إن تقاعُس العاملين في المدارس التي توجد بها حالات تنمر عن معالجة التنمر وردع المتنمرين، خيانة للأمانة وغياب للضمير وتقصير لا يُغتفر، ونطالب بالحزم في محاسبة المتنمِر كذلك، ومحاسبة من يصمت على التنمُّر فهو شريك في جريمة التنمر.
ويظل السؤال قائمًا متى ينتهي التنمر في مدارسنا؟ والهدف من هذا السؤال هو طرح قضية التنمر للنقاش في المجتمع والقضاء عليها، لأنها غريبة ودخيلة على المجتمع العُماني المُسالِم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
التربية و “وورلد فيجن” تختتمان مشروعًا للتعليم الدامج في لواءي إربد وبني عبيد
صراحة نيوز – اختتمت وزارة التربية والتعليم، بالتعاون مع منظمة “وورلد فيجن”، مشروعًا رياديًا للتعليم الدامج في مديريتي تربية قصبة إربد وبني عبيد، الممول من الحكومة اليابانية، استمر لمدة 3 سنوات، وأسهم في تعزيز وصول الطلبة ذوي الإعاقة إلى التعليم النوعي ضمن بيئة دامجة وآمنة.
وقال مدير مديرية برامج الطلبة ذوي الإعاقة في وزارة التربية، الدكتور محمد الرحامنة، خلال فعاليات الحفل إن المشروع جاء ضمن جهود الوزارة في تنفيذ استراتيجيتها العشرية للتعليم الدامج (2020 – 2030)، التي تهدف إلى رفع نسبة التحاق الطلبة ذوي الإعاقة في المدارس الحكومية وتوفير كوادر مؤهلة وبنية تحتية صديقة للدمج.
وأشار إلى أن الوزارة تمكنت منذ انطلاق الاستراتيجية من رفع نسبة التحاق الطلبة ذوي الإعاقة من 1.7 بالمئة عام 2020 إلى 7.4 بالمئة حاليًا، مع التطلع للوصول إلى 10 بالمئة بحلول عام 2030، مشيراً أن ما يزيد على 28 ألف طالب من ذوي الإعاقة يتلقون تعليمهم حاليًا في المدارس الحكومية.
وأوضح أن الوزارة درّبت نحو 11 ألف معلم ومعلمة على أسس التعليم الدامج، ووفرت 1200 معلم مساند، ودمجت 168 موظفًا من الكوادر ذات التخصصات الطبية (معالجين نطقيين ووظيفيين) في البيئة المدرسية؛ بهدف توفير الدعم المتكامل للطلبة.
وأكد الرحامنة أن هذه الجهود تأتي ترجمة لرؤية جلالة الملك عبدالله الثاني في تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، واستنادًا إلى المادة 18 من قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم 20 لسنة 2017، مشيدًا بالشراكة المثمرة مع منظمة “وورلد فيجن” والدعم الياباني الذي مكّن من تنفيذ المشروع في 11 مدرسة بمحافظتي إربد وبني عبيد.
من جهتها، عبّرت مديرة البرنامج في منظمة “وورلد فيجن”، ريي أكوينا، عن تقديرها للشراكة المميزة مع وزارة التربية والتعليم ومديرياتها في الميدان، مؤكدة أن المشروع أحرز تقدمًا ملموسًا في تطوير بيئات تعليمية دامجة وتعزيز وعي المجتمعات المحلية وأولياء الأمور بأهمية دمج الطلبة ذوي الإعاقة في المدارس.
من جانبها، قالت مديرة تربية قصبة إربد بالوكالة، الدكتورة هدى الشطناوي، إن المشروع حقق نقلة نوعية في ممارسات الدمج داخل المدارس وعزز من ثقافة التنوع وقبول الآخر، لافتة إلى أن الفقرات التي قدمها الطلبة خلال الحفل كانت تجسيدًا واقعيًا لقصص نجاح وإنجازات تربوية حقيقية.
وشهد الحفل الذي أقيم في نادي معلمي إربد حضور عدد من ممثلي مديريات التربية والمجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ومؤسسات المجتمع المدني، إلى جانب الطلبة وأولياء الأمور، وتضمن عروضًا مسرحية وثقافية ومشاهد تمثيلية وقصص نجاح