الجزيرة:
2025-07-04@11:42:35 GMT

ظاهرة حياء التاج العجيبة حيّرت علماء النبات

تاريخ النشر: 19th, October 2024 GMT

ظاهرة حياء التاج العجيبة حيّرت علماء النبات

إذا نظرت إلى قمم الأشجار في بعض الغابات، ربما تلاحظ ما يشبه القنوات بين الفروع الخارجية للأشجار فوق رأسك، وهي تتداخل معا فيما يشبه الأحجية الورقية، في ظاهرة طالما لفتت انتباه المصورين والعلماء على حد سواء، وسميت "حياء التاج".

ومنذ عشرينيات القرن الماضي، اهتم العلماء بتوثيق ودراسة هذه الظاهرة، لكن إلى الآن لا يوجد اتفاق حول أسباب حدوثها، لكن أهميتها بالنسبة لتلك الأشجار واضحة، حيث إن أحد أهم أهداف النباتات هو التعرض بأفضل شكل للشمس، وهو أمر بالغ الأهمية لعملية التمثيل الضوئي، وبذلك تمنع هذه الظاهرة أي تظليل محتمل للأشجار أو أجزاء منها.

الرياح الشديدة غالبًا ما تتسبب في احتكاك الأشجار ببعضها البعض (بيكسابي) تقليم المتبادل

ويعتقد فريق من الباحثين أن الرياح تتسبب في اصطدام الأغصان بجيرانها القريبين، مما يتسبب في تلف أوراقها وبراعمها، ونتيجة لذلك تحد الأشجار من نمو أطرافها في هذه المواقع لتجنب المزيد من الضرر، ويعني ذلك وجود "تقليم متبادل" بين الأشجار في الغابات.

وعام 1955، أجريت دراسة على أشجار الكينا شمال شرق أستراليا، حيث تتسبب الرياح الشديدة غالبًا في احتكاك الأشجار ببعضها، ويؤدي التآكل الناتج لموت أطراف الأشجار الحساسة النامية، مما يؤدي لتباعدها، لكن هذا لم يكن واضحًا في كل الأشجار.

وعام 1984 أظهرت أبحاث أخرى على أشجار المانغروف نتيجة قريبة، حيث ظهر للباحثين أن "حياء التاج" نتاج لمعركة بين الأطراف العليا للأشجار أثناء هبوب الرياح، فتقوم كل منها بتنظيف مساحة صغيرة محيطة بأطرافها، وفي النهاية ينشأ هذا الشكل البديع.

ويستشهد أنصار هذه الفرضية بأن ظاهرة "حياء التاج" ترصد بشكل خاص في الظروف المواتية لهذا التقليم، بما في ذلك الغابات العاصفة، ومجموعات الأشجار المرنة.

هذه الظاهرة تترك فجوات للضوء ليمر إلى الأسفل حيث النباتات الأصغر والحيوانات التي تحتاج الضوء (بيكسابي) ملوك الاستشعار

يفترض فريق آخر من العلماء أن الأمر أعقد من مجرد حركة لأطراف الأشجار، حيث يمكن لكل شجرة أن تستشعر النباتات القريبة من مسافة، وبذلك تنمو إلى الحد الذي لا يعرضها للتلامس مع أطراف الأشجار الأخرى، حتى لا تظللها وتمنع عنها الشمس أو تمنع نموها.

ويعتمد هذا الفريق على حقيقة أنه ثبت من قبل أن أوراق الأشجار يمكنها أن تستشعر الضوء البعيد الذي يرتد عليها بعد اصطدامه بالأشجار القريبة منها، كما أثبتت أبحاث أخرى أن الأشجار تمتلك نظام استشعار متخصصا للكشف عن المواد الكيميائية المنبعثة من الجيران القريبة، بمعنى أن النبات يستخدم هذه الوسائل لتحديد المسافة بينه وبين النبات القريب، ومن ثم ينمو إلى مستوى يمنع التلامس.

