أثار قرار السلطات الألمانية في بعض الولايات تطبيق نظام العمل الإلزامي لطالبي اللجوء جدلاً واسعًا بين الخبراء والمجتمع المدني، حيث إنه بموجب هذا القرار، يُطلب من اللاجئين العمل في وظائف غير ربحية مقابل أجور زهيدة، مع تهديد بتقليص المساعدات الشهرية في حال رفضهم.

وتهدف هذه الخطوة، وفق السلطات، إلى تعزيز إدماج اللاجئين في المجتمع وتقليل الاعتماد على المساعدات، ومع ذلك، يثير القرار تساؤلات حول تأثير هذه الإجراءات على الاندماج الفعلي في سوق العمل والحقوق الإنسانية لطالبي اللجوء.



ويعد العمل الإلزامي لطالبي اللجوء ليس جديدًا في ألمانيا، حيث ينص قانون إعانات طالبي اللجوء الصادر عام 1993 على إمكانية فرض العمل في وظائف بسيطة، ولكن تطبيق هذه القوانين ظل محدودًا بسبب التعقيدات الإدارية والانتقادات الأخلاقية، ومع زيادة تدفقات اللاجئين، تجد ألمانيا نفسها أمام تحديات متجددة بشأن كيفية إدارة هذا الملف بما يحقق مصلحة الدولة والمهاجرين على حد سواء.


إجراءات التنفيذ في الولايات الألمانية
شرعت بعض البلديات، مثل زاله أورلا في ولاية بافاريا، في تطبيق ما يسمى بـ"Arbeitspflicht" أو "إلزام العمل"، وبموجب هذا النظام، يُطلب من طالبي اللجوء الأصحاء العمل أربع ساعات يوميًا في وظائف غير ربحية مثل تنظيف الشوارع أو تقليم الحدائق، في المقابل، يحصلون على أجر قدره 80 سنتًا في الساعة، يُضاف مباشرة إلى بطاقة المساعدات الخاصة بهم.

وفي بلدية تراونشتاينر، تعمل نسبة صغيرة فقط من طالبي اللجوء، إذ يُتاح نحو 400 وظيفة، لكن 100 شخص فقط يؤدون هذه المهام فعليًا.

وتدافع السلطات عن هذا النظام باعتباره وسيلة لتقليل الضغط المالي عن الدولة وتحفيز اللاجئين على لعب دور إيجابي، وفقًا لزيغفريد فالش، من الاتحاد الاجتماعي المسيحي البافاري، فإن أغلب اللاجئين يقبلون بهذه الوظائف دون اعتراض، مع إشارة إلى أن عدد الرافضين لها محدود جدًا.

ردود الفعل والتحديات الإدارية
تواجه هذه السياسة تحديات عديدة، أبرزها ارتفاع التكاليف الإدارية لتنظيم هذه الأعمال، وتحتاج البلديات إلى توفير فرص عمل كافية، وتحديد المواعيد، وتزويد العاملين بالمعدات اللازمة. إضافة إلى ذلك، فإن أغلب الوظائف تقتصر على مناطق إقامة اللاجئين، ما يحد من فرص التواصل مع المجتمع الألماني الأوسع.

الأثر الاقتصادي والاجتماعي
رغم ادعاءات الجهات المؤيدة بأن العمل الإلزامي يخفف العبء المالي عن الدولة، يشير الخبراء إلى أنه قد لا يحقق الفوائد الاقتصادية المرجوة، من جهة، تُبقي هذه الأعمال اللاجئين في دائرة وظائف منخفضة القيمة، ما يعيق تطورهم المهني، ومن جهة أخرى، فإن هذه السياسة لا تساهم في تعزيز مهاراتهم أو تحسين فرصهم في سوق العمل المستقر.


التحديات أمام إدماج اللاجئين في سوق العمل

يشير خبراء مثل هربرت بروكر، من معهد سوق العمل والبحوث المهنية، إلى أن العمل الإلزامي قد يحد من فرص اللاجئين في تعلم اللغة الألمانية وإتقانها، وهو عامل أساسي للإدماج المهني والاجتماعي، كما أن العمل في وظائف بسيطة قد يقلل من فرص اكتسابهم مهارات جديدة تعزز فرصهم في سوق العمل.

