قال الباحثان سايمون هندرسون وديفيد شينكر إن "الحاكم الفعلي للسعودية، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، يريد ثلاثة أشياء رئيسية مقابل اتفاقية تطبيع محتملة مع إسرائيل، وهي ضمانات أمنية أمريكية، ومعدات وتكنولوجيا عسكرية أمريكية متطورة، ودعم أمريكي لبرنامج نووي مدني".

هندرسون وشينكر اعتبرا، في تحليل بـ"معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني" (WINEP) ترجمه "الخليج الجديد"، أن "الطلب الثالث قد يكو هو الأكثر تحديا لواشنطن؛ لأنه يتضمن الوصول إلى تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم التي يمكن استخدامها لإنتاج متفجرات نووية"، ما يخلق حيرة وتساؤلات في كل من واشنطن وتل أبيب وطهران.

وأضافا أن "التمسك بمثل هذه الصفقة من شأنه أن يخلق "أرامكو النووية"، مما يحاكي التورط التاريخي لشركات النفط الأمريكية في ثلاثينيات القرن الماضي والذي أدى في النهاية إلى امتلاك السعوديين بالكامل لأكبر شركة نفط في العالم".

والسعودية لا تربط بعلاقات رسمية معلنة مع إسرائيل، وترهن الأمر بانسحاب الأخيرة من الأراضي العربية المحتلة منذ حرب 5 يونيو/ حزيران 1967، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين.

وبشدة، ترغب حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في إقامة علاقات مع السعودية؛ نظرا لمكانتها البارزة في العالمين العربي والإسلامي، بما قد يفتح أبواب التطبيع مع دول أخرى كثيرة، وكذلك القدرات الاقتصادي الضخمة للدولة الخليجية الثرية والغنية بالنفط.

اقرأ أيضاً

مسؤول إسرائيلي: لا نعارض تطوير السعودية برنامجا نوويا من أجل التطبيع

طهران.. عتبة نووية

ومحذرين من طموح السعودية، قال هندرسون وشينكر: "بالتأكيد تتذكر واشنطن تصريحات ولي العهد النووية في مقابلة 2018 مع برنامج 60 دقيقة، حين قال: "لا تريد السعودية امتلاك أي قنبلة نووية، ولكن إذا طورت إيران قنبلة نووية، فسنحذو حذوها في أقرب وقت ممكن".

وتابعا: "قد يعتبر البعض هذا تعليقا مرتجلا وليس بيانا للسياسة، لكن المقابلة كانت مسجلة مسبقا وجاءت خلال رحلة مهمة إلى واشنطن هي الأولى له بعد تعيينه وريثا للعرش".

وتقول عواصم خليجية وإقليمية وغربية، في مقدمتها الرياض وتل أبيب ووانشطن، إن طهران تسعى إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تشدد إيران على أن برنامجها مصمم للأغراض السلمية، بما فيها توليد الكهرباء.

وأعطى وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، الأخ غير الشقيق لولي العهد، إشارة إلى ما تريده المملكة في المجال النووي، إذ قال في وقت سابق إنها ترغب في "دورة الوقود النووي بأكملها، بما يتضمن إنتاج الكعكة الصفراء، منخفضة اليورانيوم المخصب، وتصنيع الوقود النووي لاستخدامنا الوطني وبالطبع للتصدير"، كما أضاف هندرسون وشينكر.

واعتبرا أن "العبارة التي يحتمل أن تكون مزعجة "دورة الوقود النووي الكاملة" تشير إلى أن المملكة تريد إعادة معالجة الوقود المستهلك، والذي يمكن أن يولد البلوتونيوم المتفجر كمنتج جانبي".

وزادا بأنه "من المستبعد جدا أن يقبل محمد بن سلمان أي اتفاق يمنح المملكة أقل مما اعترفت به واشنطن لإيران في الاتفاق النووي لعام 2015، وقد تركزت المناقشات الأمريكية السعودية على برنامج التخصيب الضخم الخاص بإيران، والذي يُفترض أنه يهدف إلى تزويد المفاعلات المدنية بالوقود، ولكن تم تحديده بوضوح على أنه برنامج عسكري".

وأردفا أن "معظم المراقبين يعتقدون أن طهران الآن على أعتاب كونها دولة مسلحة نوويا، إذا يمكنها بسرعة تخصيب مخزونها الكبير من المواد الانشطارية لإنتاج خمس قنابل نووية، على الرغم من أنها قد تحتاج شهورا أو حتى سنوات لإتقان آلية الانفجار الداخلي المطلوبة أو الرأس الحربي الصاروخي أو أي نظام توصيل آخر".

