يشعر العرب داخل اسرائيل بقلق بعد تعديل الكنيست بند "حجة المعقولية" الذي يحدّ من صلاحيات المحكمة العليا في إلغاء قرارات حكومية، متخوّفين من أن تنجم عنه خطوات وتشريعات تستهدفهم.

ويرى أستاذ القانون وعضو الكنيست السابق يوسف جبارين، أن تعديل بند "حجة المعقولية" الذي يشكّل أحد أبرز الإصلاحات القضائية المطروحة، ستكون له إسقاطات واضحة على المواطن العربي الإسرائيلي بعد إضعاف المحكمة العليا في ظل حكومة يمينية متطرفة.

وتثير خطة الإصلاح القضائي معارضة واسعة داخل إسرائيل، وتظاهرات احتجاجية متواصلة، منذ أن اقترحها في مطلع يناير/كانون الثاني، الائتلاف الحكومي الذي شكّله بنيامين نتنياهو مع اليمين المتطرف والأحزاب الدينية المتشددة.

وشارك العرب في بعض الاحتجاجات في حيفا وغيرها من الأماكن منفصلين عن التظاهرات الحاشدة التي تلوّح بالأعلام الإسرائيلية، لا سيما في تل أبيب، بينما حمل العرب لافتات تطالب بالمساواة وترفض الإصلاحات القضائية المطروحة.

ويبدي جبارين قلقه من أن "صلاحيات استبدادية" للائتلاف الحكومي سيكون لها تأثير على الفلسطينيين داخل إسرائيل و"ستشدّ الخناق على قياداتهم السياسية".

ومن الإجراءات التي يخشى جبارين أن تتخذها الحكومة، في ظلّ تغييب رقابة المحكمة العليا، وصم قيادات عربية بأنها خارج القانون وتجريم العمل السياسي للعرب وفرض الاعتقال الاداري وتقييد حرية الحركة وغيرها.

اقرأ أيضاً

الجيش الإسرائيلي: تداعيات شطب معيار المعقولية على الكفاءات العسكرية ستظهر قريبا

وتحتلّ إسرائيل الضفة الغربية والقدس الشرقية منذ العام 1967، وتسعى، لا سيما في ظل حكومات نتانياهو، إلى توسيع الاستيطان، وسيساعدها في ذلك، وفق مراقبين، غياب الرقابة القضائية.

ويقول جبارين: "من خلال عدم الرقابة الإسرائيلية، ستكون لليمين صلاحيات أكثر وأوسع من ناحية اختصار الوقت لتنفيذ المشاريع".

لكنه يستدرك: "هذا لا يعني أن القضاء الإسرائيلي يوفّر أي حماية تُذكر للفلسطينيين في الأراضي المحتلة.. على العكس، النظام القضائي شرّع الاستيطان، لكن حتى القليل الذي قدّمته المحكمة العليا ضد المشاريع الاستيطانية يريد اليمين المتطرّف التخلص منه".

ويشكّل عرب إسرائيل، وهم أحفاد الفلسطينيين الذي بقوا في أراضيهم بعد قيام الدولة العبرية عام 1948، حوالى 20% من سكان البلد، ويشكون من تمييز وتقاعس الشرطة عن معالجة العنف والجريمة في مجتمعهم.

وفي مدينة مجد الكروم في الجليل الأعلى، تقول سميرة كنعان خلايلة (57 عاما): "العرب موجودون على الهامش قبل قانون الحدّ من حجة المعقولية، لكن الآن، أي قرار سيلجأ العرب فيه إلى المحكمة العليا لن يعود له أي وزن يذكر"، معربة عن تشاؤمها من هذه الحكومة "الأسوأ على الإطلاق.. الآتي سيكون سيئا جدا علينا".

ويعتبر مركز "مساواة" الذي يدافع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية للمجتمع العربي الإسرائيلي أن بند "حجة المعقولية سيعمّق المسّ بحقوق الأقلية العربية والاحتلال، وسيمسّ بحقوق الإنسان".

اقرأ أيضاً

حداد في الصحف الإسرائيلية بعد إقرار قانون المعقولية (صور)

ويقول مدير المركز جعفر فرح: "على الرغم من انتقادنا للجهاز القضائي الإسرائيلي، هناك أمل في المجتمع الفلسطيني في أن تتدخّل المحاكم في القرارات غير المعقولة للحكومة".

