روسيا تمطر أوكرانيا بمئات المسيرات وعشرات الصواريخ
تاريخ النشر: 29th, June 2025 GMT
واصل الجيش الروسي غاراته الجوية المكثفة على مناطق متفرقة في أوكرانيا، وسط تحذيرات من سلاح الجو الأوكراني بشأن احتمال تعرض أجزاء واسعة من البلاد لهجمات بواسطة المسيرات.
أعلنت القوات الجوية الأوكرانية -اليوم الأحد- أن روسيا أطلقت 477 طائرة مسيرة و60 صاروخا على مناطق مختلفة في أوكرانيا خلال الليلة الماضية.
وذكرت القوات الجوية الأوكرانية أن أنظمة الدفاع الجوي دمرت 249 هدفا جويا خلال الهجوم الليلي.
وسُمعت أصوات المضادات الأرضية في العاصمة كييف، بالإضافة إلى انفجارات متفرقة في مدينتي خاركيف ودنيبرو شرقي البلاد.
وأشار مراقبون عسكريون إلى أن غالبية المسيرات القتالية الروسية كانت متجهة نحو الغرب. كما كانت هناك توقعات بشن هجمات صاروخية من قاذفات إستراتيجية كانت تحلق في الأجواء ومن سفن حربية خلال ساعات الليل.
وفي تطورات ميدانية، أكد قائد الجيش الأوكراني أوليكساندر سيرسكي أن القوات الأوكرانية تواجه هجوما جديدا يستهدف مدينة رئيسية في الجبهة الشرقية، موضحا أن القتال العنيف مستمر حول منطقة كوستيانتينيفكا.
وقال سيرسكي -في منشور على منصة تلغرام– إن "العدو يتجه نحو كوستيانتينيفكا، لكنه لم يحقق تقدما وتكبد خسائر فادحة، ويحاول اختراق دفاعاتنا على طول 3 قطاعات عمليات".
وقال سيرسكي أيضا إن القوات الأوكرانية صمدت خلال الأسبوع الماضي أمام هجوم قوي بالقرب من بلدة يابلونيفكا في منطقة سومي، حيث كانت القوات الروسية تحاول إنشاء منطقة عازلة داخل الحدود الأوكرانية.
من جهته، أكد متحدث باسم القوات الأوكرانية في الشرق أن كوستيانتينيفكا ومدينة بوكروفسك الواقعتين إلى الغرب تُعدان الميدان الرئيسي للمعارك والطموحات الإستراتيجية للقوات الروسية.
وبعد فشل هجومها الأولي على العاصمة كييف في الأسابيع الأولى من الحرب التي بدأت في فبراير/شباط 2022، ركزت القوات الروسية جهودها على السيطرة على كامل منطقة دونيتسك في شرق أوكرانيا، وكانت مدينة كوستيانتينيفكا هدفا رئيسيا.
إعلانوتدافع القوات الأوكرانية منذ عدة أشهر عن المدينة في وجه الهجمات الشرسة، وطلب حاكم إقليمي من باقي السكان قبل أيام إخلاء المدينة مع انهيار البنية التحتية.
وفي المقابل، أفادت وزارة الدفاع الروسية -في تقريرها الصادر أمس السبت- بأن قواتها سيطرت على بلدة تشيرفونا زيركا الواقعة جنوب غرب، قرب الحدود الإدارية لمنطقة دنيبروبيتروفسك، في محاولة لتعزيز موقعها في أقصى الجنوب الغربي.
وأدى التقدم البطيء الذي تحرزه روسيا في شرق أوكرانيا، مع سيطرة موسكو على سلسلة من البلدات يوما بعد آخر، إلى تدمير مدن كبرى وبنية أساسية.
في غضون ذلك، زار الرئيس البولندي المنتهية ولايته أندريه دودا أوكرانيا أمس السبت، وحث كييف على التحلي بالصبر في أثناء تسليم السلطة إلى خلفه القومي كارول نافروتسكي.
وقال دودا للصحفيين في مؤتمر صحفي مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: "أرجو أن تتحلوا بالصبر… يبدو العالم مختلفا من خلف المكتب الرئاسي، ومختلفا قليلا عما يبدو عليه بالنسبة لمرشح في الانتخابات".
من جهته، اعتبر زيلينسكي أن "من الأهمية بمكان" الحفاظ على دعم بولندا، البلد المجاور والداعم لأوكرانيا في مواجهة الحرب الروسية، وذلك قبل بضعة أسابيع من تولي رئيس قومي الحكم، سبق أن أدلى بتصريحات انتقد فيها كييف.
وقال الرئيس الأوكراني خلال المؤتمر إن "بولندا قدمت دعما كبيرا لأوكرانيا على صعيد الدفاع" و"داخل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (ناتو)".