وبوساطة الصين، استأنفت السعودية وإيران علاقتهما الدبلوماسية بموجب اتفاق في 10 مارس/ آذار الماضي، ما أنهى 7 سنوات من القطيعة بين بلدين أجج تنافسهما على النفوذ العديد من الصراعات في المنطقة، ويعتقد مراقبون أن مصالحتهما كانت بدافع الضرورة ولن تدوم طويلا.

اقرأ أيضاً

في واشنطن وتل أبيب والرياض.. عقبات أمام التطبيع بين السعودية وإسرائيل

تل أبيب.. غموض

ويوجد اعتبار آخر، وفقا هندرسون وشينكر، وهو إسرائيل، التي "لم تبلور حكومتها بعد وجهة نظر موحدة وموثوقة بشأن برنامج سعودي للطاقة النووية".

وأضافا أنه "في يونيو/ حزيلران الماضي، أعرب وزير الطاقة الإسرائيلي يسرائيل كاتس في الأمم المتحدة عن معارضته لمثل هذا البرنامج، لكن بعد بضعة أشهر، قلل مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي من أهمية المخاطر المحتملة".

ولفتا إلى أن "إسرائيل عارضت اقتراح الأردن لبناء محطة للطاقة النووية في 2009 بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة. ولا شك أن إنشاء مفاعل على ساحل البحر الأحمر في السعودية، بعيدا عن إيران ولكن في نطاق صواريخ شركاء طهران الحوثيين في اليمن، من شأنه أن يولد مخاوف مماثلة".

وتعتبر كل من إسرائيل وإيران الدولة الأخرى العدو الأول لها، وتمتلك تل أبيب ترسانة نووية ضخمة لم تعلن عنها رسميا وغير خاضعة للرقابة الدولية.

اقرأ أيضاً

للتطبيع ثمن.. ما المطلوب من أمريكا والسعودية وإسرائيل وفلسطين؟

واشنطن.. موقف صعب

هندرسون وشينكر قالا إن "مطالب التخصيب السعودية تضع إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن في موقف صعب أيضا، فلطالما حظرت واشنطن التخصيب عند التفاوض على تعاون نووي مدني مع دول المنطقة، وهو ما فعلته مع الإمارات والأردن، لكن كانت هناك استثناءات مثل الهند".

وتابعا أن "الاحتمالات الإقليمية المتغيرة للعبة السلام الإسرائيلي-السعودي، والمخاوف من أن الرياض قد تبحث في مكان آخر عن برنامجها النووي إذا لم تساعدها واشنطن، وهو ما يعني ضمانات أقل، يمكن أن تدفع إدارة بايدن نحو نظرة أكثر مرونة بشأن التخصيب".

و"يُعتقد على نطاق واسع أن مصر والسعودية وتركيا والإمارات لديها القاعدة التكنولوجية لمثل هذه الجهود أو الوصول إليها، في حين أن روسيا والصين وربما حتى فرنسا قد تقدم لتلك الدول مساعدة إضافية، فمثلا وقَّعت باريس مع الرياض في يوليو/ تموز الماضي اتفاقية تعاون نووي"، وفقا لما ختم به هندرسون وشينكر.

اقرأ أيضاً

لـ4 أسباب.. امتلاك السعودية لسلاح نووي لا ينبغي أن يقلق أمريكا

المصدر | سايمون هندرسون وديفيد شينكر/ معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السعودية برنامج نووي الولايات المتحدة إسرائيل تطبيع إيران اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

جوزيف ناي.. مطلق الرصاصة الناعمة التي تقتل أيضا

 

"إن القوة مثل المناخ، يتحدَّث عنها الجميع ويعتمدون عليها، لكنّ القليلين هم مَن يفهمونها. في عصر المعلومات، ليس المُهم فقط أي جيش ينتصر، بل المُهم كذلك أي رواية تنتصر".

جوزيف ناي

في وقت ما من خريف عام 1994، وقف عالم السياسة جوزيف ناي تحت أضواء النيون الباردة في غرفة اجتماعات بلا نوافذ داخل مقر وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، يتحدث عن مفهوم جعل كبار المسؤولين العسكريين يتململون في مقاعدهم.

لم يكن ناي، الذي عُين حديثًا ضمن إدارة الرئيس بيل كلينتون مساعدًا لوزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي، هناك للحديث عن ميزان الردع الصاروخي، أو إعادة تموضع القواعد العسكرية الأميركية، بل كان يعرض فكرة لا تنتمي إلى عالم البنتاغون، لكنها كانت في نظره أكثر استدامة وأعمق أثرًا: قوة الإقناع المستمدة من الثقافة، والقيم، والسردية. قال ناي موضحًا وهو ينظر إلى الضباط الأميركيين الكبار: "أكثر أشكال القوة فاعلية هي أن تجعل الآخرين يريدون ما تريده أنت".

