بالفيديو.. «حزب الله» ينشر الجزء الثاني من سلسلة «إنهم يتألمون» وينعى 4 من كوادره الإعلامية
تاريخ النشر: 18th, November 2024 GMT
نشر الإعلام الحربي في “حزب الله” اللبناني، الفاصل رقم 1 من سلسلة “إنهم يتألمون”، وتضمن الفيديو صور جنود لقوا مصرعهم في المواجهات مع عناصر “حزب الله”.
وبحسب الفيديو، “بدأت السلسلة الثانية بضابط الصف احتياط غاي عيدان (51 عاما) من شومرات، والذي قتل في بلدة راميا جنوب لبنان، وكان غاي عيدان يعمل ضمن الكتيبة 89 من اللواء المدرع الثامن”.
وبحسب الإعلام الحربي، تضمن المقطع شهادة الصحفي الإسرائيلي أوري مسغاف قال فيها: “انكسر القلب.. خرجت قبل ساعة من جنازة غاي عيدان في مستوطنة شومرات التي أصابها الحزن والكارثة.. ترك وراءه زوجة وابنتين وعائلة منهارة.. وهو ابن عم تساحي عيدان الذي تم اختطافه من ناحال عوز وابنته قتلت.. لقد غاب عن مراسم الدفن ممثل عن حكومة الدم والخراب.. في أقل من 24 ساعة قُتل عشرة جنود احتياط في لبنان”.
واختتم الفيديو بكلمة لأمين عام حزب الله الراحل حسن نصر الله: “إنهم يتألمون كما تتألمون”.
“حزب الله” ينعى أربعة من كوادره الإعلامية
أصدر مكتب العلاقات الإعلامية في “حزب الله” اللبناني، بيانا نعى من خلاله أربعة من كوادره الإعلامية قتلوا في قصف إسرائيلي.
وقال في البيان: “تنعى العلاقات الإعلامية في حزب الله أربعة من فرسان الإعلام المقاوم ومجاهديه الأوفياء الذين قضوا شهداء على طريق القدس إلى جانب قائدهم شهيد الإعلام المقاوم الحاج محمد عفيف النابلسي”.
وأضافت أن “العناصر الذين قتلوا في المواجهات هم الحاج موسى حيدر (مواليد 1969) من بلدة مركبا، والحاج محمود الشرقاوي (مواليد 1970) من بلدة أرزي، وهلال ترمس (مواليد 1988) من بلدة طلوسة، وحسين رمضان (مواليد 1992( من بلدة عرمتى”.
وذكر “أنهم ارتقوا حاملين راية الحق والكلمة المقاومة وحملوا أرواحهم على أكفهم بكل شجاعة ليكونوا جنودا في الميدان الإعلامي لتصل الحقيقة إلى كل منزل في بقاع الأرض”.
وشدد على أن “الإعلام المقاوم سيظل قلعة حصينة في وجه العدوان حتى دحره بالمقاومة وكشف زيف ادعاءاته”.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: حزب الله لبنان حزب الله وإسرائيل قصف إسرائيلي جنوب لبنان محمد عفيف حزب الله من بلدة
إقرأ أيضاً:
إنهم يقتلون عمّال النظافة!
في ساعة متأخرة من ليل السادس من ديسمبر الجاري خرج زياد نعيم أبو داود ليؤدي عمله الذي أتقنه طوال حياته: تنظيف المدينة من مخلفاتها، ومن بقايا العابرين، ومما تتركه الأيام بلا اكتراث. كان يقف أمام حاوية قمامة في منطقة باب الزاوية وسط مدينة الخليل بالضفة الغربية، حين أطلق عليه جندي إسرائيلي مستهتر النار بدم بارد. كان أبو داود - لسوء طالعه - من «الأغيار» الذين لُقِّن الجندي في عقيدته العسكرية وتدريباته الميدانية أنهم سيئون، وغير مرئيين، ولا دية لهم. ولهذا أيضا مُنِعت طواقم الإسعاف من الاقتراب من عامل النظافة الذي ظل ينزف حتى الموت.
ذات يوم قال مارتن لوثر كينج (الذي قُتِلَ هو الآخر بدم بارد) إنه «إن كان الرجل مدعوًّا ليكون كناسًا في الشوارع، فعليه أن يكنسها كما رسم مايكل أنجلو، وكما ألّف بيتهوفن، وكما كتب شكسبير»، في تأكيد منه على أن مهنة عامل النظافة لا تقل أهمية عن عمل المبدعين. ولا أظن زياد أبو داود إلا تجسيدا لهذه العبارة، فقد روت عائلتُه لقناة الجزيرة بعد يوم من استشهاده أنه كان -عندما تلقى رصاص الجندي - في اليوم الأول من دوامه بعد إجازة، وإنه يعمل في بلدية الخليل منذ خمسة وعشرين عامًا، كان فيها مثالًا للالتزام والتفاني والإخلاص.
