صحيفة أميركية تكشف خفايا خطة البيجر واختراق الموساد لحزب الله
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
نشرت "واشنطن بوست" الأميركية تفاصيل جديدة لما قالت إنها خطة إسرائيل المفصلة لتفخيخ أجهزة اتصالات حزب الله اللبناني لقتل أو تشويه الآلاف من عناصره.
وقالت الصحيفة إنها جمعت روايتها من مراسليها في القدس وتل أبيب وبيروت وعمان وواشنطن، الذين أجروا مقابلات مع مسؤولين أمنيين إسرائيليين وعرب وأميركيين وسياسيين ودبلوماسيين اطلعوا على الأحداث، بالإضافة إلى مسؤولين لبنانيين وأشخاص مقربين من حزب الله، تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هوياتهم لحساسية المعلومات.
بدأت أجزاء من خطة تفجيرات أجهزة النداء "البيجر" تصبح منظمة تنظيما جيدا بطريقة تجعل النجاح مرجحا، قبل أكثر من عام من هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، الذي نفذته حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، حيث كان وقت هدوء نسبي على الحدود الشمالية لإسرائيل.
وكان الموساد، جهاز المخابرات الإسرائيلي المسؤول عن مكافحة التهديدات الخارجية، قد عمل لسنوات لاختراق حزب الله بالمراقبة الإلكترونية والمخبرين. وبمرور الوقت، أصبح قادة حزب الله قلقين بشأن تعرض التنظيم للمراقبة والقرصنة الإسرائيلية، خوفا من أن تتحول حتى الهواتف المحمولة العادية إلى أجهزة تنصت وتتبع تسيطر عليها تل أبيب.
وبدأ حزب الله يبحث عن شبكات إلكترونية مضادة للاختراق لنقل الرسائل، وعلم الموساد بذلك، وتوصل إلى حيلة من شأنها أن تقود حزب الله إلى شراء أجهزة تبدو مثالية للعمل.
بدأت قبل 9 سنوات
كان الموساد قد بدأ منذ عام 2015، بإدخال الجزء الأول من الخطة، وهو أجهزة اتصال لاسلكية مفخخة، إلى لبنان. احتوت هذه الأجهزة المحمولة ثنائية الاتجاه على حزم بطاريات كبيرة الحجم ومتفجرة مخفية ونظام إرسال أتاح لإسرائيل الوصول الكامل إلى اتصالات حزب الله منذ ذلك العام.
وقال المسؤولون إن الإسرائيليين اكتفوا طوال 9 سنوات بالتنصت على حزب الله، بينما احتفظوا بخيار تحويل أجهزة الاتصال اللاسلكي إلى قنابل في أزمة مستقبلية. ولكن بعد ذلك جاءت فرصة جديدة ومنتج جديد جذاب: جهاز الاستدعاء "بيجر" صغير مجهز بمتفجرات قوية.
وكان قادة حزب الله يعتقدون أن أجهزة البيجر لا يمكن أن تنشأ في إسرائيل أو الولايات المتحدة أو أي حليف إسرائيلي آخر. لذلك، في عام 2023، بدأت الجماعة في تلقي عروض البيع بالجملة لأجهزة استدعاء أبولو ذات العلامات التجارية التايوانية، وهي علامة تجارية وخط إنتاج معترف بهما مع توزيع عالمي ولا توجد روابط واضحة للمصالح الإسرائيلية أو اليهودية. وقال مسؤولون إن الشركة التايوانية لم تكن على علم بالخطة.
يثقون بهوجاء عرض المبيعات من مسؤول تسويق يثق به حزب الله وله صلات بأبولو. وهي امرأة رفض المسؤولون الكشف عن هويتها وجنسيتها، ممثلة مبيعات سابقة في الشرق الأوسط للشركة التايوانية التي أسست شركتها الخاصة وحصلت على ترخيص لبيع مجموعة من أجهزة الاستدعاء التي تحمل علامة أبولو التجارية. في وقت ما من عام 2023، عرضت المرأة على حزب الله صفقة على أحد المنتجات التي باعتها شركتها: بيجر إيه آر 924 (AR924) الموثوق.
وقال مسؤول إسرائيلي اطلع على تفاصيل العملية "كانت هي التي اتصلت بحزب الله، وشرحت لهم لماذا كان جهاز النداء ذو البطارية الأكبر أفضل من الطراز الأصلي". وكانت إحدى الميزات الرئيسية لـ(AR924) أنه "يمكن شحنه بكيبل، والبطاريات تدوم لفترة أطول".
