رغم وصول الأسلحة الحديثة.. لماذا يتمسك الأوكرانيون بالراجمة الجدة؟
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
رغم الأسلحة الغربية الحديثة التي تتدفق على أوكرانيا من أجل مساعدة كييف على استعادة الأراضي التي احتلتها موسكو، إلا أن الجيش الأوكراني متمسك باستخدام أسلحة قديمة تعود إلى الحقبة السوفيتية، وفق تقرير لصحيفة وول سريت جورنال.
ومن أهم مظاهر الاعتماد على أسلحة الحقبة السوفيتية، وفق التقرير، صواريخ "غراد" المستمرة في الخدمة منذ 60 عاما، وهي للمفارقة لاتزال الدعامة الأساسية لترسانتي الأسلحة في كلا الجانبين المتصارعين
ويقول محللون إن صواريخ "غراد" ظهرت في جميع النزاعات المسلحة تقريبا، منذ حرب فيتنام التي انطلقت في ستينيات القرن الماضي.
وأرسلت الحكومات الغربية عددا من أكثر الأسلحة تطورا في العالم إلى أوكرانيا، لكن قائد سرية المدفعية في اللواء الـ60 الأوكراني، فولوديمير سوخيلوف، يستخدم قاذفة الصواريخ السوفيتية "غراد" التي يبلغ عمرها 60 عاما.
ويقول تقرير الصحيفة إن صواريخ ومدافع "هاوتزر" وأسلحة أخرى بقيمة مليارات الدولارات أرسلت إلى أوكرانيا، ومع ذلك يقدر مارك كانسيان، مستشار برنامج الأمن الدولي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أن حوالي ثلثي المدفعية الأوكرانية لاتزال من الطراز السوفيتي.
ويشير التقرير إلى استخدام راجمة الصواريخ "غراد بي أم-21"، التي دخلت الخدمة عام 1963 وتستطيع إطلاق 40 صاروخا من مؤخرة شاحنة.
وكانت الولايات المتحدة أرسلت إلى أوكرانيا 38 منظومة "هيمارس"، راجمة الصواريخ المتنقلة التي كان لها تأثير كبير على ساحة المعركة، لكن مع ذلك، استخدم الأوكرانيون نحو 260 راجمة "غراد"، وفقا لـ"جينز"، مجموعة الاستخبارات الدفاعية.
ومنظومة "هيمارس"، التي يزيد مداها عن 80 كلم، يتم تركيبها على مدرعات خفيفة، وتُطلق ستة صواريخ موجهة بواسطة نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، مما يمكنها من تنفيذ ضربات دقيقة.
ويقول كبير الباحثين في مؤسسة "راند" للبحوث والتحليل، بين كايفز، إنه بالنظر لتثبيت الصواريخ على ظهر شاحنة، فإن نظام "هيمارس" مرن جدا ويمكن أن يتكيف مع تكتيكات الحرب المتغيرة.
وتقول وول ستريت جورنال إن "هيمارس" وغيرها من قاذفات الصواريخ الحديثة تستطيع توجيه نيرانها إلى هدف باستخدام "جي بي أس" ، بينما يقوم مشغلو "غراد" بإدخال الإحداثيات يدويا ووضع السلاح بأنفسهم.
ورغم هذه القيود، فإن مشغلي "غراد" يحتفون بـ"علاقة مودة" تجاه السلاح الذي يسمونه "الجدة" "grandma"، من بين ألقاب أخرى.
ويعتقدون أنها لاتزال فعالة في التعامل مع القوات الروسية، من ناحية إطلاق عدد كبير من الصواريخ، ورغم الأعطال الفنية العديدة التي تصيبها، إلا أنهم قادرون على إصلاحها.
وفي حين أن الأسلحة الأحدث يمكن أن تضرب بدقة ، إلا أن "غراد" يمكن أن تضرب حقلا كاملا.
ويقول سوخيلوف في اللواء الـ60: "في وقت قصير يمكننا إطلاق الكثير من الصواريخ على العدو".
ويقول سونيل ناير ، المحلل في "جينز": "تخيل 40 صاروخا تسقط على منطقة الهدف خلال 20 ثانية".
لكن بحسب هيومن رايتس ووتش، فإن هذا القصف العشوائي يجعل هذه الصواريخ شديدة الخطورة على المدنيين، مشيرة إلى قدرتها على ضرب منطقة بحجم ما يقرب من 10 ملاعب كرة قدم.
وعلى عكس قاذفات الصواريخ المحمولة الحديثة، فإن "غراد" لا توفر الحماية الكافية لمشغليها.
مخاطروتثير "غراد" مخاطر اعتماد أوكرانيا على معدات الحقبة السوفيتية، فالسلاح غير دقيق كما أن إمدادات البلاد منها آخذة في النفاد، وفقا لمحللين وبعض مشغليها.
