الانتخابات البرلمانية في جورجيا ومفترق طرق الاتحاد الأوروبي أو روسيا
تاريخ النشر: 25th, October 2024 GMT
موسكو– تنطلق في جورجيا غدًا السبت انتخابات برلمانية حاسمة، من المتوقع أن تؤثر نتيجة التصويت فيها إلى حد كبير على مسار السياسة الخارجية الذي ستختاره تبليسي، حيث تأتي في وقت يقف فيه المجتمع الجورجي على مفترق طرق بين الاتحاد الأوروبي وروسيا، ويصف مراقبون بأن هذا الاستحقاق يتراوح بين تخوف جزء من الجورجيين من الحرب وتعطش جزء آخر للحرية.
تقول المعارضة إنه بعد سن قوانين "العملاء الأجانب" و"شفافية النفوذ الأجنبي" و"حماية القيم العائلية" التي اعتمدها حزب "الحلم الجورجي" الحاكم، فقد بدأ تحول البلاد نحو روسيا والابتعاد في مقابل ذلك عن الانضمام للاتحاد الأوروبي، وتسبب اعتماد هذه القوانين في مايو/أيار الماضي في تدهور العلاقات بين أجنحة السلطة في البلاد بشكل كبير، كما أدى إلى احتجاجات جماهيرية.
كما عارضت هذه القوانين الدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، الذي أعلن تعليق عملية اندماج جورجيا في الاتحاد، بينما وصفت الرئيسة الجورجية سالومي زورابيشفيلي، التي تدعم المعارضة، قانون "النفوذ الأجنبي" بأنه تخريب للمسار الأوروبي لجورجيا.
علاوة على ذلك، قرر الاتحاد الأوروبي مراجعة نظام الإعفاء من التأشيرة للمواطنين الجورجيين، وجمدت بروكسل 30 مليون يورو مخصصة لوزارة الدفاع الجورجية، كما فرضت السلطات الأميركية عقوبات على تأشيرة الدخول ضد العشرات من المسؤولين الجورجيين، وأوقفت تقديم المساعدة لجورجيا بمبلغ يزيد على 95 مليون دولار.
وعلى الرغم من أن بروكسل أعلنت تجميد انضمام الجمهورية السوفياتية السابقة إلى الاتحاد الأوروبي، فإن الحكومة الحالية تؤكد أن هذا سيحدث بحلول عام 2030.
انتخابات حاسمةولأول مرة، سيتم إجراء الانتخابات البرلمانية في جورجيا بنظام نسبي، وليس بنظام الأغلبية النسبية المختلط كما كان من قبل، كما أنها ستكون أول انتخابات إلكترونية، حيث سيصوت ما يقرب من 90% من الناخبين باستخدام الأجهزة الإلكترونية المثبتة في مراكز الاقتراع.
وبناء على النتائج، سيتم توزيع المقاعد في البرلمان المكون من 150 مقعدًا، بين الأحزاب التي ستتخطى عتبة الـ5%، وإذا لم يحصل أحد على الأغلبية، فسيتعين على الأحزاب تشكيل حكومة ائتلافية، وهو ما تعول عليه المعارضة المنقسمة بين عدة قوى سياسية.
وفي المجمل، سيشارك 27 حزبا في الانتخابات، من أبرزها حزب "الحلم الجورجي" الذي أسسه رئيس الوزراء السابق الملياردير بيدزينا إيفانيشفيلي عام 2012، وسيشارك الحزب ضمن ائتلاف مع حزب "قوة الشعب".
ويعارض الحزب الحاكم 4 أحزاب كبيرة، تدافع عن مستقبل جورجيا في الاتحاد الأوروبي، وهي "التحالف من أجل التغيير"، و"جورجيا القوية"، و"من أجل جورجيا"، بالإضافة إلى "الوحدة – الحركة الوطنية"، الذي يضم الحزب الحاكم السابق "الحركة الوطنية المتحدة" الذي أسسه الرئيس السابق ميخائيل ساكاشفيلي.
نظمت أحزاب المعارضة مسيرات حاشدة في ميدان الحرية في تبليسي بعنوان "جورجيا تختار الاتحاد الأوروبي"، أعلنت فيها رئيسة البلاد سالومي زورابيشفيلي أن معظم أحزاب المعارضة وقعت خلال الحملة الانتخابية على "الميثاق الجورجي"، الذي يلزم -بعد الانتخابات- بإلغاء القوانين التي تتعارض مع المسار الأوروبي للبلاد وبتنفيذ الإصلاحات.
