منظمة إنقاذ الطفولة دعت المجتمع الدولي بشكل عاجل إلى اتخاذ إجراءات سياسية هادفة وعاجلة لمعالجة هذه الأزمة في السودان.

بورتسودان: التغيير

قالت منظمة إنقاذ الطفولة، إن أكثر من 2.8 مليون طفل رضيع وصغار ومرحلة ما قبل المدرسة نزحوا الآن في جميع أنحاء السودان، مع أرقام جديدة أصدرتها المنظمة الدولية للهجرة تُظهر أن أكبر أزمة نزوح في العالم تتدهور بسرعة بالنسبة للأطفال.

وأضافت المنظمة في بيان اليوم الأربعاء: “أُجبر حوالي 11 مليون شخص في السودان- أو 30٪ من السكان- على ترك منازلهم، بما في ذلك النازحون قبل وبعد تصاعد الصراع الأخير في أبريل 2023”.

وأوضحت “أن الأعداد ارتفعت بمقدار 200 ألف في الشهر الماضي وحده، مع وجود المزيد من الأشخاص. نزح أكثر من 45,000 شخص في ولاية الجزيرة، بينهم 27,000 طفل خلال الأيام السبعة الماضية”.

أكثر من النصف

وأضافت أن الأرقام الجديدة تكشف أن أكثر من نصف الـ11 مليون نازح- أو 5.8 مليون- هم من الأطفال دون سن 18 عامًا، وأكثر من ربعهم- أو 2.8 مليون- هم من الأطفال دون سن الخامسة [2].

وتابعت: “هؤلاء الأطفال الصغار معرضون للخطر بشكل فريد، وعلى الرغم من نزوحهم، فإن العديد منهم سيفتقدون أساسيات الطفولة المبكرة- بما في ذلك اللقاحات والمياه النظيفة والرعاية الصحية والطعام المغذي والمأوى من الحرارة والبرد الشديدين”.

وأشار البيان إلى أنه في حين يعيش حوالي نصف هؤلاء الأطفال الآن في مجتمعات مضيفة، يعيش النصف المتبقي في ظروف يائسة، حيث يعيش 18% في مخيمات النزوح، و16% في مخيمات غير رسمية أو في العراء، و9% في المدارس الضيقة أو المباني العامة الأخرى.

ونوه إلى أن العديد من هؤلاء الأطفال يتشاركون مساحتهم مع أشخاص بالغين لا يعرفونهم، ولا تتوفر لهم سوى إمكانية محدودة أو معدومة للحصول على المياه والصرف الصحي.

وأكد تعرض الفتيات بشكل خاص للخطر، حيث أن أكثر من 3.2 مليون من الأطفال النازحين هم فتيات تحت سن 18 عامًا، ويواجهن تهديدات خاصة بالعنف الجنسي أو الاغتصاب أو الزواج المبكر أو القسري.

وذكر البيان أن ولاية البحر الأحمر شرقي البلاد تشهد أعلى نسبة من الأطفال النازحين، حيث يشكل الأطفال 60% من إجمالي النازحين، تليها ولاية وسط دارفور بنسبة 57%.

وقال إن أكثر من ثلث هؤلاء الأطفال والأسر النازحين الآن في السودان هم من العاصمة الخرطوم، التي شهدت بعضًا من أعنف المعارك خلال الصراع، تليها جنوب دارفور (19%) وشمال دارفور (15%).

وضع يخرج عن السيطرة

وقال محمد عبد اللطيف، المدير القطري المؤقت لمنظمة إنقاذ الطفولة في السودان: “الرضع والأطفال الصغار ومرحلة ما قبل المدرسة– يعيش الملايين من الأشخاص الأكثر ضعفًا في العالم حاليًا في بعض من أسوأ الظروف في العالم. على العالم واجب رعاية الأطفال ونحن نخذلهم”.

وأضاف: “عندما يضطر الناس إلى الفرار من منازلهم بسبب العنف، عادة ما تكون النساء والأطفال هم من يذهبون أولاً– وكثيراً ما نرى مخيمات النازحين مليئة بالأطفال. ولكن عدد الأطفال النازحين في السودان- وخاصة صغر سنهم وضعفهم- مذهل”.

وتابع عبد اللطيف: “إن الوضع في السودان يخرج عن نطاق السيطرة، وكل يوم يتعرض المزيد والمزيد من الأرواح للخطر بسبب أعمال القتل والعنف والنزوح. لقد أصبحت هذه واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية تدميراً في العالم، لكن العالم لا ينتبه لها”.

وأشار البيان إلى أنه في الأسبوع الماضي وحده، قُتل ما لا يقل عن 10 أطفال، من بينهم أطفال لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات، وأصيب ما لا يقل عن 43 طفلاً في ولاية الجزيرة. أبلغت الأمم المتحدة عن تعرض فتيات لا تتجاوز أعمارهن 13 عامًا للاغتصاب والاعتداء الجنسي. لقد سمعنا أيضًا تقارير عن احتجاز الأطفال، وتدمير المنازل على نطاق واسع، والنزوح الجماعي، حيث سارت العائلات لعدة أيام للوصول إلى بر الأمان”.