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هل نشهد موت الشراكة بين أوروبا وأميركا؟list 2 of 2هل يهدم ترامب النظام العالمي؟end of list

لم يكن هذا النمط من التفكير مألوفًا بين العسكريين الأميركيين. ومع ذلك، بدا ناي ببذلته الرسمية أقرب إلى أستاذ جامعي منه إلى مسؤول عسكري، وهو كذلك بالفعل. لم يكن ناي يحاول أن يظهر كمفكر ثوريّ، بل ربما أراد أن يقدم طرحًا يراه بديهيًا. ففي زمنٍ كانت فيه مطاعم الوجبات السريعة الأميركية تفتح أسرع من السفارات، وكانت أطباق الأقمار الصناعية تنقل برامج التلفزة الأميركية وأغاني مايكل جاكسون إلى الشقق في موسكو أو النوادي في القاهرة وتتبادلها الفتيات في بيروت والطلاب في جاكرتا.

إعلان

آمن ناي بأن القوة الأميركية الحقيقية لا تكمن في حاملات الطائرات، بل في جاذبية الولايات المتحدة: في أفكارها، وثقافتها، ومؤسساتها. وأطلق على ذلك اسم "القوة الناعمة".

أدلى نائب وزير الخارجية السابق ريتشارد أرميتاج (يسار) وجوزيف ناي الابن (يمين)، مساعد وزير الدفاع السابق لشؤون الأمن الدولي والرئيس السابق لمجلس الاستخبارات الوطني، بشهادتيهما خلال جلسة استماع أمام اللجنة الفرعية للأمن القومي والشؤون الخارجية التابعة للجنة الرقابة والإصلاح الحكومي، في 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2007، في مبنى الكابيتول بواشنطن العاصمة. (غيتي)

كان المفهوم غريبًا على العسكريين الأميركيين، لكنه لم يكن كذلك بالنسبة لناي، فقبل سبع سنوات من ذلك التاريخ، وتحديدا في عام 1987، أصدر المؤرخ البريطاني بول كينيدي كتابا عنوانه: "صعود وسقوط القوى العظمى"، تنبأ فيه بسقوط الولايات المتحدة لطغيان الإنفاق العسكري فيها على الاستثمار في وسائل الإنتاج داخل البلاد. حذّر كينيدي من أن الولايات المتحدة مثلها في ذلك مثل الاتحاد السوفياتي، ستُنفق على الجيش والتقنيات العسكرية إلى الحد الذي يضعف الدولة بالتدريج. عزز من قوة تحذير كينيدي ما كان الاتحاد السوفياتي يشهده حينها من اضطرابات انتهت بسقوط جدار برلين بعد ذلك بسنتين وتفكك الاتحاد عام 1990.

كانت النبوءة مرعبة للأميركيين، لذلك انبرى بعض ألمع مفكريهم في الرد على كينيدي، وجاء أقوى الردود في عام سقوط الاتحاد السوفياتي نفسه، حين أصدر جوزيف ناي كتابا بعنوان: "حتمية القيادة: الطبيعة المتغيرة للقوة الأميركية".

في كتابه، حاجج ناي بأن الولايات المتحدة هي القوة رقم 1 في العالم، وستظل كذلك بلا منافس يلوح في الأفق، وأن السبب في ذلك هو سعيها للانتصار في مضمار القوة الناعمة. وبعد أحداث هجمات نيويورك وواشنطن (أحداث الحادي عشر من سبتمبر)، وعدة حروب خاضتها أميركا، أصدر ناي كتابه الذي يشرح فيه نظريته بالتفصيل: "القوة الناعمة: سبل النجاح في السياسة العالمية" والذي صدر عام 2005.

إعلان

قبل الشروع في المزيد من الحديث عن ناي، يجدر القول إن هناك نظريتين تهيمنان على السياسة الدولية منذ مطلع القرن العشرين.

الواقعية، التي لا ترى في تدافع القوى الإقليمية وأضف خبر عاجل جديدالدولية سوى ما تُمليه موازين القوى، دون أي مساحة للبعد لأخلاقي، فالقوة وحدها هي ما يرسم ملامح النظام العالمي كما نعيشه، ولا يمكن للدول التأثير أو الهيمنة دون القوة، في حين لا يملك الضعفاء سوى التواؤم مع الواقع الذي يفرضه الأقوياء. وأما النظرية الثانية فهي المثالية الليبرالية، التي رأت النظام العالمي نتاج تفاعلات سياسية واجتماعية واقتصادية مُعقَّدة يصعُب اختزالها في القوة المادية، ومن ثمَّ تفتح مساحات للتفكير في مسائل الأخلاق والحريات، وتتيح احتواءها داخل إطار المؤسسات الدولية وسياساتها وخطابها، وتُمكِّننا من التفكير في مسألة السلام العالمي وإمكانية تحقيقه.

