في إطار مساعيها الحثيثة لعرقلة أي تقدم في الملف الإنساني خلال المفاوضات: أمريكا تعتبر صرف مرتبات موظفي الدولة في اليمن قضية معقّدة
تاريخ النشر: 15th, August 2023 GMT
صنعاء عرضت السماح بإعادة تصدير النفط واستغلال عائداته لصرف رواتب جميع الموظفين اليمنيين كمعالجة اقتصادية حقيقية السعودية رضخت للضغوط الأمريكية وتراجعت عن الالتزامات التي قطعتها على نفسها في أبريل الماضي عبدالسلام: لا بد من تخصيصُ الإيرادات النفطية والغازية لمعالجة مشكلات الشعب الاقتصادية وفي مقدمتها المرتبات الولاياتُ المتحدةُ الأمريكية تدفعُ نحو مواصلة الحرب الاقتصادية على الشعب اليمني بمضاعفة واستمرار الحصار
في الوقت الذي تسعى فيه أمريكا وبريطانيا لعرقلة أي تقدم في المفاوضات المباشرة بين اليمن والسعودية التي ترعاها سلطنة عمان الشقيقة فيما يتعلق بالملف الإنساني، وعلى رأسها صرف مرتبات الموظفين من عائدات الثروة النفطية لليمن والتي تعتبرها صنعاء أولوية لا يمكن تجاوزها، بل سيتم انتزاعها كما تؤكد القيادة الثورية والسياسية، ومع استمرار تحالف العدوان في المماطلة وتفاقم معاناة المواطنين، تجد صنعاء نفسها ملزمة باتخاذ خيارات عسكرية ضاغطة من أجل ضمان حقوق المواطنين والصبر لن يطول بل يكاد أن ينفذ وقد أعذر من أنذر، وفق البيان الأخير لمسيرة احياء ذكرى استشهاد الإمام زيد بن علي، عليهما السلام.
الثورة / أحمد المالكي
حيث اعتبر المبعوث الأمريكي الخاص لليمن ليندر كينغ في تصريحات له خلال الأيام القليلة الماضية، أن صرف مرتبات موظفي الدولة في اليمن قضية معقّدة، وهو ما تؤكده تصريحات القيادة السياسية لليمن ممثلة برئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط بأن المفاوضات توقفت عند نقطة المرتبات نتيجة العرقلة الأمريكية والبريطانية.
وبحسب مراقبين، فإن الولايات المتحدة الأمريكية هي التي وقفت خلف هذه الخطوة، حيث ترى أن مطالب دفع المرتبات من عائدات النفط مطالب متطرفة ولا يمكن نقاشها سوى ضمن عملية سياسية يمنية -يمنية أو ربطها ضمن ترتيبات السلام، ولذلك فقد توقفت المفاوضات عند هذه النقطة بشكل نهائي قبل أكثر من شهر، حيث رضخت السعودية للضغوط الأمريكية وتراجعت عن الالتزامات التي كانت قد قطعتها على نفسها في أبريل الماضي.
للرواتب
بينما كانت صنعاء قد عرضت السماح بإعادة تصدير النفط واستغلال عائداته لصرف رواتب جميع الموظفين اليمنيين كمعالجة اقتصادية حقيقية، تفضل الرياض استمرار توقف تصدير النفط وتعويض حكومة المرتزقة بهذه الوديعة التي تتضمن أيضا صرف الرواتب في المناطق الخاضعة لسيطرة الاحتلال لتلافي الانهيار، حيث قامت السعودية بالترويج المكثف للوديعة المالية التي أعلنت تقديمها للحكومة الموالية لها في عدن، إلا أن هذه الوديعة تبدو كتشييع للجهود الدبلوماسية من أجل السلام، حسب مراقبين ومهتمين بالشأن الاقتصادي والسياسي في اليمن.
