فرنسا تعرب عن أسفها إزاء قرار الكنيست بحظر أنشطة الأونروا في إسرائيل
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
أعربت فرنسا عن أسفها الشديد لاعتماد البرلمان الإسرائيلي قانونين يهدفان إلى حظر أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في إسرائيل.
ماكرون: 10 مليون مغربي أسهموا في بناء فرنسا بعد الحرب
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية اليوم الثلاثاء، إن تنفيذ هذه القوانين سيكون له عواقب وخيمة للغاية على الوضع الإنساني الكارثي بالفعل في غزة، وأيضا في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة، مما يحرم مئات الآلاف من المدنيين من المساعدات الأساسية من حيث المأوى والرعاية والتعليم والغذاء.
وأضاف أن الأونروا لعبت، لأكثر من 70 عاما، دورا أساسيا في توفير السلع والخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية وفي القدس الشرقية وفي غزة، وأيضا في الدول التي تستضيفهم في لبنان والأردن وسوريا.
وتؤكد فرنسا مجددا دعمها للأونروا، وستواصل ضمان تنفيذ الإصلاحات اللازمة لحياد عملها، كما ستواصل دعمها لجميع الوكالات الأممية العاملة هناك دعما للسكان الفلسطينيين.
وكان الكنيست قد أقر بأغلبية ساحقة أمس الإثنين، مشروع قانون يحظر أنشطة الأونروا داخل إسرائيل. كما تم إقرار مشروع قانون يحظر الاتصال مع الوكالة الأممية .
وقدمت الأونروا على مدار أكثر من سبعة عقود مساعدات أساسية للفلسطينيين، ونددت بهذا الإجراء "الفاضح" في حقها. وقال فيليب لازاريني، المفوض العام للوكالة الأممية إن الحظر "يُمثل سابقة خطرة" ويشكل أحدث حلقة في "حملة مستمرة لتشويه سمعة" الوكالة، معتبرا أن هذا الإجراء "سيزيد معاناة الفلسطينيين".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: فرنسا قرار الكنيست أنشطة الأونروا إسرائيل
إقرأ أيضاً:
من إنكار الوجود إلى قتل الشهود.. لماذا تقتل إسرائيل الصحفيين الفلسطينيين؟!
قتلت إسرائيل 238 صحفيّا فلسطينيّا في قطاع غزّة منذ أن بدأت إبادتها للفلسطينيين في القطاع، فبعد استهدافها مراسلي ومصوري قناة الجزيرة، أنس الشريف ومحمد قريقع، وإبراهيم ظاهر، ومؤمن عليوة، ومحمد نوفل، اغتالت الصحفي محمد الخالدي. وإذا كانت هذه السياسة أكثر انكشافا وعنفا أثناء الإبادة؛ فإنّها ليست جديدة بالنسبة للسياسات الإسرائيلية، فقد مضت أكثر من ثلاث سنوات على اغتيال قوات الاحتلال لمراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة على مدخل مخيم جنين، وذلك علاوة على استشهاد صحفيين آخرين، واعتقال غيرهم، وإغلاق العديد من المؤسسات الإعلامية الفلسطينية، واعتقال النشطاء الفلسطينيين بتهمة تعبيرهم عن آرائهم الوطنية على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك في حين ما يزال قرار إغلاق قناة الجزيرة في الأراضي المحتلة عام 1948 والضفة الغربية جاريّا، مما يعني أن قتل صحفييها ومراسليها ومصوريها يأتي في سياق إنفاذ القرار في غزّة بقوّة النيران.
تأتي سياسة قتل الصحفيين الفلسطينيين في قلب السياسة الاستعمارية الإسرائيلية عموما، والإبادية خصوصا، وذلك لأنّ الاستعمار الصهيوني في جوهره تأسس على النفي؛ النفي الفيزيائي للسكان الأصليين، بإنكار وجودهم أولا، وتاليا بمحاولة تحقيق هذا الإنكار بالقوّة المسلحة، من خلال عمليات التشريد والتطهير العرقي، وبما أن العدوانية الإسرائيلية المنفلتة، والمدعومة من المغرب، والمعززة بكون الفلسطينيين وحدهم في مواجهة هذا النمط الاستعماري الفريد، لم تتمكن من اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم تماما، وبعد أن نفت إسرائيل عنهم هويتهم الفلسطينية وجعلتهم مجرد عرب يعيشون في "أرض إسرائيل التاريخية"، فإنّها نفت عنهم إنسانيتهم. فوصف سكان قطاع غزّة بأنّهم حيوانات بشرية، لم يكن انفعالا طارئا بعد السابع من أكتوبر، تأتي سياسة قتل الصحفيين الفلسطينيين في قلب السياسة الاستعمارية الإسرائيلية عموما، والإبادية خصوصا، وذلك لأنّ الاستعمار الصهيوني في جوهره تأسس على النفيوإنّما كان تعبيرا عن موقف إسرائيلي عميق يصطدم بالسكان الأصليين بوصفهم حقيقة، وهو ما يستدعي الانتقاص من آدميتهم، ليس فقط لتسهيل إبادتهم، ولكن لتسهيل الحياة الاستعمارية وتدعيم الوعي القومي الإسرائيلي، بمعنى أنّ السردية الإسرائيلية تحتاج في نفس الأمر، وبقطع النظر عن السياسات الإبادية، إلى انتقاص آدمية العدوّ الأساس لإسرائيل.