وزاد: “إننا ندعو المجتمع الدولي بشكل عاجل إلى اتخاذ إجراءات سياسية هادفة وعاجلة لمعالجة هذه الأزمة، من أجل وقف فوري لإطلاق النار والتقدم نحو اتفاق سلام دائم”.

الوسومالأطفال الاغتصاب البحر الأحمر السودان بورتسودان دارفور منظمة إنقاذ الطفولة ولاية الجزيرة

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الأطفال الاغتصاب البحر الأحمر السودان بورتسودان دارفور منظمة إنقاذ الطفولة ولاية الجزيرة منظمة إنقاذ الطفولة هؤلاء الأطفال فی السودان من الأطفال فی العالم أکثر من

إقرأ أيضاً:

«كوشيب» مرآة منظومة الإنقاذ في السودان

«كوشيب» مرآة منظومة الإنقاذ في السودان

د. الشفيع خضر سعيد

إدانةُ المحكمة الجنائية الدولية لعلي كوشيب، أحد أبرز قادة مليشيا الجنجويد والمتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية في دارفور، ستظل قطرة في بحر العدالة التي ما زال السودانيون عامة وأهل دارفور خاصة ينتظرونها، والتي لن تكتمل إلا بمحاكمة ومحاسبة شاملة، قانونية وأخلاقية وسياسية، لنظام الإنقاذ، منظومة ومنتسبين، الذي أنجب كوشيب وصاغ الإطار الفكري والسياسي والأمني الذي جعل من أمثاله أدوات طيّعة لتنفيذ سياساته في القمع والإبادة. والإدانة، رغم أهميتها، تظل محدودة في نطاقها، لأنها تستهدف الفاعل الميداني بينما يبقى العقل المدبر، نظام البشير، بمنأى عن المحاكمة القانونية حتى الآن، رغم أن الشعب السوداني حاكمه سياسيا وأخلاقيا قبل ست سنوات.

وكوشيب لم يكن حالة استثنائية أو انحرافاً عن المسار، بل كان مرآة صافية تعكس وجه نظام الإنقاذ كما هو، عقل يخطط من مركز القيادة، وذراع تبطش على الأرض. ولوائح الاتهام الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، كشفت عن الترابط القانوني بين جرائمه ونظام البشير الذي أعلن «النفرة العامة لمحاربة التمرد في دارفور» في ديسمبر/كانون الأول 2003، وكُلِّف كوشيب، بصفته أحد أعضاء المنظومة الأمنية، بإعداد قوات «المجاهدين/الجنجويد» وزُوّد بالسلاح والمال، وكان يتحرك في كنف رسمي، يرافق قيادات النظام في جولاتهم الميدانية، ويلقي خطبه معرفاً الجنجويد باعتبارهم «قوات حكومية» لإجتثات التمرد. بهذا المعنى، ووفق حيثيات الحكم، فإن الجرائم التي ارتكبت في دارفور لم تكن تجاوزات فردية، بل كانت تنفيذا حرفيا لسياسات مدروسة، صيغت في مكاتب النظام وأُنجزت في الجثث المتناثرة والقرى المحروقة.

ونظام الإنقاذ استخدم ميليشيات الجنجويد كأداةٍ لمهمة مزدوجة، قمع الحركات المسلحة المعارضة من جهة، وإعادة هندسة التركيبة الديموغرافية في دارفور من جهة أخرى. وفي هذا السياق فإن كوشيب، «الوسيط» بين قيادات ميليشيا الجنجويد وبين حكومة الإنقاذ، لم يكن سوى ترس في آلة إبادة أكبر جرى تنسيقها من أعلى الهرم، ممثلاً لتجسّد العنف الرسمي في أكثر أشكاله فجاجةً ودمويةً. إن الجرائم التي شهدها إقليم دارفور لم تكن تفلتات أو انتقامات شخصية، بل كانت سياسة نظام تنتهج التطهير العرقي والإبادة، متكئة على أيديولوجيا جمعت بين التديّن المظهري والعنف المؤسسي. كانت خطة منهجية لتحطيم كل من يعترض، ولإخضاع المجتمع كله لمنطق السلطة والتمكين، متسببةً في واحدة من أخطر الأزمات الإنسانية في أوائل القرن الحادي والعشرين، حسب وصف منظمة الأمم المتحدة.

إنّ ادانة كوشيب، هي اعتراف مهم بالمعاناة الهائلة التي تكبدها ضحايا جرائمه البشعة، وأول إجراء للإنصاف طال انتظاره، كما وصفها فولكر تورك المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان. وهي خطوة في طريق إنصاف الضحايا وأسرهم في مثل هذه القضايا التي لا تسقط بالتقادم ولا يجوز العفو فيها، على حد قول الأستاذ صالح محمود رئيس هيئة «محامو دارفور» مطالبا بتسليم رأس نظام الإنقاذ البشير والمتهمين الآخرين للجنائية الدولية. كما أنها خطوة حاسمة نحو سد فجوة الإفلات من العقاب في دارفور، وترسل رسالة مدوية لمرتكبي الفظائع في السودان، في الماضي والحاضر، بأن العدالة ستنتصر، وفق تصريح نزهت شميم خان، نائبة المدعي العام.