ومن بين قائمة طويلة من الأسماء الأميركية التي صنعت لنفسها صيتا ذائعا في عالم السياسة الدولية ونظرياته، مثل هنري كيسنجر وصمويل هنتِنغتون وجون ميرشايمر وزبيغنيو برِجينسكي ونعوم تشومسكي وفرانسيس فوكوياما، برز اسم جوزيف ناي بوصفه جسرا بين الواقعية والليبرالية، ورؤيته المُركَّبة للقوة بأنها تتكوَّن مما هو أكثر من القوة المادية الصلبة (العسكرية والاقتصادية على حدٍّ سواء)، وهي أطروحة شكَّلت إسهامه الفكري الأبرز بمفهومَيْ القوة الناعمة والقوة الذكية، ودورهما في قوة الدول الكبرى على الساحة العالمية.

رحل جوزيف ناي عن عالمنا قبل أسابيع، في الثامن من مايو/أيار الجاري، عن عمر ناهز 88 عاما، وفي نعيها لرحيله كتبت سوزان نوسِّل، الرئيسة التنفيذية السابقة لمنظمة "پِن أميركا" (PENAmerica)، في مجلة "فورين بوليسي" قائلة إن "جوزيف ناي أسهم بصياغة مفهوم القوة الناعمة في تشكيل السياسة الخارجية الأميركية على مدار خمسة عقود، حيث كان مُتمسِّكا هو وحلفاؤه بفكرة مفادها أن أميركا لا تستطيع أن تحقق الكثير إلا إذا لعبت بأوراقها بحكمة عبر حشد الحلفاء الأقوياء، والحجج المقنعة، والتمسُّك بالأسس الأخلاقية، والتغلُّب على الخصوم في لعبة الشطرنج ثلاثية الأبعاد"، في إشارة إلى مزيج القوة الصلبة (العسكرية) والمادية (الاقتصادية) والناعمة (الثقافية)، التي طالما اعتقد جوزيف ناي أن هيمنة الولايات المتحدة ارتكزت عليها معا.

إعلان

باختصار، عرّف جوزيف ناي القوة الناعمة بأنها قدرتك على إقناع الآخرين بأن يريدوا ما تريد. فهل نجحت الولايات المتحدة في ذلك؟

في مذكراته، قال جوزيف ناي إن القوة الأميركية "حتى لو ظلت مهيمنة في الخارج، فقد تفقد الدولة قِيمَها الداخلية وجاذبيتها للآخرين". (غيتي)

 

سيرة مُنظِّر الهيمنة الناعمة

"يمكنك فعل كل شيء بالحِراب، إلا الجلوس عليها".

شارل موريس تاليران، وزير خارجية فرنسا في عصر نابليون

وُلِد جوزيف ناي يوم 19 يناير/كانون الثاني عام 1937 في بلدة زراعية صغيرة بولاية نيوجيرسي، وحصل على بكالوريوس التاريخ من جامعة برينستون المرموقة عام 1958، ثم درس في جامعة أوكسفورد قبل أن يحصل على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة هارفارد عام 1964 بعد أن كتبها تحت إشراف هنري كيسنجر.

وقد عُيِّن ناي في هيئة التدريس بهارفارد في العام نفسه، ثم شغل منصب مدير مركز العلوم والشؤون الدولية في كلية كينيدي للإدارة الحكومية بين عامي 1985-1990، والعميد المساعد للشؤون الدولية في الجامعة بين عامي 1992-1998، وعميد كلية كينيدي للإدارة الحكومية بين عامي 1995-2004.

وكان كتاب جوزيف ناي "القوة والترابط: السياسة العالمية في مرحلة انتقالية" مرجعا تاريخيا مهما في مضمونه وفي توقيت صدوره (1977)، حيث عُدَّ ناقدا للواقعية السائدة في الولايات المتحدة، التي دافع عنها وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر. وقد انطلق ناي في كتابه من تجربة الولايات المتحدة في فيتنام وتجربة حظر النفط العربي عن الولايات المتحدة والدول الأوروبية على خلفية حرب أكتوبر 1973 بين العرب وإسرائيل، وجادل بأن الترابط العالمي المتزايد يطرح سلسلة من التحديات التي لا تخضع للقوة الاقتصادية أو العسكرية الحاسمة، بل تتطلب التعاون وبناء المؤسسات الجماعية. وبدأ ناي التأسيس لعدد من المفاهيم البديلة التي يمكنها أن تُعظِم من مصالح الدول بعيدا عن الإفراط في استخدام القوة العسكرية.