وتأكيدا على هذه الفرضية استنتج فريق من الباحثين الماليزيين، بعد دراسة نبات درايوبالانوبس أروماتيكا، أن أطراف النمو كانت حساسة لمستويات الضوء وتوقفت عن النمو عند الاقتراب من أوراق الشجر المجاورة بسبب الظل الذي نشأ عن اقترابها.

عالم الأشجار لا يختلف كثيرا عن عالم الحيوان أو عالمنا حيث تتنافس أفراده أو يتعاونون في سياقات مختلفة (بيكسابي) عالم الأشجار العجيب

لكن في النهاية يظهر أن لـ"حياء التاج" أهمية تكيفية كبيرة، فبجانب أن الظاهرة تسمح للأشجار المختلفة بالحصول على أفضل تعرض لضوء الشمس، فإنها كذلك تترك فجوات للضوء ليمر إلى الأسفل حيث النباتات الأصغر والحيوانات التي تحتاج الضوء.

وأضف إلى ذلك أن "حياء التاج" بشكل أو بآخر يشبه درجة من درجات التباعد الاجتماعي، حيث يمكن أن يسهم في تقليل انتشار الأمراض بين النباتات، خاصة حالات الأوبئة التي تنتشر بالغابات مثلما تنتشر بين جموع البشر.

وفي كل الأحوال، فإن عالم الأشجار لا يختلف كثيرا عن عالم الحيوان أو عالمنا نحن البشر، حيث تتنافس أفراده أو يتعاونون في سياقات مختلفة.

فمثلا، يمكن للأشجار من الأنواع المختلفة، أو حتى من نفس النوع، تبادل الكربون والنيتروجين والفوسفور من خلال شبكات الجذور، ويدعم هذا التعاون صحة الغابة ومرونتها ككل.

ومن خلال هذه الشبكات تحت الأرض، يمكن للأشجار أيضًا إرسال إشارات تحذيرية إلى أشجار أخرى حول التهديدات مثل الإصابة بالحشرات، مما يسمح للأشجار الأخرى بإعداد دفاعاتها من خلال إنتاج مواد كيميائية واقية.

ولكن الأمر ليس بهذه السلمية دائما، حيث تنشر أنواع من الأشجار جذورها بالأرض للتنافس مع جيرانها على المغذيات في التربة، وترتفع بعض الأشجار بسرعة لأعلى نقطة ممكنة بين مجموعة من الأشجار للحصول على ضوء الشمس، وتطلق بعض الأشجار -مثل الجوز الأسود- مواد كيميائية في التربة تمنع نمو النباتات القريبة مما يقلل من المنافسة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

أبطال «السوشيال ميديا» الوهميون

فـي هذا العالم الفوضوي هناك عالم موازٍ غامض، عالم يصنعه المجهولون، يصبح فـيه الجبان شجاعا، والأحمق حكيما، والغبي محللا، والمنحل أخلاقيا مصلحا، واللص شريفا، وتنقلب فـيه الموازين، وتنفلت فـيه القيم، وتتفتت فـيه المبادئ، ولا تكاد تعرف فـيه صديقك من عدوك، ولا محبك من مبغضك، إنه عالم «السوشيال ميديا»، أو «الانفصال الاجتماعي»، حيث يبدو الوقت محايدا، وتتحول فـيه الأشياء إلى أرواح، ويتوه فـيه العاقل الرصين، حتى يذوب فـي كتلة من الجماد الذي تختبئ خلفه الكثير من الأقنعة، قد يكونون بشرا من لحم ودم، وأحيانا كيانات مادية، وأحيانا أجهزة مخابرات، وأحيانا مروّجي مخدرات، فخلف أجهزة الحاسوب يجلس كل واحد كي يبث سمومه، ويصدّر سلوكه، ويشتم هذا ويسب ذاك، وينتقص من الشيخ العالم، ويمجّد المنحلّ الفاسد، وتتشكل كتلة ضبابية تحجب السمع والبصر والفؤاد عن حقيقة ما يجري.

