لجريدة عمان:
2025-07-06@14:06:14 GMT

جائزة كمال داود

تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT

ليس من العسير علينا أن نصدق أن الروائي جزائريَّ الأصل كمال داود؛ الفائز مؤخرًا بجائزة الجونكور الأدبية المرموقة، هو فرنسيٌّ أكثر من الفرنسيين أنفسهم، كما تشدق ذات مرة، بل ونُضيف إلى ذلك أيضا، أنه إسرائيليٌّ أكثر من الإسرائيليين، وصهيوني أشد من الصهاينة. يشهد على ذلك دموع التماسيح التي يذرفها بين الفينة والأخرى على أصدقائه الإسرائيليين الطَّيِّبين الذين يتفهّم رغبتنهم «في العيش والإقامة في مكان [هو فلسطين طبعًا] بعد ثلاثة آلاف عام من التنقّل في عالم مليء بالتفرقة»، كما كتب في رسالتِه المُعزِّية «إلى إسرائيلي مجهول» بعد وقت قصير من حادثة السابع من أكتوبر 2023، في مقال نُشِرَ في صحيفة «لوبوان» الفرنسية اليمينية.

يقول في هذه الرسالة أيضًا إنه تربى في محيطه العربي على كراهية (الإسرائيليين)، لكنه بذل مجهودا ليفهمهم: «لقد استغرق الأمر وقتًا حتى أتمكن من لقاء قومكم ومحاولة فهم تاريخكم. واستنتجتُ، وربما أكون مخطئًا، أننا لا ندرك غضبكم على الحياة بعد قرون من محاولات الإبادة. لا نفهم شيئًا من معاناتكم القديمة أو العبء المذهل للأرض التي عُثِر عليها أخيرًا. لا ندرك أنكم في حربكم تسعون للدفاع عن أنفسكم ضد الموت المطلق، ضد الفناء التام لأهلكم، سواء كانوا أمواتًا أو لم يولدوا بعد».

هذا التمسُّح الفاقع بالصهاينة، مضافًا إليه تنكُّره لكل ما هو عربيّ أو إسلاميّ، هو ما جلب جائزة الجونكور الأدبية المرموقة لكمال داود، بغضّ النظر عن المستوى الفنّي لروايته «حوريات» الفائزة بالجائزة هذا العام (2024)، وروايته الأخرى «ميرسو: تحقيق مضاد» الفائزة بجائزة الجونكور للرواية الأولى عام 2015. فنحن نعلم أن السياسة مُقدَّمة على القيمة الأدبية في منح مثل هذه الجوائز، كما نعلم تمامًا أن كمال داود الذي دخل الأدب من بوابة الصحافة، ليس بأفضل إبداعًا من الأدباء الفرانكفونيين الكبار، مثل كاتب ياسين أو آسيا جبّار أو محمد ديب الذين لم يَنَلْ أيٌّ منهم هذه الجائزة. والمتابع لمقالات ومقابلات كمال داود يعرف تمامًا أنه ينتهز أي حدث ارتكبه هذا أو ذاك من المتطرفين، سواء كانوا إسلاميين أو غيرهم، ليرتدي قبّعة المحلل الفيلسوف، ويُعمِّمَ ما اقترفه ذلك المتطرف على الإسلام والمسلمين عامة، تمامًا كما حصل في مقاله في صحيفة لوموند الفرنسية عام 2016 بعنوان «كولونيا مدينة الأوهام» الذي انطلق فيه من حادثة تحرش جماعي وقعت في محطة القطارات المركزية في مدينة كولونيا الألمانية خلال احتفالات رأس السنة ذلك العام واتُّهِم فيها مهاجرون لهم «ملامح شمال إفريقية وعربية» كما قيل. كتب داود في هذا المقال: «هذا الآخر (يقصد المهاجر) جاء من عالم واسع أليم ومروع، وهو عالم عربي إسلامي زاخر بالبؤس الجنسي، وبعلاقته المريضة تجاه المرأة والجسد الإنساني والرغبة»، وطَفِقَ يحرّض ألمانيا على المهاجرين، منتقدا اليسار السياسي «الساذج» الذي رحب بهؤلاء المهاجرين متجاهلًا عمدًا، في رأيه، الفجوة الثقافية التي تفصل العالم العربي/الإسلامي عن أوروبا!

وإذا كان المثقف يُراجِع أفكاره أحيانًا فيستبدل بعض القناعات بقناعات أخرى اكتسبها بإعمال الفكر والتأمل وتنامي خبرة الحياة، فإن آراء كمال داود ومواقفه لا تخضع في العادة لهذا الأمر، وإنما لتبدل الجمهور المخاطَب والمصلحة الشخصية. يُلفِتُنا الكاتب الجزائري المقيم في فرنسا فارس لونيس إلى أن الأمر الأساسي الذي غاب في قراءات «حوريات»؛ رواية داود الفائزة بالجونكور، أن هذه الرواية المُسيَّسة هي إعادة كتابة معكوسة لرواية أخرى مسحها كمال داود من قائمة أعماله، هي «يا فرعون» (صادرة عن «دار الغرب» في وهران عام 2005). في تلك الرواية («يا فرعون») ــ يضيف لونيس ــ «يدافع داود عن أطروحة «العسكر هو المجرم الوحيد» في الحرب الأهلية. أما في «حوريات»، فالأطروحة المدافَع عنها هي عكس الأولى: «الإسلاميون هم مجرمو الحرب الأهلية الفعليون». في «حوريات» يبرئ كمال داود استبداد السلطة من خلال اختلاقه لشعب جزائري أحمق، رجعي ومتطرف في جوهره، غير قابل لبلورة مشروع سياسي جاد إلا من خلال الكره الأعمى لفرنسا ولغتها». وكأننا هنا أمام رواية موجهة للقارئ الجزائري/ العربي هي «يا فرعون»، ورواية أخرى موجهة للقارئ الفرنسي، الغربي هي «حوريات». الأمر نفسه تكرر في روايته «ميرسو: تحقيق مضاد» (المترجمة إلى العربية بعنوان «معارضة الغريب»). إن من العلامات الدالّة على انتهازية مؤلف هذه الرواية ــ كما يقول فارس لونيس- أن طبعتها الأولى الصادرة في الجزائر عن «دار برزخ» في سنة 2013، مختلفة بعض الشيء - وفي أمور جوهرية من الناحية السياسية - عن طبعة دار «آكت سود» المنشورة في فرنسا في العام التالي، «فالنقد الموجه لشخص الكاتب ألبير كامو في الطبعة الجزائرية أكثر حِدَّة من نقد الطبعة الفرنسية. في الجزائر، يناهض كمال داود كولونيالية أدب ألبير كامو؛ أمّا في فرنسا، فهو يُعرب عن ثَنائهِ على الموهبة الأدبية لصاحب رواية «الغريب»، وعن تبجيله خاصَّةً للغة الفرنسية».

ليس كمال داود إذن سوى تجسيد لظاهرة الأدب الموجَّه لخدمة السرديات الغربية، لا سيما في تناوله للهوية الإسلامية والعربية، إذْ يوظف ثقافته الأصلية لا ليقدمها للعالَم، وإنما لتكون قُربانًا على مذبح هُويٍّة أخرى، وليُثبتَ للفرنسيين ليس فقط أنه فرنسيٌّ مثلهم، بل أكثر فرنسيةً منهم. من هنا جاء السؤال الجوهري الذي طرح نفسه بقوة: هل فاز بجائزة الجونكور حقًّا بفضل قيمة روايته الفنية، أم لأنّه يعزف على وترٍ يُطرِبُ مانحي الجوائز الغربية؟

الإجابة أوضح من أن تقال.

سليمان المعمري كاتب وروائي عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: کمال داود

إقرأ أيضاً:

فيرستابن «أول المنطلقين» في «جائزة بريطانيا»

 
سيلفرستون (أ ف ب)

أخبار ذات صلة بريطانيا تعلن عودة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا مئات المهاجرين يعبرون القنال الإنجليزي في يوم واحد