ارتفاع نسبة التوظيف بين اللاجئين
ورغم هذه السياسات، فإن تقارير تشير إلى ارتفاع معدلات التوظيف بين اللاجئين مقارنة بالألمان في بعض الفئات، ما يبرز الحاجة إلى سياسات تدعم التعلم المهني السريع وتقصير فترات معالجة طلبات اللجوء بدلًا من التركيز على العمل الإلزامي في وظائف مؤقتة.

ورغم التحديات، تظهر إحصائيات أن نسبة توظيف اللاجئين الذكور في ألمانيا بلغت 86%، متفوقة على نسبة التوظيف بين الألمان (79%). ومع ذلك، يشير مراقبون إلى أن تسريع معالجة طلبات اللجوء وتوفير دورات تعلم اللغة يمثلان أولوية أكبر من فرض العمل الإلزامي.

????....اعلنت الحكومة الالمانية???????? بصدد تسريع إجراءات التأشيرة ل 400000 شخص من أجل سد الخصاص باليد العاملة المؤهلة وأضافت أن هده التأشيرة ترتكز فقط على دول تم الاتفاق معاها من أجل جلب اليد العاملة ويتعلق الامر بدول: المغرب???????? و الهند???????? وجورجيا???????? وكولومبيا???????? و أوزبكستان????????. pic.twitter.com/jcEYn8975w — أخبار بلادي-مع هشام (@akhbarbladie) June 18, 2024
عوامل تساعد على تنفيذ القانون من عدمه
وأكد البرلماني الألماني السابق، جمال قارصلي، في تصريحات خاصة لـ" عربي21"، أن هناك العديد من الخلفيات لتنفيذ هذا القانون وليس كما يتصور البعض وفي البداية لابد من الاعتراف بأنه قانون غير إنساني، لكن تنفيذه من عدمه يتوقف على البلدية والأوضاع الاقتصادية والبطالة، كما أن الجانب السياسي وصعود اليمين المتطرف وضغوطه على المهاجرين سبب واضح لتنفيذه.

وأشار قارصلي إلى أن القانون ليس بجديد واجبار المقيمين على العمل منذ عشرات السنوات، ولكن الحديث عنه يتصاعد من وقت إلى أخر بحسب الأوضاع التي تحدثنا عنها سابقا، وتتم مواجهة هذا القانون دائما كونه ينفذ على المواطنين الألمان والمهاجرين على حد سواء، لكن يشعر المهاجر بصعوبته بشكل أكبر من المواطن.

وتابع النائب البرلماني السابق، بأن ألمانيا دائما ما تحتاج إلى الأيدي العاملة والماهرة، حيث إنها تحتاج سنويا لما يقرب من 400 ألف عامل، كما أن برامج التأهيل للعمل في ألمانيا متوفرة لكن المواطن الألماني لديه امتيازات كاللغة والمهارة على عكس المهاجر الذي يواجه العديد من التحديات التي تعيق فرص عمله، سواء كان هو سببا فيها بتقصيره في التعلم أم لا.





تحفيز على العمل
 وأضاف قارصلي أن تنفيذ قانون الإجبار على العمل رغم الاعتراض عليه يأتي لتحفيز على العمل، خاصة أن أن كل من يستطيع العمل في ألمانيا وجب عليه العمل وأن الضمان الاجتماعي من المفترض أن يصرف على من لا يستطيع العمل حتى يتمكن من إيجاد فرصة عمل، وهذه النقطة قد يفهمها بعض المهاجرين واللاجئين بشكل خطأ ظنا منهم أنه أمر طبيعي الاستمرار في ألمانيا دون عمل والاعتماد بشكل كامل على صرف الضمان الاجتماعي.

وأردف قارصلي أنه لا يوجد ربط بين الإعانات الاجتماعية أو الضمان الاجتماعي وقانون الإجبار على العمل ولكنه للتحفيز بالإضافة إلى أنه ينفذ في بعض الأحيان نظرا لضغوط سياسية من اليمين المتطرف في بعض الولايات لكسب بعض المكاسب الانتخابية والسياسية بتطبيق القانون وعمل بعض المهاجرين أعمالا يدوية أو التنظيف مقابل 80 سنتا في الساعة.