لكن الإدانة، رغم أهميتها التاريخية، تبقى مجرد بداية على طريق العدالة في دارفور. فتحقيق العدالة الحقيقية يتطلب محاكمة نظام الإنقاذ بأكمله، قادة ومنفذين، محاكمة قانونية وسياسية وأخلاقية. وعندها فقط يمكننا البدء في التئام جروح دارفور وإرسال رسالة قوية مفادها أنه لن يتم التسامح مع الإفلات من هم الفظائع الجماعية في العالم الحديث.

صحيح أن المحاكمة القانونية لنظام البشير بالكامل تواجهها عقبات وتحديات سياسية وقانونية معقدة، منها أن إدانة كوشيب تأتي في وقت تنزلق فيه دارفور مرة أخرى إلى دوامة العنف وسط القتال المستمر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع المتحورة من ميليشيات الجنجويد وقيادتها السابقة. ومنها الجدل حول الاختصاص القضائي، حيث يرى خبراء قانونيون سودانيون أن «النظام العدلي إذا كان متهماً بالانصياع للسلطة في عهد النظام السابق، فإن نظام البشير سقط منذ العام 2019 ولم تقدم أي قضية ضده بارتكاب جرائم في دارفور في المحاكم الوطنية». ومنها أن البشير ومساعديه لايزالون يفلتون من العقاب ويتجنبون الامتثال أمام محكمة الجنايات الدولية، حيث تشير تقارير إلى أن «المحكمة تواجه صعوبات كبيرة في اعتقالهم بسب أنهم تحت حماية الجيش السوداني». كما أن المحاسبة المحلية يواجهها استمرار نفوذ رموز نظام البشير السابق داخل أجهزة الدولة، بما في ذلك مؤسسات العدالة نفسها.

أما المحاكمة الأخلاقية والسياسية لنظام الإنقاذ، فتتجاوز الإجراءات القانونية المباشرة لتركز على كشف الحقيقة من خلال التوثيق الكامل لحجم الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها النظام، والاعتراف بمعاناة الضحايا كخطوة أساسية نحو تحقيق العدالة، وابتكار كل ما من شأنه أن يكون شاهدا على التاريخ وجرائم الإنقاذ في ذاكرتنا الوطنية، ويساهم في منع تكرار مثل هذه الجرائم. وكذلك تصميم برامج شاملة للتعويضات المادية والمعنوية للضحايا والناجين، وهو ما بدأت المحكمة الجنائية الدولية في التفكير فيه فعليا منطلقة من قضية كوشيب. أيضا، شن مواجهة حاسمة ضد سياسات «التمكين» التي قام عليها نظام الإنقاذ، تحالف الفساد والاستبداد، والتي سيطر من خلالها على كل مؤسسات الدولة والاقتصاد وأضعف النسج الاجتماعي عن طريق إضعاف احتكار الدولة للعنف المشروع وإنهاء سيطرة وزارة المالية على المال العام. كذلك، الأهمية القصوى لإصلاح القطاع العدلي والقطاع الأمني في السودان لضمان استقلالية النظام القضائي والأجهزة الأمنية وضمان قدرتها على محاكمة مجرمي الحرب ومعالجة انتهاكات حقوق الإنسان. بالإضافة إلى دعم وتعزيز التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية لضمان تقديم جميع المتهمين في قضية دارفور إلى العدالة. ولكن من الصعب تحقيق ذلك إلا بعد وقف الحرب وإقامة نظام مدني ديمقراطي، بوصلته بسط السلام وتحقيق العدالة.

* نقلاً عن القدس العربي

الوسومالجنجويد الدفاع الشعبي السودان المجاهدين المحكمة الجنائية الدولية د. الشفيع خضر سعيد دارفور علي كوشيب نظام الإنقاذ نظام البشير

مقالات مشابهة

  • فيديو لتوليد الكهرباء باليورانيوم بالسودان يشعل الجدل.. ما قصته؟
  • «كوشيب» مرآة منظومة الإنقاذ في السودان
  • للتعبير عن آرائهم.. برلمان خاص بالأطفال في إحدى ولايات السودان
  • إنفصال دارفور
  • مسئولة أممية: الهجوم المدمر على الأطفال والعائلات النازحة في السودان أمر مثير للغضب
  • مصر تدين الهجوم على مركز إيواء النازحين بمدينة الفاشر السودانية
  • دراسة تكشف تأثير نمط اللعب في الطفولة على القدرات المكانية لدى المراهقين
  • مصر تدين الهجوم على مركز لإيواء النازحين بمدينة الفاشر السودانية
  • عاجل المملكة تدين الهجوم الآثم على مأوى للنازحين في الفاشر بالسودان
  • بيان اليونيسف يشعل الغضب من دور المؤسسات الدولية.. من يحمي الطفل الفلسطيني؟