تزييف الحقيقة
ويشير الدكتور أحمد حجر- وكيل وزارة المالية والخبير الاقتصادي إلى أن هناك من يقفُ عائقاً أمام حَـلِّ هذا الملف، بالإشارة إلى التزامات تحالف العدوان لشراء ضمائر المرتزِقة ومواليهم في حربه ضد اليمن، والتي رأى أنها التزامات مالية كبيرة وأن موازنات ضخمة تستهلك موارد البلاد لشراء تلك الولاءات المزيفة والتي أظهرت العدوان الأمريكي السعوديّ على اليمن وكأنه لا علاقة له بما يجري وأن ما يحصل في البلاد هو حرب أهلية لا أكثرَ كتزييف للحقيقة.
ويقول الدكتور حجر: إن السعوديّة أمام التزاماتها الكبيرة لشراء العملاء والمرتزِقة لا تستطيع أن تدفع رواتب الموظفين إلا أن تزيدَ في بيع وسرقة النفط من المناطق المحتلّة وما يحصل هو عبارة عن مماطلات واختلاق الأعذار من وقت لآخر وَإذَا ما كانت هناك جدية فيجب أن يكون هناك حديث من الوفد الوطني، وحول ما إذَا كان هناك أي اتّفاق حول المرتبات يجب أن يتم بنقاطٍ وضوابط وضمانات محدّدة، وبتاريخ محدّد، لا أن تؤخذ الأمور بالعمومية التي لا تفصح عن شيء.
فارق
ويؤكد الدكتور حجر أن الأمريكان هم من يديرون اللُّعبة بأكملها ويعلمون علم اليقين أن صرف مرتبات الموظفين سيُحدِثُ فارقاً لصالح الدولة والمواطن، وسيكون هناك انتعاشٌ اقتصادي وزيادةٌ في إيرادات الدولة وتحسُّنٌ في الخدمات وزيادةٌ في القدرة الشرائية، وهو ما سيحقّق استقراراً في السوق وتحسناً ملحوظاً مقارنة بما يحدث في المناطق المحتلّة التي تعيش حالةَ تدهور معيشي وفوضى، وهو الأمر الذي لا يسر المحتلّ.
مخطط أمريكي
مضيفا أن المخطّط الأمريكي ومن يدور في فلكه يسعى لإبقاء حالة الفوضى واللا استقرار في كُـلّ المناطق، بما في ذلك الوضع الاقتصادي غير المستقر وبقاء المعيشة متدهورة لإلهاء الناس عن مخطّطاته الرامية لإنشاء قواعده العسكرية وتنفيذ أهدافه فيما الشارعُ مشغولٌ بلقمة عيشه التي يحرصُ المحتلُّ على أن تبقى في يده وتحتَ رحمته.
وإلى جانب هذا يقول حجر : إن حصول فترة استقرار وهدوء تعقبها مواجهة وعدوان جديد- حسب نظرة العدوان- قد يجعل المواطن ينظر إلى أن تجدد العدوان سببه “كذباً” تعنت صنعاء، في المقابل الظهور أمام الرأي العام الدولي بمنظر الباحث عن السلام من خلال هذه الهُـدنة التي لم تنجز أشياءَ ملموسةً بحياة الشعب كما كان متفق عليه .
خطأ كبير
ويرى خبراء اقتصاد ومعنيون أن تحالف العدوان ينظر إلى أن أي تقدم في جانب صرف المرتبات هو انتصار لصنعاء في حين يستبقيه كملف ضمن مفاوضاته السياسية
ويقول الخبراء : إن اعتبار ملف صرف المرتبات كانتصار لطرف هو خطأ كبير، فالمرتبات هي مكتسبات موظفين ضحوا في الوظيفة العامة ذات المدخول المتواضع، كما أن موقفَ قيادة صنعاء الرافض لأية هُـدنة أَو تمديد قادم هو الصوابُ مع الإصرارِ على أن تتحقّق التزامات وشروط الهُـدنة التي تعهد الطرف الآخر بها والتي تأتي مرتبات موظفي الدولة على رأسها كحقٍّ مستحقٍّ يجب أن يصرف بهذا التوقيت إذا ما كانت هناك أي بوادر أو مساعي لإبرام هدنة جديدة.
