خشية سياساته الداعمة للحفر.. ستارمر لـ ترامب: تعلم الدرس من التاريخ
تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT
حث رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمر، الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب على تعلم "الدرس من التاريخ" ودعم التحول إلى الطاقة الخضراء.
وحسب صحيفة “تليجراف” البريطانية، قال ستارمر إن هناك "تحولًا عالميًا" إلى الطاقة النظيفة جاريًا حاليًا وستكون هناك فوائد لكونك "المحرك الأول".
جاءت كلمات ستارمر خلال إلقائه كلمة في مؤتمر صحفي بقمة تغير المناخ “Cop29” في العاصمة الأذربيجية باكو، والتي تجاهلها العديد من زعماء العالم البارزين الآخرين بما في ذلك الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز.
ومن المتوقع أن ينسحب ترامب من اتفاقية باريس لتغير المناخ عندما يعود إلى منصبه في يناير المقبل، وتعهد مرارًا وتكرارًا خلال حملته بـ "احفر يا عزيزي احفر" لإطلاق العنان لزيادة إنتاج النفط.
وعندما سُئل عن رسالته إلى ترامب، قال كير: “أهم شيء بالنسبة لي هنا في مؤتمر الأطراف هو الاستمرار في إظهار قيادة المملكة المتحدة بشأن المناخ في هذا الوقت الحرج وسنستمر في القيام بذلك، للتأكد من أننا ممكِّنون من الاستفادة من رأس المال الخاص الآن نحو الأهداف التي يجب تحديدها، وتحديد هدفنا الخاص كما فعلت للتو فيما يتعلق بالانبعاثات”.
وتابع قوله “لكن الأهم من ذلك، أن أكون واضحًا أنني لا أرى هذا مجرد تحدٍ عالمي بل فرصة عالمية. إذا نظرت إلى المكان الذي يستثمر فيه المستثمرون العالميون، فهم يستثمرون في مصادر الطاقة المتجددة والجميع يعلم أن هناك انتقالًا، انتقالًا في مجال الطاقة، تحدث هذه الأشياء نادرًا جدًا، مرة واحدة في الجيل عادةً، ربما لفترة أطول قليلاً من ذلك حيث يوجد انتقال عالمي في مجال الطاقة والدرس المستفاد من التاريخ هو الدخول في هذا الانتقال بخطة واضحة، من أجل نتيجة عادلة”.
وأشار إلى أن بلاده أطلقت برنامجا للطاقة النظيفة خلال الـ100 يوم الأولى بعد تولي حكومته، داعيًا كافة الأطراف لتقديم أهداف طموحة لمكافحة التغيرات المناخية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمر دونالد ترامب ترامب تغير المناخ Cop29
إقرأ أيضاً:
ديفيد هيرست: إسرائيل خسرت الحرب في غزة وهي لا تعلم ذلك بعد
قال الصحفي البريطاني ديفيد هيرست، إن "إسرائيل" ستخسر لا محالة الحرب في غزة، وما تم الإقرار به من انعدام جدوى الحملة العسكرية التي شنتها الولايات المتحدة ضد ثوار فيتنام يكاد ينعكس صورة طبق الأصل، وبشكل مكبر، في المحاولات العسكرية الإسرائيلية لمسح حماس من الخارطة.
وأوضح في مقال له بموقع "ميدل إيست آي"، ترجمته "عربي21" أن عاملين ساهما، في إنهاء الحرب في فيتنام، وأنهيا معها قرنا من النضال لتخليص البلد من الاستعمار، ألا وهما تصميم الفيتناميين على النضال وما طرأ من تغيير على الرأي العام في الولايات المتحدة.
وتابع: "نفس العاملين سوف يقودان الفلسطينيين إلى دولتهم الخاصة بهم، تصميم الفلسطينيين على البقاء والتشبث بأراضيهم حتى الموت، والرأي العام في الغرب، والذي يتحول سريعا ضد إسرائيل. راقبوا ذلك بعناية. إنه ينساب في اليمين وبات راسخا في اليسار. لم يعد يجدي نفعا وصم الانتقاد المشروع للإبادة الجماعية بأنه معاداة للسامية. لقد فات الفوت".