وهذا البيجر: إيه آر 924 (AR924) كان ضخما بعض الشيء ولكنه خشن، تم بناؤه للبقاء في ظروف ساحة المعركة، ويتميز بتصميم تايواني مقاوم للماء وبطارية كبيرة الحجم يمكن أن تعمل لعدة أشهر دون شحن. والأفضل من ذلك كله، أنه لم يكن هناك خطر من أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية يمكن أن تتعقبه. لقد أعجب قادة حزب الله لدرجة أنهم اشتروا 5 آلاف منه وبدؤوا في تسليمها للمقاتلين من المستوى المتوسط وأفراد الدعم في فبراير/شباط الماضي.
لم يخطر على بالهم
ولم يخطر على بال أي من المستخدمين أنهم كانوا يرتدون قنبلة إسرائيلية مصنوعة ببراعة. وحتى بعد انفجار آلاف الأجهزة في لبنان وسوريا، لم يدرك سوى القليل الميزة الأكثر شرا لهذا الجهاز: إجراء إلغاء التشفير لا يتم إلا بخطوتين، الأمر الذي يضمن أن معظم المستخدمين سيحملون جهاز النداء باليدين الاثنتين عند تفجيره.
وكما اتضح، استعانت الشركة المصنعة بمصادر خارجية للإنتاج الفعلي للأجهزة ولم تكن مسؤولة التسويق على علم بذلك ولم تكن على علم بأن هذه الأجهزة تم تجميعها فعليا في إسرائيل تحت إشراف الموساد، على حد قول المسؤولين. وتضمنت هذه الأجهزة، التي يقل وزن كل منها عن 3 أونصات (حوالي 100 غرام)، ميزة فريدة: حزمة بطارية أخفت كمية ضئيلة من مادة متفجرة قوية، وفقا للمسؤولين المطلعين على الخطة.
وقال مسؤولون إنه وفي إنجاز هندسي، تم إخفاء مكون القنبلة بعناية بحيث لا يمكن اكتشافه تقريبا، حتى لو تم تفكيك الجهاز. ويعتقد المسؤولون الإسرائيليون أن حزب الله قام بتفكيك بعض هذه الأجهزة وربما قام بفحصها بالأشعة السينية.
أكبر قدر من الضررومن الأشياء المهمة أن قدرة الموساد على الوصول عن بعد إلى هذه الأجهزة كانت غير مرئية. وكذلك، ولضمان أكبر قدر من الضرر، صمم الموساد هذه الأجهزة على أن يحدث الانفجار فيها من خطوتين عندما يريد المستخدم رؤية الرسائل الآمنة القادمة التي تم تشفيرها. مع أنه كان بإمكان الموساد الاكتفاء بإشارة إلكترونية منه تؤدي إلى انفجار آلاف الأجهزة في وقت واحد.
وأوضح مسؤول إسرائيلي "كان عليك الضغط على زرين لقراءة الرسالة المشفرة"، وفي الممارسة العملية، هذا يعني استخدام كلتا اليدين، الأمر الذي يؤدي إلى إصابتهما بجروح لن تكون قادرا بعدها على القتال. وهذا ما حدث بالضبط لآلاف المقاتلين من حزب الله.
ووفقا لمسؤولين إسرائيليين وأميركيين وشرق أوسطيين، فقد قُتل أو شُوّه ما يصل إلى 3 آلاف من قادة وعناصر حزب الله -معظمهم من شخصيات الصفوف الخلفية- إلى جانب عدد غير معروف من المدنيين، عندما أطلق الموساد إشارته عن بعد في 17 سبتمبر/أيلول الماضي.
ليس لها مثيلوقالت واشنطن بوست إنها وكعملية من عمليات التجسس، فليس لهذه العملية مثيل، وهي أحد أكثر الاختراقات نجاحا وابتكارا من قبل جهاز استخبارات في التاريخ الحديث.
وأشارت إلى أن هذه العملية لم تدمر صفوف قيادة حزب الله فحسب، بل شجعت إسرائيل أيضا على استهداف وقتل زعيم حزب الله، حسن نصر الله، مما زاد من خطر نشوب حرب أوسع في الشرق الأوسط.
لكن في إسرائيل، تقول الصحيفة، أقنعت الضربة القادة السياسيين في البلاد بأنه يمكن وضع حزب الله على شفا الانهيار، وتعريضه للتفكيك المنهجي باستخدام الضربات الجوية، وفي النهاية، الغزو البري.