وأضاف زيلينسكي أنه "من الأهمية بمكان أن نحافظ على طبيعة هذه العلاقات وهذا الدعم"، مع إجراء "حوار محترم" بين البلدين، مؤكدا أن كييف "ستبذل ما في وسعها لتعزيز" العلاقات بينها وبين وارسو. وقال زيلينسكي إنه سيدعو نافروتسكي "بالطبع" إلى أوكرانيا بعد توليه منصبه.
وتمثل زيارة دودا بادرة تضامن أخيرة من أحد أكثر مؤيدي أوكرانيا في زمن الحرب مع استعداده لتسليم الرئاسة في أغسطس/آب المقبل.
وتكابد أوكرانيا لصد التقدم الروسي في ساحة المعركة والهجمات المكثفة بالصواريخ والطائرات المسيرة على مدنها مع تعثر الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب المستمرة للعام الرابع.
وقدمت بولندا المجاورة، التي لجأ إليها أكثر من مليون أوكراني منذ بدء الحرب الروسية في فبراير/شباط 2022، دعما إنسانيا وسياسيا وعسكريا مهما لكييف. لكن شعورا مناهضا للأوكرانيين يتنامى تدريجيا داخل قسم من المجتمع، الأمر الذي تسارعت وتيرته خلال الحملة الانتخابية.
وحظي نافروتسكي بدعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ووجه أيضا انتقادات متكررة لسعي أوكرانيا إلى الانضمام للاتحاد الأوروبي والناتو، فضلا عن اتهامه زيلينسكي "بالوقاحة".
وكان نافروتسكي مديرا لمعهد الذاكرة الوطنية في بولندا. وسبق أن مارس ضغوطا على أوكرانيا لتسمح بمواراة آلاف البولنديين الذين قتلوا في مجازر شهدتها فولينيا بين 1942 و1944. ولا يزال هذا الملف يثير توترا بين وارسو وكييف.
إعلانالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات القوات الأوکرانیة
إقرأ أيضاً:
هجوم روسيا الصيفي في أوكرانيا يترنّح: زخم ميداني دون مكاسب استراتيجية
القوات الروسية تسير نحو تحطيم رقمها القياسي في عدد العمليات الهجومية خلال شهر حزيران/يونيو، إلا أن الكثافة النارية لم تُترجم إلى مكاسب استراتيجية ملموسة، بحسب صحيفة "التلغراف" البريطانية. اعلان
رغم تصعيد غير مسبوق للهجمات على جبهات متعددة، تشير البيانات إلى أن الهجوم الصيفي الروسي في أوكرانيا بدأ يفقد زخمه بعد أسابيع قليلة من انطلاقه، دون تحقيق اختراقات حاسمة على الأرض، وفقًا لتحليل أجرته صحيفة "التلغراف" البريطانية.
وبحسب الصحيفة، فإن القوات الروسية تسير نحو تحطيم رقمها القياسي في عدد العمليات الهجومية خلال شهر حزيران/يونيو، إلا أن الكثافة النارية لم تُترجم إلى مكاسب استراتيجية ملموسة، إذ أخفقت موسكو في التقدّم ميدانيًا رغم التخطيط المطوّل خلال الشتاء وتجميعها لعدد كبير من الجنود وتحسين التنسيق بين الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة.
من خاركيف إلى دونيتسك: اختراقات محدودةامتد الهجوم الروسي من شمال شرق أوكرانيا في منطقتي سومي وخاركيف إلى جبهات دونيتسك ودنيبروبتروفسك. وفي شهر مايو، سجلت القوات الروسية أسرع معدل تقدم منذ نوفمبر الماضي، بمتوسط 5.5 ميل مربع يوميًا، أي ضعف المعدل في أبريل، بحسب "ديب ستيت" الأوكراني لرصد التحولات الميدانية.
وتركزت النجاحات المحدودة في منطقة دونيتسك، خصوصًا بين بوكروفسك وكوستيانتينيفكا، إلا أن الزخم بدأ يتلاشى بعد أسابيع من القتال، كما أكدت المحللة أنجيليكا إيفانز من معهد دراسة الحرب (ISW) للصحيفة: "القدرة على إطلاق مرحلة جديدة مفقودة حاليًا لدى الروس. ما يحدث اليوم هو استمرار لما بدأ في الربيع".
في سومي، توقفت القوات الروسية بشكل شبه كامل رغم محاولاتها للسيطرة على بلدة يونكيفكا القريبة من الطريق المؤدي إلى مركز المدينة. ويؤكد الخبير العسكري الأوكراني بافلو ناروجني أن سقوط البلدة قد يفتح الطريق للمدفعية الروسية نحو سومي نفسها، واصفًا ذلك بأنه "كارثة محتملة".