وفيما يلي النص الكامل للمقال:
في آخر حلقة من برنامج الألعاب التلفزيوني "البيت الأبيض على الأوبر: كيف تشتري مسبقا رئيسا للولايات المتحدة"، بدا للحظة عابرة كما لو أن المذيع يقرأ من النص الصحيح.
قال رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب حينما كان في السعودية إن التدخل الليبرالي في البلدان الأخرى كان كارثيا. وهذا صحيح. وقال إنه لا يمكنك تفكيك الأمم وإعادة بنائها. وتشهد على ذلك تجارب كل من روسيا ما بعد الاتحاد السوفياتي، وأفغانستان، والعراق، وليبيا، واليمن.
ها هو قد توقف عن قصف اليمن وأنهى عقدين من العقوبات على سوريا، قاطعا بذلك اثنين من الطرق الأساسية التي تنتهجها إسرائيل للهيمنة على المنطقة: تقسيم سوريا وإشعال حرب مع إيران.
وأقول "للحظة عابرة" لأن ما يعد به رئيس الولايات المتحدة وما ينجزه شيئان مختلفان تماما، وذلك بالنظر إلى أن إيران وجدت نفسها في مثل هذا الوضع مرات عديدة من قبل أثناء المفاوضات على برنامجها النووي.
كان من بين الذين صدمهم إعلان ترامب وقف العقوبات على سوريا مسؤولو الخزينة الأمريكية في إدارته. فقد تبين أنه ليس من اليسير وقف العقوبات متعددة الطبقات التي تراكمت على سوريا منذ أن قامت الولايات المتحدة بادئ ذي بدء بوضع البلد على قائمة الدول الداعمة للإرهاب في عام 1979، كما أن مثل هذا الإجراء لن يكون سريعا ولا شاملا.
فهناك قانون قيصر للحماية المدنية في سوريا، والذي لابد أن يبطله الكونغرس بنفسه، رغم أن بإمكان ترامب تعليق بعض أجزاء منه لأسباب تتعلق بالأمن القومي. أما العقوبات نفسها، والتي هي عبارة عن خليط من الأوامر التنفيذية والمراسيم، فسوف يستغرق رفعها شهورا، وثمة مجال لمحطات يتم فيها فرملة إجراءات الرفع.
هذه الحلقة بالذات من المسلسل كلفت رعاته، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، كميات مهولة من المال، ما يزيد عن 3 تريليون، ومازال العد مستمرا، وهي مبالغ مرتفعة حتى بمعايير الخليج نفسه.
مهمة فتاكة
كان هناك 600 مليار دولار من المملكة العربية السعودية، وما قيمته 1.2 تريليون دولار من الصفقات مع قطر، وطائرة خاصة من طراز بوينغ 747 لاستخدام كرئيس، وبرج لابن ترامب إريك في دبي، وأكثر من ذلك بكثير، بما في ذلك صفقات عملة رقمية مع الشركة التي تملكها عائلة ترامب واسمها وورلد ليبرتي فاينانشال.
كان أكثر العرب ثراء يتنافسون مع بعضهم البعض لتقديم قرابين الولاء والطاعة عند أقدام آخر ملوك واشنطن.
بينما كان يتم هذا الاستعراض للثروات في الرياض والدوحة، كانت إسرائيل تحتفل بالذكرى السنوية لنكبة عام 1948 بقتل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين في غزة.
كان يوم الأربعاء واحدا من أكثر الأيام دموية في غزة منذ أن تخلت إسرائيل من طرف واحد عن وقف إطلاق النار. قتل ما يقرب من مائة شخص. أسقطت القنابل المخترقة للتحصينات بالقرب من المستشفى الأوروبي في خان يونس، في ضربة قيل إنها استهدفت محمد السنوار، زعيم حماس الفعلي في غزة. ولكن لم تتأكد أخبار وفاته.