في المقابل يدعو حزب "الحلم الجورجي" الحاكم في برنامجه الانتخابي الناخبين إلى الاختيار بين السلام والحرب، ويلقي اللوم في احتمالية الحرب على ما يصفها بـ "تصرفات الغرب"، الذي يرى أنه يريد تحويل جورجيا وأوكرانيا إلى "وقود للمدافع ضد روسيا"، حسب وصفه.
وفي هذه الأجواء، اتهمت المعارضة حزب "الحلم الجورجي" مقدما بـ"تزوير" نتائج الانتخابات المقبلة، بينما أعلن الحزب الحاكم أن القوى الموالية للغرب تستعد لانقلاب في البلاد، كما أظهرت عدة استطلاعات للرأي تفاصيل متناقضة حول النتائج المتوقعة للانتخابات، فيما يبدو أنها جاءت اعتمادا على الجهة التي نشرتها.
فعلى سبيل المثال، نشر مركز "جوربي" للأبحاث بتكليف من قناة "إيميدي" التلفزيونية المقربة من السلطات، نتائج استطلاعات أجراها في الفترة من 12 إلى 21 من الشهر الجاري، تشير إلى توقع حصول "الحلم الجورجي" على 60.2% من الأصوات، وحزب "الوحدة – الحركة الوطنية" على 15.4%، و"الائتلاف من أجل التغيير" على 9%.
أما باقي الأحزاب، بحسب نتائج الاستطلاع، فلم تتجاوز نسبة الحسم الانتخابية، البالغة 5%، وفي هذه الحالة، سيحصل "الحلم الجورجي" على الأغلبية البرلمانية بـ107 مقاعد، حسب تقديراتهم.
من ناحية أخرى، قدمت شركة الاستشارات البريطانية "سافانتا"، بتكليف من مؤسسة حرية الإعلام وقناة "متافاري" التلفزيونية، نتائج استطلاع أكثر تأييدا للمعارضة.
ووفقا لهذه البيانات، فإن 35% من الناخبين سيعطون أصواتهم للحزب الحاكم، و52% للأحزاب المعارضة الأربعة الرئيسية، المؤيدة للانضمام للاتحاد الأوروبي، والتي وقعت على "الميثاق الجورجي"، ووفقا لهذا السيناريو، سيحصل ائتلاف المعارضة على الأغلبية في البرلمان بـ89 مقعدا.
يشار إلى أن ولاية الرئيسة الحالية للبلاد تنتهي في نهاية ديسمبر/كانون الأول القادم، ووفقا لتعديلات دستور عام 2017، سيتم انتخاب رئيس جديد للبلاد، لكن ليس من خلال الانتخابات العامة المباشرة، بل من خلال هيئة انتخابية مكونة من 300 مندوب، تشمل أعضاء البرلمان بالإضافة إلى ممثلين عن السلطات المحلية والإقليمية.
وبما أن نظام جورجيا جمهوري برلماني، فإن سلطات الحكومة الحقيقية تقع على عاتق رئيس الحكومة، بينما يؤدي الرئيس وظائف تمثيلية، وله أيضًا حق النقض، ومع ذلك، يمكن للبرلمان تجاوز هذا النقض من خلال تصويت الأغلبية، وهو ما جرى لتمرير مشروع قانون "العملاء الأجانب" على سبيل المثال، الذي تسبب في احتجاجات حاشدة في البلاد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الاتحاد الأوروبی الحلم الجورجی فی جورجیا
إقرأ أيضاً:
ترامب في أسكتلندا لإبرام اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي
تلتقي رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بالرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم الأحد لإبرام اتفاق تجاري، ومن المرجح أن يشمل فرض رسوم جمركية أساسية بنسبة 15% على معظم سلع الاتحاد الأوروبي، لكنه سينهي شهورا من حالة عدم اليقين التي سادت شركات الاتحاد الأوروبي.
وقال ترامب -الذي يزور أسكتلندا لبضعة أيام لممارسة رياضة الغولف وإجراء اجتماعات ثنائية- للصحفيين لدى وصوله مساء الجمعة، إن فون دير لاين قائدة تحظى باحترام كبير، وإنه يتطلع إلى لقائها في ملعب الغولف الخاص به في تيرنبيري.
