لجريدة عمان:
2025-08-02@09:19:45 GMT

أوروبا لم تتقبل بعد حقائق الطقس الجديدة

تاريخ النشر: 5th, November 2024 GMT

عند كتابة هذه السطور، ارتفع عدد القتلى إلى 214. وتكدست السيارات المحطمة والحطام في الشوارع، وظلت مساحات شاسعة من فالنسيا تحت الماء، وأسبانيا في حالة حداد. وفي يوم الأحد، اندلعت موجة من الغضب عندما رشق المحتجون ملك أسبانيا والملكة بالطين وغيره من الأشياء. لماذا فقدنا الكثير من الأرواح في فيضان كان من المتوقع حدوثه في بلد غني؟

من منظور الشمال العالمي، لطالما كان يُنظَر إلى أزمة المناخ، الناجمة عن حرق الفحم والنفط والغاز، باعتبارها تهديدًا بعيدًا يؤثر على الفقراء في الجنوب العالمي.

وقد أدى هذا المفهوم الخاطئ إلى ترسيخ شعور زائف بالأمن.

لقد أدرك العلماء منذ فترة طويلة أن ارتفاع درجة حرارة المناخ بسبب انبعاثات الوقود الأحفوري من شأنه أن يؤدي إلى تكثيف الفيضانات والعواصف وموجات الحر والجفاف وحرائق الغابات. ومع ذلك، لم يربط حدث مناخي، وهو موجة الحر المدمرة في أوروبا عام 2003، رسميًا بتغير مناخنا إلا في عام 2004. وعلى الرغم من الأدلة، كان الناس مترددين في ربط الطقس المتطرف بأزمة المناخ.

أسست مؤسسة (وورلد ويذَر أتريبيوشن) في عام 2014 بهدف تغيير مسار الحوار. تُجرى دراسات الإسناد لدينا بسرعة، على مدار أيام أو أسابيع، في أعقاب الكوارث المناخية مباشرة لإعلام الناس في الوقت الفعلي بدور أزمة المناخ.

أظهر تحليل سريع للفيضانات في إسبانيا أن حالة الطوارئ المناخية جعلت هطول الأمطار الغزيرة أكثر كثافة بنحو 12% وهناك احتمالية لتضاعفه. وعلى الرغم من ذلك، قال عمدة بايبورتا، حيث توفي ما لا يقل عن 62 شخصًا، إن الفيضانات ليست شائعة وأن «الناس ليسوا خائفين». لكن تغير المناخ يجعل الأحداث النادرة أكثر شيوعًا.

إن الأحداث القياسية مثل هذه تزيد من تعقيد إجراءات الاستعداد للحالات المناخية، فكيف يمكنك توصيل فكرة شدة خطر شيء ما لم يجربه شخص ما من قبل؟

لقد شهدنا هذا الأمر مؤخراً بعد أن ضرب إعصار هيلين اليابسة. فقد لقي أكثر من 200 شخص حتفهم في الفيضانات التي ضربت منطقة جبال الأبالاش الجنوبية الداخلية في الولايات المتحدة. وعلى الرغم من التحذيرات من الفيضانات «الكارثية التي تهدد الحياة» قبل وقوع الكارثة، إلا أن الناس كانوا عالقين عندما وقعت الكارثة، ولم يتمكن كثيرون من تقدير مدى شدة الأمطار الغزيرة التي كانت ستهطل.

ولكن في إسبانيا لم يتلق الناس تحذيرات إلا أثناء وقوع الفيضانات. ولم ترسل التحذيرات إلا بعد أن حوصر العديد من الناس في المنازل المغمورة بالمياه أو في مواقف السيارات تحت الأرض، وهم يحاولون نقل سياراتهم إلى أرض مرتفعة.

لقد حدث نفس الشيء في ألمانيا في عام 2021. لم تُقدّم أيةُ معلومات حول كيفية التصرف في مثل تلك الحالات المناخية، والأهم من ذلك، لم يـُقدّم أيُّ دعم لأولئك الذين لم يتمكنوا من مساعدة أنفسهم. في مدينة سينزيج الألمانية، غرق 12 من نزلاء دار رعاية للمعاقين. وفي إسبانيا، أبلغ بالفعل عن وفاة سكان أحد دور الرعاية، وأخشى أن تظهر المزيد من القصص المرعبة مثل هذه في الأسابيع المقبلة.

