تواجه دولة جورجيا، الحليفة السابقة للولايات المتحدة، ضغوطا متزايدة بعد تصعيدها لخطاب معاد للغرب دفع واشنطن لفرض عقوبات مالية وقيودا على تأشيرات عشرات المسؤولين الحكوميين الجورجيين. ويأتي ذلك في توقيت حساس، إذ تقترب تبليسي من انتخابات برلمانية حاسمة في 26 أكتوبر، تراهن العواصم الغربية على أن تشكل تحولا سياسيا مهما في البلاد.

واشنطن أعدت أيضا حزمة عقوبات منفصلة ضد مؤسس وزعيم حزب الحلم الجورجي الحاكم. كما قوبل الوفد الجورجي إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بتجاهل من البيت الأبيض، إذ تم إلغاء اجتماعهم وسحب الدعوة الموجهة لرئيس الوزراء الجورجي، إيراكلي كوباخيدزي، لحضور حفل استقبال استضافه الرئيس جو بايدن في 25 سبتمبر.

ووفقا لتقرير نشرته إذاعة أوروبا الحرة، تشير هذه التحركات إلى تدهور ملحوظ في العلاقات بين واشنطن وتبليسي، التي كانت حتى وقت قريب واحدة من أقرب حلفاء الولايات المتحدة في منطقة القوقاز.

الولايات المتحدة كانت تعتبر جورجيا موطئ قدم غربي لها في القوقاز انتخابات حاسمة

وتأتي هذه التطورات عشية الانتخابات البرلمانية الحاسمة في جورجيا، المقررة في 26 أكتوبر، والتي تعول العواصم الغربية على خسارة الحزب الحاكم فيها. ومع ذلك، تبقى نتائج الاستطلاعات متباينة، إذ أظهرت بعضها انتصارات قوية للحزب الحاكم أو للمعارضة، مما يترك الصورة النهائية للوضع السياسي غامضة.

ويرى محللون سياسيون أن الرد الأميركي الحازم يعكس رسالة واضحة مفادها أن واشنطن ليست على استعداد للاستثمار في دولة صغيرة تفتقر للموارد مثل النفط أو الغاز، ما لم تتبنى حكومة ديمقراطية وتوجها واضحا نحو الغرب.

وكما يوضح كورنلي كاكاشيا، رئيس المعهد الجورجي للسياسة في تبليسي، فإن القيمة الاستراتيجية لجورجيا تكمن تقليديا في كونها قاعدة لتعزيز النفوذ الأميركي في القوقاز.

وتطورت العلاقات بين جورجيا والولايات المتحدة في العقد الأول من الألفية الثالثة، حينما توافقت أجندة الرئيس الجورجي آنذاك، ميخائيل ساكاشفيلي، المؤيدة للغرب مع رؤية الرئيس الأميركي، جورج بوش، الذي وصف جورجيا في 2005 بأنها "منارة للديمقراطية".

لكن اليوم، يبدو أن حزب الحلم الجورجي، الذي يهيمن على السلطة منذ 2012، يتجه نحو سياسة خارجية متعددة المحاور بعيدا عن الغرب.

ويؤكد بوب هاميلتون، الرئيس السابق لمكتب التعاون الدفاعي في السفارة الأميركية في تبليسي، أن التحول في السياسة الخارجية الجورجية يشكل انعكاسسا لتأثيرات الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث يرى حزب الحلم الجورجي فرصًا أكبر للتعاون مع دول إقليمية ذات أنظمة استبدادية، مع تقليص الروابط مع الغرب تدريجيا.

انجراف مناهض للغرب واستبدادي

حتى مع فتح حرب أوكرانيا نافذة فريدة تمكنت من خلالها جورجيا من التقدم بطلب للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، بدا أن حزب الحلم الجورجي يعتقد أنه يمكنه القيام بذلك بفضل أهميته الجيوسياسية بدلاً من اعتماده على اعتمادات ديمقراطية.

دوليًا، جورجيا كانت جسرا لربط الطاقة وطرق النقل الجديدة بين الشرق والغرب، واعتقد الحزب الحاكم أن هذا الأمر سيكون كافيا على دخول الاتحاد الأوروبي "بكرامة'.