إعلان

هنا، سلَّط ناي الضوء لأول مرة على مفهوم "القوة الناعمة"، الذي أشار فيه إلى قدرة الدول على تشكيل سياساتها وبناء توجهاتها من خلال قوة القدوة والتأثير الثقافي والإقناع الأخلاقي، بدلا من الإكراه الاقتصادي أو القوة العسكرية المباشرة.

وفي كتابه حتمية القيادة، أكد ناي أن الولايات المتحدة بقيمها الدستورية وشغفها بالابتكار التكنولوجي والفني تتمتع بموقع فريد يُمكّنها من الاستفادة من مصادر قوة أقل حِدّة من القوة العسكرية المعتمدة على ترسانات الأسلحة. ودافع ناي عن القوة الناعمة ودورها طوال مسيرته المهنية، وكان يؤمن بأن الولايات المتحدة تمتلك موارد أيديولوجية وثقافية ومؤسسية فريدة تُمكّنها من قيادة العالم في حقبة ما بعد الحرب الباردة.

وأكَّد ناي أن القوة الناعمة لأي دولة تنبع أساسا من ثلاثة مصادر، هي ثقافتها وقيمها السياسية، مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان، وسياساتها الشرعية، المبنية على وعي بمصالح الآخرين، والقبول المُتبادل بالشراكة بين الطرفيْن. وقال ناي إن القوة الناعمة هي الوجه الآخر لعُملة القوة الصلبة، فهي مُضاعِف للقوة، فالقوة الاقتصادية مُكمِّلة للقوة العسكرية لكنها تحتاج إلى بُعد ثقافي أيضا.

فقد رأى ناي أن الإمبراطورية الرومانية حافظت على استمراريتها بالاعتماد على قوتها العسكرية من جهة، وبفضل جاذبية الثقافة الرومانية من جهة أخرى، وكذلك انتصرت الولايات المتحدة في الحرب الباردة بفضل قوتها العسكرية والاقتصادية من جهة، وبفضل جاذبية أفكارها وقيمها من جهة ثانية.

في واحدة من محاضراته، أخرج ناي من جيبه كيسا من سكاكر "إم آند إمز"، وقال لطلابه إن هذه الحلوى هي التي جعلت المراهقين في برلين الشرقية يوجّهون مستقبلات الراديو نحو الغرب! لكن هذا المنطق تعرض لنقد شديد لاحقا.

فمثلا، في عام 2003، كتب المؤرخ نيال فيرغسون مقالا في مجلة "فورين بوليسي" قال فيه ساخرا: "الإشكالية مع مفهوم القوة الناعمة هي أنها، في الواقع، ناعمة! يمكنك أن ترى في كل أنحاء العالم الإسلامي أطفالا يستمتعون (أو يتمنون لو استطاعوا الاستمتاع) بشرب الكوكاكولا، وتناول وجبات ماكدونالدز، والاستماع لأغاني بريتني سبيرز، ومشاهدة أفلام توم كروز. لكن هل تجعلهم أيٌّ من هذه الأشياء يحبون الولايات المتحدة؟ للعجب، الإجابة لا!".

إعلان

لم يكن ناي مدافعا نظريا فحسب عن دور القوة الناعمة والمؤسسات والمنظمات الدولية في تعزيز قدرات الدول، بل كان ممارسا عمليا لأفكاره ويتمتع بالمهارة اللازمة لوضعها موضع التنفيذ. وكان عنوان العديد من أعماله البحثية ومساهماته الفكرية يتضمن كلمة "قوة"، لكنه منذ عام 2004، وفي ظل إدارة جورج بوش الابن، أصبح مهموما بقضية تراجع دور ومكانة الولايات المتحدة بسبب اعتمادها المتزايد على القوة العسكرية وتزايد كراهية الثقافة الأميركية حول العالم (Anti-Americanism).

وقد خلص في مذكراته التي نشرها بعنوان "حياة في القرن الأميركي" إلى أن هيمنة الولايات المتحدة قد تستمر لبضعة عقود أخرى، لكنها ستبدو مختلفة عما كانت عليه في حياته، وكان مصدر قلقه الأكبر من العوامل الداخلية لهذا التراجع، التي قد تضر بالقوة الناعمة الأميركية، حيث قال إن القوة الأميركية "حتى لو ظلت مهيمنة في الخارج، فقد تفقد الدولة قِيمَها الداخلية وجاذبيتها للآخرين".

من ناي إلى ترامب: عصا وجزرة بدون عسل

"إن الخطر الأكبر المحيق بقوة أميركا ليس الصين أو الإرهاب، بل فشلنا في الالتزام بقيمنا وحماية تحالفاتنا".