لكن القوات الأوكرانية نجحت في وقف التقدّم الروسي في المنطقة واستعادت بعض المواقع.
ويقول ضابط أوكراني رفيع يخوض القتال في محور كوبيانسك: "الهجوم الروسي قد تعثّر عمومًا. لديهم تفوق عددي في الجنود والطائرات المسيّرة، لكن مشاتهم غير مدربين إطلاقًا".
Relatedصواريخُ ومسيّرات.. لغة الحوار بين أوكرانيا وروسيا وترامب يرى أن بوتين يبحث عن مخرج35 ألف طفل أوكراني في عداد المختطفين... وأهالٍ يواجهون الخطر لاستعادتهم من روسياعودة مؤثرة لأسرى الحرب الأوكرانيين بعد الإفراج عنهم ضمن عملية تبادل جديدة مع روسياخطة بوتين: حزام عازل أم توسيع رقعة الحرب؟رغم أن الهدف المعلن للهجوم الروسي في سومي هو إنشاء منطقة عازلة على الحدود لمنع تسلل الطائرات المسيّرة الأوكرانية، فإن تصريحات الرئيس فلاديمير بوتين أوحت بنيّة أبعد، إذ قال خلال منتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي: "مدينة سومي هي التالية. لسنا مضطرين لأخذها، لكني لا أستبعد ذلك"، ما أعاد المخاوف من توسع الهجوم الروسي.
وفي تصريح بارز يوم الخميس، أكد القائد العام للجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي أن القوات الروسية توقفت عن التقدم في سومي، وأن الخطوط الأمامية قد استقرت.
جبهات موازية: الضغط على دونيتسك ودنيبروفي موازاة ذلك، تسعى روسيا لاختراق منطقة دنيبروبتروفسك والاستمرار في السيطرة الكاملة على إقليم دونباس، حيث تحاول الاستيلاء على كوستيانتينيفكا، المركز اللوجستي الحيوي للجيش الأوكراني، تمهيدًا للهجوم على كراماتورسك وسلوفيانسك.
لكن تحقيق ذلك يبدو بعيد المنال في ظل ضعف أداء القوات الروسية وتراجع قدراتها، إذ أشار ضابط أوكراني إلى أن "السيطرة على كراماتورسك تتطلب 100 ألف جندي إضافي، بينما تطلبت السيطرة على أوديفييفكا 40 ألفًا، وباخموت 70 ألفًا، مع وجود مرتزقة فاغنر المحترفين".
الاستنزاف والإنهاك بدل الحسمرغم تفوقهم العددي في بعض المحاور بنسبة 20 إلى 1، فشلت القوات الروسية في السيطرة على كوستيانتينيفكا، إذ صرح قائد أوكراني لـ "نيويورك تايمز" أن الروس يشنّون حتى 15 هجومًا أسبوعيًا في المنطقة، لكن الدفاع الأوكراني ما زال صامدًا.
أما الخبير العسكري نيك رينولدز من المعهد الملكي للخدمات المتحدة، فأوضح أن الروس "غير قادرين على مواصلة الضغط بسبب نقص الذخائر والمدرعات القابلة للإصلاح".
وفي بوكروفسك، تستمر المعارك بوتيرة عالية لكن بلا نتائج واضحة. وفي توريتسك، تباطأ التقدّم بسبب القتال في المناطق الحضرية.
منجم الليثيومفي تطور لافت، استولت القوات الروسية هذا الأسبوع على منجم لليثيوم قرب قرية شيفتشينكو غرب دونيتسك. ويُعد هذا المنجم من أغنى احتياطيات أوكرانيا من الليثيوم، ما يشكّل ضربة موجعة لخطط كييف التنموية طويلة الأمد.
حرب استنزاف طويلة المدىيرى خبراء أن روسيا اختارت نشر قواتها على امتداد الجبهات، في تكتيك يهدف إلى إنهاك الجيش الأوكراني بدل تحقيق اختراقات سريعة. ويقول رينولدز إن موسكو تسعى لـ"انهيار منظّم" للجيش الأوكراني بفعل الضغط المستمر، وهي بذلك تبني على ما تسميه "نظرية النصر العملياتية".
وتختتم المحللة أنجيليكا إيفانز: "ما نشهده هو استراتيجية لإجبار السكان على الرحيل، تمهيدًا للاستيلاء على المدن لاحقًا. الهدف الحقيقي هو السيطرة على كامل أوكرانيا، وليس فقط المناطق الأربع التي أعلنت روسيا ضمها في عام 2022".
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة