الجزيرة:
2025-05-18@07:57:56 GMT

أساليب بدائية لمواجهة قسوة الشتاء بغزة

تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT

أساليب بدائية لمواجهة قسوة الشتاء بغزة

غزة – تحت التحليق المكثف للطيران الحربي الإسرائيلي على مدار الساعة، يعمل فايز العزازمة وفريقه في إنتاج الفحم من بقايا أشجار جرفتها قوات الاحتلال خلال توغلها البري في شرق مدينة خان يونس ومناطق جنوبي قطاع غزة.

يقول للجزيرة نت إنها مهنة مضرة صحيا ومخيفة في ظل الحرب، وبينما تُسمع أصوات انفجارات ناجمة عن غارات جوية إسرائيلية وقصف مدفعي بشكل واضح، يضيف "نعمل طوال الوقت على وقع هذه الانفجارات، ونخشى أن نكون هدفا لغارة جوية أو قذيفة مدفعية".

ولمواجهة فصل البرد والأمطار، يعمل فلسطينيون في خان يونس على إنتاج الفحم لاستخدامه بديلا عن الوقود وغاز الطهي من أجل التدفئة والاستخدامات الحياتية الأخرى.

فايز العزازمة يعمل في إنتاج الفحم من بقايا أشجار جرفها الاحتلال شرق مدينة خان يونس (الجزيرة) مخاطر وأضرار

ويحل الشتاء الثاني على الغزيين وغالبيتهم مشردين في الخيام ومراكز الإيواء في ظل أزمة حادة في غاز الطهي الأكثر استهلاكا في القطاع، وانقطاع تام للكهرباء وعدم توفر وسائل الطاقة البديلة وارتفاع أسعارها على نحو غير مسبوق.

ولكن العزازمة لا يكترث بهذه المخاطر بغية توفير "لقمة العيش" لأسرته التي خاض معها تجربة النزوح المريرة من مكان إلى آخر منذ نزوحهم القسري من شمال غزة مع بدايات الحرب عقب هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

يقول هذا الأب المكافح "في ظل هذه الحرب القاسية لم يعد أمامنا خيارات كثيرة من أجل البقاء على قيد الحياة وتوفير المأكل والمشرب لعائلاتنا وأطفالنا". تبدو على وجه العزازمة ملامح الشقاء من ظروف العمل القاسية وتعرضه ساعات طويلة لانبعاثات الدخان الكثيف الناجم عن احتراق الحطب.

ويجلب عاملون هذا الحطب من أراضٍ زراعية قريبة من السياج الأمني الإسرائيلي شرق خان يونس كانت قوات الاحتلال قد جرفتها ودمرت أشجارها، غالبيتها من الزيتون، ويقول العزازمة إنها "مهمة خطرة للغاية، فالوصول إلى تلك المناطق مغامرة كبيرة قد يدفع الشخص حياته ثمنا لها".

فلسطينيون يعملون في مهنة إنتاج الفحم في ظروف قاسية جنوبي قطاع غزة (الجزيرة)

ونتيجة اعتماد الغزيين على الأخشاب والحطب بديلا للوقود وغاز الطهي، شهدت أسعارها ارتفاعا هائلا وتناقصت كمياتها في الأسواق، مما رفع من كلفة إنتاج الفحم بصورة لم يعهدها العزازمة من قبل، ويضيف "الحرب أثرت علينا في كل شيء ودمرت حياتنا، وبصعوبة بالغة نتدبر احتياجاتنا".

وبينما يتحدث العزازمة عن ظروف العمل المعقدة، انهمك عمال في تقطيع الحطب إلى قطع صغيرة ورصه على هيئة هرم، ثم تغطيته بالقش وبطبقة من الرمل تتخللها فوهات صغيرة ينبعث منها دخان كثيف نتيجة إشعال النار في القش واحتراق الحطب.

"بعد هذه المرحلة ننتظر أياما حتى يحترق الحطب بصورة كاملة تماما ويتحول إلى فحم، ونقوم بتعبئته وعرضه للبيع"، يوضح العزازمة.

ارتفاع كبير في أسعار الفحم بسبب أزمة الوقود وغاز الطهي في ظل حلول فصل الشتاء (الجزيرة) حصار خانق

وليس بمقدور كثير من الغزيين، الذين فتكت بهم الحرب وأفقدتهم أعمالهم ومصادر رزقهم ومدخراتهم، شراء الفحم نظرا لارتفاع أسعاره، وبحسب العزازمة فإن سعر الكيلوغرام منه يبلغ 20 شيكلا (حوالي 6 دولارات) أو أكثر، في حين لم يكن سعره قبل الحرب يتعدى 5 شواكل (أقل من دولارين).

