لجريدة عمان:
2025-08-01@01:44:34 GMT

متى سيهزم الليبراليون العرب أنفسهم ؟

تاريخ النشر: 19th, November 2024 GMT

يبدو أن عامًا كاملًا من الإبادة الجماعية فـي غزة وعقودا سبقتها من العنف الممنهج ليست كافـية للمثقف الليبرالي العربي حتى يراجع موقفه من دولة الاحتلال. اعتدنا على تنويعات الاتهامات التي يسوّغون بها أفعال المحتل، من قبيل مراجعة التاريخ، وترويج سرديات مثل بيع الأرض أو استعادة الحق فـي الحصول عليها بعد أن طرد منها أصحاب الحق بها.

وفـي أكثر سردياتهم نشازًا وإثارةً للشفقة عليهم، حديثهم عن مشروع إسرائيل للسلام فـي المنطقة.

قد نظن أن ما يحدث الآن قد جعل موقف هذا المثقف أكثر صعوبة، خصوصا بعد أن بدا الغرب الذي يعبده هذا المثقف أكثر تعقيدًا مما يظن حول الموقف مما يحدث فـي فلسطين، وتصبح تبعية الغرب فـي هذه الحالة مهددة، وهي شرط وجودي أساسي فـي علاقته بذاته، يستمد من هذا الشرط استحقاقه، وعلامات امتثاله للواقع والقوة والنور بدلًا من البربرية التي نشأ فـيها. لكنني لم أتوقع أن ألاحظ أن نمطًا ما يستحوذ على تفكير المثقف الليبرالي العربي ساهمت فـيه الأنظمة العربية بقمعها واستبدادها غير المحدودين، وبهذا حتى هذا المثقف هو -وإن بطريقة يؤسفني الاعتراف بها- ضحية الفضاء العام الذي نشأ فـيه.

صادفتُ إجازة الأسبوع الماضي، فتيات يقدمن أنفسهن على أنهن متحررات ومثقفات. كنتُ أشرت لأمر يتعلق بالمقاطعة، لأفاجأ بموجة غضب وانفعال منهن، وصدمة من موقفـي أنا التي كنّ يعولن عليه الكثير، بصراحة كان الموقف صعبًا بالنسبة لي، وكان صادمًا، لم أتخيل أن يحدث هذا فـي مسقط، الآن فـي هذا التوقيت، مع فتيات عربيات يعشن معنا ما يحدث لحظة بلحظة. حاولتُ تمالك نفسي، وبدأتُ بمحاولة أن أفهم ما الذي يدفع أحدًا للإيمان بأن إسرائيل بريئة، أبحث عن شيء آخر غير المسوغات التي حفظناها ظهرًا عن غيب منذ نكسة 1967 مرورًا بالثورة الإسلامية فـي المنطقة وصولًا للربيع العربي. طبعًا سردن لي، حكايات دعوات إسرائيل للسلام، وعن من بدأ هذه الحرب فـي السابع من أكتوبر وقد كان هذا متوقعًا، ما لاحظته باهتمام هذه المرة هو استخدام حجة: الشك فـي القصة السائدة.

لقد ساهمت الأنظمة العربية لعقود بطمس التاريخ المعاصر، وترويج سردية واحدة على حساب ما حدث بالفعل، إذ لم تكتف هذه الأنظمة بفرض السردية التي تلائمها فحسب بل محت وهددت أي بعث لأي قصة مختلفة، وأنا لا أتحدث هنا عن السردية الفلسطينية، لا بل أي شيء يتعلق بتاريخ أي دولة من هذه الدول وما مرت به. لقد رأينا هذه الممارسة حتى وقت قريب عندما اتخذت بعض الدول العربية قرار حذف أي إشارة للإسلاميين أو المبادئ الإسلامية من المنهاج المدرسي، ووضع مكانه نسخة وطنية تعزز القومية، وتنبذ هذا المكون المهم من هويتنا وثقافتنا، ظنًا من هذه الدولة أنها بهذا تحمي مستقبلها الذي يتوافق ومبادئ واستراتيجيات حكامها. ما لا تعرفه هذه السلطة، أن القصص المنبوذة، التابوهات، أو المسكوت عنها، المحرمات، تصبح مثيرة للفضول، فـي كونها مقصية بسبب تضادها المشروط مع السلطة، الأمر الذي يجعلها جذابة، ومثيرة للاهتمام والبحث والتقصي. وبما أن هنالك اتفاقا على أن التاريخ يكتبه المنتصر، يصبح تبني السرديات الهامشية، نوعًا من هزيمة السلطة، كما يصبح تهميش أي سردية، مانحًا الشرعية المطلقة تلك السردية بغض النظر عن حقيقتها! ألا يبدو الأمر مروعًا؟ وبهذا فإن نشأتهن فـي العالم العربي والإسلامي الذي يؤمن بحق الفلسطينيين فـي أرضهم ينطبق عليه ما ينطبق على ما قالته السلطة عن تاريخ بلدانها.