ولأن المدينة تحب من يحبها، وتُخلص لمن يُبادلها الإخلاص، وتحزن حين تفقد من يُميط عنها أذى الطريق، فقد قررت «الخليل» في الصباح التالي أن تحول جنازة عامل النظافة إلى رسالة احتجاج: أعلنت نقابة العاملين وبلدية الخليل والقوى السياسية الإضراب الشامل في كافة مرافق المدينة، حدادًا على روحه. أغلقت المتاجر أبوابها، وأعلنت المدارس والجامعات تعليق الدراسة في ذلك اليوم، وتعطلت المؤسسات الخاصة والعامة، وتوقفت حركة المواصلات إلا للضرورة. وعمّ التعاطف مع عامل النظافة الشهيد؛ ليس في فلسطين وحدها، بل أينما وصلت قصة الاعتداء عليه، مما اضطر إسرائيل لتغيير روايتها التي زعمتها بالأمس، وهي أن الفلسطينيَّيْن اللذين قتلتْهما لأنهما كانا يحاولان دهس جنودها لم يكونا كلاهما «إرهابيَّيْن»، فقد اتضح أن أحدهما (أي زياد أبو داود) قُتِل بالخطأ، فقط لأنه كان موجودًا في المكان! هكذا بكل بساطة. أما الآخر (وهو أحمد خليل الرجبي) فقد تمكن الجيش من «تحييده»! نعم. هكذا تتعهّر اللغة لتصف قتل فتى لم يتجاوز السابعة عشرة من عمره، ولمجرد الاشتباه: «تحييدا».
لم تكن تلك المرةَ الأولى التي تقتل فيها إسرائيل عامل نظافة، فقبل أبو داود بعام، وتحديدًا في سبتمبر 2024، قتلت عامل نظافة آخر يُدعى سفيان جابر عبد الجواد يعمل لدى وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). كان سفيان يقف فوق سطح بيته عندما باغته القناص الإسرائيلي فقتله. وكالعادة برر الجيش الإسرائيلي عدم اكتراثه بأرواح الفلسطينيين بالزعم أنه كان يرمي عبوات ناسفة على الجنود! وفي الشهر نفسه (سبتمبر 2024)، قتلت غارة إسرائيلية مدنيَّين كانا يستقلان سيارة على الساحل الجنوبي للبنان، من بينهما موظف في شركة تنظيف متعاقدة مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان. وقبل ذلك بأحد عشر عاما، وتحديدًا في 5 يناير 2013 أطلقت قوات إسرائيلية النار على شاحنة جمع نفايات لبلدية بيت حانون في غزة أثناء تفريغها القمامة قرب مكب حدودي، ما أدى لإصابة عامل النظافة عوض الزعانين بشظايا في الرأس.
لكن لماذا تعتدي إسرائيل على عمّال النظافة؟ ببساطة لأنهم يذكّرونها بأهم قيمة تفتقدها: نظافة اليد والقلب واللسان والسلوك السياسي، ولأنها لا تطيق أن يعيش الفلسطيني حياة طبيعية كما سواه من الناس. فتنظيف المدينة، وجمع النفايات، وصيانة الفضاء العام هي أفعال تؤكد حق الفلسطيني في هذه الحياة الطبيعية، وفي إدارة مدينته وحياته اليومية. الاعتداء على عامل النظافة هو اعتداء رمزي على فكرة الاستمرار في الحياة الفلسطينية، وعلى إمكانية أن تبدو عادية ومستقرة. إنه اعتداء على الكل من خلال أهم جزء فيه، لكنه الأضعف في الآن ذاته. تشرح ذلك ــ في سياق آخر - الروائية البريطانية أماندا كريج في مقال طريف لها في صحيفة الجارديان عن أفضل عشرة كتب أُلِّفتْ في عامل النظافة. تقول: «بوصفي ممن عملوا في النظافة خلال العشرينيات من عمري، أعرف أنه لا توجد وظيفة أخرى بهذه الأهمية، ولا بهذا التدني في الأجر، ولا بهذا القدر من الإثارة بالنسبة لروائية مثلي. فالعامل يرى الأشياء من مستوى متدنٍّ جدًّا؛ ليس فقط من زاوية الأوساخ، بل لأن الآخرين يفترضون - بشكل تلقائي- أنه غبي أو حتى دون إنساني».
وهكذا تفترض إسرائيل بتلقائية أن الفلسطينيين كلهم، وليس فقط عمّال النظافة، في الدرجة الأخيرة من الإنسانية، ولذا تقتلهم بلا أدنى وازع من ضمير، ثم تدبج في آلتها الإعلامية تبريرات لا يهمها حتى أن تكون على قدر قليل من الإقناع واحترام العقول، تبريرات تبعث على الحزن، من ذلك النوع من الحزن الذي تحدث عنه ماركيز، ويخصّ عمّال النظافة تحديدًا: «لقد انتهى كل شيء. وبقي ذلك الأسى الغريب الذي لا يعرفه سوى كنّاس المسرح بعد خروج آخر الممثلين».
سليمان المعمري كاتب وروائي عُماني