الشورى في زمان الحرب.. من طبخّ السُم للملِك ليرثه من داخل المؤتمر الوطني؟
تاريخ النشر: 21st, November 2024 GMT
على نَحْوٍ مُفَاجِئٍ عادت سيرة المؤتمر الوطنيّ، مَرَّةٌ أُخْرَى، لِتَحتلّ مكانتها في نشرَات الأخبار، وتَعبُر خطوط مآسي الحرب، دون أَنْ تُغَطِّيَ عليها بالكامل، لكنها سِيرةٌ – على ما يبدو – مدفوعةً هذه المَرَّة بِتحدِّيات تَجْديد الِاسم والقيادة، وضبْط البوصَلة السياسية، وفقًا لمُرَاجعات (كُرَّاسَةُ سِجْنِ كُوبر)، أو ما سوفَ تُقرِّرُه الكوَادِر، عَلَى قول ستَالين.
مسرح اللامعقول
سحبت تلك البيانات المتواترة الخلافات إلى السطح أيضاً، إزاء شخصية الرئيس الجديد – القديم الذي سوف تعتمده هيئة الشورى، مع ذات الجدل القديم أو العقيم إن شئت، هل هى مُلزمة أم مُعلمة؟ وكيف يعالج الحزب الإسلامي خلافاته التنظيمية التي لم تَعُد مكتومة؟ ومَن الأحق بتولي مقود الحزب وهو يتهيأ لمرحلة جديدة، إبراهيم محمود أم أحمد هارون، أم كلاهما يؤدي دوره في مسرح اللامعقول؟ خصوصًا مع رشح التسريبات التي تتحدث عن مراكز قوى، لا زالت تتحرك بين يدي أبرز قيادات الحزب، الدكتور نافع علي نافع والشيخ علي كرتي، الأمين العام للحركة الإسلامية، أو مَن يقف خلف الستار يراقب ويدعم.
أكثر الناس تفاؤلاً يتحدثون عن مفاصلة جديدة، لحمتها وسداها ذات الحرس القديم، لكن الشيخ الترابي، الملهم الأول للتجربة، لم يعد موجوداً، فقد خَلّف لهم (منظومة خالفة) انبثقت من عِبرة المسير، فأين هى حالياً من الإعراب؟ وكيف انتقلت رئاسة الحزب من المشير البشير إلى أحمد هارون، ثم دلفت إلى عيادة بروف غندور الذي سلّم الراية إلى المهندس إبراهيم محمود، خلال سنوات عجاف، عاشتها قيادة الحزب ما بين سجين ومطلوب.
الخلاف المكتوم
بحماس دولفيني دخل القيادي في تنسيقية تقدم خالد عمر (سلك) إلى ملعب الصراع بين التيارات الإسلامية، وهو يميل كل الميل إلى أن انعقاد مجلس الشورى أخرج إلى العلن الخلاف المكتوم داخل طيات التنظيم لردح من الزمان، مشيراً إلا ما وصفه باختراق التنظيم للأجهزة الأمنية و”توظيف وجوده من أجل السلطة”، لكن خالد سلك بالضرورة لم ينطلق في ذلك الاهتمام بخلافات الوطني من خانة المشفق، وإنما صادفت تلك الأجواء هوى في نفسه، وهو تقريبًا أكثر ما يخشاه عودة الحزب – المحظور في نظره – لينازله بعد كل حفلات الشيطنة التي جرت أثناء سنوات الانتقال، فيا لها من منازلة لا يطيقها وربما لم تتصورها قوى الحرية والتغيير في أسوأ كوابيسها.
منتصف هذا الشهر حسم رئيس مجلس الشورى المكلف عثمان محمد يوسف كبر الجدل ببيان مُقتضب مفاده رفع جلسات المؤتمر في دورته التاسعة لوقت لاحق، حيث كلف هيئة مجلس الشورى بمواصلة مساعيها للتوفيق بين الأطراف المتنافسة، وذلك تقديراً للظروف التى تمر بها البلاد، وتتطلب وحدة الصف، كما جاء في البيان المقتضب.