قال كورنلي كاكاشيا، رئيس المعهد الجورجي للسياسة في تبليسي إن الحزب الحاكم يقلد نوعًا ما أذربيجان وتركيا، لكن برأيه فأن تركيا بإمكانها  إتباع هذا النوع من السياسة الخارجية لأنها قوة أقليمية وهي دولة أكبر وعضو في حلف الناتو، أما جورجيا "فهي تعتمد على المساعدة والدعم الغربي، وبالتالي فأنها تبالغ في مكانتها عندما قررت التوجه نحو سياسة خارجية متعددة الاتجاهات".

ودليل على ذلك، وبعد الرد القاسي للولايات المتحدة على "الانجراف المناهض للغرب والاستبدادي لجورجيا" أصدرت السلطات الجورجية قوانين تقيد نشاط المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام التي تتلقى تمويلاً أجنبياً، وكذلك ضد ما تسميه 'الدعاية المثلية، ووعدت بحظر جميع الأحزاب المعارضة الرئيسية إذا فازت.

ولتبرير فرض العقوبات على مسؤولين جورجيين، استشهدت الولايات المتحدة بشكل متكرر بسلوك حزب الحلم الجورجي "المعادي للديمقراطية"، ومع ذلك، يقول منتقدو التدابير الأميركية إن جيران جورجيا، مثل تركيا وأذربيجان، لديهم أنظمة أكثر استبدادًا ومع ذلك لم يُعاقبوا بنفس الطريقة، بحسب التقرير.

الولايات المتحدة قدمت ملايين الدولارات كمساعدات لجورجيا

يمكن تفسير المعاملة الأكثر قسوة لجورجيا من خلال التأثير الأكبر الذي تتمتع به الولايات المتحدة في جورجيا بعد إنفاق مئات الملايين من الدولارات سنويًا كمساعدات على مدى عقدين من الزمن، كما قال هاميلتون من معهد أبحاث السياسة الخارجية."

بالإضافة إلى ذلك، يقول هاميلتون، أن "جورجيا لها أهمية اقتصادية أو أمنية أقل بكثير بالنسبة للولايات المتحدة، مما يعني أن اعتماداتها الديمقراطية تمثل جزءًا أكبر من قيمتها بالنسبة لنا".

وقد اشتكى قادة حزب الحلم الجورجي من أن الولايات المتحدة تحاول التأثير على الموازين قبل الانتخابات البرلمانية في جورجيا المقررة في 26 أكتوبر الحالي. وقال رئيس البرلمان، شالفا بابواشفيلي إن "واشنطن تُغذي خطاب المعارضة وتتدخل في السياسة الداخلية لجورجيا".

السفير الأميركي في جورجيا، روبن دانيغان، قال في تصريح لإذاعة أوروبا الحرة في الثالث من أكتوبر إن الولايات المتحدة "لا ترغب في شيء أكثر من العمل مع أي حكومة منتخبة ديمقراطيا في هذا البلد تعكس ما قاله الشعب الجورجي بشكل ساحق"

ويقول كورنلي كاكاشيا، رئيس المعهد الجورجي للسياسة في تبليسي ، إن النهج القاسي الذي تتبعه الولايات المتحدة تجاه حزب الحلم الجورجي قد يعود بالضرر. وأضاف "أعتقد أن هناك أملا كبيرا جدا بأنه إذا حدث تغيير في النظام، فإن ذلك سيحل جميع المشاكل التي لدينا في السياسة الجورجية".

وذكر كاكاشيا أنه لايمكن حقا أن تتحمل تبعات دعم معسكر سياسي واحد في هذه المعركة، لأنه في نهاية المطاف، من مصلحة الولايات المتحدة أن تحظى بدعم جورجيا كدولة وكافة المجتمع، هذا ما كانت الولايات المتحدة تديره على مدار الثلاثين عاما الماضية'، وينهي بالقول .. 'لهذا السبب من المهم جدا إدارة هذه الوضع بعناية".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: حزب الحلم الجورجی الولایات المتحدة فی جورجیا فی تبلیسی

إقرأ أيضاً:

رويترز: أميركا حجبت معلومات استخباراتية عن إسرائيل خلال حرب غزة

كشفت مصادر مطلعة لوكالة رويترز، أن مسؤولي المخابرات الأميركية علقوا مؤقتا تبادل بعض المعلومات الأساسية مع إسرائيل خلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن بسبب مخاوف تتعلق بسلوك إدارة الحرب في غزة . 

وفي النصف الثاني من العام 2024، قطعت الولايات المتحدة البث المباشر من طائرة مسيّرة أميركية فوق غزة، كانت تستخدمها الحكومة الإسرائيلية في البحث عن الأسرى ومقاتلي حركة حماس . وقال 5 من المصادر إن هذا التعليق استمر لعدة أيام على الأقل.

وذكر اثنان من المصادر، أن الولايات المتحدة قيدت أيضا كيفية استخدام إسرائيل لبعض معلومات المخابرات في سعيها لاستهداف مواقع عسكرية بالغة الأهمية في غزة. ورفض المصدران تحديد متى اتخذ هذا القرار.

واشترطت كل المصادر عدم نشر أسمائها للحديث عن معلومات المخابرات الأميركية.

وجاء القرار مع تزايد مخاوف مجتمع المخابرات الأميركية بشأن عدد المدنيين الذين استشهدوا في الحرب الإسرائيلية بغزة.

اقرأ أيضا/ واشنطن تعقد مؤتمرا بالدوحة الثلاثاء بشأن القوة الدولية ومستقبل غـزة

وأفادت مصادر، بأن المسؤولين كانوا قلقين من إساءة معاملة جهاز الأمن العام (الشاباك) للأسرى الفلسطينيين.

وقال ثلاثة من المصادر إن المسؤولين أبدوا قلقهم أيضا من عدم تقديم إسرائيل ضمانات كافية بالتزامها بقانون الحرب عند استخدام المعلومات الأميركية.
وبموجب القانون الأميركي، يتعين على أجهزة المخابرات الحصول على هذه الضمانات قبل مشاركة المعلومات مع أي بلد أجنبي.

وذكر مصدران، أن قرار حجب المعلومات داخل أجهزة المخابرات كان محدودا وتكتيكيا، وأن إدارة بايدن ظلت تتبع سياسة الدعم المستمر لإسرائيل من خلال تبادل معلومات المخابرات والأسلحة.

وأفادت المصادر بأن المسؤولين سعوا إلى ضمان أن تستخدم إسرائيل معلومات المخابرات الأميركية وفقا لقانون الحرب.

 

المصدر : عرب 48 اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار العربية والدولية شاهد: سفير واشنطن في الأمم المتحدة يوجه رسالة خاصة لسكان غزة ألبانيز: تكلفة إعادة إعمار غزة يجب أن تسددها إسرائيل و4 دول أخرى محدث: واشنطن تعقد مؤتمرا بالدوحة الثلاثاء بشأن القوة الدولية ومستقبل غزة الأكثر قراءة تجدد نسف المنازل - 3 شهداء وإصابات في قصف إسرائيلي على بيت لاهيا واشنطن توافق على صفقة مركبات تكتيكية بـ90.5 مليون دولار للجيش اللبناني مسؤول أمريكي يزور الأردن وإسرائيل لبحث تنفيذ خطة ترامب بشأن غزة السفير البوريني يقدم نسخة من أوراق اعتماده سفيراً لفلسطين لدى البرازيل عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • جولة انتخابات رئاسية حاسمة بتشيلي وتوقعات بتقدم أقصى اليمين
  • كاتب أمريكي: تصاعد الضربات في أوكرانيا يعقّد المشهد والغرب يواجه حسابات غير واقعية
  • نيوزويك: 3 مؤشرات على حرب وشيكة بين الولايات المتحدة وفنزويلا
  • الجدول الزمني المتبقي لانتخابات مجلس النواب 2025 .. مراحل حاسمة تترقبها الساحة السياسية
  • رويترز: أميركا حجبت معلومات استخباراتية عن إسرائيل خلال حرب غزة
  • واشنطن تحمّل إسرائيل المسؤولية الكاملة لإزالة الدمار في غزة
  • فورين بوليسي: 3 دروس تعلمتها الصين من الولايات المتحدة
  • إجلاء عشرات آلاف السكان جراء فيضانات في الولايات المتحدة وكندا
  • استراتيجية الأمن القومي 2025 الأمريكية تعيد تشكيل نظرة واشنطن للعالم
  • الولايات المتحدة تطالب إسرائيل بإزالة الأنقاض من غزة