تفاجأتُ عندما امتد الحديث لأعرف أنهن زرن إسرائيل، لستُ بصدد السؤال عن القوانين التي تحول من دون ذلك، وكيف يمكن لمن زار إسرائيل أن يكون بيننا هنا، ما يهمني الآن ما رأينه فـي تلك الزيارة من اختلاف كبير بين الواقع الذي يعشنه وبين ما يحدث هناك، بين استقبال الإسرائيليين لهن كعربيات وبين ما يروج عن كراهية وعداء الصهاينة للعرب واحتقارهم لهم، على العكس من ذلك وجدنّ بلدًا مسالما، بتعليم ممتاز، وتطوير لا تحظى به الدول العربية، وثقافة واسعة، وتجارة مزدهرة والأهم من ذلك قوة كبيرة. لاحظوا أن كل ما بدأن بسرده معتاد عليه من المثقف الليبرالي العربي مجددًا، لكن أريد أن ألفت انتباهكم بشكل خاص، لتقديس مبدأ القوة، الأمر الذي يخبرنا عن مبادئ الليبرالية، وما تحلم به لعالمنا هذا. من يمتلك القوة يحق له الوجود، وهو المبدأ الذي يجب أن نحتكم إليه، أما الأخلاق والجماليات والواجب فهذه أشياء لا يشار لها على الإطلاق.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ما یحدث

إقرأ أيضاً:

شاهد.. هدف الأردني يزن العرب الرائع في مرمى برشلونة

وفاز برشلونة على منافسه الكوري الجنوبي 7-3 ضمن الجولة الآسيوية استعدادا للموسم الجديد.

وبفضل سرعته استطاع المدافع الدولي أن يخترق دفاع برشلونة ثم قام بتسديدة رائعة استقرت في الشباك مسجلا هدف التعادل لفريقه 2-2 في الوقت بدل الضائع من الشوط الأول.

ولعب يزن العرب البالغ من العمر 29 عاما مع الجزيرة والوحدات الأردنيين وسلاغور الماليزي، والشرطة العراقي، ومعيذر القطري قبل أن ينتقل في يوليو/تموز 2024 إلى سول.

31/7/2025-|آخر تحديث: 23:37 (توقيت مكة)

مقالات مشابهة

  • شاهد.. هدف الأردني يزن العرب الرائع في مرمى برشلونة
  • نائب العربي للدراسات: إقامة دولة فلسطينية رغماً عن إسرائيل وأمريكا أمر مستبعد
  • عودة الهذالين.. صوت النضال الذي أسكتته إسرائيل
  • “إلى أين؟”.. عرض ليبي يُجسّد القلق الوجودي ضمن مهرجان المونودراما العربي في جرش 39 اللجنة الإعلامية لمهرجان جرش بحضور ممثل عن السفارة الليبية في عمان، وجمع غفير من عشاق المسرح، وضمن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان المونودراما المسرحي، قدّمت ا
  • هل الخيار المتطرف الذي تبحثه إسرائيل في غزة قابل للتنفيذ؟
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: القمة التي جمعت السيدين الرئيسين أحمد الشرع وإلهام علييف في العاصمة باكو في الـ 12 من تموز الجاري خلال الزيارة الرسمية للرئيس الشرع إلى أذربيجان، أثمرت عن هذا الحدث التاريخي الذي سيسهم في تعزيز التعاون ا
  • ساكاليان لـ سانا: زيارة فريق اللجنة الذي ضم مختصين من مجالات متعددة لمحافظة السويداء شكلت فرصة لفهم الوضع بشكل أفضل وتوسيع نطاق الاستجابة لتلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحاً، وذلك بالتعاون الوثيق مع الهلال الأحمر العربي السوري
  • ساكاليان لـ سانا: اللجنة على استعداد تام لمواصلة العمل للتخفيف من تبعات الأحداث الأخيرة في محافظة السويداء على المجتمعات المتأثرة، حيث انضم فريق منها الإثنين الفائت إلى القوافل الإنسانية التابعة للهلال الأحمر العربي السوري التي دخلت محافظة السويداء، ضمن ا
  • ترامب: إسرائيل ترفض حصول حماس على المساعدات التي يتم توزيعها في غزة
  • إعلان الاعتراف بدولة فلسطينية.. منافع يحققها الجميع عدا الفلسطينيين أنفسهم!