قتل الصحفي يستند في أساسه إلى هذا التصوّر، فأن يمتلك "الآدمي الناقص" أو "الحيوان البشري" وسيلة إعلامية فهو أمر شاذ، يخالف منطق الطبيعة. الفلسطيني لا حياة آدمية كاملة له، وبذلك، فهو لا ينبغي أن تكون له مظاهر الحياة المدنية الإنسانية، من منازل، ومدارس، ومستشفيات، ومساجد، وما سوى ذلك، وهو أقلّ شأنا من أن يقول الشعر ويصنع الموسيقى، ومن كان هذا حاله كيف يعمل في الصحافة، وتكون له مؤسسات إعلامية. على أية حال، هكذا صوّرت الحركة الصهيونية السكان الأصليين لفلسطين قبل النكبة، جعلتهم مجتمعات بدائية، مجرّدة من الوعي بلوازم العمران الإنساني، وبمرور الوقت، نزلت بهم في تصوّرها إلى منزلة الحيوانات البشرية، وهو أمر بالضرورة سهّل الإبادة الجماعية بهذا النحو المريع، المنفلت من أيّ كابح، ولأنّ الإسرائيلي تعوّد أن يكون ذا دلال على العالم، يستبطن استحقاقا له على أهل الكوكب، فهو يفترض أن رؤيته للفلسطينيين ينبغي أن تكون رؤية العالم كله.
يزداد الأمر توترا في عقل الإسرائيلي ودوافعه حينما يؤكد الفلسطيني أنّه في موقع مضادّ تماما للتصوّر الإسرائيلي عنه. مثلا، عززت إسرائيل من سياسات التجويع في الشهور الأخيرة لتكون مطبقة، بالرغم من كونها سياسة موجودة منذ بداية الإبادة، بوصفها واحدة من أدوات تركيع الغزيين، لكن ومع طول أمد الحرب دون وصول الإسرائيلي إلى الحسم المطلوب؛ رفع التجويع إلى درجة الإطباق الكامل، مع إنكار إسرائيلي معتاد لوجود مجاعة مفروضة منه في غزّة. ليست مشكلة الإسرائيلي فقط في انكشاف سرديته، ولكن أيضا في كون من كشف هذه السردية وفضحها وردّها سلاحا في وجه صاحبها هو شاب فلسطيني، اسمه أنس الشريف، وهذه هي عقدة الإسرائيلي؛ أن يكون الفلسطيني فاعلا وقادرا على المواجهةأنس الشريف وغيره من الصحفيين الفلسطينيين تمكنوا من تحطيم السردية الإسرائيلية، وتكذيب ادعاءاتها، وتحويل السياسة التي أريد منها تركيع الفلسطينيين إلى سلاح بيد الفلسطينيين يفضح العدوانية الإسرائيلية أمام الرأي العام العالمي.
ليست مشكلة الإسرائيلي فقط في انكشاف سرديته، ولكن أيضا في كون من كشف هذه السردية وفضحها وردّها سلاحا في وجه صاحبها هو شاب فلسطيني، اسمه أنس الشريف، وهذه هي عقدة الإسرائيلي؛ أن يكون الفلسطيني فاعلا وقادرا على المواجهة، فكما أنّ نزعة التفوق العنصري عانت ارتباكا مريريا مع السابع من أكتوبر، فإنّ الإسرائيلي ما زال غير قادر على تصوّر الفاعلية الفلسطينية في غزة بعد 675 يوما على الإبادة الجماعية، وهو اليوم الذي استشهد فيه أنس ورفاقه.
علاوة على النية الإسرائيلية الواضحة بـ"تطهير" الميدان من أي صحفي، وكاميرا، وطمس الصورة، والكتم المسبق للصوت، على مشارف تشريد سكان مدينة غزة، ثم الشروع في تدميرها بالكامل وقتل من تبقى من سكانها، وهو ما احتاج إلى قتل ما تبقى من مراسلي قناة الجزيرة والعاملين معها، فيجب التنويه إلى عناصر أخرى في الدافعية العنصرية الإسرائيلية، من قبيل أنّ الفلسطيني لا يستحقّ التعاطف، وهو أقلّ شأنا من أن تُغطى إبادته. هذا الاختلال الآدمي في التعامل مع الفلسطيني لا يختلف جوهريّا عمّن لا يعترض على الإبادة ولكنه يعترض على التجويع، فقتل الفلسطيني مقبول عند الغرب، ولكنه يفضل ألا يُقتل وهو جائع، أي ينبغي عند الغربيين تحسين الشروط الإنسانية الشكلية للإبادة!
x.com/sariorabi