بقى البالطو الأبيض ورحل صاحبه.. مأساة عمر طبيب الجنة الراحل في أتوبيس الجلالة
تاريخ النشر: 17th, October 2024 GMT
"ابني اسمه عمر أحمد حسن.. حد يطمنا إحنا بنموت عليه".. صور محادثة واتس اب انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي في لحظة تداول أنباء انقلاب أتوبيس طلاب جامعة الجلالة على طريق السخنة كانت من معلمة انخلع قلبها تحاول الوصول إلى معلومة عن ابنها الطالب بالجامعة، خاصة بعدما علمت أن الأتوبيس كان يقل طلاب كلية الطب التي التحق بها ابنها منذ شهر فقط بعد نجاحه بتفوق في الثانوية العامة.
البقاء لله.. لا ابني عايش
الرسالة المؤثرة انتشرت بصورة كبيرة خاصة بعد تلقي الأم القلقة ردا من محدثها بكلمة واحدة "البقاء لله"، إلا أن ردها كان محملا بالأمل "لا عايش بيقولوا في الرعاية"، كأن الأم تمني نفسها بأن يكون الحديث صحيحا وأن يكون ابنها من بين المصابين وسيعود إليها سالما.
انطلق والد الطالب عمر أحمد حسن إلى مجمع السويس الطبي حيث تم نقل ضحايا حادث أتوبيس الجلالة، بحثا عن ابنه بينهم إلا أنه اصطدم بالرد "مش موجود هنا" فقال الأب: "يعني عايش ولا ميت ألاقيه فين؟"، فجاءته الإجابة بالبحث عنه في المستشفى العام التي استقبلت بعض الحالات ليسرع إليها وسط دعم من أصدقاء عمر وبعض أقاربه ليتلقى الصدمة ونفس الإجابة التي تلقتها والدته عبر واتساب "البقاء لله عمر من المتوفين".
متقلقيش يا أمي الطريق أمان
بأقدام ثقيلة توجه والد عمر مع المختص عن ثلاجة الموتى للتعرف على الجثة، داعيا أن يكونوا مخطئين واختلط الأمر عليهم إلا أنه لم يجد إلا وجه حبيبه أمام عينيه تطالعه بسمة فلذة كبده البريئة "طبيب الجنة"، كما أطلق عليه، حيث كان حلم ابنه التخرج بتفوق وتحقيق حلم حياته بأن يكون طبيبا مشهورا، حيث كان يحمل البالطو الأبيض وهو متوجه إلى الجامعة بفخر لكن بقى البالطو الأبيض ورحل صاحبه.
صرخات أطلقتها والدة عمر فور تأكيد والده خبر وفاته لها وسط دعم من أصدقائهم ومحبيهم وحالة انهيار أصابتها مرددة: "ده أنا مشوفتهوش من شهر وكان نازل أجازة عشان أشوفه وأطمن عليه، قولته بلاش الجامعة دي بعيد قالي متقلقيش يا أمي الطريق أمان.. الطريق خطف ابني مني في عز شبابه عريس وطبيب في الجنة".
جنازة مهيبة
وشيّع العشرات من أهالي مدينة منوف في محافظة المنوفية جثمان الطالب بكلية الطب عمر أحمد حسن، ضحية حادث انقلاب أتوبيس الجلالة في جنازة مهيبة.
وأدى الأهالي صلاة الجنازة على الطالب وسط حالة من الحزن من مسجد الشيخ زوين بمدينة منوف وشيع الأهالي الجثمان إلى مثواه الأخير في مقابر الأسرة بالقرية وسط حالة من الحزن بين الجميع.
وانتشرت عبارات النعي على مواقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” ينعون فيها الطالب المتوفى وقال عمه في منشور على “فيس بوك”: “سبحان من تفرد بدوام العزة والبقاء وكتب على مخلوقاته الموت والفناء ولم يشاركه أحد في خلده حتى الملائكة والأنبياء، ولا نقول إلا ما يرضي رب البقاء والفناء (إنا لله وإنا إليه راجعون)، الدعاء لشهيد حادث الجلالة ابن أخي الطالب عمر أحمد حسن”.