جوزيف ناي

في 9 سبتمبر/أيلول الماضي، وفي استطلاع لآراء الخبراء في العلاقات الدولية حول ما يريدون توجيهه من رسائل للرئيس الأميركي القادم قبل إجراء انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني التي فاز بها فيما بعد المرشح الجمهوري دونالد ترامب لدورته الثانية، قال جوزيف ناي في رسالته: "سيدتي أو سيدي الرئيس، بصفتك رئيسا، ستحتاج إلى الاستثمار في القوة الناعمة الأميركية، أي القدرة على تحقيق ما تريده من خلال الجذب بدلا من الإكراه. عندما نشرتُ لأول مرة مقالا عن القوة الناعمة في مجلة السياسة الخارجية عام 1990، كان المفهوم جديدا، لكن السلوك كان قديما قِدَم التاريخ البشري، فبينما تسود القوة الصارمة للإكراه عادة على المدى القصير، فإن القوة الناعمة ضرورية لنجاح السياسة الخارجية على المدى البعيد".

قبل أسبوع واحد من وفاته، كتب جوزيف ناي ما نصه: "أخشى أن الرئيس ترامب لا يفهم القوة الناعمة، إذا كنا نعتقد أن القوة مزيج من العصا (العسكرية) والجزرة (الاقتصادية) والعسل (الناعمة)، فإن ترامب يتخلى عن العسل، ولكن إذا استطاع أن يجعل هذه العناصر الثلاثة تعزز بعضها بعضا، فسيُنجز الكثير. يمكّنك الاقتصاد أيضا من استخدام العصا والجزرة إذا كنت تتمتع بجاذبية العسل، ولذا، عندما تلغي شيئا مثل المساعدات الإنسانية من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، أو تُسكِت صوت أميركا، فإنك تحرم نفسك من إحدى أدوات القوة الرئيسية".

ذكر جوزيف ناي أن قوة أميركا الناعمة بدأت تتآكل مع تدخلات جورج بوش الابن العسكرية في الخارج. (رويترز)

قارن جوزيف ناي بين ترامب وعدد من الرؤساء السابقين قائلا: "على النقيض من توجهات ترامب، سعى وودرو ويلسون في بدايات القرن العشرين إلى سياسة خارجية كان من شأنها أن تجعل الديمقراطية آمنة في العالم، وحثّ جون كينيدي في الستينيات الأميركيين على التفكير فيما يمكنهم القيام به من أجل بقية العالم، فأنشأ فيلق السلام عام 1961، ومن بعده جعل جيمي كارتر حقوق الإنسان من الشواغل الأساسية للسياسة الخارجية الأميركية، ثم استندت الإستراتيجية الدولية في عهد جورج بوش الأب إلى ركيزتين أساسيتين؛ هما قيادة مجتمع عالمي متنامٍ من الديمقراطيات، والترويج للحرية والعدالة والكرامة الإنسانية". بيد أن كل ذلك أخذ يتآكل مع أحادية جورج بوش الابن وتدخُّلاته العسكرية، ثم الهيمنة الخشنة التي أخذ يُعبر عنها ترامب مع حلفائه قبل أعدائه.

إعلان

كان ناي مهموما بمستقبل العالم، فقد حملت آخر أربعة مقالات كتبها جوزيف ناي عام 2025 على موقع "بروجيكت سِنديكيت" العناوين التالية: "هل سنشهد مزيدا من الانتشار النووي؟"، و"كيف يتغير النظام العالمي؟"، و"مستقبل النظام العالمي"، و"هل للعولمة مستقبل؟"، وظل يتساءل كيف للقوى الكبرى أن تسهم في تعزيز التعاون وترسيخ الجانب القيمي والديمقراطي، وقال في مقالته بعنوان "هل للعولمة مستقبل": "وجدت بعض الدراسات أن ملايين الوظائف فُقدت بسبب المنافسة الأجنبية، لكن هناك عامل آخر هو الأتمتة.

يجد القادة الشعبويون أن إلقاء اللوم على الأجانب أسهل من لوم الآلات. لقد أصبحت الهجرة في كل الديمقراطيات القضية التي يلجأ إليها الشعبويون. إن الاعتماد المتبادل بعيد المدى سيظل حقيقة من حقائق الحياة ما دام البشر يتنقلون مزودين بتكنولوجيا الاتصالات والنقل، وجذور العولمة الاقتصادية تمتد عبر قرون من الزمن. وما دمنا نملك التقنيات فسوف تستمر العولمة".