وحملت الأخبار أيضاً عن اتفاق بين رئيس الشورى المكلف عثمان كبر والمهندس إبراهيم محمود حامد ومولانا أحمد محمد هارون على دخول اجتماع مجلس الشورى بروح وصفوها بالتوافقية والوثابة، وذلك لأجل وحدة صف الحزب وجمع كلمته وإبراز وتجسيد قيمة الاحترام المتبادل بين الإخوة الأشقاء، وأضاف البيان “تنعقد جلسة مجلس الشورى وفقاً للضرورة التي تقدر بقدرها حسب الموعد المحدد لها من قبل وربما يزيد ذلك التاريخ قليلاً أو ينقص قليلاً” دون أن يقدم ذلك البيان حيثيات ومداولات الحوار الذي جرى بين (هرون – محمود – كبر) في جلسات الأيام الثلاثة والالتزامات التي تم الإتفاق عليها.
لا صوت يعلو فوق معركة الكرامة
بالنسبة للمجموعات الإسلامية المقاتلة تحت قيادة الجيش فقد اختارت الصمت، أو التململ، لغةً للتعبير عن مواقفها، وبدا لسان حالها أقرب إلى تقدير الأمر بأن هذه فتنة عصم الله منها بنادقهم فليعصمموا منها ألسنتهم، إذ لا صوت يعلو فوق صوت معركة الكرامة.
لكن ظاهر الخلاف ليس طارئاً كما يبدو، خصوصاً وأن الجدل حول تغيير الإسم أو الاستغناء عن المؤتمر الوطني نهائياً باعتباره يعبر عن مرحلة انقضت، ولازال مسكوناً بـ(جرثومة الماضي) كان أقرب لرأي مجموعة علي كرتي، أو قيادة الحركة الإسلامية،، في الوقت الذي يرى فيه التيار الآخر بأن المؤتمر الوطني بمسماه القديم هو الأقرب إلى مزاج الجماهير، وأنه حزب عصي على النسيان، ولم تهز شجرته أيادي الثورة المصنوعة، وذلك منذ أن كان وعاءاً جامعاً يتغذى من المؤتمرات القاعدية، ويعتقد هذا التيار أن دعم قيام حزب حركة المستقبل للإصلاح والتنمية، هو جزء من محاولة قيادة الحركة لطمر المؤتمر الوطني.
مَن طبخ السُم للملك؟
بعد وفاة الشيخ الزبير أحمد الحسن آلت مقاليد أمانة الحركة الإسلامية إلى مولانا علي كرتي، وكان هو أحد النواب ممن لم يطالهم السجن، فكل الذين عرضت عليهم أمانة التكليف حينها رفضوا حملها وأشفقوا منها، لسبب أو لآخر، فحملها هو وانخرط في أول مهمة ذات طبيعة سياسية وتنظيمية، وهى تجنب المواجهة مع القوات النظامية والكتلة الثائرة حينها، من خلال السيطرة على المغامرين من عضوية الحركة، ممن لهم تواصل مع الأجهزة النظامية، إلى جانب العمل على توحيد الشتات الإسلامي، ليأخذ بعيد ذلك عنوان التيار الإسلامي العريض، وقد رافقته في خلوته السرية أشواق قديمة، كان يفتل على جديلتها الدكتور الترابي، أدواته الظاهرة تسجيلات صوتية مشفوعة بالصبر على المكاره والعودة للمجتمع كأصل في الدعوة وتربية الفرد ومن ثم تجديد البيعة، يرفع شعار “كلنا عطاء” ويتجنب طريق “من جماجمنا ترسى زواياه”، لكنه اصدم بحرب آل دقلو من جهة، وصحوة المجموعة الأخرى، الموسومة بالمكتب القيادي للمؤتمر الوطني، وهي مجموعة مؤثرة وتشعر بالغدر وأن ثمة من طبخ السُم للملك بقصد وراثته من داخل اللجنة الأمنية.
هذا وقد رشحت معلومات لم نتأكد من دقتها أن رئيس الحزب السابق عمر البشير خاطب جلسة الشورى الأخيرة (تتضارب المعلومات حول انعقادها من عدمه) برسالة صوتية مسجلة، والتي قيل أنها انعقدت بنسبة حضور بلغت 87% واعتمدت هارون رئيساً مفوضاً للحزب، الذي جدد دعمه للقوات المسلحة ووحدة البلاد، وانعقد الاجتماع بصورة سرية، وسط خلافات حادة تهدد بالانقسام.
