عقد المجلس الأعلى للثقافة ندوة بعنوان «وفاء النيل عند المصريين فى الثقافة الشعبية»، في إطار الاحتفال بعيد وفاء النيل وضمن مبادرة «النيل عنده الكثير» التي يشرف على تنفيذها مستشار وزير الثقافة للحوار والتنمية أكير تادرس، تحت رعاية وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو، والأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة الدكتور أشرف العزازى.

أدار النقاش بالندوة وفقا لبيان المجلس، الدكتورة إيمان نجم رئيسة الإدارة المركزية للشؤون الأدبية والمسابقات، وشارك فيها نخبة من الباحثين والأكاديميين والمبدعين وهم الدكتورة أمانى الجندى مدير عام الإدارة العامة لمنح التفرغ ورعاية الفنانين والأدباء، والدكتورة علا العبودى الأستاذة بكلية الآثار والحضارة المصرية القديمة جامعة القاهرة، والدكتور محمد عفيفى أستاذ التاريخ بكلية الآداب جامعة القاهرة، وبحضور كوكبة من المهتمين بالشأن الثقافي والتراث الشعبي.

وأكد الدكتور محمد عفيفي، أن شهر أغسطس يمثل شهر الفيضان هو رمز الخير الوفير لمصر، وهذا بفضل ما يقدمه نهر النيل من عطاء في ذلك التوقيت كل عام، موضحا أنه إن ذكر النيل ذكر التاريخ فبدونه ما كان وجد لمصر تاريخ، بل وما وجدت مصر من الأساس، فبدونه تتحول خريطة مصر إلى مجرد صحراء جرداء ممتدة شرقًا وغربًا.

وتابع مستندًا إلى عبارة المؤرخ الإغريقي هيرودوت «مصر هبة النيل»، لافتا إلى أن مصر في حقيقة الأمر تُعد كذلك هبة المصريين القدماء الذين أحسنوا التعامل مع هذا النهر العظيم وترويضه، واكتشفوا الزراعة وتنقلوا عبره بكل براعة، ومن هنا ولدت أول دولة مركزية فى التاريخ، مشيرًا إلى أن الحضارات بشكل عام دائمًا ما كانت تولد وتتشكل على ضفاف الأنهار.

وأوضح «أن أول مدارس للري وجدت في مصر القديمة كذلك، وهو ما يؤكد اهتمامهم بالنيل لدرجة أن حكام مصر القديمة كان أول ما يشغل بالهم هو تأمين منابعه جنوبًا»، مؤكدا أن نهر النيل هو أساس الحياة لمصر وسيظل كذلك، كما أنه منذ فجر التاريخ يمثل خط الدفاع الأول لها في ذات الوقت.

من جانبها.. قالت الدكتورة علا العبودي: «إن نهر النيل يمثل نبض القلب للحضارة المصرية»، منتقدة الاعتقاد الشائع بأن أصل كلمة «نيل» يعود إلى الحضارة الفينيقية، مؤكدة أن هذا الطرح في حد ذاته يمثل انتقاصًا من شأن الحضارة المصرية القديمة التي كانت السباقة في صياغة المفاهيم، والتي مازالنا نردد العديد من كلمات لغاتها حتى يومنا هذا.

وأوضحت أن نهر النيل كان عنصرًا يُعتمد عليه لانتظام فيضانه وعدم تدميره للأرض، مما ساهم في نشوء مراكز حضارية توحدت لاحقًا في ممالك تحت حكم ملك واحد، وقد ازدهرت الزراعة والتجارة والحرف في مصر القديمة على ضفتي وادي النيل، وأكدت أن «حجر بالرمو» وثقَّ أهم أحداث العام التي عاشها المصري القديم، وفي مقدمتها ارتفاع منسوب فيضان النيل، وبيّنت أن للنيل حدودًا طبيعية ساهمت في حماية حدود مصر، مثل دلتا النيل ذات الأحراش والجنادل والصخور الجرانيتية جنوبًا، والتي شكلت حواجز طبيعية بدورها، كما عُرف المصري القديم ببراعة البناء والتحصين، مثل برك التماسيح التي كانت تمثل حصونًا مائية في أبهى صور العبقرية والبراعة في استغلال عناصر الطبيعة لحماية أرض الوطن، ويظهر ذلك في مقبرة «أورخيا» بسقارة، والتي ترجع إلى عهد رمسيس الثاني، حيث صوّرت عبور الجيش المصري القديم جسرًا تحته بركة صناعية مليئة بالتماسيح.