وقال أندري تشيرنياك، مسؤول الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، إن مخزون الذخيرة لجميع الأسلحة السوفيتية سينفد في النهاية، بالنظر إلى أن أوكرانيا في حالة حرب مع روسيا منذ عام 2014 (حين أعلنت موسكو ضم شبه جزيرة القرم).
وقال تشيرنياك إن أوكرانيا تحاول تجديد مخزونها من أماكن أخرى، لكن الطلب كبير.
الجدير بالذكر أنه بعد شهور من التقدم البطيء، تحرز القوات الأوكرانية تقدما أكبر نسبيا على طول خطين رئيسيين للهجوم، وفق ما نقلت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية عن مسؤولين أوكرانيين ومحللين.
ويقول المحللون العسكريون إنه "على الرغم من صغر مساحة الأراضي المستعادة نسبيا، فإن التقدم الأوكراني يجبر موسكو على تحويل قواتها إلى أجزاء أخرى من خط المواجهة".
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
الصواريخ اليمنية تهز أمن إسرائيل وتكشف هشاشة الدفاعات الأمريكية
في تطور عسكري مذهل، أطلقت القوات اليمنية صواريخ استهدفت إسرائيل، مما أدى إلى هزة كبيرة في أركان الدولة العبرية، بعد أن اخترقت الدفاعات الجوية الأمريكية، في تحول يُعد من أكبر التغييرات في الموازين العسكرية والسياسية في المنطقة. فقد جسّدت الصواريخ اليمنية قدرة عالية على المناورة والاختراق والتأثير، فاقت في فعاليتها بعض الهجمات الأمريكية والصهيونية، التي استثنت السلاح النووي.
لقد تمكنت الصواريخ اليمنية من اختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية والأمريكية، التي طالما وُصفت بأنها لا تُقهر، مؤكدةً بذلك على قدرات عسكرية يمنية متقدمة. وقد أحدث هذا الهجوم تأثيرًا نفسيًا كبيرًا في الأوساط الإسرائيلية والأمريكية، ناهيك عن حالة من الرعب والخوف عمّت كيان الاحتلال، مع تكبد خسائر كبيرة تعمّدت إسرائيل إخفاءها، كما تفعل عقب كل خسارة فادحة.
وقد أدركت الدولة العبرية أنها لم تعد في مأمن من الهجمات الصاروخية اليمنية المؤثرة، ومن المفترض أن تسفر هذه الصواريخ عن تغييرات سريعة في السياسة الإسرائيلية المتعنتة، خاصة في ظل تصاعد المظاهرات والاحتجاجات التي تطالب بوقف الحرب وإقالة نتنياهو. وهذا ما قد يُجبر حكومة الاحتلال على إعادة تقييم استراتيجيتها العسكرية والسياسية، لتجنب آثار القوة الصاروخية المدمّرة التي فرضت واقعًا جديدًا في الإقليم.
لقد أظهرت هذه الصواريخ قدرة عظيمة على اختراق الدفاعات الجوية الأمريكية، في تحدٍ يُعد من أكبر التحديات للقوة العسكرية الأمريكية في المنطقة. وقد تجد الولايات المتحدة نفسها مضطرة، وتحت ضغط “الدولة العميقة”، إلى إعادة النظر في استراتيجيتها، بعد تعرض بوارجها وطائراتها لإصابات مباشرة من قبل اليمنيين.
وفي ختام حديثي، أرى أن استمرار إطلاق الصواريخ اليمنية بنفس الدقة والتأثير، سيُحدث تحولًا استراتيجيًا إجباريًا في الموازين العسكرية والسياسية. ففي الوقت الذي تتغنى فيه أمريكا وإسرائيل بتفوقهما في الذكاء الصناعي والصناعات الدفاعية، وتسوقان ذلك عبر صفقات ضخمة إلى بعض الدول، نرى أن الصواريخ اليمنية تثبت العكس، وتُظهر للعالم هشاشة تلك الأسلحة، التي تحوّلت إلى مجرد “أساطير دفاعية”، صارت محل سخرية في الميدان.
وأتمنى على القادة الأمريكيين أن يسارعوا في إيجاد مخرج يحفظ لهم ماء الوجه، ويعيد لهم بعضًا من القيم الأخلاقية، خصوصًا في ظل أزمة اقتصادية خانقة يُتوقع أن تتصدرها موجة ركود هي الأكبر، في وقت يعلّق فيه الساسة الأمريكيون آمالًا خيالية على المليارات الشرق أوسطية، ظنًا منهم أن الابتزاز السياسي سيضمن لهم الحصول عليها بسهولة، لتُنقذهم من نتائج السياسات الظالمة التي مارسوها ضد العرب والمسلمين، إرضاءً لنتنياهو والمتطرفين الصهاينة.
حفظ الله أمتنا العربية والإسلامية، وأعاد لها مجدها.
*كاتب وخبير عسكري أردني