قيادة جديد وفكر جديد
وبينما يرى عضو الحزب حاج ماجد سوار – الذي يؤيد رأيه قطاع واسع من عضوية الحزب والحركة – أن مرحلة ما بعد السقوط، وما بعد الحرب، تتطلب قيادة جديدة وفكر جديد، وكذلك الحركة، فهو يستحسن قرار تأجيل النظر في موضوع مشروعية رئيس الحزب بين أحمد محمد هارون وإبراهيم محمود حامد، وذلك حتى يتفرغ الجميع لحسم معركة الكرامة التي يخوضها كل الشعب السوداني مع قواته المسلحة ضد مليشيا آل دقلو الإرهابية، والتي قدمت فيها عضوية الحزب من الطلاب و الشباب والشيوخ أرتالاً من الشهداء و الجرحى والمفقودين، فيما لا يزال عشرات الآلاف منهم يخوضون المعارك في كافة الجبهات والمحاور.
وطالب سوار أيضًا بتنحي جميع القيادات السابقة، خاصة الذين كانوا يتولون قيادة الحزب والدولة لحظة سقوط النظام، والدفع بقيادة جديدة جُلَّها من الشباب (دون الأربعين)، إلا أن القيادي بالحزب والحركة أمين حسن عمر يبدو أقرب إلى دعم حسم هذا الخلاف وفقاً للوائح والنظم الداخلية، ما يعني أن خطوة انعقاد الشورى صحيحة، وقد رد أمين على الذين هاجموا هارون بقوله إنه رجل فِعال وليس بقوال، وأضاف أمين “مولانا أحمد هارون رجل فعال وليس بقوال والناس يخشون الأول ولا يأبهون بالآخر، لذلك تتناوشه أسهم العدو البعيد، وأحيانا أسهم الصديق القريب”.
احتراق طائر الفينيق
لدى الكاتب الصحفي محمد عثمان إبراهيم وجهة نظر مختلفة في تشريح الأزمة داخل حوش المؤتمر الوطني، تبدو أكثر تفاؤلاً، حيث كتب مو قائلًا: “أزمة المؤتمر الوطني الأخيرة أعادت للصراع السياسي وطنيته ونزاهته وبريقه” مشيراً إلى أنه لأول مرة منذ سنوات يحدث مثل هذا الإختلاف بين التكتلات والمؤسسات على خطوط اللوائح والبرامج والمواقف السياسية، دون أن يتدخل بين الأطراف السفير السعودي أو أي سفير آخر!
عموماً إذا كانت الشورى قد انعقدت واختارت أحمد هارون رئيساً، أو لم تنعقد للظروف المُشار إليها، فهى على كل حال قد أجّلت خلافتها دون أن تحسمها بالمرة، وهى مسألة يراها البعض طبيعية، ودليل عافية تنظيمية، بينما يراه البعض الأخر أزمة حقيقية ربما تعصف بوحدة الحزب، وعلى الأرجح أن الشورى الراتبة قد انعقدت في مكانٍ ما، واختارت هارون رئيساً بدعم من الرئيس السابق عمر البشير، ثم أجلت بقية الموضوعات، أو بالفعل نجحت في تجاوز حقل الألغام بالتوافق على خارطة الطريق، لكن الحقيقة بنت الجدل دائماً، في الغالب سوف تتكشف خلف سطور ما يمكن أن يصدُر من بيانات، لتشد على شعرة معاوية بين الأقطاب المتنافسة، والتي أخرجت الحزب الذي كان حاكماً، من رماد صمته كطائر الفينيق، ليتأهل مرة أخرى للنهائي، أو يخرس إلى الأبد.
المحقق – عزمي عبد الرازق
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: المؤتمر الوطنی إبراهیم محمود مجلس الشورى أحمد هارون
إقرأ أيضاً:
انطلاق اعمال المؤتمر الوطني الأول للطاقة في اليمن
انضم إلى قناتنا على واتساب
شمسان بوست / سبأنت:
انطلقت في العاصمة المؤقتة عدن، اليوم الأربعاء، أعمال المؤتمر الوطني الأول للطاقة في اليمن، بحضور عضو مجلس القيادة الرئاسي، الدكتور عبدالله العليمي باوزير، ورئيس مجلس الوزراء، سالم صالح بن بريك.
ويشارك في المؤتمر المنعقد على مدى يومين تحت شعار (الطاقة المستدامة من أجل تعافي اليمن)، عدد من ممثلي الدول الشقيقة، والصديقة، والسفراء، وشركاء اليمن في التنمية.
وفي افتتاح المؤتمر، القى دولة رئيس الوزراء كلمة، رحب في مستهلها بالمشاركين في المؤتمر.. ناقلاً اليهم تحيات الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، وأعضاء المجلس، ومباركتهم لعقد هذا المؤتمر، وتمنياتهم له بالنجاح في تحقيق الأهداف المتوخاة منه.
وأوضح، ان شعار المؤتمر يعبّر عن مرحلة جديدة، عنوانها العمل الجاد، والقرارات الشجاعة، وبداية التحول الحقيقي في واحد من أعقد الملفات التي أثقلت كاهل أبناء شعبنا لعقود طويلة.. لافتاً الى إن مشكلة الكهرباء في اليمن ليست أزمة عابرة، ولا ظرفاً طارئاً، ولا نتيجة فقط للحرب التي اشعلتها مليشيا الحوثي، بل هي مشكلة مزمنة، تراكمت عبر سنوات طويلة بسبب غياب التخطيط، وضعف الإدارة، وتآكل البنية التحتية، وسوء الحوكمة، والتدخلات السلبية التي حرمت هذا القطاع من التطوير.
وقال ” جميعنا ندرك أن المواطن دفع ثمن هذه الأزمة يوماً بعد يوم، ومع كل انقطاع ومعاناة، ولهذا، فإن الحكومة لا تبحث اليوم عن حلول ترقيعيه مؤقتة، ولا عن مسكنات تخفف الألم لساعات أو أيام.، بل تسعى إلى حلول جذرية، شاملة، ومتكاملة، تُعيد بناء هذا القطاع على أسس سليمة، وتضمن استدامته، وتوفّر خدمة كهربائية مستقرة، وآمنة، لأبناء شعبنا”.
وأشار بن بريك، الى إن إصلاح الكهرباء ليس مهمة فنية فقط، بل قرار سياسي واقتصادي وطني يتطلب إرادة قوية، وتكاتف مؤسسات الدولة، والتزاما كاملاً بمسار الإصلاحات الشاملة وخطة التعافي الاقتصادي، وبتكاتف الجميع على مستوى الدولة والحكومة والسلطات المحلية..لافتاً الى ان هذا المسار والخطة لن تسمح باستمرار الاختلالات الماضية، ولن تقبل بتكرار الأخطاء، ولن تبقي القطاع رهينة العشوائية والفوضى.
وأضاف ” نحن اليوم نمضي نحو إصلاحات مؤسسية ومالية وتشغيلية تعيد الانضباط والشفافية، وتفتح الباب أمام الاستثمار، وتوفّر بيئة تنافسية عادلة تجذب الشركاء الإقليميين والدوليين”.
وتابع ” لقد واجهنا خلال السنوات الماضية تحديات استثنائية أثرت على البنية التحتية لقطاع الكهرباء، وخلقت فجوة واسعة بين الاحتياجات الفعلية والقدرات المتاحة، ومع ذلك، ورغم قسوة الظروف، لم تتراجع الحكومة عن مسؤولياتها، ونعمل بإصرار على تنفيذ إصلاحات جوهرية، بعد ان شخصنا بدقة الاختلالات واليات معالجتها ووضعنا مسار عملي لتجاوزها بدعم من شركاؤنا من الاشقاء والأصدقاء”.
وأكد، ان العام القادم 2026م سيكون هو عام الطاقة والكهرباء لتحقيق اختراق نوعي في هذا القطاع.
وأعلن دولة رئيس الوزراء، عن حصول الحكومة اليمنية على دعم استراتيجي من دولة الإمارات العربية المتحدة متمثل بتنفيذ مشاريع استراتيجية وحيوية في قطاع الكهرباء في عدن والمحافظات المحررة بقيمة مليار دولار.. موضحاً ان هذا الدعم النوعي جاء خلال زيارته الأخيرة إلى أبو ظبي ولقائه بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، الذي أكد بوضوح لا لبس فيه – أن وقوف الإمارات مع اليمن ليس التزاماً سياسياً فحسب، بل واجبٌ أخويٌّ وتاريخي لا تراجع عنه.
وقال ” إن هذا الدعم السخي لا يمثل مجرد دعم مالي، بل هو رسالة قوة وثقة بأننا ماضون في الطريق الصحيح، وأن العالم يرى بوضوح أن الحكومة تتخذ القرارات الشجاعة وتمضي في إصلاح جذري لقطاع عانى طويلًا من الإهمال والفوضى”.
وأشار الى إن هذا الدعم يشكّل منعطفًا حاسمًا في مسار إعادة بناء قطاع الطاقة، ويمهّد لإطلاق مشاريع إنتاج ونقل وتوزيع قادرة على إحداث تغيير حقيقي في حياة المواطنين، والانتقال من إدارة الأزمات إلى صناعة الحلول الدائمة والمستدامة.. متوجهاً بالشكر لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، على دعمه المتواصل لليمن وشعبها.
وأشاد بن بريك، بالموقف التاريخي والثابت للمملكة العربية السعودية، التي كانت – ولا تزال – الركيزة الأولى لدعم الاقتصاد اليمني وحماية مؤسساته من الانهيار، ودورها في دعم صمود قطاع الكهرباء في اليمن..موضحاً ان المملكة قدمت خلال السنوات الماضية دعماً استثنائياً لم يقتصر على المعونات والوقود، بل شمل برامج تنموية وهيكلية ساعدت الدولة على البقاء، وكان دعمها لقطاع الكهرباء مسؤولاً… بدءًا من منح الوقود المستمرة، مروراً بتمويل مشاريع إنتاج الطاقة والبُنى التحتية، ووصولًا إلى دعم الموازنة العامة للدولة خلال هذه المرحلة الحساسة، الأمر الذي ساعد الحكومة على الاستمرار في أداء واجباتها تجاه الشعب المواطنين.
وأضاف “ختاماً لهذا المسار الحافل من المواقف الأخوية الأصيلة، قدّمت المملكة مؤخراً منحة مشتقات نفطية بقيمة 81 مليون دولار مخصّصة لقطاع الكهرباء، وذلك ضمن برنامج دعم الموازنة العامة”.
كما ثمّن الشراكات الفاعلة مع البنك الدولي ومؤسسات التمويل الدولية، وشركاؤنا في التنمية في هذا القطاع.
وطرح رئيس الوزراء، رؤية الحكومة المستقبلية بعيدة المدى لقطاع الطاقة، والتي تنطلق من التحول نحو الطاقة المتجددة كخيار استراتيجي لا ترفاً بيئياً، وإعادة هيكلة مؤسسات الكهرباء بما يحقق الكفاءة والحوكمة الرشيدة، وتطوير شبكات النقل والتوزيع، والحد من الفاقد، وتحديث الأنظمة القديمة، إضافة الى تشجيع استثمارات القطاع الخاص في مشاريع الإنتاج المستدام، ووضع حد نهائي للأعباء الثقيلة التي تتحملها المالية العامة بسبب الاعتماد على الوقود التقليدي.
وأكد توجه الحكومة نحو التحول الجذري إلى الطاقة المتجددة باعتبارها الطريق الأكثر استدامة لمواجهة أزمة الكهرباء وتقليل الأعباء المالية وتعزيز أمن الطاقة، إضافة إلى دورها الحيوي في رفع قدرة اليمن على التكيف مع التغير المناخي الذي يهدد المجتمعات والبنى التحتية على حد سواء، وتوسعة الاستثمار في مشاريع الطاقة الشمسية والرياح وغيرها.. متعهداً بالانفتاح الواسع على الشراكة مع القطاع الخاص، بالاستناد إلى وثيقة سياسة الشراكة بين القطاعين العام والخاص التي أقرها مجلس الوزراء مؤخراً، وتمثل إطاراً وطنيًا عصرياً لجذب الاستثمارات وتنظيمها وتعزيز الشفافية والحوكمة.
وقال ” إننا نؤمن بأن القطاع الخاص شريك أساسي في بناء قطاع طاقة حديث ومستدام يخدم الوطن والمواطن”.
ووجه دولة رئيس الوزراء، رسالة لشركاء التنمية، بأن اليمن اليوم يفتح صفحة جديدة من العمل الجاد، والإصلاحات المسؤولة، والشفافة..داعياً الجميع إلى الوقوف معه في هذا الطريق الذي يمثل استثماراً في مستقبل المنطقة بأكملها، وليس في اليمن وحده.
وقال” إننا ندرك أن الطريق ليس سهلاً، لكننا على يقين أن البداية الصحيحة، مهما كانت صعبة، أفضل من الاستمرار في دائرة الفشل المتكرر”.