واختتم النائب البرلماني حديثه بمطالبة المهاجرين واللاجئين في ألمانيا بضرورة التفوق على التحديات التي تواجههم إذ تمثل اللغة كأكبر هذه التحديات والمعوقات، وكذلك المشاركة في برامج التأهيل المعروضة حتى يتخلص من تلك الضغوط، والاندماج في المجتمع الألماني بشكل سريع وجيد.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية العمل العمل المانيا اللاجئين في المانيا برلماني الماني المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العمل الإلزامی فی سوق العمل اللاجئین فی فی ألمانیا على العمل فی وظائف العمل فی إلى أن فی بعض

إقرأ أيضاً:

مفوضية اللاجئين: أزمة السودان وصلت نقطة اللاعودة مع تضاعف أعداد اللاجئين بتشاد

 

وجهت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تحذيراً بشأن حالة الطوارئ الإنسانية المتفاقمة في شرق تشاد، حيث تضاعف عدد اللاجئين السودانيين الواصلين إلى البلاد لأكثر من ثلاث مرات، وخلال ما يربو قليلاً عن عامين من الصراع الدامي.

التغيير ـــ وكالات

منذ أبريل 2023، عبر أكثر من 844,000 لاجئ سوداني إلى تشاد. وقبل هذه الأزمة الأخيرة، كانت تشاد تستضيف نحو 409,000 لاجئ سوداني فروا من موجات سابقة من النزاع في إقليم دارفور بين عامي 2003 و2023. وعلى مدى عامين ونيّف، شهدت البلاد ارتفاع عدد هؤلاء اللاجئين إلى أكثر من 1.2 مليون شخص، وهو ما يتجاوز بكثير العدد الذي استقبلته البلاد خلال العقدين السابقين، ويشكل ضغطاً تصعب التعامل معه من حيث قدرة تشاد على الاستجابة.

بدأ التدفق الأخير إلى تشاد في أواخر أبريل 2025، وذلك في أعقاب الهجمات العنيفة التي شنتها الجماعات المسلحة في شمال دارفور في مطلع الشهر نفسه. وأسفرت تلك الهجمات على مخيمات النازحين، بما في ذلك مواقع الاستضافة في زمزم وأبو شوك ومدينة الفاشر، عن مقتل أكثر من 300 مدني ودفعت بعشرات الآلاف إلى البحث عن مكان آمن. وخلال مدة تربو على الشهر من الزمن، وصل 68,556 لاجئاً إلى مقاطعتي وادي فيرا وإنيدي إست في تشاد، حيث بلغ متوسط عدد من يعبرون الحدود يومياً 1,400 شخص في الأيام القليلة الماضية. يضطر هؤلاء المدنيون للفرار في حالة من الذعر، والكثيرون منهم يتنقلون وسط إطلاق النار، وعبر نقاط التفتيش المسلحة ويتعرضون للابتزاز والقيود المشددة التي تفرضها الجماعات المسلحة.

وقد أجرت فرق الحماية التابعة للمفوضية مقابلات مع 6,810 من اللاجئين الواصلين حديثاً منذ أواخر أبريل، وكشفت عن روايات مروّعة عن العنف والفقدان. وأبلغ عدد مذهل بلغ 72 بالمائة عن وقوع انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك العنف الجسدي، والانتهاكات الجنسية، والاحتجاز التعسفي والتجنيد القسري، فيما قال 60 بالمائة منهم بأنهم قد انفصلوا عن أفراد أسرهم.

وإلى جانب حالة النزوح الطارئة، هناك أزمة هائلة تتكشف فصولها وتطال الأطفال.

وصلت نسبة الأطفال في سن الدراسة وأولئك المحرومين من الالتحاق بالمدارس حالياً إلى 66 بالمائة، وهناك 30 طفلاً وصلوا مصابين بجروح خطيرة.

ومن بين المتضررين، هناك الطفلة حواء البالغة من العمر سبع سنوات، والتي كانت قد فرّت إلى تشاد مع شقيقتها الكبرى بعد أن فقدت والدتها ووالدها وشقيقيها في قصفٍ على مخيم زمزم. وأثناء الهجوم، تعرّضت حواء لإصابات بالغة، واستلزم الأمر بتر إحدى ساقيها. قصتها ليست سوى واحدةٍ من بين قصصٍ لا حصر لها تعكس الخسائر الجسدية والنفسية المدمرة للحرب المستعرة على المدنيين في السودان. لقب باتت الحاجة ملحة لتوسيع نطاق توفير الرعاية الصحية ودعم الصحة النفسية لمعالجة المعاناة المباشرة، وإرساء أسس التعافي والمصالحة.