وسادت حالة من الحزن بين أبناء محافظة المنوفية، وذلك لوفاة 3 من أبنائها طلاب جامعة الجلالة في الحادث المأساوي الذي راح ضحيته 12 طالبا وأصيب أكثر من 30 آخرون في حادث انقلاب أتوبيس أثناء عودتهم من الجامعة متوجهين إلى سكنهم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مأساة عمر اتوبيس الجلالة انقلاب اتوبيس طلاب جامعة الجلالة عمر أحمد حسن
إقرأ أيضاً:
أحمد الأشعل يكتب: العرب وتحدي البقاء
في هذه اللحظة التاريخية العصيبة التي تمر بها أمتنا العربية، تتجدد الحاجة الماسة إلى التمسك بوحدة الصف العربي كدرع واقٍ، وكحائط صد في وجه العواصف التي تهب على المنطقة من كل اتجاه.
فالعالم من حولنا يتغير، والرياح تتبدل، والتهديدات تتربص بنا عند كل منعطف، لكن دروس التاريخ واضحة: وحده الصف العربي المتماسك هو من يحمي الأمة ويصون كرامتها.
إن ما يجمع العرب ليس مجرد روابط جغرافية أو مصالح اقتصادية آنية، بل يجمعهم تاريخ عميق، صاغته حضارات متعاقبة وتراث ثقافي وروحي مشترك، ودماء امتزجت على مر العصور دفاعًا عن الأرض والكرامة. من هنا، تبرز العلاقة بين مصر والسعودية كنموذج حي على قدرة العرب على الاتحاد والتكامل. علاقة لم تكن يومًا قائمة على المجاملة أو البروتوكول، بل على أسس صلبة من المصالح المشتركة والمصير الواحد.
حينما نرى أكثر من 2.5 مليون مصري يعملون في السعودية، ونرى أكثر من مليون سعودي يعيشون على أرض مصر، ندرك أن هذه العلاقة ليست مجرد تلاقي مصالح، بل هي نسيج حي من الأخوة والتكامل. هذه العلاقة تقدم للعالم درسًا مهمًا: أن ما يجمع العرب أكبر من أي خلاف عابر، وأن ما يربطهم يعلو فوق أي اختلاف في السياسات أو الآراء.
لكن في هذا العصر، تحوّلت “السوشيال ميديا” إلى ساحة معارك وهمية، تُبث فيها الشائعات وتُنفخ فيها نيران الفرقة. أصوات مأجورة، تمتهن إثارة الفتن، تزرع بذور الشك في قلوب البسطاء، في محاولة يائسة لكسر الصف العربي. وهنا يجب أن نكون على وعي كامل: ما يُقال على منصات التواصل لا يمثل حقيقة المشاعر الشعبية، ولا يعكس جوهر العلاقات العربية الأصيلة. الحقيقة التي لا تتبدل هي أن مصر والسعودية، ومعهما كل قلب عربي صادق، يعرفون أن مصير الأمة واحد، وأن قوتنا الحقيقية في وحدتنا لا في انقساماتنا.
وكما قال عمرو موسى يومًا: “هناك من يريد كسر العمود العربي.” هذا العمود، الذي يمثله تحالف القاهرة والرياض ومن حولهما، هو ضمان بقاء الأمة في وجه مخططات الهيمنة ومشاريع التقسيم. إن وحدة الصف العربي لم تكن يومًا ترفًا سياسيًا، بل هي شرط البقاء: بقاء أمة أو زوالها.