كما حدث في عملية اغتيال زعيم حماس إسماعيل هنية في طهران، كانت إسرائيل تستهدف أحد أهم المفاوضين في الوقت الذي كانت تتظاهر فيه بالتفاوض.
علمت من مصادري أنه مباشرة قبل استئناف إسرائيل لهجماتها في الثامن عشر من مارس (آذار)، قبلت قيادة حماس السياسية في الخارج بصفقة مع الأمريكان كان يمكن أن تفضي إلى إطلاق المزيد من الرهائن مقابل تمديد وقف إطلاق النار – ولكن بدون ضمانة بإنهاء الحرب. إلا أن السنوار رفضها، وبناء على ذلك لم تمض قدما.
فيما لو كان السنوار قد مات، لسوف تستغرق إعادة ترتيب اتصالات آمنة داخل حماس مع أحد الرجال الذين قد يحلون محله وقتا.
تشكل محاولة اغتياله، أو قتله لو حصل ذلك، دليلا – لو كان ثمة حاجة إلى دليل – على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليست لديه النية لإعادة بقية الرهائن أحياء. تحتاج صفقة الرهائن إلى أن تتمكن قوات حماس من استعادة القيادة والسيطرة. أما حرب العصابات فلا تحتاج إلى شيء من ذلك.
لقد باتت مهمة نتنياهو في غزة واضحة تماما، والتي هي ممارسة التجويع والقصف حتى يتسنى له إخراج أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة من القطاع. بل بلغ جلاء ذلك حدا لم يعد باستطاعة ما يسمى المجتمع الدولي تجاهله.
في حديثه أمام مجلس الأمن الدولي، قال نائب أمين عام الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر: "من أجل أولئك الذين قتلوا ومن أجل أولئك الذين أسكتت أصواتهم: أي دليل أكبر تحتاجونه الآن؟ هل ستتصرفون بحزم لمنع الإبادة الجماعية ولضمان احترام القانون الإنساني الدولي؟"
أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فوصف سياسة إسرائيل في غزة بالمخزية، بينما أطلق رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز على إسرائيل لقب "دولة الإبادة الجماعية"، وذلك أثناء حديثه في البرلمان، الذي أشار فيه إلى أن مدريد "لا تمارس التجارة والأعمال" مع هكذا بلد.
غدر هائل
ولكن لم تخرج من شفتي محمد بن سلمان، ولي العهد والحاكم الفعلي في المملكة العربية السعودية، في حديثه مع ترامب كلمة واحدة تعبر عن التنديد بسلوك إسرائيل في غزة، ولا من شفتي رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد ولا من شفتي أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني.
جسد الحدث الذي شهده الخليج غدرا هائلا بحق الفلسطينيين، الذين يعلمون جيدا أن لدى الحكام العرب سجلا مشهودا بالتخلي عنهم.
في الماضي، كانوا ينتظرون بضعة شهور أو بضع سنين بعد كل هزيمة عسكرية حتى يفعلوا ذلك. استغرق الزعماء العرب وقتا بعد حرب 1967 لكي يتحدثوا عن حل سلمي للضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين. أما اليوم فإنهم يتخلون عن الأبطال الحقيقيين في العالم العربي، الذين يتعرضون للتجويع والقصف حتى الموت.
تم إضعاف كل من حماس وحزب الله بشدة، مع أنني أشك في كون الضربات التي تلقوها كانت قاضية. مازالت حماس تقاتل في الميدان، كما يتضح من أعداد الوفيات بين الجنود الإسرائيليين، والذين لا تعلن إسرائيل عنهم بشكل كامل. لم يتخل حارس واحد عن الرهائن الذين وكل بهم من أجل النجاة بنفسه وإنقاذ حياته.