وعلى الرغم من الجهود التي يبذلها الشركاء في المجال الإنساني والسلطات المحلية، ما زالت الاستجابة لحالات الطوارئ تعاني من نقص خطير في التمويل. كما أن ظروف الإيواء مزرية بنفس القدر، حيث لم تُلبى سوى نسبة لا تتجاوز 14بالمائة من الاحتياجات الحالية، مما يترك عشرات الآلاف عرضةً لعوامل الطقس القاسية وانعدام الأمن. يحصل اللاجئون حالياً على 5 لترات فقط من المياه للشخص الواحد يومياً، أي أقل بكثير من المعيار الدولي الذي يتراوح بين 15 و20 لتراً للاحتياجات اليومية الأساسية. ويجبر هذا النقص الحاد العائلات على اتخاذ قرارات صعبةٍ تعرض صحتهم وكرامتهم للخطر. وبالإضافة إلى ذلك، ما زال نحو 290,000 لاجئ عالقين على الحدود، تحت رحمة العوامل الجوية وانعدام الأمن وخطر التعرض لمزيد من العنف.

كما تشدد المفوضية على الحاجة الملحة لإقرار المجتمع الدولي بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي يشهدها السودان، والعمل على القضاء عليها. فالعنف في مدينة الفاشر وما حولها، وانتشار نقاط التفتيش، والقيود التي تفرضها الجماعات المسلحة على التنقل، تجعل حركة المدنيين محفوفة بالمخاطر بشكل متزايد، وتؤدي لزيادة المخاطر التي يتعرض لها أولئك الذين ما زالوا يحاولون الفرار.

في إطار الاستجابة الإقليمية للاجئين في السودان، تسعى المفوضية وشركاؤها في تشاد بشكل عاجل للحصول على 553.7 مليون دولار أمريكي لتلبية الاحتياجات الإغاثية للاجئين الفارين من السودان إلى شرق تشاد، بما في ذلك توفير خدمات الحماية والمأوى والغذاء والمياه والصرف الصحي.

لقد اضطر أربعة ملايين شخص حتى الآن للفرار من السودان إلى الدول المجاورة منذ بداية الحرب، والتي دخلت عامها الثالث، وهو ما يمثل منعطفاً مأساوياً في أزمة النزوح الأكثر ضراوةً في العالم. وفي حال استمر النزاع، فسوف يواصل آلاف الأشخاص الآخرين الفرار، مما يعرض الاستقرار الإقليمي والعالمي للخطر.

تعتبر حالة الطوارئ في السودان أزمة إنسانيةٍ وأمانٍ وطفولةٍ. إنّ حياة ومستقبل الملايين من المدنيين الأبرياء، بمن فيهم الأطفال مثل حواء، على المحك. ومن دون زيادة كبيرة في التمويل، لا يمكن تقديم المساعدات الإغاثية بالحجم والسرعة المطلوبَين.

الوسومأزمة إنسانية الأطفال السودانيين في تشاد المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حالة الطوارئ الإنسانية

مقالات مشابهة

  • مسؤول أممي: دعم المؤسسات المالية الدولية أساسيّ لعودة اللاجئين السوريين
  • مصادر مصرية: مقترح ويتكوف الجديد يفتقر لضمانات إجبار إسرائيل على وقف الحرب على غزة
  • خلال لقائه رئيس مجلس الشورى في دولة قطر: رئيس البرلمان العربي يشيد بالجهود التي يقوم بها أمير دولة قطر لوقف حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني
  • مفوضية اللاجئين: أزمة السودان وصلت نقطة اللاعودة مع تضاعف أعداد اللاجئين بتشاد
  • هنو يتابع تنفيذ تطوير قصر ثقافة الفيوم ويشدد على ضرورة تسريع وتيرة العمل
  • ماكرون يهدد المعارضة الفرنسية بحل البرلمان
  • إيقاف العامل دون فصل.. متى يطبق صاحب العمل المادة 145 من القانون؟
  • استقطاع 50 % من أجور العامل للنفقة.. تفاصيل جديدة بقانون العمل
  • الإمارات الإسلامي يتلقى إشعارا بالاستحواذ الإلزامي من ENBD
  • سكان حدود هولندا يفتشون السيارات بحثا عن مهاجرين والحكومة تحذّر