ويكثر هؤلاء «العابثون» فـي الأزمات السياسية، يتصيّدون السقطات والهفوات، ويجتزئون الكلمات من عباراتها، كي يثيروا الفتن، ويسعّروا نار النعرات الطائفـية، والمذهبية، والقبلية، والاجتماعية، ويخرج البعض بأسماء وهمية كي يهاجموا هذا، ويتعدوا على ذاك، ويتفنّنون فـي التهكم على الأشخاص، وتضيع وسط هذا الجو العاصف الحقيقة، ويغيب الوعي، وتنتهك الحرمات، وتسقط المحرمات، وتُسطّح الأفكار، وتأتي السهام من كل صوب، ولا تعرف مصدرها، ولا مكمنها، ولكنك تدرك هدفها الذي لا يخفى على العاقل اللبيب.

وفـي كل الأحوال..لا تستطيع إدارات هذه المنصات التحكم فـي محتوى ما يبث، ولا تقدر على تنظيم هذه العملية، ولا تتدخل فـي عمليات الإرسال، والاستلام، كما أن الحكومات ذات التوجه الديمقراطي لا تتدخل فـي المحتوى الذي يُبث من باب حرية التعبير، إلا إذا كان وراء ذلك المحتوى جريمة من نوع ما، ولذلك لا يملك المرء إلا الحذر فـيما يأتي من أخبار، أو فـيديوهات، أو معلومات، وأن يحرص على عدم إعادة نشر هذه التغريدات، أو الأنباء دون التثبت والتيقن منها، وهو أمر صعب، ولكن التريّث وتحكيم العقل فـي مثل هذه الحالات أفضل من التسرع فـي بث الشائعات، أو الرسائل المغرضة التي تساعد صانع المحتوى الوهمي على تحقيق هدفه.

وجاء الذكاء الاصطناعي ليزيد الطين بلّة، فأصبح كل شيء ممكنا، وغدا التزييف الرقمي شيئا يفوق الخيال، وصارت الفـيديوهات، والشخصيات، وحتى الكيانات المادية، وغير المادية عرضة للابتزاز الإلكتروني، والتلفـيق الافتراضي، وصار هؤلاء الأبطال الرقميون هم حكام الساحة، يديرونها كيفما شاءوا، وأصبحت الخصوصية شيئا من الماضي، ولم تعد تستغرب أن تشاهد لقطة من حرب النجوم على أنها تحدث الآن أمام باب منزلك!!..واستغل ضعاف النفوس ـ سواء الواقعيون منهم أو الوهميون ـ هذه المساحات، وهذا «الذكاء» لبث ما يروق لهم، وما يخدم أجندتهم السياسية، أو الدينية، أو الاجتماعية، أو الثقافـية، وأصبح وقف هذه الفوضى ضربا من الخيال.

أصبح من المستحيل أن توقف هذا العبث، ولكن من الممكن إدارته بحكمة من خلال عدم نشر كل ما يصلك، أو الرد على كل من يحاول المساس بثوابتك، ومعتقداتك..كي لا تتيح لأولئك الوهميين الوصول إلى عقلك، وقيَمك.

مقالات مشابهة

  • لغز الانقراض العظيم: كيف أدى موت النباتات إلى احتباس حراري أبدي؟
  • السفر.. تجاوز الجغرافيا إلى عالم الروح
  • الاحتلال يهدم منشآت ويجرف عشرات الأشجار في القدس
  • اختتام برنامج تدريبي لطلاب قسم وقاية النبات في جامعة الضالع
  • أبطال «السوشيال ميديا» الوهميون
  • رئيس حزب البيئة العالمي يُحذر: الكوكب يحترق والتغير المناخي يخرج عن السيطرة
  • الأرض تصل إلى أبعد نقطة عن الشمس الليلة في ظاهرة الأوج الفلكية
  • استزراع 100 فسيلة من أشجار الكاذي النادرة بولاية ضلكوت
  • كيف نظم القانون ضوابط الحجر الزراعي؟.. اعرف التفاصيل
  • سحابة عملاقة متدحرجة تفاجئ السياح في البرتغال