ويضيف فرح: "إن التآكل المتواصل لقدرة المحاكم في الدفاع عن حقوق الإنسان الفردية والجماعية في مواجهة السياسة الحكومية سيعمّق أيضا الفساد المؤسساتي"، متوقعا سلسلة "انتصارات" يخطّط لها الائتلاف الحكومي.

وقامت نقابة المحامين وغيرها من المؤسسات بالتماسات للطعن في بند "حجة المعقولية" الذي أصبح قانونا، بينما أجّلت المحكمة العليا النظر في القانون إلى ما بعد العطلة القضائية في سبتمبر/أيلول.

من جهتها، تقول المحامية ليئا تسيمل: "من المؤكد أن هذا التشريع سيؤثّر على المجتمع العربي في إسرائيل لكنه سيؤثر أيضا على المجتمع الإسرائيلي اليهودي بصورة أخرى من ناحية الوزارات والمؤسسات".

وتستدرك مشيرة إلى أن المحكمة العليا، حتى عندما كان يمكنها أن تستخدم حجة المعقولية، وقفت أحيانا كثيرة إلى جانب الحكومة وقراراتها.

وتشير إلى أن المحكمة العليا رفضت في الماضي التماس الطعن بقانون القومية الذي لا يوجد فيه بند مساواة للعرب، رغم حجة المعقولية.

اقرأ أيضاً

الكنيست يقرّ قانون إلغاء اختبار المعقولية.. والمعارضة تهدد وتحذر من "خراب إسرائيل"

كذلك لم ترفض المحكمة "قانون أملاك الغائبين" الذي ينصّ على أنه بمجرّد أن يكون المواطن العربي غائبا عن منزله لدى وصول قوات الهاجاناه إلى بيته، يصبح المنزل ملكا للدولة، ولا يعاد إلى صاحبه.

وفي القدس الشرقية المحتلة في البلدة القديمة وحي الشيخ جراح، تقوم الدولة العبرية بإخراج الفلسطينيين من منازل كانت ملكا ليهود في مرحلة ما من التاريخ، رغم عقود إيجار أو بيع قانونية قديمة.

وتقبل المحكمة العليا بذلك.

وتتساءل تسيمل: "هل هذا معقول؟، بالطبع غير معقول.. لكن المحكمة العليا مرّرت هذه القوانين لصالح الدولة أو الجمعيات الاستيطانية وتجاهلت حجة المعقولية".

كما تشير إلى قوانين هدم بيوت عائلات قام أفراد منها بتنفيذ عمليات ضد الإسرائيليين، وتقول: "من غير المعقول أن تعاقب عائلة من أجل فرد، لكن المحكمة العليا لم تستخدم صلاحياتها القانونية بحجة المعقولية وسارت مع الدولة مبرّرة عمليات الهدم بأنها تخدم أمن الدولة".

اقرأ أيضاً

صحيفة عبرية: المطبعون العرب ينتظرون أياما عصيبة مع حكومة نتنياهو اليمينية

المصدر | فرانس برس

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: إسرائيل عرب إسرائيل المعقولية نتنياهو المحکمة العلیا حجة المعقولیة اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

دليلك للوصول إلى المحكمة الدستورية العليا.. كيف ترفع دعوى دستورية خطوة بخطوة؟

يتساءل العديد من المتقاضين عن الخطوات القانونية الصحيحة لتقديم دعوى أمام المحكمة الدستورية العليا، باعتبارها الجهة المختصة بالفصل في دستورية القوانين واللوائح. وفي هذا التقرير، يوضح اليوم السابع الإجراءات المنظمة للتقاضي أمام المحكمة وفقًا للقانون.

أولاً: القواعد العامة للتقاضي أمام المحكمة الدستورية العليا

تسري أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية على الدعاوى والطلبات المقدمة للمحكمة الدستورية، مع مراعاة خصوصية اختصاصها، حيث تتولى المحكمة الرقابة على دستورية القوانين واللوائح بعدة آليات أساسية.

 

ثانياً: طريقا الوصول إلى المحكمة – الإحالة والدفع

1- الإحــالة من المحاكم

إذا رأت إحدى المحاكم أو الهيئات القضائية أثناء نظر دعوى ما أن هناك شبهة بعدم دستورية نص قانوني لازم للفصل في النزاع، فإنها توقف الدعوى وتحيل الأوراق مباشرة إلى المحكمة الدستورية العليا دون رسوم.