لم تهزم روح المقاومة في غزة. بل في واقع الأمر باتت أوجه التشابه أكبر، وبشكل متزايد، مع الهزائم التاريخية الأخرى التي منيت بها قوات الاستعمار، سواء الفرنسية أو الأمريكية.
لا يمكن، من ناحية، المقارنة بين غزة والحرب الفيتنامية. فالقوة التي تستخدمها إسرائيل اليوم في غزة تتضاءل أمامها القوة التي استخدمها جون إف كندي وليندون بي جونسون وريتشارد نيكسون، الرؤساء الأمريكيون الثلاثة الذين كانت فيتنام لعنة على فترات حكمهم.
على مدى ثمان سنين، أسقطت الولايات المتحدة أكثر من خمسة ملايين طن من القنابل على فيتنام، مما أحالها إلى المكان الأكثر تعرضا للقصف في العالم. بحلول يناير (كانون الثاني) من هذا العام، كانت إسرائيل قد أسقطت ما لا يقل عن ألف طن من القنابل على غزة.
بمعنى آخر، أسقطت الولايات المتحدة ما يقرب من 15 طنا من المتفجرات على كل كيلومتر مربع في فيتنام، بينما أسقطت إسرائيل 275 طنا على كل كيلومتر مربع في غزة – أي ما يقرب من ثمانية عشر ضعفا.
إضافة إلى ذلك، هناك أوجه أخرى للمقارنة تضربك بين عينيك حول الحرب، التي مازالت تصم الولايات المتحدة وتشوه سمعتها حتى اليوم، والحرب الحالية في غزة، والتي ينوي نتنياهو تعميقها من خلال سعيه لاحتلال القطاع بشكل دائم.
عود على بدء
لا يملك من يراقبون الحرب من أبناء الجيل الحالي إلا أن يشعروا بأن الأمر يتكرر من جديد، وخاصة وهم يشاهدون بألم بالغ التفاصيل الكاملة للصراع في المسلسل القصير الجديد بعنوان: "نقطة التحول: الحرب الفيتنامية".
ما تم الإقرار به من انعدام جدوى الحملة العسكرية التي شنتها الولايات المتحدة ضد ثوار فيتنام يكاد ينعكس صورة طبق الأصل، وبشكل مكبر، في المحاولات العسكرية الإسرائيلية لمسح حماس من الخارطة.
بينما كانت الولايات المتحدة توسع من ضلوعها في الحرب الفيتنامية، واضطرت واشنطن إلى التخلي عن الادعاء بأن ما يزيد عن 16000 جندي وطيار كانوا "يقدمون النصح" لجيش فيتنام الجنوبية، غدا جليا لواشنطن وسايغون أنه لا مفر أمامهما من إخراج الثوار الفيتناميين من الأرياف وتمكين الحكومة من استعادة السيطرة على ما يقرب من 12 ألف قرية.
لربما لم يوجد ما يحرض القرويين في جنوب فيتنام ويقلبهم ضد الولايات المتحدة وضد حكومتهم أكثر وأسرع من "برنامج القرى الاستراتيجي".
كانت تلك عبارة عن مستوطنات محصنة أجبر القرويون الذين أخرجتهم القوات الأمريكية من أراضي آبائهم وأجدادهم على الاستقرار فيها. بلغة ذلك الزمان، كان يفترض أن يبدأ هؤلاء القرويون حياة جديدة بعد تطهير الأرض من الشيوعيين.
وكما عبر عن ذلك توماس باس، مؤلف كتاب "فيتنامريكا: الحرب تأتي إلى الوطن": "لديك كل تلك المناطق بأسرها التي يعلن عن أنها نطاق مفتوح للهجوم."
يرتبط بذلك بشكل وثيق افتراض آخر لبرنامج "التدجين" الذي كانت تطبقه الولايات المتحدة، ولعله هو والد ما يطلق عليه اليوم "مكافحة التمرد". ولد ذلك من رحم المشاكل التي كان يواجهها الجنود الأمريكيون في التمييز بين المدنيين والمحاربين. فكان الحل يكمن في معاملة أي شخص فيتنامي يتواجد داخل ما أطلق عليه اسم "منطقة النار الحرة" باعتباره عدوا، فتفتح عليه النار بدون العودة إلى المراتب العليا من القيادة.
