ونحن ضحايا النصر أيضا
تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT
آخر تحديث: 12 أكتوبر 2024 - 11:00 ص بقلم: فاروق يوسف سنة من الدمار المفتوح على الجحيم مرت من غير أن يُتاح لنا التعرف على الحقيقة، حقيقة ما جرى، أو على الأقل كيف يفكر صانعو الحدث؟ ومَن هم؟ وما هي أهدافهم؟ وهل هم صادقون حين يؤكدون أن النصر قادم وقريب؟ ولكن الأجدى البدء بالاستفهام عن الجهة التي ستُهزم لكي يكون النصر محكما.
أكثر من مليوني إنسان وضعوا في المقلاة بغزة. رسم بنيامين نتنياهو خطوط تشردهم على أرضهم. مرة ينتقل بهم من الشمال إلى الجنوب ومرة أخرى يعيدهم إلى الشمال لكن ليس إلى مساكنهم التي لم يبق منها أثر. مليونا إنسان لم يكونوا على علم بقرار الحرب الذي اتخذته حركة المقاومة الإسلامية وهي التي احتكرت تمثيلهم منذ عام 2007. لم تكن المقاومة ملزمة في استفتاء رأي المليونين حين عزلتهم في غزة فصاروا فلسطينيين من غير فلسطين.حين زُج بهم في حروب ست وهذه السابعة لم تكن القضية الفلسطينية سوى شعار هامشي. كانوا مواد للقتل، حطبا جاهزا لنارها. في كل حرب من تلك الحروب لم تكن إسرائيل تترك حجرا على حجر لتتحول غزة إلى مسألة إنسانية. غير أن ذلك لم يمنع من استمرار الصوت العالي الذي يؤكد أن المعنويات لم تنخفض وأن إسرائيل لم تكسر شوكة المقاومة. المقاربة هنا تبدو في أشد حالاتها جنونا.قيادة حماس التي تقيم في الدوحة لم يمسسها ضرر إلا حين ذهب إسماعيل هنية إلى طهران وهي ملهمته الروحية فقُتل. كانت المعنويات عالية. أما أهل غزة وهم أكثر من مليوني إنسان، فمعظمهم أطفال ونساء وشيوخ فليست معنوياتهم قياسا. ما عليهم سوى الانتظار ليروا أن وعد السماء بالنصر سيتحقق. أما مَن أخبر المقاومة بذلك الوعد فتلك مسألة لا تخضع للنقاش.ضحايا النصر في غزة يعرفون أن انتظارهم لن يفضي إلا إلى كذبة. فمَن مات مات وهدأت ظنونه أما مَن بقي حيا فإنه يتعذب لأنه سيشهد فصول المهزلة التي تمزج السخرية بالمأساة . المأساة لا تخلو من السخرية. غالبا ما تسخر التنظيمات والأحزاب العقائدية من الشعوب. هناك دائما لغة متعالية تكشف عن قدر هائل من السخرية. فالشعوب من وجهة نظر العقائديين لا تدرك المغزى البعيد لما يحدث. إنها تهتم بشؤون حياتها المباشرة. ماذا تأكل وأين تعيش وماذا تلبس وهل هناك ماء صالح للشرب أما الكهرباء والخدمات التعليمية والصحية فهي ترف فائض. الشعوب حسب نظريات العقائديين ما عليها سوى أن تنتظر. وبالنسبة إلى منتسبي الشركات الدينية فإن الانتظار قد يمتد إلى الحياة الآخرة.دائما هناك ترحيل لمشكلات الدنيا إلى الآخرة. تلك حكاية يعرفها الجميع. حماس ليست استثناء في ذلك. الاستثناء هنا أن حماس التي أخذت إسرائيليين رهائن حين غزوة السابع من أكتوبر 2023 وعددهم لا يزيد عن الثلاثمئة إنسان كانت قد أخذت في وقت سابق أكثر من مليوني إنسان فلسطيني رهائن وصارت تستعملهم في حروبها. كان نتنياهو سعيدا إذ وجد أمامه حشودا من البشر يمكنه من خلال إبادتها أن يقول لمواطنيه “إنني أنتقم لكم”. كل الذين قتلهم نتنياهو وهم ضحايا حرب لا علاقة لهم بها وهبت حركة حماس كل واحد منهم فرصة أن يكون شهيدا. وتلك منحة لا يحصل عليها المرء بيسر. ما على أهل غزة سوى أن يشكروا “يحيى السنوار” عليها. بدلا من شكر إدوارد سعيد ومحمود درويش وجبرا إبراهيم جبرا وإسماعيل شموط ومنى حاطوم وسواهم من المفكرين والشعراء والفنانين الفلسطينيين صار على أهل غزة أن يشكروا السنوار الذي وهبهم الشهادة.