وقف «سعيد» أمام قاعة المُداولة في محكمة الأسرة، عينيه مُحملتان بالارتباك، يداه ترتجفان وكأنه يُحاول استيعاب ما يجري، كانت نظراته تتسلل نحو «راوية» التي جلست بعيدًا عنه؛ ويظهر على وجهها ملامح جامدة تخفي خلفها غضبًا وصمتًا ثقيلًا، ولم تلتفت نحوه، وتحاول أن لا تلتقي عينيها بعينيه، كانت المسافة بينهما أكبر من مٌجرد خطوات قليلة، بل كانت مسافة قلوب تاهت عن بعضها بعد 40 يومًا فقط من الزفاف، فما الذي حدث وأوصل راوية لطلب الخلع؟

محكمة الأسرة الساعة 11 صباحًا

كانت محكمة الأسرة تعج بالهمسات الخافتة والمارة الذين يتنقلون بملفات ثقيلة، وأوراق متناثرة، تحمل قصصًا تشبه قصتهما، وجوه جافة وأعين مترقبة تتابع المشهد بين الزوجين الشابين، مٌحاولين تخمين السبب الذي دفعهما إلى هنا بهذه السرعة، والساعة كانت تقترب عقاربها من موعد الجلسة الساعة الـ11 صباحًا، وسعيد يمسح عرقه بقميصه، بينما يبتلع مرارة الأسئلة التي تراوده: «كيف انتهى كل شيء بهذه الطريقة؟»؛ أما راوية فظلت ممسكة بحقيبتها بقوة، وكأنها تحاول السيطرة على مشاعرها وعدم الانهيار أمام الجميع.

صمت القاعة كان يحمل ثقلاً لا يُحتمل، وعيون الفضوليين زادت من توتر اللحظة، لماذا انتهى الزفاف الذي كان حديث الجيران بهذه السرعة؟؛ لماذا تحول حلمهما إلى قضية؟، وفقًا لحديث الزوجة رواية صاحبة الـ23 عامًا مع «الوطن» التي ألتقت بها بعد انتهاء الجلسة، إذ كانت الإجابة في قلب كل منهما، معقودة بمشاعر مختلطة من الشك والاتهام.

مشهد قبل سنتين.. بداية التعارف

تذكرت راوية ذلك اليوم قبل سنتين عندما تقدم سعيد لخطبتها، وكانت الغرفة تفيض بالفرح، وأصوات الضحكات تعلو من أفراد عائلتهما وأقاربهما، بينما كانت تجلس في زاوية الغٌرفة بعينين خافتتين، تشعر بثقل القرار الذي لا تملك فيه صوتًا، وتُراقب والدها وهو يرحب بسعيد بابتسامة ووالدتها تضع يدها على كتفها وتهمس: «شاب طيب ومش هتلاقي أحسن منه»، على حد حديث راوية.

لكن قلبها لم يكن مُطمئنًا، كانت تتمنى لو أن القرار بيدها، لو أنها تعرفه حق المعرفة قبل أن تُرغم على الزواج به، في تلك اللحظة؛ لم يكن بإمكانها سُوى الانصياع لرغبة والدها والابتسام بصعوبة أمام نظرات الجميع.

على العكس في الزاوية المقابلة في الغرفة «سعيد»، كان يبدو عليه ملامح الفرح، لم يكن يعلم أن عروسته المستقبلية كانت تحمل في قلبها خوفًا وقلقًا، ولم تُدرك هي أن هذا القرار سيتحول إلى ذكريات ثقيلة تستعيدها اليوم وهي تجلس في قاعة محكمة الأسرة، تتساءل كيف انتهى كل شيء بهذه الطريقة، وفقًا لحديثها.

خلال فترة الخطوبة؛ كانت تجهيزات الزواج تسير بسرعة، والأهل مُنغمسون في التفاصيل والترتيبات، لكن راوية لم تستطع تجاهل إحساسها بأن سعيد يتصرف بغموض، وفي هذا الوقت كانت تسمع همسات عن علاقاته القديمة، وتشعر بنظراته المُريبة، وكلما صارحت أهلها بمخاوفها كانوا يطمئنونها بكلمات مُتكررة: «لما يتجوزك هينسى عيشته وطيشه، هو شاب وده طبيعي»، على حد رواية الزوجة.