من هنا، تأتي رسالتي إلى كل عربي شريف: الأمة التي أسسها تاريخ مجيد، وصاغها تراث حضاري عريق، لا يمكن أن تنكسر ما دامت مصر والسعودية واقفتين كتفًا بكتف، قلبًا واحدًا في مواجهة المؤامرات. هذه الأمة التي أنجبت العلماء والمفكرين، وواجهت الغزاة على مر العصور، لن يُكتب لها الاندثار ما دام فيها رجال ونساء يذودون عن شرفها ووحدتها.
أما أولئك الذين يظنون أن خلاصهم خارج الصف العربي – في أحضان قوى أجنبية أو مشاريع دخيلة – فليعلموا أن من احتمى بغير أهله وتخلى عن عروبته، سينتهي به المطاف إلى مصير الدويلات الصغيرة التي لا تقوى على مواجهة العواصف بمفردها. فالتاريخ لا يرحم الضعفاء، ولا يحمي من اختاروا التبعية على حساب الكرامة.
في هذا المنعطف التاريخي، نحن جميعًا – حكومات، وشعوبًا، ومثقفين، وإعلاميين – أمام مسؤولية كبرى: أن نعيد بعث مشروع عربي موحد، مشروع ينقذ الأمة من شتاتها ويعيدها إلى مكانها الطبيعي بين الأمم. مشروع يقوم على الشراكة والصدق والوعي بالمصير المشترك، بعيدًا عن الطائفية والأصوات النشاز التي لم تجلب لنا سوى الخراب.
مصر والسعودية تقدمان لنا اليوم القدوة والنموذج: تعاون اقتصادي وثقافي وأمني، يدًا بيد في مواجهة التحديات، وصوتًا واحدًا يعلن للعالم أن العرب باقون، مهما حاولت قوى الخارج النيل من عزيمتهم. من هذه العلاقة الصلبة، يمكن لكل العرب أن يستلهموا دروسًا ثمينة: أن وحدتنا هي قوتنا، وأن تماسكنا هو جسرنا لعبور كل الأزمات.
وإذ نطوى هذه الصفحات التي كتبها التاريخ العربي منذ آلاف السنين، نوقن أن هذه الأمة التي واجهت غزاة الأمس وصانعي الفتن اليوم، ستظل حية نابضة بقيمها وأصالتها. لقد قاوم العرب على مدى العصور كل محاولات التفرقة والاستلاب، بدءًا من الغزوات الصليبية والمغولية، مرورًا بالاستعمار الذي ظن أنه أطفأ جذوة العروبة، وصولًا إلى المؤامرات الحديثة التي تُدار من خلف البحار.
واليوم، في خضم هذه الرياح العاتية التي تتلاطم فيها أمواج الفتن والأطماع، يقف الصف العربي كجدار التاريخ الأخير، جدارٌ بناه الأجداد بدمائهم، وزيّنه الأبناء بوفائهم، وسنحميه نحن بوعيٍ لا يعرف التخاذل. فالصف العربي ليس مجرد خيار، بل هو ميراث الأجيال الذي حفظ لنا الوجود والكرامة.
وليعلم كل من يراهن على انهيار هذه الأمة أن العروبة عصية على الموت. لقد مرت على أرض العرب دول زالت، وإمبراطوريات اندثرت، وبقيت راية العروبة خفاقة في سماءٍ لن تنكسر. ستظل العروبة مشعلاً ينير دروب أبنائها، حتى وإن حاولت قوى الظلام طمس نورها.
فهذه الأرض التي أنجبت الأهرام وبنت مدائن العرب الشامخة، ستظل دائمًا تصدح بلسان عربي واحد: “نحن أمةٌ واحدة، يجمعنا التاريخ والمصير، ولا مكان للفرقة بيننا. فمن احتمى بغير الصف العربي، اختار طريق الزوال.”
وليبقَ الصف العربي درعًا للأمة، وصوتًا للحق، وصدىً لتاريخٍ لا يعرف إلا المجد. ولتبقَ مصر والسعودية وكل شقيق عربي واقفين كتفًا بكتف، لتظل أمتنا العربية — من المحيط إلى الخليج — أمةً لا تنكسر.