في مقالة "مستقبل النظام العالمي"، قال ناي: "ألقى دونالد ترمب بظلال كثيفة من الشك حول مستقبل النظام الدولي في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وفي خطابات وعمليات تصويت حديثة في الأمم المتحدة انحازت إدارته إلى روسيا المعتدية التي غزت جارتها المُسالِمة أوكرانيا. وقد أثارت تهديداته بشأن الرسوم الجمركية تساؤلات حول تحالفات قائمة منذ أمد بعيد ومستقبل النظام التجاري العالمي، وتسبَّب انسحابه من اتفاقية باريس للمناخ ومنظمة الصحة العالمية في تقويض التعاون في مواجهة التهديدات العابرة للحدود.

السؤال هو ما إذا كنا ندخل فترة جديدة تماما من التراجع الأميركي، أم أن هجمات إدارة ترامب الثانية على مؤسسات القرن الأميركي وتحالفاته ستُثبت كونها انحدارا دوريا آخر. قد لا نعرف قبل عام 2029".

جدَّد ناي مخاوفه من أثر سياسات ترامب على الولايات المتحدة وعلى مستقبل النظام الدولي في مقاله قبل الأخير، الذي جاء بعنوان "كيف يتغير النظام العالمي؟"، وذكر فيه أنه بعد الحرب العالمية الثانية استحوذت الولايات المتحدة على نصف الاقتصاد العالمي، لكن قوتها العسكرية كانت توازنها قوة الاتحاد السوفياتي. ومع انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991، حظيت الولايات المتحدة بلحظة وجيزة باعتبارها "القطب الأوحد"، لكنها أفرطت في التوسع في الشرق الأوسط، في حين سمحت بسوء الإدارة المالية الذي بلغ ذروته في الأزمة المالية عام 2008.

إعلان

وقال ناي: "بناء على الاعتقاد بأن الولايات المتحدة تعيش حالة انحدار، غيَّرت روسيا والصين سياساتهما، فأمر بوتين بغزو جورجيا عام 2008، واستعاضت الصين عن دبلوماسية دِنغ شياوبينغ الحذرة. وسمح نمو الصين الاقتصادي القوي بتمكينها من سد فجوة القوة مع أميركا.

ما دامت الولايات المتحدة حريصة على صيانة تحالفات قوية مع اليابان وأوروبا، فسوف يمثلون مجتمعين أكثر من نصف الاقتصاد العالمي، مقارنة بنحو 20% فقط تمثلها الصين وروسيا، فهل تصون إدارة ترمب هذا المصدر الفريد من نوعه لاستمرار قوة أميركا؟ لقد كانت الأعوام 1945 و1991 و2008 نقاط تحوُّل بارزة، وإذا أضاف المؤرخون في المستقبل عام 2025 إلى القائمة، فسوف يكون ذلك نتيجة لسياسة الولايات المتحدة، والجُرح الذي أحدثته بذاتها، وليس نتيجة لأي تطور حتمي".

حدود الواقعية-الليبرالية الرشيدة

"إن الهيمنة، ولو بغطاء إنساني، تظل هيمنة".

إدوارد سعيد

عمل جوزيف ناي في الحكومة الأميركية، حيث كان نائبا لوكيل وزارة الخارجية للمساعدات الأمنية والعلوم والتكنولوجيا في ظل إدارة الرئيس الأميركي الديمقراطي الأسبق جيمي كارتر بين عامي 1977- 1979، ثم ترأس مجموعة مجلس الأمن القومي المعنية بحظر انتشار الأسلحة النووية، ومُنح جائزة الشرف المتميزة من وزارة الخارجية عام 1979، وكان رئيسا لمجلس الاستخبارات الوطني بين عامي 1993-1994 تحت إدارة الرئيس الأميركي الديمقراطي الأسبق بيل كلينتون، وحصل على ميدالية الخدمة المتميزة من مجتمع الاستخبارات، وبعد ذلك عُيِّن مساعدا لوزير الدفاع للشؤون الأمنية الدولية حتى عام 1995.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2014، عيَّنه وزير الخارجية الأميركي جون كيري في مجلس الشؤون الخارجية أثناء رئاسة باراك أوباما، وهي مجموعة كانت تجتمع دوريا لمناقشة القضايا الإستراتيجية.

في كتابها الصادر عام 1999 بعنوان "الحرب الباردة الثقافية: الاستخبارات المركزية الأميركية وعالم الفنون والآداب"، كشفت الصحفية والمؤرخة البريطانية فرانسيس سوندرز عن جانب من خفايا صراع شنَّته وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية على الاتحاد السوفياتي أثناء الحرب الباردة عن طريق القوة الناعمة، باستخدام كُتاب ومثقفين في ساحات المسارح والجامعات وصفحات المجلات الأدبية، وهو نموذج أشاد به جوزيف ناي في كتابه عندما تحدث عن سياسات جون كينيدي. وقد كشفت سوندرز عن طبقة بارزة من المثقفين اليساريين اجتذبتها واشنطن آنذاك، وموَّلت نشاطاتها الأكاديمية والفنية لمناوءة النموذج الثقافي السوفياتي.