وحول النيل في الموروث الملكي والثقافي لمصر القديمة، أشارت إلى أن ارتفاع منسوب النيل مؤشرًا مباشرًا للرخاء أو القحط، وذلك على النحو التالي: 12 ذراعًا هو فيضان منخفض يسبب قلة المحاصيل و14 ذراعًا يمثل وفرة ملائمة لإنتاج المحاصيل و16 ذراعًا هو فيضان مثالي يجلب الخير والرخاء، كما ارتبط النيل بمواسم الزراعة الثلاثة في مصر القديمة وهي أخِت «Akhet» موسم الفيضان من منتصف يوليو حتى منتصف نوفمبر، وبرِت «Peret» موسم البذر والنمو من منتصف نوفمبر حتى منتصف مارس، وشِمو «Shemu» موسم الحصاد من مارس حتى يوليو.

وأشارت إلى أهمية النيل وقيمته الكبيرة في الثقافة الشعبية المصرية، موضحة أنه شكّل مسرحًا حيًّا احتضن الفنون الأدبية والفلكلورية كالأراجوز وحكايات الانتماء للأطفال، باعتباره وعاءً يضم ملامح الثقافة المصرية بأسرها، موضحة أن سيرة «سيف بن ذي يزن» الملك الحبشي ذو الجذور العربية ورحلة حروبه الطويلة التي كان بطلها النيل، وما تخلل ذلك من محاربته للأحباش من أجل الحصة المائية، مضيفة أن أهل النوبة اعتادوا منذ القدم إلقاء القصائد الشعرية في النيل ليزداد خصوبة، إذ يُعد رمزًا للحياة والعطاء.

وعن علاقة النيل بالأغنية المصرية، أشارت إلى ما قدمه كبار الفنانين مثل كوكب الشرق أم كلثوم وموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب والعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، مما ساهم بدوره في تخليد صورة النهر في الوجدان المصري والعربي بل وعلى الصعيد العالمي كذلك، وفي اختتام حديثها استشهدت ببيت شعري للشاعر الفلسطيني الكبير الراحل محمود درويش «لا أحَدٌ يُسَمِّى نفسَهُ أَحدًا (أنا اُبنُ النيل - هذا الاسم يكفيني)، ومنذ اللحظة الأولى تُسَمِّى نفسك «ابن النيل» كي تتجنَّب العَدَم».

اقرأ أيضاًالمجلس الأعلى للثقافة يعلن عن الدورة الثانية لبرنامج التدريب الصيفي للشباب

وزيرة الثقافة تجتمع بمقرري لجان الأعلى للثقافة | صور

للتصويت على جوائز الدولة 29 يوليو.. انعقاد المجلس الأعلى للثقافة بتشكيله الجديد

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الثقافة الأعلى للثقافة وزارة الثقافة وزير الثقافة الحضارة المصرية المجلس الأعلى للثقافة الثقافة الشعبية عيد وفاء النيل ارتفاع منسوب النيل أحمد فؤاد هنو مصر هبة النيل أهمية النيل موسم الفيضان الأعلى للثقافة مصر القدیمة نهر النیل

إقرأ أيضاً:

في لفتة وفاء.. أبناء دار التوجيه الاجتماعي بالدمام يكرمون معلميهم

جسّد أبناء دار التوجيه الاجتماعي بالدمام أسمى معاني التقدير والوفاء، وذلك خلال احتفال نظمته الدار بمناسبة اليوم العالمي للمعلم، تكريماً للمعلمين العاملين في المدرسة الملحقة بالدار وتقديراً لرسالتهم السامية في بناء الأجيال.أجواء الفرحة وسط فقرات متنوعةوفي أجواء غمرتها البهجة ومشاعر الامتنان، شهد الحفل حضوراً مميزاً من الأبناء المقيمين ومنسوبي الدار، حيث تحول الاحتفال إلى منصة عبر من خلالها الأبناء عن شكرهم العميق لمعلميهم.
وقدم الأبناء فقرات متنوعة أظهرت حجم الأثر الإيجابي الذي يتركه هؤلاء المعلمون في نفوسهم، عاكسين بذلك العلاقة الوطيدة التي تجمعهم بمن كان لهم دور الأب والمرشد.
أخبار متعلقة نائب أمير الشرقية يشيد بجهود الاتحاد السعودي لكرة اليد ويبحث خططه التطويريةأمير الشرقية يستقبل مجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة اليد .article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } في لفتة وفاء.. أبناء دار التوجيه الاجتماعي بالدمام يكرمون معلميهم - اليوم في لفتة وفاء.. أبناء دار التوجيه الاجتماعي بالدمام يكرمون معلميهم - اليوم في لفتة وفاء.. أبناء دار التوجيه الاجتماعي بالدمام يكرمون معلميهم - اليوم var owl = $(".owl-articleMedia"); owl.owlCarousel({ nav: true, dots: false, dotClass: 'owl-page', dotsClass: 'owl-pagination', loop: true, rtl: true, autoplay: false, autoplayHoverPause: true, autoplayTimeout: 5000, navText: ["", ""], thumbs: true, thumbsPrerendered: true, responsive: { 990: { items: 1 }, 768: { items: 1 }, 0: { items: 1 } } });ترسيخ قيمة احترام المعلمويأتي هذا الاحتفال في إطار حرص دار التوجيه الاجتماعي على ترسيخ قيمة احترام المعلم وتقدير دوره المحوري الذي لا يقتصر على التعليم الأكاديمي فحسب، بل يمتد ليشمل التربية والتوجيه وبناء شخصية الأبناء ليكونوا أفراداً صالحين ومنتجين في مجتمعهم.
وأكدت هذه المبادرة الفريدة على أن رسالة المعلم تتجاوز جدران الفصول الدراسية التقليدية لتصل إلى قلوب الأبناء في مختلف الظروف، وأن تقديره واجب إنساني واجتماعي تحتفي به كافة قطاعات المجتمع، وفي مقدمتها مؤسسات الرعاية التي ترى في المعلم شريكاً أساسياً في تحقيق أهدافها التربوية والإنسانية.

مقالات مشابهة

  • زعيم الأغلبية: فوز مصر بمنصب مدير عام اليونسكو يمثل انتصارًا للدبلوماسية المصرية
  • «أكتوبر انتصار غيّر التاريخ».. ندوة بالمجلس الأعلى للثقافة احتفالًا بذكرى العبور المجيد
  • تعليم الفيوم ينظم ندوة عن ذكرى حرب أكتوبر
  • في لفتة وفاء.. أبناء دار التوجيه الاجتماعي بالدمام يكرمون معلميهم
  • مفكر روسي: انتخاب العناني لرئاسة اليونسكو تعبير عن كل إنسان يعشق الثقافة المصرية العريقة
  • الثقافة تحتفل بالذكرى 52 لانتصارات أكتوبر بمشاركة شاكر والحلو بدار الأوبرا المصرية
  • وزير الثقافة: انتصارات أكتوبر ستظل مصدر فخر وإلهام للأمة المصرية
  • عمرو موسى: فوز خالد العناني برئاسة اليونسكو يمثل حدثًا مهمًا وفخرًا لمصر
  • احتفاءً بالمتميزين.. مستشفى الأطفال الجامعي بأسيوط ينظم يوم «الوفاء والتميز»
  • بعد السودان ارتفاع منسوب مياه النيل يهدد المحافظات المصرية