لقد تم اللعب بالمفاهيم بعد أن تمت السيطرة على العقول. ولأن نتنياهو من شاكلة خصومه فإنه لن يوافق على وقف إطلاق النار في غزة، خشية أن تعلن حركة حماس انتصارها على خرائب غزة ومن خلال قبور أهلها. نتنياهو هو الآخر يفكر بطريقة خرافية بمعنويات مواطنيه. غير أن ما خسرته إسرائيل على المستوى البشري لا يمكن مقارنته بما خسره أهل غزة والشيء الأهم ما خسرته فلسطين. لقد وضعت حركة حماس فلسطين على الطاولة الإسرائيلية حين منحت نتنياهو فرصة الانقضاض على المدنيين من سكان غزة. لم يكن كل هذا العنف مبررا إلا إذا كان الهدف منه أبعد مما نراه. وهو القضاء على القضية داخل المجتمع الفلسطيني الذي تشظى وعرف كل أنواع الفرقة ولم يعد في الإمكان جمعه في إطار الدولة الموعودة.ضحايا النصر في غزة يعرفون أن انتظارهم لن يفضي إلا إلى كذبة. فمَن مات مات وهدأت ظنونه أما مَن بقي حيا فإنه يتعذب لأنه سيشهد فصول المهزلة التي تمزج السخرية بالمأساة.
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
خليل الحية: الحركة لم ترفض مقترح ويتكوف.. نتنياهو العائق أمام وقف العدوان
قال رئيس حركة حماس في غزة ورئيس وفدها المفاوض خليل الحية، إن العائق الوحيد في مسيرة مفاوضات وقف إطلاق النار، منذ بدئها هو رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي يرفض كل مقترحات الاتفاق، ويصر على مواصلة العدوان لأهداف شخصية وأيديولوجية.
وقال الحية في كلمة له، مساء الخميس، إن جهود الحركة مستمرة في مسار المفاوضات، بما يضمن حقوق الشعب الفلسطيني وانسحاب الاحتلال من غزة.
وأضاف: "أبدينا المرونة وصولا إلى اقتراح صفقة شاملة تقتضي الإفراج عن كل الأسرى لدينا، لكن الاحتلال يصر في كل جولات التفاوض على استئناف الحرب بعد الاتفاق.
وأعرب الحية عن استعداد حماس للانخراط في مفاوضات تنهي العدوان، وتسمح بدخول المساعدات إلى غزة، بشكل يحفظ كرامة الفلسطينيين ويغيثهم.
ولفت إلى أن الأمريكان، قدموا مقترحا للحركة، قبل أسبوعين، لكن الاحتلال، وشدد على أن حماس، لم ترفض مقترح ويتكوف الأخير، لكنها قامت ببعض التعديلات عليه.
وشدد على أن التواصل مع الوسطاء متواصل، والحركة مستعدة للانخراط في مفاوضات غير مباشرة، من أجل إنجاز صفقة لوقف إطلاق النار وإنهاء العدوان والانسحاب من القطاع.
وقال الحية، إن حماس، جاهزة لتسليم الحكومة في غزة، فورا لأي جهة وطنية فلسطينية متوافق عليها فلسطينيا.
واستهجن الحية اكتفاء الدول فقط بالبيانات الاستنكارية في ظل استمرار جرائم الاحتلال، كما استنكر الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن ضد مشروع قانون لوقف الحرب بغزة.
ووجه رئيس حماس في غزة، التحية لحركة أنصار الله في اليمن، الذين يواصلون إطلاق الصواريخ رغم ما يتعرضون له عدوان الاحتلال.
ومنذ فجر اليوم الخميس، استشهد 23 فلسطينيا في غارات على مختلف أنحاء القطاع المحاصر، فضلا عن عشرات الإصابات، في ظل انعدام المقومات الصحية والطبية، وعملية تجويع وحشية يتعرض لها سكان غزة.