لقد قامت مؤسسة (وورلد ويذَر أتريبيوشن) بدراسة 30 فيضاناً مدمراً. وفي كل الحالات تقريباً، بما في ذلك في البلدان النامية، وجدنا أن هطول الأمطار كان متوقعاً بشكل جيد. ولكن كما رأينا في إسبانيا، فإن التنبؤ بالطقس ليس كافياً. فالتحذيرات، عندما وصلت أخيراً، لم تتضمن معلومات حيوية حول الأماكن التي يجب الإخلاء إليها وعن كيفية الإخلاء.

إن الحكومات المحلية وخدمات الطوارئ تشكل الوسيط الأساسي بين خدمات الأرصاد الجوية والأشخاص المتضررين. ولابد من تعزيزها وليس تفكيكها، كما حدث مع وحدة الطوارئ في فالنسيا.

من الواضح أن أنظمة الكوارث في إسبانيا تحتاج إلى التطوير. وعلى نطاق أوسع، يتعين علينا أن نطرح بعض الأسئلة الصعبة حول صناديق الكوارث الدولية. هل ينبغي للاتحاد الأوروبي أن يخصص أموالاً للوقاية، بدلاً من تنظيف الفوضى بعد وقوع الكارثة؟ وفي رأيي، يتعين عليه بكل تأكيد أن يزيد من ضخ الأموال في هذا المجال، وأن يضع خططاً منسقة.

وسوف نشهد المزيد من الظواهر الجوية المتطرفة ما دمنا نحرق الوقود الأحفوري. واليوم، نشهد ارتفاعاً في درجات الحرارة بمقدار 1.3 درجة مئوية، ولكننا للأسف نسير على الطريق نفسه إلى أن نشهد ارتفاعاً يصل إلى 3 درجات مئوية بحلول عام 2100، وهو ما يعني زيادة وتيرة وشدة الفيضانات المماثلة في إسبانيا. وبدون وضع خطة عمل ومعرفة كيفية تنفيذها على وجه التحديد، كما هو متبع في تدريبات الطوارئ العملية، فإن أعداد القتلى سوف تظل مرتفعة دائماً عندما يكسر رقم قياسي في درجات الحرارة، أو عندما تشهد منطقة جديدة أمطاراً بحجم الأعاصير، كما حدث في إسبانيا.

إن الاستثمار في الناس وخدمات الطوارئ من شأنه أن ينقذ الأرواح. ولكن الحكومات لا تستطيع أيضاً إعادة بناء المدن بالطريقة نفسها. ففي كل مكان تقريباً في أوروبا حيث يعيش الناس، تُشقُّ قنوات الأنهار، وتغلقُ جميع الأسطح بالخرسانة والإسفلت لإنشاء مدينة مريحة للسيارات. وإذا أردنا أن نبدأ في الاهتمام بالناس بدلاً من ذلك، فنحن بحاجة إلى إعطاء الأنهار مساحة كافية مرة أخرى، حتى يكون لديها مجرى آخر تذهب إليه بدلاً من منازل الناس. إن التوسع الحضري في جميع أنحاء أوروبا يُوجِدُ المزيد من الأسطح المغلقة، ويُعرِّضُ عدداً متزايداً من الناس للفيضانات المدمرة.

إننا نحن الأوروبيين في حاجة إلى التعلم وإعادة البناء من أجل مستقبل لا يزال في بداياته. ولكن الأمر الأكثر إلحاحاً هو أن نطور مهاراتنا لنضمن العيش والبقاء في عالم متغير المناخ.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی إسبانیا

إقرأ أيضاً:

تدهور الغابات يعرقل أهداف المناخ الأوروبية

حذرت دراسة جديدة من أن الأضرار التي تلحق بالغابات الأوروبية نتيجة زيادة قطع الأشجار وحرائق الغابات والجفاف والآفات تقلل من قدرتها على امتصاص ثاني أكسيد الكربون مما يعرض أهداف الاتحاد الأوروبي للانبعاثات للخطر.

والتزم الاتحاد الأوروبي بالوصول إلى انبعاثات صفرية صافية بحلول عام 2050. ويتضمن الهدف توقع أن تمتص الغابات مئات الملايين من الأطنان من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتخزنها في الأشجار والتربة، للتعويض عن التلوث الناجم عن الصناعة.