ومع ذلك، بينما يتعجب بعض المسؤولين من نجاح الخطة، لا يزال بعض المسؤولين قلقين بشأن العواقب الأوسع، في صراع لا يزال يتصاعد.
وقد لخص مسؤول سياسي إسرائيلي، في إشارة إلى هذه الخطة، المخاوف في سخرية في اجتماع مع مسؤولي الموساد، قائلا "لا يمكننا اتخاذ قرار إستراتيجي مثل التصعيد في لبنان مع الاعتماد على لعبة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات هذه الأجهزة فی إسرائیل حزب الله
إقرأ أيضاً:
صحيفة عبرية: مليشيات عراقية تهدد بالوصول إلى إسرائيل عبر الأردن
تشهد الحدود مع الأردن حالة تأهب غير مسبوقة داخل جيش الاحتلال الإسرائيلي، في ظل مزاعم أمنية تتحدث عن إمكانية استغلال جماعات عراقية مدعومة من إيران، إضافة إلى جماعة الحوثي في اليمن، للمسار الأردني بهدف تنفيذ عمليات ضد إسرائيل.
صحيفة يديعوت أحرونت العبرية، قالت إن الجيش الإسرائيلي بدأ بإعادة نشر قواته على طول الحدود الشرقية، وتشغيل مواقع عسكرية كانت مهجورة منذ توقيع اتفاقية السلام مع الأردن عام 1994، كما جرى تشكيل خمسة ألوية من جنود الاحتياط القدامى الذين استدعوا للتطوع في مهام الحراسة والمراقبة، حيث حافظ الاحتلال خلال حرب الاستنزاف وما بعدها على 46 موقعًا عسكريا متقدمًا على امتداد وادي الأردن، بهدف منع التسلل والتهريب، إلا أن هذه المواقع أُخليت تدريجيًا بعد اتفاقية السلام، اعتمادًا على قناعة إسرائيلية بأن الحدود مستقرة وأن الأردن يضبطها بشكل فعّال.
حدود مؤمنة وفق مصالح مشتركة
وأضافت الصحيفة العبرية، أن الرأي السائد خلال تسعينيات القرن الماضي، أن هذه البؤر الحدودية غير ضرورية، إذ كانت الحدود سلميةً وتتشارك فيها ضفتا النهر المصالح نفسها، وكانت للعائلة المالكة الأردنية مصلحة واضحة في إحكام إغلاق الحدود الفاصلة بين الفلسطينيين في الضفة الغربية والأراضي الأردنية، ولذلك بذل الأردنيون، ولا يزالون يبذلون، قصارى جهدهم على الجانب الشرقي من الحدود لمنع العناصر المعادية لإسرائيل - والتي تُهدد أيضًا العائلة.
تحول جذري بعد هجوم الـ7 من أكتوبر
يديعوت أحرونوت، قالت إن الهجوم المفاجئ الذي نفذته حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، دفع رئيس الأركان السابق هرتسي هاليفي إلى تشكيل ما يُعرف بـ"الفريق الأحمر" لدراسة احتمالات تنفيذ هجمات مباغتة من جبهات غير متوقعة، وخلصت نتائج الفريق إلى أن الحدود الشرقية تُعدّ إحدى أكثر الجبهات هشاشة، ما استدعى إعادة بناء منظومة دفاعية كاملة في المنطقة.
إعادة تحصينات قديمة للخدمة
وخلال جولة ميدانية في أحد المواقع التي أعيد تشغيلها، ظهرت تحصينات تعود إلى فترة حرب الاستنزاف، كان فيها جدران مبنية من حصى النهر داخل شبكات معدنية، وأنفاق ضيقة تؤدي إلى غرف المعيشة والاستراحة، وسقوف خرسانية وقنوات اتصال محصنة، ويقول أحد قادة جيش الاحتلال، إن الموقع كان مليئًا بالقمامة قبل أسابيع، لكنه اليوم مجهز بأنظمة مراقبة وإطلاق نار، وتديره طواقم مختلطة من الجنود والضابطات، وعلى خلاف مواقع الاستراحة الخفيفة المنتشرة على حدود غزة، والتي انهارت بسهولة أمام هجوم مقاتلي القسام في 7 أكتوبر، تبدو المواقع الجديدة على الحدود الأردنية أكثر تحصينا واستعدادًا، كما يروج الاحتلال.
