عين ليبيا:
2025-06-14@02:43:56 GMT

متى يبدأ الدرس؟

تاريخ النشر: 2nd, November 2024 GMT

قضايا أساسية خطيرة تعيشها شعوب عدّة، من دون أن تعي بوجودها، كمريض ينخره داء عضال من دون أن يشعر به، أو يستهين بخطورته.

شهد العالم تغييرات تكوينية وتأسيسية بعد الحربين العالميتين، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لم تقم دول، بل كانت المنطقة خاضعة للإمبراطورية العثمانية، باستثناء المغرب الذي قامت فيه دولة مستقلة مبكراً، ولم تكن جزءاً من الإمبراطورية العثمانية.

أكبر طامة نزلت على المنطقة في ظل الحكم العثماني، كانت تحريم المطبعة من سنة 1445 إلى سنة 1717. كانت تلك القرون مرحلة الإقلاع العلمي والحضاري في أوروبا، حيث انتشر التعليم، وتحرر العقل من طغيان الكهنوت، وأنارت الفلسفة والعلم الطريق، للنهوض الصناعي. بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، نشأت دول تحت الحماية أو الوصاية الفرنسية والبريطانية. وبدأت مرحلة الاستقلال بعد الحرب العالمية الثانية، وقامت دول في منطقتنا ذات نظام ملكي. تأسست الجامعة العربية سنة 1945، وكانت منتدى لا يختلف عن دار الندوة التي تلتقي فيها القبائل العربية في العصر الجاهلي. ظاهرة عاصفة هبّت على بعض دول المنطقة، وهي الانقلابات العسكرية، حيث قام ضباط غالبيتهم من صغار السن والرتب، بالاستيلاء على السلطة. قبل ذلك اهتزت المنطقة بقيام دولة إسرائيل، وهزيمة الجيوش العربية أمامها في حرب 1948. الحرب الباردة بين الكتلتين الشيوعية، والرأسمالية في غرب أوروبا وأميركا، أدخلت منطقة الشرق الأوسط في خضم هذه الحرب. حدثان كبيران شهدتهما المنطقة. الأول كان الثورة المصرية التي استولى فيها ضباط صغار السن والرتب على السلطة سنة 1952، وإنهاء النظام الملكي الخاضع للحماية البريطانية، والحدث الآخر كان تأسيس حلف بغداد سنة 1955، الذي ضم كلاً من بريطانيا والعراق وتركيا وإيران وباكستان. هدف الحلف الأساسي والاستراتيجي، كان منع التمدد الشيوعي في المنطقة. عارض النظام العسكري المصري هذا الحلف سياسياً وإعلامياً. ترتب على هذا الموقف اعتراض الولايات المتحدة الأميركية، على تمويل صندوق النقد الدولي، لمشروع بناء السد العالي في مصر، وقرار الحكومة المصرية بتأميم قناة السويس، وترتب على ذلك شن العدوان الثلاثي البريطاني – الفرنسي – الإسرائيلي على مصر. حققت مصر انتصاراً سياسياً، رغم الخسارة العسكرية، وانسحبت القوات المعتدية. اشتعلت المنطقة العربية شعبياً في احتفالات واسعة؛ فرحاً بأول نصر يحققه العرب على دولتين كانتا تستعمران أوطانهم، وأخرى استولت على أرضهم في فلسطين. رأى الرئيس المصري الشاب جمال عبد الناصر، ومضة كبرى تضيء دنياه، وسمع صوتاً عالياً يهتف تأييداً، بل مبايعة له بلغة عربية، كما قيل من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر. هتاف انفردت به سوريا، التي كانت تعيش في نظام ديمقراطي، امتاز بالسلام الاجتماعي، والتعايش السلمي بين كل الطوائف الاجتماعية والدينية، حيث تولى رجل مسيحي هو فارس الخوري رئاسة الحكومة، ووزارة الأوقاف الإسلامية. الهتاف الشعبي الذي تفردت به سوريا، كان المطالبة بالوحدة الفورية الكاملة مع مصر عبد الناصر. تمت الوحدة بين البلدين سنة 1958، لكنها انهارت سنة 1961. توالت الانقلابات العسكرية في المنطقة، ولم يعد للديمقراطية، والأحزاب السياسية، مكان في كل دول المنطقة. تدخلت مصر في الحرب الأهلية اليمنية بعد الثورة على نظام الإمامة في اليمن. هزيمة العرب الكبرى سنة 1967، كانت الضربة التي هزَّت الرؤوس ورجَّت النفوس، وضاعفت إسرائيل مساحتها مرات، ومات شعار تحرير فلسطين من البحر إلى النهر والقضاء على إسرائيل. وحلَّت محله سياسة إزالة آثار العدوان. بعد حرب أكتوبر سنة 1973 تبنى الرئيس المصري أنور السادات، سياسة السلام مع إسرائيل، وتطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية. شكَّل العراق وليبيا والجزائز وسوريا، ما عُرف بجبهة الصمود والتصدي المعارضة لسياسة السادات، لكن هذه الدول انقسمت بسرعة، حيث انحازت سوريا وليبيا إلى إيران في حربها مع العراق، الذي كان عضواً في جبهة الصمود والتصدي.