وشدد على ان الحكومة لن تسمح بعودة الحلول الترقيعيه، وأن يكون هذا القطاع رهينة للأزمات والقرارات المؤجلة..وقال ” نحن نضع أساساً لمستقبل مختلف، مستقبل تتحول فيه الكهرباء من عبء على الدولة إلى محرك للتنمية”.
وأضاف ” إن هذا المؤتمر ليس مجرد فعالية حكومية، إنه إعلان وطني أن اليمن قرر أن ينهض، وأن يبدأ إصلاحاً صادقاً وشجاعاً في أهم قطاع يرتبط بحياة كل مواطن”.
وجدد رئيس الوزراء في ختام كلمته الترحيب بكل المشاركين.. مؤكداً أن كل توصية وكل فكرة ستكون جزءاً من مسار إصلاح حقيقي تتبناه الحكومة بكل التزام ومسؤولية.. وقال “نعول على مخرجات هذا المؤتمر لوضع الأسس الفنية والتشريعية التي ستقود قطاع الطاقة نحو الاستدامة، وستسهم في بناء يمن آمن ومستقر ومتعافٍ اقتصادياً”.
وأكد عضو مجلس القيادة الرئاسي، الدكتور عبدالله العليمي باوزير، في تصريح اعلامي خلال حضوره افتتاح المؤتمر، ان انعقاد المؤتمر الوطني الأول للطاقة في مدينة عدن خطوة مفصلية تعكس جدية الدولة والتزام الحكومة في المضي قدماً نحو إصلاح شامل وجذري لقطاع الكهرباء، باعتباره أحد أكثر القطاعات ارتباطاً بحياة المواطنين واستقرارهم، وأحد أعمدة التعافي الاقتصادي والتنمية المستدامة.. موضحاً إن مجلس القيادة الرئاسي ينظر إلى هذا المؤتمر باعتباره منصة وطنية جامعة، تهدف إلى توحيد الرؤية وتنسيق الجهود بين مؤسسات الدولة والسلطات المحلية والقطاع الخاص وشركاء التنمية، لوضع حلول عملية طويلة الأمد تُنهي سنوات من التدهور والمعالجات الجزئية المؤقتة.
وثمن الدكتور عبدالله العليمي، عالياً الدعم الاستراتيجي الكبير الذي أعلنته دولة الإمارات العربية المتحدة، والمتمثل في تمويل مشاريع حيوية في قطاع الكهرباء بقيمة مليار دولار.. مشيرا الى إن هذا الدعم يعكس عمق العلاقات الأخوية، ويؤكد الموقف الإماراتي الثابت في مساندة اليمن في أحلك الظروف، ودعم مسار الإصلاحات وبناء مؤسسات الدولة.. معبراً عن خالص الشكر لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد ال نهيان رئيس دولة الإمارات على هذا الدعم لقطاع من اهم القطاعات الحيوية ملامسة للناس.
كما ثمّن عضو مجلس القيادة الرئاسي، جهود دولة رئيس الوزراء سالم صالح بن بريك في إطلاق مسار إصلاحي جاد يعيد لهذا القطاع حيويته، مؤكداً أن هذه الخطوات تمثّل بداية حقيقية لمعالجة أحد أعقد الملفات التي أثقلت كاهل المواطن اليمني.
وأشاد الدكتور عبدالله العليمي، بالمواقف التاريخية للمملكة العربية السعودية في دعم اليمن واقتصاده، وقطاع الكهرباء، والموازنة العامة، امتدادا لجهودها المستمرة في الوقوف الى جانب الشعب اليمني في مختلف الظروف والاحوال.. لافتاً الى إن هذا الزخم من الدعم الأخوي، مقرونًا بالإرادة الصادقة للإصلاح، يمهد لتحول حقيقي في قطاع الطاقة، ويرسّخ مساراً وطنياً لا رجعة عنه نحو بناء قطاع حديث، مستدام، شفاف، وقادر على تلبية احتياجات اليمنيين وتحفيز النمو الاقتصادي.
وأكد عضو مجلس القيادة الرئاسي، دعم المجلس الكامل للحكومة في هذا المسار، وثقته بأن مخرجات هذا المؤتمر ستشكل ركيزة مهمة لرسم سياسات مستقبلية فاعلة تُسهم في بناء يمن أكثر استقرارًا وتنميةً وازدهارًا.