احتمال 50%وقال إن ثمة احتمالا بنسبة 50% لتتوصل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي -المكون من 27 دولة- إلى اتفاق تجاري إطاري، مضيفًا أن بروكسل "تسعى جاهدة لإبرام اتفاق".
ويواجه الاتحاد الأوروبي رسوما جمركية أميركية على أكثر من 70% من صادراته، منها 50% على الصلب والألمنيوم، و25% على السيارات وقطع غيارها، و10% على معظم سلع الاتحاد الأوروبي الأخرى. وقال ترامب إنه سيرفع النسبة إلى 30% في أول أغسطس/آب، وهو مستوى صرّح مسؤولون في الاتحاد الأوروبي بأنه سيقضي على قطاعات كاملة من التجارة عبر الأطلسي.
وتلوح في الأفق رسوم جمركية إضافية على النحاس والأدوية.
وسينظر كثيرون في أوروبا إلى فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على معظم سلع الاتحاد الأوروبي، على أنها نتيجة سيئة مقارنة بالطموح الأوروبي الأولي المتمثل باتفاقية جمركية صفرية على جميع السلع الصناعية.
لكنها ستكون أفضل من 30%، وستزيل حالة عدم اليقين بشأن ظروف العمل التي أثرت بالفعل في أرباح الشركات الأوروبية. وبالنسبة لترامب، ستكون الصفقة مع الاتحاد الأوروبي أكبر اتفاقية تجارية، متجاوزة الاتفاقية البالغة 550 مليار دولار التي توصل إليها مع اليابان في وقت سابق من هذا الأسبوع.
ونجح ترامب -الذي يسعى لإعادة تنظيم الاقتصاد العالمي وتقليص العجز التجاري الأميركي المستمر منذ عقود- في إبرام اتفاقيات مع بريطانيا واليابان وإندونيسيا وفيتنام، على الرغم من أن إدارته لم تف بوعدها بإبرام "90 اتفاقية خلال 90 يوما".
إعلان جائزة ضخمةوستكون اتفاقية الاتحاد الأوروبي بمثابة جائزة ضخمة، نظرًا إلى أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يُعدّان أكبر شريكين تجاريين لبعضهما البعض بفارق كبير، ويمثلان ثلث التجارة العالمية.
وعلى الرغم من قرب التوصل إلى اتفاق، فإنه لا يزال يتطلب بعض المفاوضات النهائية. وغادر الممثل التجاري الأميركي جيمسون غرير ووزير التجارة هوارد لوتنيك واشنطن إلى أسكتلندا أمس السبت لإجراء محادثات مع مفوض التجارة بالاتحاد الأوروبي ماروس سيفكوفيتش، الذي سيسافر كذلك إلى أسكتلندا قبل اجتماع ترامب وفون دير لاين.
ونقلت رويترز عن مسؤول في إدارة ترامب لم تسمه، قوله: "نحن متفائلون بحذر بشأن التوصل إلى اتفاق. لكنّ الأمر لن ينتهي إلا بعد انتهائه".
وإذا لم يحصل التوصل إلى اتفاق وفرضت الولايات المتحدة رسوما جمركية بنسبة 30% اعتبارا من أول أغسطس/آب، سيجهّز الاتحاد الأوروبي رسوما جمركية مضادة على سلع أميركية بقيمة 93 مليار يورو (109 مليارات دولار).
وقال دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي إن الاتفاق المحتمل سيشمل على الأرجح فرض رسوم جمركية واسعة بنسبة 15% على سلع الاتحاد الأوروبي المستوردة إلى الولايات المتحدة، على غرار الاتفاق الأميركي الياباني، إلى جانب رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات الصلب والألمنيوم الأوروبية.
وقال ترامب للصحفيين إنه "لا يوجد مجال كبير" للمناورة بشأن الرسوم الجمركية البالغة 50% التي تفرضها الولايات المتحدة على واردات الصلب والألمنيوم، مضيفًا: "لأنني إذا فرضتها على دولة واحدة فعليّ فرضها على الجميع".
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت واشنطن ستعفي واردات الاتحاد الأوروبي من الرسوم الجمركية القطاعية الأخرى على السيارات والأدوية وغيرها من السلع التي أُعلن عنها بالفعل أو لا تزال قيد التنفيذ، على الرغم من أن مسؤولي الاتحاد الأوروبي يأملون في أن تُطبق الرسوم الجمركية الأساسية البالغة 15% أيضًا على السيارات والأدوية.