2- الدفع بعدم الدستورية من الخصوم

إذا دفع أحد الخصوم بعدم دستورية نص قانوني، ورأت المحكمة المنظور أمامها أن الدفع جدي، تؤجل الدعوى وتحدد للخصم مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر لرفع دعواه أمام المحكمة الدستورية.
وإذا لم يلتزم بالمدة، اعتُبر الدفع كأن لم يكن.

ثالثاً: طلبات الفصل في تنازع الاختصاص والتنفيذ
• يحق لأي ذي شأن التقدم إلى المحكمة بطلب تحديد جهة القضاء المختصة في حالة وجود تضارب. ويترتب على تقديم الطلب وقف جميع الدعاوى المرتبطة إلى حين الفصل فيه.
• كما تختص المحكمة بالفصل في تنازع تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين، ويجوز لرئيس المحكمة وقف تنفيذ الحكمين أو أحدهما حتى تُصدر المحكمة قرارها.

رابعاً: طلبات تفسير النصوص التشريعية

يتقدم وزير العدل بطلبات التفسير بناءً على طلب من رئيس الوزراء أو رئيس مجلس النواب أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية. ويجب أن يشمل الطلب النص المطلوب تفسيره وما أثاره من خلاف وتوضيح أهميته.

خامساً: شروط صحة الطلبات والدعاوى
• يجب أن تكون صحف الدعاوى والطلبات موقعة من محامٍ مقبول للمرافعة أمام المحكمة الدستورية أو من عضو بهيئة قضايا الدولة بدرجة مستشار.
• يجب إرفاق صورة رسمية من الحكمين محل النزاع أو التناقض، وإلا كان الطلب غير مقبول.

سادساً: إجراءات القيد والإعلان وتبادل المذكرات
• تُقيد الدعاوى والطلبات يوم ورودها في سجلات المحكمة، ويتولى قلم الكتاب إعلان ذوي الشأن خلال 15 يومًا.
• تُعتبر الحكومة طرفًا أصيلاً في جميع المنازعات الدستورية.
• لكل طرف تقديم مذكرة خلال 15 يومًا من استلام الإعلان، ويحق للخصم الرد بمذكرة خلال 15 يومًا أخرى، ثم تعقيب الطرف الأول خلال المدة ذاتها.

سابعاً: دور هيئة المفوضين

بعد انتهاء المدد القانونية، يُعرض الملف على هيئة المفوضين لتحضير الدعوى، ولها:
• الاتصال بالجهات الحكومية للحصول على أوراق إضافية.
• استدعاء ذوي الشأن للاستفسار وطلب مستندات جديدة.
• توقيع غرامة لا تتجاوز 20 جنيهًا على المتسبب في تأجيل الدعوى.

وتودع الهيئة تقريرها المسبب بالمحكمة، ويحدد رئيس المحكمة جلسة نظر الدعوى خلال أسبوع من إيداع التقرير.

ثامناً: جلسات المحكمة ومتطلبات الحضور
• يجب حضور محامٍ مقبول أمام النقض أو الإدارية العليا.
• يجوز للمحكمة الفصل في الدعاوى من دون مرافعة، وإذا رأت ضرورة المرافعة الشفوية تستمع إلى المحامين وممثل هيئة المفوضين.
• لا يحق لأي خصم لم يودع مذكرة مسبقة أن ينيب عنه محامياً في الجلسة.

 

 




مقالات مشابهة

  • زلزال انتخابي في مصر: المحكمة الإدارية العليا تلغي نتائج عشرات الدوائر
  • الوطنية للانتخابات: إلغاء انتخابات مجلس النواب في 29 دائرة أبطلتها المحكمة الإدارية العليا
  • حكم الإدارية العليا.. لماذا استبعد الفائزين في الجولة الأولى من الإعادة؟
  • بعد حكم الإدارية العليا.. لماذا استبعد الحكم الفائزين في الجولة الأولى من الإعادة؟
  • لماذا يعادي الهند الإسلام الذي حكمه 8 قرون؟
  • المحكمة الإدارية العليا تلغي انتخابات 47 دائرة 
  • لوّحت بحرب جديدة.. لماذا لم تعد إسرائيل تكترث بتهديدات حزب الله؟
  • تعديل لوائح وتعليمات كأس العرب 2025
  • لماذا ترفض إسرائيل وجود قوات سلام تركية في غزة؟
  • دليلك للوصول إلى المحكمة الدستورية العليا.. كيف ترفع دعوى دستورية خطوة بخطوة؟