عرضتُ في هذه السطور، جملة من الأحداث الكبيرة التي عاشتها المنطقة، وشكَّلت محطات حاسمة في مساراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

لم تنل هذه المحطات التاريخية الكبيرة، دراسة علمية موضوعية عميقة، تشخّصها وتحلل أسبابها، وتكتب وصفة أو وصفات، لمقاربات تضيء للقادة السياسيين، والخبراء الاقتصاديين والاجتماعيين، مسارات بناء المستقبل. إيطاليا وألمانيا البلدان اللذان قادتهما الفاشية والنازية وجنون الديكتاتورية إلى الدمار، قام مئات من العلماء والخبراء فيهما، بدراسات موسعة حللت محركات ما حدث، ورسموا خرائط المستقبل الذي يُبنى في ظل الحرية والعلم والديمقراطية.

في منطقتنا قفز ضباط صغار إلى السلطة، واعتنقوا سياسة الشعارات، ودخلوا في حروب مع من يتقاسمون معهم اللغة العربية ذاتها. الفشل له ظهر جاهز يُحمَّلُ عليه، وهو المؤامرات الإمبريالية والصهيونية، وهم يعلمون أن الهزائم والفشل والتخلف، وقودها الفساد والجهل والديكتاتورية.

أول شروط اليقظة هو، دخول السنة الأولى في مدرسة الجرأة العلمية، وقراءة حقيقة تراكمات ما كان، وتخليق رؤية واقعية تفتح الباب لدخول عالم، هجرناه قروناً طويلة، وعشنا في كهف الأحلام الرغبوية.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

إقرأ أيضاً:

خيارات ترامب الإسرائيلية تدحرج كرة الحرب الإقليمية

اعتمد مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أأمس الخميس، قرارا يدين إيران بـ"عدم الامتثال" لالتزاماتها بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي، كمقدمة لفرض مزيد من العقوبات وإحالة ملفها إلى الأمم المتحدة، واليوم الجمعة سارع الاحتلال لإطلاق هجوم مدمر طال منظومة القيادة والسيطرة لدى القيادة الإيرانية ومركز الثقل داخل النظام السياسي.

فالنص الذي أعدته لندن وباريس وبرلين وواشنطن أيّدته 19 دولة من أصل 35، ورفضته الصين وروسيا وبوركينافاسو وامتنعت عن التصويت 11 دولة، كان يعني أن القرار لن يرى النور في مجلس الأمن بفعل الفيتو الروسي الصيني، لكنه لن يمنع العقوبات الأوروبية من أن تجد طريقها إلى إيران كما لم يمنع توجيه الكيان الإسرائيلي ضربات للجمهورية الإسلامية الإيرانية.

التصعيد الأمريكي الإسرائيلي الأوروبي يكاد يتجاوز الهدف المعلن بالضغط على طهران لتقديم تنازلات جوهرية تتعلق بتخصيب اليورانيوم؛ إلى هدف أبعد يتهدد وجود النظام الإيراني وبقاءه وعلى نحو يرشح المنطقة للانزلاق إلى أتون حرب إقليمية طويلة؛ تتورط فيها إدارة دونالد ترامب حال تمكن إيران من الرد
النتيجة النهائية لقرار الوكالة الدولية أشارت إلى تعادل ميزان القوى بالنسبة لإيران في المحافل الدولية، غير أن ميزان القوى الفعلي على الأرض كان شديد الاختلال لصالح الكيان الإسرائيلي الذي وجد فرصة في قرار الوكالة الدولية للطاقة وفي الموقف الأوروبي والضوء الأخضر الأمريكي، لتنفيذ هجوم واسع على إيران وبرنامجها النووي.

الجولة لم تنته عند حدود الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بعد أن أعقبها تصريح للرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبّر فيه عن تراجع ثقته بإمكانية التوصل لاتفاق مع الجانب الإيراني وتحذيره إيران من عواقب ذلك، بالتزامن مع تسريب صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية خبرا عن وصول المفاوضات النووية إلى طريق مسدود وإتمام الكيان الإسرائيلي استعداداته لتوجيه ضربة لإيران محدودة، بعد جولة المفاوضات الأحد المقبل في العاصمة العمانية مسقط.

محاولة إيران على لسان وزير دفاعها العميد عزيز زاده ردع الكيان الإسرائيلي وإحراج الولايات المتحدة بتهديدِها استهداف القواعد الأمريكية في المنطقة حال فشل جولة المفاوضات النووية لم تؤت أُكلها اليوم الجمعة، فالضربة الإسرائيلية الصاعقة جاءت مباغتة لمركز الثقل في النظام الإيراني على نحو تسبب بشلل عسكري وسياسي لم تتضح بعد أبعاده.