كانت راوية تشعر بقلق داخلي يتملك من قلبها، واصفة إحساسها قائلة: «نظراته الغريبة وسهراته اللي كنت بسمع عنها من بعيد خلوني أحس إني مش الوحيدة في حياته، وكنت بحاول أقنع نفسي إن كلام أهلي صح، وإن الجواز هيغيره وهيخليه يبطل طيشه، لكن مع كل تجهيز للفرح وكل تفصيله كانت بتمر، كانت شكوكي بتزيد».

مشاهد من بعد الزواج

لم تمضِ أيام قليلة بعد الزفاف حتى بدأت الخلافات بينهما تظهر فجأة، كانت الأمور تبدو عادية في البداية، حتى استيقظت «راوية» ذات صباح على صوت هاتف «سعيد»، يهتز بجوارها، لم تكن تتوقع أن ترى رسالة من حبيبته السابقة، كلماتها تحمل وعودًا ومشاعر قديمة، قلبها خفق بسرعة، وشعرت بأن الأرض تهتز تحت قدميها، وعندما واجهت الزوج بالرسالة، لم ينكر؛ بل أدار وجهه ببرود وقال: «هي حياتي كده، وتعودي عليها أحسن لك»، تلك الكلمات كانت كسكين يغرس في قلب راوية؛ وحاولت التماسك لكن دموعها خانتها وانسابت على وجهها بلا توقف، وشعرت بأنها غريبة في بيتها.

سادت لحظات صامتة بينهما، لكنها لم تكن سوى بداية سلسلة من الخلافات التي كبرت ككرة ثلج، كل يوم كان يأتي بمزيد من الأدلة على أن الزوج لم يٌغير طباعه، بل حاول فرض واقع مرير عليها، وجعلها تتأقلم معه رغمًا عنها، وكانت تٌحاول أن تجد سبيلًا للتعايش، لكن الألم كان يأكل في رٌوحها يومًا بعد يوم، ولم تستطيع المٌقاومة أكثر من ذلك، وقررت «رواية»، على حد حديثها طلب الطلاق.

رفض أهلها للطلاق ومُواجهة الزوج بالسر

تذكرت راوية خلال حديثها قبل 15 يومًا، كيف حاولت اللجوء لأهلها، باحثة عن دعم يخفف عنها وطأة الألم الذي تعيشه؛ فبكت بين أحضان والدتها وهي تحكي عن الخذلان والخيبات المتتالية، لكن الرد كان دائمًا واحدًا: «اصبري الجواز كده في أوله مشاكل، هو لسه صغير وهتتغير طباعه»؛ كان كلامهم جارح يضرب قلبها وتشعر وكأنها عالقة في قفص لا مفر منه، مضت الأيام وكل يوم يزداد شٌعورها بالعزلة والوحدة، لم تجد من يساندها أو يفهم مرارة ما تمر به.

«ليه محدش شايف إني بتكسر كل يوم؟ ليه كل اللي حواليا شايفين إني لازم أعيش عشان المجتمع، وأنا بموت ومليش حق أعترض»، مُوضحةً أن دموعها رافقتها في ليالٍ طويلة بلا نوم، تحاول جاهدة أن تجد سببًا واحدًا لتكمل حياتها معه، لكنها لم تجد سوى شعور بالغربة في بيتها وألم مستمر لا يزول، فاستيقظت في يوم وطلبت الطلاق من الزوج واجهها بنظرات قاسية وملامح مشدودة، ينظر إليها وهي تبكي بحرقة أمامه؛ «أنا اتجوزتك عشان أمي طلبت كده ومكنتش هترضى أتجوز البنت اللي بحبها».