وحتى اندلاع الحرب، كان اعتماد الغزيين بصورة أساسية على الفحم المستورد، غير أن دولة الاحتلال تمنع إدخاله عبر معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد الخاضع لسيطرتها، وتواصل احتلال معبر رفح البري بين القطاع ومصر للشهر السابع على التوالي.

ويندرج ذلك في سياق حصار خانق تفرضه إسرائيل وألقى بظلاله الثقيلة على زهاء 2.3 مليون فلسطيني في القطاع الساحلي الصغير، وطال حتى المساعدات الإنسانية، ولم يعد معه غالبية الغزيين قادرين على تدبر احتياجاتهم الأساسية، وصاروا يبحثون عن بدائل بدائية.

وبالنسبة للبعض، فإن استخدام الفحم أقل كلفة من غاز الطهي الذي يباع في السوق السوداء بأسعار باهظة تتراوح بين 70 و100 شيكل للكيلوغرام الواحد (بين 20 و27 دولارا)، في حين لا يزيد سعر الأسطوانة وزن 12 كيلوغراما عن 65 شيكلا (18 دولارا) قبل الحرب.

ويقول فايز العزازمة إن له زبائن من النازحين في الخيام ومراكز الإيواء يعتمدون بشكل أساسي على الفحم، خاصة مع دخول فصل الشتاء، حيث لا تقيهم هذه الخيام البرد الشديد، ويضيف أنه في كل مرة يطالبهم بالحذر الشديد لمخاطر استخدام الفحم في الخيام والأماكن المغلقة.

ولا يشكل لجوء الغزيين للفحم أو الحطب للتدفئة والطهي سابقة، فقد اعتاد كثير منهم على ذلك منذ فرض الاحتلال الحصار في منتصف العام 2007، ومعاناتهم مع أزمة كهرباء دائمة وتلاعب إسرائيلي متكرر بحركة المعابر مع القطاع.

أطفال غزيون يجمعون الورق والكرتون والأخشاب لاستخدامها في أفران الطين (الجزيرة) ظواهر جديدة

وجراء غلاء الأسعار وأزمات مركبة خلقتها الحرب، برزت ظاهرة أطفال يجوبون الشوارع ويجمعون كل شيء قابل للاشتعال من أخشاب وأقمشة وكرتون وبلاستيك، يستخدمه نازحون لإشعال النار في أفران من الطين أقاموها في أماكن نزوحهم.

بدورها، تنجز أم علي أبو عمشة (37 عاما) أعمالها اليومية على فرن من الطين بناه زوجها في مدرسة نزحوا إليها قرب مجمع ناصر الطبي، وتقول للجزيرة نت "الأسعار نار وأسرتي كبيرة، وبصعوبة شديدة نوفر مستلزماتنا اليومية، الشتاء على الأبواب وربنا يستر".

هذه النازحة من بلدة بيت حانون في شمالي القطاع هي أم لـ11 طفلا، تنقلت بهم من مكان إلى آخر منذ اليوم الأول للحرب، آخرها في مايو/أيار الماضي على وقع اجتياح بري إسرائيلي لمدينة رفح التي أقاموا فيها لبضعة شهور.

وخسرت أم علي وأسرتها منزلا ومطعما دمرتهما قوات الاحتلال في بلدتهم، وتقول إن النزوح استنزف مدخراتهم ويقيمون حاليا في صف داخل مدرسة يشاركهم فيه أقارب آخرون، وتتخوف من آثار الشتاء على صحة أبنائها مع البرد والأمراض المعدية.

الطفلة ملك نضال تجمع الورق والأخشاب من الشوارع لإعالة أسرتها النازحة (الجزيرة)

وفي ظل أزمة غاز طهي حادة، تعتمد هذه العائلة على نار الحطب وتضطر لشراء الرطل منه بـ15 شيكلا (نحو 4 دولارات)، وهو شحيح للغاية وتوفيره ليس سهلا.

وجراء ذلك، تقضي الطفلة ملك نضال (13 عاما) ساعات طويلة يوميا تتنقل بين الشوارع والأزقة والمباني المدمرة لتعبئة أكياس بكل شيء يمكن أن تستخدمه والدتها لإشعال نيران فرن على الطين. وهي الأكبر بين أخوتها في أسرة من 7 أفراد، ووالدها مبتور الساق من الحرب الإسرائيلية السابقة على غزة عام 2021 التي أفقدته عمله، وتقول إنها مضطرة للعمل لتوفير الطعام لعائلتها.