تخوفات إسرائيلية من هشاشة الحدود
وعلى الضفة المقابلة من نهر الأردن، تظهر نقاط الحراسة الأردنية بوضوح، حيث أقام الجيش الأردني مواقع أمامية قريبة من خط المياه، وتقول التقديرات الإسرائيلية إن هذه المواقع قد تكون عرضة للاستغلال من قبل المهربين أو مجموعات مسلحة، رغم الجهود الأردنية المستمرة لضبط الحدود.
ويمتد وادي الأردن أسفل المواقع العسكرية، وتغطيه نباتات كثيفة توحي بأنه عائق طبيعي، إلا أن الجيش الإسرائيلي يؤكد سهولة عبوره سيرا على الأقدام. وبعد الوادي ترتفع التلال المعروفة عربيًا باسم "الغور"، والتي تمتد شرقا داخل الأراضي الأردنية وغربا داخل الأراضي المحتلة.
وقد أعاد جيش الاحتلال الإسرائيلي السيطرة على التلال المطلة على الوادي، نظرا لما توفره من رؤية واسعة لخط المياه، وقدرة على استهداف أي محاولة عبور بنيران الأسلحة الخفيفة. لكن التضاريس المتقطعة تمنح غطاء طبيعيًا لمن يحاول التسلل، ما يدفع الجيش إلى إنشاء عشرات المواقع الأمامية لتغطية المنطقة بالكامل.
"حلقة مزدوجة من النار"
وتأتي هذه التحركات في ظل مخاوف إسرائيلية متزايدة من إمكانية استغلال الحدود الأردنية من قبل جماعات عراقية أو جماعة الحوثي، في إطار ما تصفه تل أبيب بـ"التهديد الإيراني المتصاعد" على حدودها الشرقية، وبينما تواصل إسرائيل تعزيز وجودها العسكري في المنطقة، تبقى الحدود الأردنية–الفلسطينية المحتلة واحدة من أكثر الجبهات حساسية، في ظل التوترات الإقليمية المتصاعدة وتبدل الحسابات الأمنية بعد هجوم 7 أكتوبر.
كما تحدث تقرير الصحيفة عن "رصد تهديد إيراني على الحدود الشرقية لإسرائيل"، مشيرة إلى إن طهران لم تتخل عن خطة قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري حتى اغتياله في عام 2020، والتي تهدف إلى إحاطة إسرائيل بـ "حلقة مزدوجة من النار".
كتائب داود.. قوة "إسرائيلية" جديدة للانتشار
ووفق يديعوت أحرونوت فإنه في إطار إعادة بناء المنظومة الدفاعية، تعمل إسرائيل على إنشاء "كتائب داود"، التي يُتوقع أن تصبح القوة القتالية الرئيسية لفرقة "جلعاد" المنتشرة على الحدود الشرقية، ويجري تزويد جنود الاحتياط المنضمين لهذه الكتائب بأسلحة خفيفة يحتفظون بها في منازلهم، ليتمكنوا من الالتحاق السريع بقواتهم عند الاستدعاء.
ويُعرف هذا النموذج التنظيمي باسم "كتائب بيزك"، ويهدف إلى ضمان سرعة الحركة دون الحاجة إلى معدات ثقيلة أو لوجستية قد تعيق الوصول الفوري إلى مناطق الانتشار وخطوط التماس، وبحسب التقارير الإسرائيلية، قرر رئيس أركان جيش الاحتلال إيال زامير تقديم الجدول الزمني لإنشاء فرقة جلعاد، وأمر بتفعيلها فعليا في حزيران/يونيو الماضي، قبل أيام من بَدْء العملية في إيران. وجاء القرار خشية أن تلجأ طهران إلى الرد عبر الأراضي الأردنية بواسطة مليشيات عراقية أو جماعة الحوثي.
وتحركت الفرقة بقيادة العميد أورين سيمحا بسرعة وارتجال، بعد تلقيها تعزيزات من القيادة المركزية، وتمكنت – وفق الرواية الإسرائيلية – من تنفيذ المهام المطلوبة منها: نظام دفاعي متعدد الطبقات، وحاجز جديد بطول 500 كيلومتر، وبالتوازي، بدأت وزارة الحرب لدى دولة الاحتلال بناء الحاجز الجديد في منطقة وادي الأردن والوديان. وسيتم تنفيذ أول مقطعين من الحاجز في المناطق التي تُعدّ مركزًا لتهريب الأسلحة، خصوصًا في محيط طبريا، على أن تُستكمل باقي الأقسام لاحقا، وتُقدّر التكلفة الإجمالية للمشروع بـ 5.5 مليار شيكل، فيما سيمتد الحاجز على طول 500 كيلومتر من جنوب هضبة الجولان حتى شمال إيلات.