في تلك اللحظة شعرت راوية بصفعة كلامه قبل أن تُدركها عقلها، وقفت مذهولة: «ده الواقع، تعيشي وتتأقلمي عشان مفيش طلاق هيحصل، فاهمة؟»، حاولت راوية على حد حديثها أن تجد الكلمات وأن تعترض أو تصرخ لكن صوتها خنقته دموعها التي لم تتوقف، لكنها رفضت تحمل مزيدًا من الإهانات، ولجأت لعمها الأكبر، وبالفعل لم يردها، ولجأت برفقته لمحكمة الأسرة بالدقي، وحركت دعوى خلع حملت رقم 276 أحوال شخصية. 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: محكمة الأسرة خلع طلب طلاق خلافات زوجية محکمة الأسرة على حد

إقرأ أيضاً:

بسبب قطعة أرض.. زوج يطعن زوجته داخل محكمة الأسرة بالدخيلة في الإسكندرية

شهدت محكمة الأسرة بمنطقة الدخيلة غرب الإسكندرية، اليوم الخميس، واقعة مأساوية أثارت حالة من الذعر داخل أروقة المحكمة، بعدما أقدم زوج على طعن زوجته باستخدام سلاح أبيض، أثناء نظر دعوى خُلع أقامتها الزوجة ضده.

وبحسب مصادر مطلعة، فإن الزوجين ينحدران من إحدى قرى محافظة البحيرة، وتصاعدت بينهما الخلافات مؤخرًا، عقب تمكن الزوجة من الحصول على قطعة أرض زراعية ومنزل بموجب إجراءات قانونية، وهو ما أثار غضب الزوج ودفعه لمحاولة الضغط عليها للتراجع عن دعوى الخلع.

وخلال جلسة نظر القضية بمحكمة الأسرة، حاول الزوج التودد إلى زوجته وعرض الصلح، إلا أن الزوجة رفضت بشكل قاطع، ما أدى إلى نشوب مشادة كلامية بين الطرفين داخل المحكمة، سرعان ما تطورت إلى اعتداء دموي.

وأفادت المصادر أن الزوج استل "مطواة" كان يخفيها بين طيات ملابسه، وسدد بها طعنتين لزوجته، إحداهما سطحية في الوجه، والأخرى نافذة في الرقبة بعمق قرابة 2 سم، ما تسبب في حالة من الفزع والهلع بين الحضور داخل المحكمة.

وسارعت قوات تأمين المحكمة إلى التدخل والسيطرة على الموقف، حيث تم ضبط المتهم واقتياده إلى قسم شرطة الدخيلة، بينما جرى نقل الزوجة المصابة إلى المستشفى لتلقي الإسعافات اللازمة، وحالتها الآن مستقرة.

وباشرت الجهات المعنية التحقيق في الواقعة للوقوف على ملابساتها ودوافع الجريمة، تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق المتهم.

مقالات مشابهة

  • حبس زوج طعن زوجته داخل محكمة الأسرة بالدخيلة في الإسكندرية
  • بسبب قطعة أرض.. زوج يطعن زوجته داخل محكمة الأسرة بالدخيلة في الإسكندرية
  • بسبب دعوى خُلع.. زوج يطعن زوجته داخل محكمة الأسرة بالدخيلة
  • بسبب محادثات مع قاصرات.. مريم تطلب الخلع بعد 630 يوما زواجا
  • 23 يوما من التعذ.يب داخل مصحة في الطالبية.. تفاصيل وفاة شاب وإلقاء جثته بالشارع
  • تعلن محكمة غرب ذمار عن فقدان بصيرة شراء تخص الأخ/ مجاهد منصور سعيد
  • تعلن محكمة الرجم الابتدائية بأن الأخ/ علي سعيد المجهمة تقدم إليها بطلب انحصار وراثة
  • سعيد يخسر لعبة الترند الجديد أمام صالحة ويمنحها500 ريال.. فيديو
  • زوجي مش رومانسي.. علياء تطلب الخلع أمام محكمة الأسرة
  • تعلن محكمة غرب الأمانه الابتدائية أن على المدعى عليه/سعيد الحاج الحضور الى المحكمة