التصعيد الأمريكي الإسرائيلي الأوروبي يكاد يتجاوز الهدف المعلن بالضغط على طهران لتقديم تنازلات جوهرية تتعلق بتخصيب اليورانيوم؛ إلى هدف أبعد يتهدد وجود النظام الإيراني وبقاءه وعلى نحو يرشح المنطقة للانزلاق إلى أتون حرب إقليمية طويلة؛ تتورط فيها إدارة دونالد ترامب حال تمكن إيران من الرد والتقاط أنفاسها، الأمر الذي لا يتوقعه الجانب الأمريكي والإسرائيلي؛ كون الرهان الأمريكي على تكرار نموذج حزب الله في لبنان حاضرا وبقوة حتى لحظة كتابة هذه السطور.

استهداف النظام الإيراني وجوديا إغراء يكتسب بريقا بفعل الصدمة الإيرانية وغياب الرد والفعل الدفاعي المؤثر، إذ ألمحت التسريبات الأمريكية الإسرائيلية وضعف الرد الإيراني ومحدودية تأثيره حتى اللحظة إلى وجود نقاشات أمريكية إسرائيلية لاستهداف النظام الإيراني وجوديا، وهو ما شجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على التلميح عبر حسابه على شبكة "تروث سوشال" لإمكانية استهداف المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، بتحذيره من ضربة أقوى في حال رفضت إيران تقديم تنازلات جوهرية.

التصعيد الأمريكي الإسرائيلي الأوروبي يكاد يتجاوز الهدف المعلن بالضغط على طهران لتقديم تنازلات جوهرية تتعلق بتخصيب اليورانيوم؛ إلى هدف أبعد يتهدد وجود النظام الإيراني وبقاءه وعلى نحو يرشح المنطقة للانزلاق إلى أتون حرب إقليمية طويلة؛ تتورط فيها إدارة دونالد ترامب حال تمكن إيران من الرد
نتنياهو دحرج كرة الحرب بحجة تحسين شروط التفاوض مع طهران، غير أن المواجهة عرضة لأن تتطور إلى أفعال وردود فعل متتابعة يصعب ضبطها والسيطرة عليها؛ على نحو يورط الإدارة الأمريكية في مواجهة مكلفة اقتصاديا وطويلة عسكريا ولن تتوانى الصين وروسيا عن الاستثمار فيها إن تمكنت إيران من استجماع قوتها والرد بفاعلية، فما قد يقلق ترامب وقادته العسكريين غياب القدرة على الحسم العسكري وغياب الحل السياسي، واستشعار إيران لتهديد وجودي لا تمكن مواجهته إلا بالمقاومة.

بيئة الصراع الدولية ترجح خيار التمسك بطاولة المفاوضات عند الجانب الأمريكي، غير أن محدودية الرد الإيراني تغري بالمضي قدما نحو إسقاط النظام الإيراني بدحرجة نتنياهو كرة الحرب نحو الإقليم بأكمله لتحقيق طموحاته وكيانه الإسرائيلي، وهي ديناميكية لا زال نتنياهو يتحكم بها بفعل نشوة المباغتة الصاعقة.

ختاما.. خيارات ترامب الإسرائيلية التفاوضية مع إيران لن تقود المنطقة إلى مكان، آمن ما يعني العجز عن الوصول إلى حلول سياسية في الأجل القريب، فهي تدحرج كرة الحرب في الإقليم على نحو جنوني يهدد بمزيد من الفوضى بفعل تنامي شهية الاحتلال الإسرائيلي لتحقيق المزيد من الإنجازات لتغيير وجه "الشرق الأوسط"، فما بعد إيران ستكون تركيا التي ألمح إليها نتنياهو خلال لقائة الرئيس الأرجنتيني في القدس يوم الثلاثاء بالقول: "لن نسمح بعودة الخلافة العثمانية".. جنون إسرائيلي مطبق يعكس أزمة وجودية ومعادلة صفرية باتت حاضرة على نحو عبثي ومدمر في المنطقة.

x.com/hma36

مقالات مشابهة

  • ولي العهد ورئيسة الوزراء الإيطالية يبحثان تطورات الأحداث التي تشهدها المنطقة
  • وزير الخارجية الأسبق: الرد الإيرانى قد يشمل القواعد الأمريكية فى الدول العربية
  • خيارات ترامب الإسرائيلية تدحرج كرة الحرب الإقليمية
  • أكدت أنه انتهاك صارخ للقانون الدولي ويهدد بإشعال المنطقة.. جامعة الدول العربية تدين الاعتداء الإسرائيلي على إيران
  • أبرز ردود الفعل العربية والخليجية على الضربة الإسرائيلية بإيران
  • ما الذي حدث في إيران ؟ ولماذا لم تُطلق المضادات؟
  • طبول الحرب قُرعت وفي لبنان طبول قرقعة
  • الجيش السوداني يبدأ ترتيبات دفاعية لاستعادة “المثلث”
  • مؤرخ في جحيم غزة.. خبير فرنسي يكتب عن القطاع الذي اختفى
  • جارف الثلوج الذي دَوَّخ فرنسا وأميركا.. من يكون هو شي منه؟