اقرأ أيضا list of 3 itemslist 1 of 3دراسة: إزالة الغابات تحوّل الفيضانات إلى كوارثlist 2 of 3كيف تغير الأقمار الصناعية طريقة رصد الغابات؟list 3 of 3كيف يحصل "التعاقب البيئي" بعد حرائق الغابات؟end of list

لكن هذا الافتراض أصبح الآن موضع شك. فمتوسط الكمية السنوية من ثاني أكسيد الكربون التي تُزال من غابات أوروبا خلال الفترة من 2020 إلى 2022 كان أقل بنحو الثلث مما كان عليه في الفترة من 2010 إلى 2014، وفقا لدراسة أجراها علماء من مركز الأبحاث المشترك التابع للاتحاد الأوروبي.

وفي الفترة اللاحقة لعام 2014 امتصت الغابات حوالي 332 مليون طن صافية من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنويا، وفقا للورقة البحثية المنشورة في مجلة "نيتشر". وتشير بيانات أخرى حديثة من دول الاتحاد الأوروبي إلى انخفاض أكبر.

وذكر التقرير أن "هذا الاتجاه، إلى جانب تراجع قدرة الغابات الأوروبية على التكيف مع المناخ، يشير إلى أن أهداف المناخ التي وضعها الاتحاد الأوروبي، والتي تعتمد على زيادة مخزون الكربون، قد تكون معرضة للخطر".

ويُعوّض قطاع الأراضي والغابات في أوروبا حاليا حوالي 6% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري السنوية للاتحاد، وهو معدل أقل بنسبة 2% من الكمية التي يحسبها الاتحاد الأوروبي لتحقيق أهداف المناخ، ومن المتوقع أن تتسع هذه الفجوة بحلول عام 2030.

وقال أغوستين روبيو سانشيز، أستاذ علم البيئة وعلوم التربة في جامعة البوليتكنيك في مدريد، إن الاعتماد على الغابات لتحقيق أهداف المناخ "هو مجرد تفكير متفائل، فالغابات يمكن أن تساعد، ولكن لا ينبغي تحديد كميات لها لتحقيق التوازن في ميزانيات الكربون".

إعلان

وتشكل هذه النتائج صداعا سياسيا لحكومات الاتحاد الأوروبي، التي تتفاوض على هدف مناخي جديد ملزم قانونا بحلول عام 2040، وهو الهدف الذي صُمم لاستخدام الغابات للتعويض عن التلوث الذي لا تستطيع الصناعات القضاء عليه.

ويحذر البعض من أن تحقيق هذا الهدف لن يكون ممكنا. وقالت وزيرة البيئة السويدية رومينا بورمختاري في مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي: "ماذا ينبغي لنا أن نفعل عندما تكون هناك عوامل ليست لدينا، كدول وحكومات، القدرة الكافية على السيطرة عليها، مثل حرائق الغابات أو الجفاف؟".

ويؤكد البحث أن الإفراط في قطع الغابات والحرائق الناجمة عن تغير المناخ والجفاف، وتفشي الآفات، كلها عوامل تؤدي إلى استنزاف مخزون الكربون في الغابات الأوروبية.

ومع ذلك، يشير إلى أنه يمكن إدارة بعض هذه المخاطر بالحد من القطع أو زراعة أنواع أكثر من الأشجار، وهو ما قد يعزز تخزين ثاني أكسيد الكربون ويساعد الغابات على تحمل الظروف المناخية المتطرفة والآفات.

مقالات مشابهة

  • تدهور الغابات يعرقل أهداف المناخ الأوروبية
  • دولة عظمى تشن إعصارًا فترد الأخرى بتسونامي.. حروب المناخ قادمة!
  • حرائق مدمّرة في إسبانيا: آلاف الهكتارات تلتهمها النيران وثلاث مناطق تُعلن حالة الطوارئ
  • نوال تتقبل اعتذار فجر السعيد بعد جدل تصريحات الأخيرة
  • عندما يكون هناك «خداع بصري وتلوث صوتي»!
  • الإمارات تتضامن مع رومانيا وتعزي في ضحايا الفيضانات
  • بعد البعثة الأممية.. أوروبا تعترف بالرئاسة الجديدة للمجلس الأعلى للدولة
  • في غزة : عندما تفقد النقود قيمتها .. يعود الغزيون الى المقاضية
  • رئيس صرف الإسكندرية يُناقش خطة الطوارئ لمواجهة تغيرات المناخ
  • الإمارات تتضامن مع الصين وتعزي في ضحايا الفيضانات