الحل الوحيد
وكان رئيس الوفد الوطني المفاوض محمد عبدالسلام، قد أكّـد أن ما تشهدُه المحافظاتُ المحتلّةُ من انهيار اقتصادي متسارع، يأتي كنتيجةٍ للعدوان والحصار وإجراءات الحرب الاقتصادية التي يشنها تحالف العدوان على الشعب اليمني منذ أكثر من ثماني سنوات، وأن الحلَّ الوحيد لإنهاء هذه المعاناة يتمثل في: تمكين اليمنيين من مواردهم الوطنية، ووقف استخدام الملفات الاقتصادية والإنسانية كأوراق ابتزاز لتحقيق مكاسبَ سياسية أَو عسكرية.
تخصيص
وفي هذا السياق، أكّـد عبدُالسلام أن “ما يحتاجُه الاقتصادُ في بلدنا -لرفعِ معاناة الشعب اليمني- هو تخصيصُ الإيرادات النفطية والغازية لمعالجة مشكلات الشعب الاقتصادية وفي مقدمتها المرتبات وإبعاد كُـلّ ما له علاقة بالوضع الاقتصادي عن الابتزاز السياسي لتحقيق أهداف عسكرية أَو سياسية والتوقف عن جميع الإجراءات التعسفية التي تستهدف الشعب اليمني وتمس أبرز متطلباته الحياتية”.
نهب كبير
ومنذ سنوات تتعرَّضُ إيراداتُ النفط والغاز لأكبر عملية نهب في تاريخ البلد، حَيثُ يتم إرسالها إلى البنك الأهلي السعوديّ، ويتم اقتطاع جزء منها لإثراء قيادات المرتزِقة وشراء ولاءاتهم، وهو ما كشفته أَيْـضاً حجم استثماراتهم الخَاصَّة خلال سنوات العدوان في الخارج.
ورفض تحالفُ العدوان ومرتزِقتُه تخصيصَ هذه الإيرادات لصرف مرتبات الموظفين، برغم أنها تغطِّي فاتورتها وتزيد، في إصرار عدواني واضح على مواصلة الحرب الاقتصادية؛ وهو ما دفع بالقوات المسلحة إلى فرض معادلة حماية الثروة الوطنية ومنع تصدير النفط الخام؛ مِن أجل منع نهب إيراداته.
ولا تزال الولاياتُ المتحدةُ الأمريكية تدفعُ نحو مواصلة الحرب الاقتصادية على الشعب اليمني، من خلال الإصرار على الاستمرار بالحصار ومنع وصول البضائع والسلع، واستخدام الحقوق المشروعة للشعب اليمني كأوراق ابتزاز وسلاح حرب، وعرقلة أية جهود للحل.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: الحرب الاقتصادیة تحالف العدوان الشعب الیمنی تصدیر النفط صرف مرتبات ة التی وهو ما
إقرأ أيضاً:
العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان: شلّ الاقتصاد أم كبح آلة الحرب؟
العقوبات الاقتصادية الأميركية على السودان: شلّ الاقتصاد أم كبح آلة الحرب؟
عمر سيد أحمد
العقوبات من واشنطن إلى الخرطوم… ما بين الحساب والعقابفي 24 أبريل 2025، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية عزمها فرض عقوبات صارمة على السودان بموجب “قانون مراقبة الأسلحة الكيميائية والبيولوجية لعام 1991”، وذلك بعد تأكيد استخدام الحكومة السودانية لأسلحة كيميائية في عام 2024، في خرق صريح لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية التي تُعد السودان طرفًا فيها.
القرار، الذي سُلِّم إلى الكونغرس الأميركي مرفقًا بتقرير يؤكد “عدم امتثال السودان”، يُمهّد لتطبيق حزمة من التدابير العقابية، تشمل حظر الوصول إلى خطوط الائتمان الأميركية، وتقييد الصادرات، وتجميد الأصول. ومن المتوقع أن تدخل هذه العقوبات حيّز التنفيذ في أو حوالي 6 يونيو 2025، عقب نشرها في السجل الفيدرالي الأميركي.
ورغم أن هذه العقوبات تأتي ردًا على خروقات خطيرة للقانون الدولي، فإن توقيتها في ظل حرب أهلية طاحنة، وانهيار اقتصادي شامل، وتوسع المجاعة والنزوح، يطرح تساؤلات أخلاقية واستراتيجية حول فاعليتها وجدواها، ومدى تأثيرها الفعلي على النخبة الحاكمة مقارنة بما تلحقه من أضرار مباشرة بحياة المواطنين واقتصاد الدولة.