قال جندي سابق في البحرية الأمريكية: "كان يقال لنا إن جميع الفيتناميين لديهم حرية المغادرة وأن جميع الفيتناميين الذين يبقون يصبحون جزءا من البنية التحتية للثوار الفيتناميين. فما عليك سوى أن تتصيد الناس وتقتلهم، وبإمكانك أن تقتلهم بالأسلوب الذي يحلو لك."
كان يُتوقع من القادة الميدانيين المجيء بإحصاء مرتفع لأعداد الجثث. جميع أولئك الذين يقتلون، بما في ذلك النساء والأطفال، كانوا يعاملون باعتبارهم شيوعيين أموات. وعن ذلك يقول محارب قديم شارك في فيتنام: "قيل لي إننا إذا قتلنا عشرة فيتناميين مقابل كل أمريكي، فإننا سوف ننتصر."
كان القرويون يُجوّعون في المعسكرات الخالية من الثوار الفيتناميين لأنهم لم يعودوا قادرين على الوصول إلى حقول الأرز التي يملكونها. إلا أن الهدف الرئيس لم يكن إطعامهم وإنما إخلاء الريف منهم. وكانت النتيجة هي هرب هؤلاء القرويين، مما أتاح المجال أمام الثوار الفيتناميين الاقتراب أكثر فأكثر من المدن.
عند نقطة معينة، كان 70 بالمائة من القرويين الذين تطوعوا للانضمام إلى الثوار الفيتناميين من النساء. وكما ورد على لسان تران تي ين نغوك من جبهة التحرير الوطنية: "كانوا يطلقون علينا اسم فيتكونغ، ولكننا كنا جيش التحرير. كنا جميعا من الرفاق، وكنا نرى في أنفسنا عائلة واحدة. كلما سقط واحد منا تقدم ليحل محله ما بين خمسة وسبعة آخرين.
فوضى عارمة
هناك وجهان آخران للشبه بين اليوم وما كان يجري في عام 1968: الاحتجاجات وما تواجه به من مستويات مريعة من القمع داخل الجامعات في أرجاء الولايات المتحدة، ومدى ما تذهب إليه القوات الأمريكية والإسرائيلية من أجل نزع الإنسانية عن أعدائهم قبل أن يرتكبوا بحقهم الفظائع.
بعد مذبحة ماي لاي في عام 1968، والتي قُتل فيها ما يقرب من 500 من المدنيين الأبرياء العزل خلال بضع ساعات فقط، قال القائد العسكري الأمريكي الجنرال ويليام ويستمورلاند إن الحياة رخيصة بالنسبة للفيتناميين، وأضاف: "إن الإنسان الشرقي لا يضع نفس الثمن المرتفع على الحياة كما يفعل الإنسان الغربي."
يذهب القادة الإسرائيليون إلى أبعد مما ذهب إليه الجنرال ويستمورلاند، إذ يطلقون على الفلسطينيين صفة "الحيوانات البشرية."
بالفعل، يبدو كل هذا التاريخ من عقود مضت كما لو كان يتكرر في هذا اليوم في غزة وفي الضفة الغربية المحتلة.
في مقابلة أجريت معه يوم 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، فقط بعد مضي بضعة أسابيع على اندلاع الحرب، قال غيورا إيلاند، وهو جنرال احتياط متقاعد، إنه يجب على إسرائيل عدم السماح بدخول المساعدات إلى المنطقة، وأضاف: "سوف يكون خطأ جسيما السماح باستمرار دخول المساعدات إلى غزة، والتي ينبغي أن تدمر عن بكرة أبيها: فوضى عارمة، وأزمة إنسانية حادة، وصرخات تتوجه نحو السماء."