حقق سائق ريد بول الهولندي ماكس فيرستابن السبت أسرع توقيت خلال التجارب التأهيلية لسباق جائزة بريطانيا الكبرى على حلبة سيلفرستون، ضمن منافسات الجولة الثانية عشرة من بطولة العالم لـ «الفورمولا -1».
وسجل فيرستابن، بطل العالم في الأعوام الأربعة الماضية، توقيتا قدره 1:24.892 دقيقة متقدماً بفارق 0.103 ثانية و0.118 ثانية توالياً عن سائقي ماكلارين الأسترالي أوسكار بياستري متصدر ترتيب السائقين ووصيفه البريطاني لاندو نوريس.
وهي المرة الـ 44 التي يحقق فيها فيرستابن، الفائز بالسباق عام 2023، أسرع توقيت خلال «امتحان السبت»، والثالثة له في سيلفرستون التي شهدت انطلاق أول جائزة كبرى رسمية قبل 75 عاماً، بعد 2021 و2023.
وأكمل البريطانيان جورج راسل سائق مرسيدس (1:25.029 دقيقة) وزميله السابق سائق فيراري الحالي لويس هاميلتون، بطل العالم 7 مرات (1:25.095 د.) المراكز الخمسة الأولى.
وتصدر بياستري قائمة الأوقات قبل أن يحقق فيرستابن اللفة المثالية الأسرع لينتزع المركز الأول من سائق ماكلارين.
قال فيرستابن ابن الـ 27 عاماً «كان المسار خادعاً بسبب الرياح، وكان كل شيء يتغير قليلاً، خصوصاً أن السيارات حساسة جداً تجاه هذه التغيرات».
وأضاف السائق الذي بات في قلب الشائعات التي تتحدث عن انتقاله إلى مرسيدس في العام المقبل «هذه حلبة مثالية، عندما تضطر إلى الانطلاق بأقصى سرعة، عليك أن تكون ملتزما للغاية».
وتابع «نحن سريعون جداً في الخطوط المستقيمة، علينا أن ننتظر ونرى ما سيحدث غداً، أشعر بالسعادة، وهي دفعة قوية للفريق ومتحمس للسباق غداً».
أمام مدرجات مكتظة وتحت سماء غائمة، حيث هطلت بضع قطرات من المطر خلال التجارب، سينطق هاميلتون «ملك سيلفرستون» من المركز الخامس، متقدماً على زميله شارل لوكلير من موناكو.
وفي أول عطلة نهاية أسبوع له على أرضه باللون الأحمر مع فيراري، سيحاول البريطاني العودة إلى سكة الانتصارات الأحد، أو على الأقل الصعود إلى منصة التتويج للمرة الأولى هذا العام.
لم يسبق «للسير» هاميلتون أن حقق مركزاً أفضل من الرابع في 11 جائزة كبرى هذا العام، وإن كان قد فاز بالسباق السريع (السبرينت) خلال جائزة الصين الكبرى في مارس.
في «حديقته» في سيلفرستون، حقق البريطاني الفائز بنسخة 2024 أرقاماً مذهلة، حيث يتربع على قائمة السائقين الأكثر فوزاً (9).
وسجل سائق مرسيدس الشاب الإيطالي أندريا كيمي أنتونيلي سابع أسرع توقيت، لكنه سينطلق من المركز العاشر، بعدما تعرض لعقوبة التراجع ثلاثة مراكز، إثر اعتباره متسبباً بالحادث الذي جمعه مع فيرستابن في جائزة النمسا الأحد الماضي.
كما احتل البريطاني أوليفر بيرمان (هاس) الذي تعرض بدوره لعقوبة التراجع 10 مراكز، المرتبة الثامنة متقدماً على بطل العالم مرتين الإسباني فرناندو ألونسو (أستون مارتن) والفرنسي بيار جاسلي (ألبين).

مقالات مشابهة

  • حجارة ومقلاع داود تهزم عربات جدعون
  • إيمان كمال تكتب: حليم.. صوت النصر والحب
  • إيمان كمال تكتب: شيرين ثروة قومية..انقذوها
  • تعلن محكمة شمال الأمانة بأن على المدعى عليه/ كمال يحيى ذياب الحضور إلى المحكمة
  • فيرستابن «أول المنطلقين» في «جائزة بريطانيا»
  • عمر كمال نجم حفل البيت الفني للفنون الشعبية 24 يوليو المقبل
  • عمر كمال يشارك الفرقة القومية بحفل البيت الفني للفنون الشعبية
  • تفاصيل حفل عمر كمال على مسرح «محمد عبد الوهاب» في الإسكندرية 24 يوليو الجاري
  • أسامة كمال : بيان 3 يوليو 2013 يشبه إعلان تأميم قناة السويس
  • انتصار للشعب على الإرهاب.. أسامة كمال عن 3 يوليو : الإخوان رفعوا شعار يا نحكمكم يا نقتلكم