إعلان

القوة الناعمة التي نظَّر لها ناي إذن ليست إلا أداة من أدوات الهيمنة التي سعت إليها الولايات المتحدة، على عكس بعض القراءات التي عادة ما تعتبره ناقدا للهيمنة الخشنة، في حين أنه لا ينتقد سوى الاعتماد عليها دون غيرها ليس إلا، وهو أمر يتسق مع سجله الطويل في العمل الرسمي مع مؤسسات الأمن القومي والاستخبارات أثناء إدارات ديمقراطية بقيادة كارتر وكيلنتون وأوباما، ومن ثمَّ فهو يطرح تنظيرا مختلفا وأكثر ليبرالية للهيمنة الأميركية، لكنه لا ينتقدها في حد ذاتها، بل يشيد بها كونها هيمنة مُركَّبة في نظره، على عكس بعض الإمبراطوريات التي اعتمدت الهيمنة العسكرية بشكل شبه حصري، على غرار الإمبراطورية المغولية مثلا.

يُمكن اعتبار جوزيف ناي إذن مُنظِّرا واقعيا رشيدا أو ليبراليا مؤسسيا وثقافيا، لكنه لم يكن ناقد جذريا للسياسات الأميركية إلا حين حادت عن تعريفه هو للهيمنة، مثلما فعل الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب، وكذلك إدارة جورج بوش الابن. لا ينقد ناي بما يكفي توزيع القوى الأميركية العسكرية والاقتصادية والثقافية حول العالم، إذ إن الحضور الناعم الثقافي والاقتصادي لطالما جنت ثماره دول حليفة في أوروبا وشرق آسيا بالأساس، في حين حصلت دول العالم الثالث على فتات المساعدات الأميركية، والقروض التي أثَّرت سلبا على دول مثل الأرجنتين وباكستان ومصر وسريلانكا.

في معظم دول الجنوب العالمي، حتى في ظل الإدارات الديمقراطية، تجسَّدت قوة واشنطن بوصفها عسكرية واقتصادية غير رشيدة، فساهمت الآلة العسكرية الأميركية في تقويض حق الشعوب في تقرير مصيرها كما فعلت في أفغانستان، وساهمت التحالفات الاقتصادية السطحية مع قطاعات صغيرة من النخب في ترسيخ الأزمات الاجتماعية، التي سرعان ما قادت إلى احتجاجات ضخمة مثل الثورات العربية عام 2011. في نهاية المطاف، يظل اسم جوزيف ناي مهما لفهم العقليات المختلفة داخل المؤسسات الأميركية الأكاديمية والحكومية على حدٍّ سواء، ولفهم تصوُّرات الديمقراطيين عن الهيمنة، وكذلك لفهم آفاق الخطاب الليبرالي الناقد للجمهوريين وحدوده في الوقت نفسه.

إعلان

لذلك فإن كان ناي مختلفا عن صقور الجمهوريين والمحافظين الجدد، فهو لا يختلف عنهم في إدراكه لأهمية الهيمنة والسيطرة، لكنه يرى لها تجليا مختلفا. رأى ناي قوة الولايات المتحدة في إشعار الآخرين بالقدرة على الاختيار، بغض النظر عن ألا خيار سوى ما تريده الولايات المتحدة، ووهم الاختيار هذا هو ما يعطي للقوة الناعمة قوتها!

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تستدعي 450 ألف جندي احتياط.. واشنطن تكشف عن اتفاق لـ«وقف إطلاق النار» في غزة
  • أرامكو السعودية تعتزم إصدار سندات دولية
  • اكتشاف حيوان مفترس بثلاثة عيون يحير العلماء لا مثيل له في التاريخ
  • جوزيف ناي.. مطلق الرصاصة الناعمة التي تقتل أيضا
  • أخبار السيارات| اركب سيارة كاملة التجهيزات 2024 بأقل سعر..أرخص سيارة كهربائية..سعر توريس 2025 كسر زيرو
  • جيروزاليم بوست: واشنطن طلبت من إسرائيل تأجيل العملية البرية في غزة
  • جيروزالم بوست: واشنطن تطلب من إسرائيل تأجيل العملية البرية الشاملة في قطاع غزة
  • واشنطن تطلب من إسرائيل تأجيل العملية البرية في غزة لإتاحة الفرصة للمفاوضات
  • جيروزاليم بوست: واشنطن طلبت من إسرائيل تأجيل العملية البرية بغزة
  • رجل أعمال أميركي: إسرائيل خدعت واشنطن بشأن آلية المساعدات في غزة