فيما بعد حاول تبرير ذلك على النحو التالي: "سوف يتم تجويع كل من في غزة، وعندما تجوع غزة، حينها سوف يسخط مئات الآلاف من الفلسطينيين ويمتعضون. والناس الجوعى هم الذي سوف ينقلبون على يحيى السنوار، وهذا هو الأمر الوحيد الذي يشغل باله."
لم يحدث شيء من ذلك، ومع ذلك أصبح ما صرح به الجنرال إيلاند يعرف باسم "خطة الجنرالات"، والتي طبقت بادئ ذي بدء في شمال غزة، حيث بقي هناك ما يقرب من 400 ألف فلسطيني.
فشلت خطة تفريغ شمال غزة، وذلك حينما تدفق مئات الآلاف من الناس عائدين إلى بيوتهم خلال فترة وقف إطلاق النار، وذلك على الرغم من أنه لم يبق لهم شيء يعودون إليه.
تذكرة سفر في اتجاه واحد
إلا أن التجويع والإخلاء ابتعثا من جديد في العملية العسكرية الحالية التي تنفذها إسرائيل، والتي أطلقوا عليها اسم "عربات جدعون". تقضي الخطة، فيما أطلق عليه نتنياهو مرارا وتكرارا "المرحلة الأخيرة" من الحرب، بإجبار ما يزيد عن مليوني فلسطيني على التوجه نحو "منطقة عقيمة" حول رفح.
عربات
سوف يسمح للفلسطينيين بالدخول فقط بعد أن يخضعوا للفحص والتدقيق من قبل قوات الأمن. وسيكون ذلك بمثابة تذكرة سفر في اتجاه واحد: لن يكونوا بتاتا قادرين على العودة إلى منازلهم، والتي سوف يتم هدمها بشكل كامل.
أورد موقع واي نيت ما يلي: "سوف يقوم الجيش الإسرائيلي، بالتعاون مع الشين بيت (وكالة الأمن المحلية في إسرائيل) بإقامة نقاط تفتيش على الطرق الرئيسية المؤدية إلى المناطق التي سوف يجمع داخلها المدنيون من غزة في منطقة رفح."
قال نتنياهو يوم الثلاثاء إنه قد يقبل بوقف إطلاق نار مؤقت في غزة، ولكنه لن يلتزم بإنهاء الحرب التي يشنها على القطاع الفلسطيني.
ما فعلته فيتنام بالرئيسين جونسون ونيكسون، سوف تفعله غزة بنتنياهو وبمن سيخلفه في منصب رئيس الوزراء، والمحتمل أن يكون نفتالي بينيت. وذلك أن نتنياهو مريض بالسرطان، وبلغ به المرض حدا قد لا يتم الإفصاح عنه، بحسب مصادر بريطانية تلتقي به بانتظام.
ساهم عاملان في إنهاء الحرب في فيتنام، وأنهيا معها قرنا من النضال لتخليص البلد من الاستعمار، ألا وهما تصميم الفيتناميين على النضال وما طرأ من تغيير على الرأي العام في الولايات المتحدة.
نفس العاملين سوف يقودان الفلسطينيين إلى دولتهم الخاصة بهم: تصميم الفلسطينيين على البقاء والتشبث بأراضيهم حتى الموت، والرأي العام في الغرب، والذي يتحول سريعا ضد إسرائيل. راقبوا ذلك بعناية. إنه ينساب في اليمين وبات راسخا في اليسار. لم يعد يجدي نفعا وصم الانتقاد المشروع للإبادة الجماعية بأنه معاداة للسامية. لقد فات الفوت.
تدور رحى تلك الحرب في فلسطين وفي قلوب وعقول أهل الغرب – الذي منه انطلق المشروع الصهيوني وعليه يعتمد بشكل تام.
قد تكسب إسرائيل كل معركة، كما فعل الأمريكيون في فيتنام، ولكنها سوف تخسر الحرب لا محالة.