وبحسب الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، فإن الحرب حرمت نحو 650 ألفا، أكثر من 50% منهم من الفتيات، من التعليم الأساسي وشردتهم عن مقاعد الدراسة، وأجبرت الكثير منهم على أعمال شاقة للمساهمة في إعالة أسرهم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجامعات إنتاج الفحم خان یونس

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يستهدف 68 مركزا وتكية لتوزيع الغذاء بغزة

أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، اليوم السبت، أن عدد مراكز وتكايا توزيع الطعام التي استهدفها جيش الاحتلال ارتفع إلى 68 مركزا وتكية، منذ بدء العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع.

وقال المكتب الإعلامي في بيان إن جيش الاحتلال أقدم على قصف مستودع لتوزيع المساعدات الغذائية في منطقة دير البلح وسط القطاع، مما أدى إلى استشهاد 5 مواطنين ووقوع عدد كبير من الجرحى في صفوف المدنيين الذين تجمعوا لتلقي مساعدات إنسانية، وسط مجاعة خانقة تضرب كافة مناطق القطاع.

وبذلك، يرتفع عدد مراكز توزيع الغذاء والمساعدات الإنسانية المستهدفة إلى:

39 مركزا لتوزيع الغذاء والمساعدات. 29 تكية طعام تقدم وجبات يومية للمحتاجين والجوعى. استخدام الغذاء كسلاح حرب

وتأتي هذه الهجمات ضمن سياسة متواصلة يتبعها الاحتلال باستخدام الغذاء كسلاح حرب، في انتهاك صارخ للقوانين الدولية والإنسانية، وعلى رأسها اتفاقيات جنيف التي تحظر استهداف المرافق الإنسانية والمدنيين تحت أي ظرف من الظروف.

وبحسب بيان المكتب الإعلامي، أدت "هذه السياسة الإجرامية إلى استشهاد مئات المدنيين أثناء محاولتهم استلام مساعدات غذائية من مراكز الإغاثة والتكايا، في مشاهد دامية تعكس حجم المأساة الإنسانية التي يتعرض لها شعب أعزل محاصر".

إعلان

كما تكشف هذه السياسة الوجه الحقيقي للاحتلال الذي يعتمد سياسة الإبادة الجماعية والتجويع الممنهج ضد الشعب الفلسطيني في القطاع.

وحمّل المكتب الإعلامي الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم البشعة، مع إدانة شديدة لتكرار استهداف منشآت الإغاثة والتكافل الاجتماعي.

وطالب المكتب المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن وكافة الهيئات الإنسانية والحقوقية بضرورة التحرك العاجل والفوري والفاعل لوقف هذه المجازر الوحشية، وتوفير الحماية لمراكز توزيع الغذاء وفتح المعابر وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون استهداف أو عرقلة.

كما دعا المؤسسات الحقوقية والإعلامية إلى توثيق هذه الجرائم البشعة، والعمل على محاسبة الاحتلال الإسرائيلي في المحاكم الدولية على جرائمه التي ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

واختتم البيان بالتأكيد على أن استمرار الصمت الدولي يعني "مشاركة فعلية في هذه الإبادة الجماعية البطيئة لشعب أعزل محاصر، يموت جوعا وقصفا أمام أعين العالم".

ومطلع مارس/آذار الماضي، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين حماس وإسرائيل بدأ سريانه يوم 19 يناير/كانون الثاني الماضي، بوساطة مصرية قطرية ودعم أميركي. وتنصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من بدء المرحلة الثانية للاتفاق واستأنف الإبادة الجماعية بالقطاع في 18 مارس/آذار الماضي.

وبدعم أميركي ترتكب إسرائيل، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت نحو 173 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

مقالات مشابهة

  • إعلام عبري: انتحار 35 جنديا إسرائيليا منذ بدء الحرب بغزة حتى نهاية 2024
  • النكبة في ذكراها الـ77.. مأساة الفلسطيني المتجددة بغزة تحت الحرب والتطهير العرقي
  • مطالبات بتحقيق دولي لكشف مصير الغزيين المخفيين قسراً في سجون العدو الصهيوني
  • عائلات الأسرى الإسرائيليين بغزة: نُطالب نتنياهو بإنهاء الحرب فورا
  • الاحتلال يستهدف 68 مركزا وتكية لتوزيع الغذاء بغزة
  • الاحتلال يطفئ عيون الغزيين وآلاف الإصابات محرومة من العلاج
  • رغم الموجة الحارة.. صيف 2025 لم يبدأ بعد
  • ٢٥٠ شهيدا في مجازر للاحتلال بغزة في يومين
  • صحة بغزة: 150 شهيدًا جراء القصف الإسرائيلي منذ فجر الخميس
  • وسائل بدائية.. هكذا يحاول الغزيون التغلب على المجاعة