تجربة السودان السابقة مع العقوبات (1997–2020)بين عامي 1997 و2020، خضع السودان لعقوبات أميركية شاملة فرضت عليه عزلة اقتصادية ومصرفية خانقة، بتهم دعم الإرهاب واحتضان تنظيمات متطرفة. طالت العقوبات المؤسسات الحكومية والمالية، وحرمت السودان من:
استخدام النظام المصرفي العالمي المرتبط بالدولار. استقبال الاستثمار الأجنبي المباشر أو التمويلات الإنمائية. التحديث التكنولوجي والاتصال بأسواق المال.أدت هذه العقوبات إلى تدهور البنية الاقتصادية، وزيادة الاعتماد على التهريب والاقتصاد الموازي، وهروب الكفاءات ورؤوس الأموال. ورغم الرفع التدريجي للعقوبات في 2017، إلا أن استمرار وضع السودان على قائمة الإرهاب حتى أواخر 2020 أعاق أي تعافٍ جاد، خصوصًا مع تعاقب الأزمات السياسية والانقلابات والحرب الأخيرة.
العقوبات الجديدة – البنود والتوقيتالعقوبات الأميركية الجديدة، التي ستدخل حيز التنفيذ في يونيو 2025، جاءت كرد مباشر على ما وصفته واشنطن بـ”استخدام موثّق للأسلحة الكيميائية من قبل حكومة السودان”. وتشمل:
حظر التعاملات بالدولار الأميركي. تجميد أصول الحكومة والشخصيات المتورطة. منع الشركات الأميركية من تصدير تقنيات أو منتجات للسودان. حرمان السودان من الوصول إلى التمويل الأميركي أو الدولي المدعوم أميركيًا، خصوصًا عبر خطوط الائتمان أو التسهيلات المالية.ما يضاعف من أثر هذه العقوبات هو هشاشة الوضع الداخلي، حيث يخوض السودان واحدة من أسوأ حروبه الأهلية، وسط انهيار شبه كامل لمؤسسات الدولة المدنية.
ثالثًا: التأثيرات الاقتصادية المباشرة خروج فعلي من النظام المالي العالميالسودان اليوم شبه معزول عن النظام المالي العالمي، ومع تنفيذ هذه العقوبات، ستفقد البنوك السودانية القدرة على:
فتح الاعتمادات المستندية لشراء السلع. تنفيذ التحويلات البنكية الرسمية. التعامل مع المؤسسات الوسيطة في التجارة الخارجية.هذا يعني عمليًا إغلاق باب التجارة القانونية، وتوجيه كل النشاطات نحو السوق السوداء أو التهريب.
تهديد الأمن الغذائي والدوائيمع صعوبة الاستيراد الرسمي، تتراجع واردات القمح، الدواء، الوقود، والأدوية المنقذة للحياة. ويؤدي ذلك إلى:
نقص حاد في الإمدادات الأساسية. تضاعف الأسعار نتيجة ارتفاع تكلفة التأمين والنقل. توسّع الفجوة في الخدمات الصحية. ضياع موارد الدولة من الذهبفي ظل غياب الرقابة وازدهار اقتصاد الظل، يُقدّر حجم الذهب السوداني المُهرّب بأنه يفوق 50 إلى 80% من الإنتاج السنوي. وقدرت الخسائر من التهريب خلال العقد الماضي بما بين 23 و36 مليار دولار. العقوبات الحالية تدفع بهذا المورد نحو مزيد من التهريب، وتُفقد الدولة فرصة استثمار أكبر كنز نقدي تملكه.
تعميق أزمة سعر الصرفكل هذه التطورات تؤدي إلى:
تسارع تدهور الجنيه السوداني أمام الدولار. تزايد التضخم المفرط. انهيار القدرة الشرائية للمواطنين. رابعًا: من يدفع الثمن؟رغم أن العقوبات تستهدف النظام السياسي والعسكري، إلا أن من يدفع الثمن فعليًا هو المواطن العادي:
العامل الذي فقد وظيفته بسبب توقف المصنع عن الاستيراد. المزارع الذي لا يجد سمادًا ولا وقودًا. المريض الذي لا يحصل على دواء. التاجر الذي يُجبر على التعامل عبر السوق السوداء. خامسًا: العقوبات كأداة سياسية – فعالة أم عقوبة جماعية؟تاريخيًا، نادرًا ما أسقطت العقوبات الأنظمة القمعية. بل كثيرًا ما زادت من تماسكها عبر:
خطاب “الحصار الخارجي”. عسكرة الاقتصاد. قمع المعارضة بحجة الطوارئ.وفي السودان، حيث الاقتصاد منهار أصلًا، ستدفع العقوبات الناس نحو مزيد من الفقر واليأس، دون ضمان أن تؤدي إلى تغيير حقيقي في سلوك النظام.
سادسًا: أهمية وقف الحرب فورًاالعقوبات في حد ذاتها خطيرة، لكن الحرب تجعلها كارثية. فكل يوم يستمر فيه القتال:
يُفقد السودان مزيدًا من موارده. ينهار الأمن الغذائي. يتوسع النزوح والدمار.وقف الحرب هو الخطوة الأولى والأكثر إلحاحًا للخروج من هذه الدوامة. فبدون وقف إطلاق النار، لا يمكن التفاوض، ولا يمكن الإصلاح، ولا يمكن للعالم أن يستجيب لدعوات تخفيف العقوبات.
الآثار المتوقعة على إعادة الإعمار بعد الحربمن أبرز التداعيات الخطيرة للعقوبات الأميركية المرتقبة أنها ستُقوّض بشدة فرص إعادة الإعمار بعد الحرب، حتى إذا تم التوصل إلى وقف إطلاق النار أو تسوية سياسية. إذ أن إعادة بناء البنية التحتية المدمرة – من طرق ومرافق وخدمات عامة – تتطلب تمويلات ضخمة، لا يمكن تغطيتها من الموارد المحلية وحدها، خصوصًا في ظل الانهيار الكامل للإيرادات العامة وغياب مؤسسات الدولة الفاعلة. وبما أن العقوبات تشمل حظر الوصول إلى التمويل الأميركي وخطوط الائتمان، فإنها تحرم السودان من أي فرص واقعية للحصول على قروض ميسّرة، أو دعم من المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد، أو حتى من شركات مقاولات عالمية. كما أن استمرار العقوبات يُعزّز مناخ عدم الثقة في السودان كبيئة استثمارية، ما يدفع المستثمرين للابتعاد عنه، ويطيل أمد العزلة الاقتصادية، وبالتالي يُجمّد أي مسار حقيقي نحو التعافي والتنمية بعد الحرب.
خاتمة: بين المحاسبة والإنقاذالعقوبات الأميركية على السودان تُعبّر عن موقف دولي حازم ضد استخدام الأسلحة الكيميائية، لكنها في سياق حرب داخلية وانهيار اقتصادي، تتحول إلى عقوبة جماعية تهدد بقاء الدولة ذاتها. المطلوب اليوم ليس فقط التعامل مع العقوبات، بل تغيير المسار السياسي والاقتصادي كاملاً.
وذلك يتطلب:
وقف الحرب فورًا. تشكيل حكومة مدنية ذات مصداقية. إصلاح شامل للقطاع المالي والمؤسسي. الشروع في مفاوضات مع المجتمع الدولي لرفع العقوبات تدريجيًا مقابل التزامات واضحة بالسلام والشفافية.فالعالم لن يستثمر في بلد يحكمه الرصاص والتهريب، ولن يخفف عقوبات ما لم يرَ إرادة حقيقية للتغيير. والسودان، برغم الجراح، لا يزال يملك فرصة – لكنها تضيق كل يوم.
* خبير مصرفي ومالي وتمويل
مايو 2025
الوسومالإنقاذ الحرب الخرطوم السودان العقوبات الأمريكية على السودان القطاع المالي والمؤسسي النظام المالي العالمي سعر الصرف عمر سيد أحمد واشنطن