ثار لغط كثير حول فقرة في مقال البرهان في وول ستريت جورنال ورد فيها استحضار لتاريخ السودان وأن السودانيين اليوم هم امتداد لمملكة “كوش التوراتية”.
وقد فهم كثر من ذلك أن البرهان -أو أيا كان من كتب له المقال- يقصد بذلك يهودية مملكة كوش أو معنى مقارب لهذا؛ وهذا سوء فهم نتج عن الترجمة واختلاف المعنى والاستخدام بين الانجليزية والعربية فيما يبدو.


النسبة “توراتية: أصلا غير صحيحة وغير مطابقة لكلمة
Biblical
التي استخدمت في المقال، ببساطة لأن التوراة جزء صغير من كتاب ضخم هو الكتاب المقدس
Bible
المكون من العهد القديم والعهد الجديد
التوراة جزء من العهد القديم وليست كله
فكلمة
Biblical
هي نسبة للكتاب المقدس لا للتوراة؛ لكن قد شاع ترجمتها بالتوراتي في العربية وهو خطأ شائع
ثم إن هذه النسبة في اللغة الانجليزية لا تعني الانتماء وإنما مجرد الذكر في الكتاب المقدس؛ نسبة ذكر لا نسبة أصل وانتماء؛ ففرعون موسى مثلا يشار إليه بأنه ملك توراتي
Biblical king
واسم رحيل أو
Rachel
في النسخة الانجليزية يعتبر كذلك اسما توراتيا لذكره في الكتاب المقدس وهو اسم أم يوسف
وهكذا
فكاتب المقال لم يرد بهذه النسبة أكثر من أن مملكة كوش السودانية القديمة وملكها تهارقا قد ذكرا بالاسم في الكتاب المقدس مرتين: في سفر الملوك وفي سفر إشعيا؛ وهذه حقيقة يمكن التأكد منها بمراجعة الكتاب المقدس؛ وقد ذكر تهارقا بالمدح والتمجيد له ولمملكته العظيمة في هذين السفرين
هذا كل ما في الأمر ويعرفه العارفون بالانجليزية الرسمية وخطاباتها؛ وليس المفهوم منه أن السودانيين عبرانيون أو ان كوش يهودية ولا يفهم ذلك أحد من الخواجات المخاطبين بالمقال أصلا.
Hani Hussein

إنضم لقناة النيلين على واتساب

Promotion Content

أعشاب ونباتات           رجيم وأنظمة غذائية            لحوم وأسماك

2025/11/28 فيسبوك ‫X لينكدإن واتساب تيلقرام مشاركة عبر البريد طباعة مقالات ذات صلة ليست هدنة بل مشروع إنقاذ للمليشيا2025/11/28 علي يوسف: إسلاميو السودان ليسوا جزءا من المنظومة الدولية للإخوان2025/11/28 كنت هناك.. ليلة السودان2025/11/28 قيادات صمود والهروب من الأسئلة الإستراتيجية2025/11/28 خارطة بولس/ الإمارات.. تسليم السودان للوصاية الأجنبية!!2025/11/28 موكب الفخامة إلى خيام النزوح …!2025/11/28شاهد أيضاً إغلاق رأي ومقالات الرقص علي العامود: سردية الكمبرادور دعوة مفتوحة للغزاة 2025/11/28

الحقوق محفوظة النيلين 2025بنود الاستخدامسياسة الخصوصيةروابطة مهمة فيسبوك ‫X ماسنجر ماسنجر واتساب إغلاق البحث عن: فيسبوك إغلاق بحث عن

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الکتاب المقدس

إقرأ أيضاً:

البرهان يطلق النار على قدميه

أحمد عثمان جبريل

في اليوم الذي اختار فيه الفريق عبد الفتاح البرهان أن يكتب مقاله في صحيفة وول ستريت جورنال، بدا وكأنه يمدّ يده إلى واشنطن ليطلب منها شهادة براءة سياسية، بينما يده الأخرى ما تزال مغطاة بغبار الحرب التي أشعلتها حساباته الضيقة. كتب مقاله محاولًا إعادة تدوير نفسه في نظر العالم، لكنه في الحقيقة لم ينجح إلا في إطلاق النار على قدميه، كاشفًا مدى هشاشة روايته، وتآكل شرعيته، وتورطه العميق في إنتاج المأزق الذي يعيشه السودان اليوم.

حين يضيق العقلُ عن مواجهة الحقيقة، يهرب إلى تزييفها

 أبو حيان التوحيدي

(1)

بدأ المقال محاولة لإعادة رسم صورة البرهان كـ«رجل دولة» يقود معركة وطنية ضد ميليشيا متمردة، لكن هذه السردية تنهار تماما بمجرد مقارنتها بالمسار السياسي الذي سبق الحرب.. فالبرهان هو ذاته الذي عطّل عملية الانتقال المدني، وأجهض الاتفاق السياسي الإطاري، وفتح الباب لتمدد الإسلاميين داخل الجيش.. تجاهل هذه الحقائق في مقاله ليس ذكاءً سياسيًا، بل تأكيداً على أن الرجل يهرب من ظله.

(2)

يقدّم البرهان الحرب كقدر محتوم اضطر إليه الجيش، بينما يعلم السودانيون أن الشرارة الأولى سبقتها شهور طويلة من المناورات والمماطلات في ملف الإصلاح الأمني والعسكري.. تجاهل هذه الحقيقة الواضحة في مقاله هو شكل من أشكال التزوير الأخلاقي؛ فالحرب لم تكن قدَرًا، بل خيارًا صنعته قيادة لا تريد إعادة هيكلة جيش فقد استقلاله لمصلحة دولة موازية يقودها الإسلاميون.

(3)

الواقع ان ذلك المقال الذي احتفى به أبواق الكيزان، مكتوب بلغة علاقات عامة مصقولة، لا تشبه الرجل ولا خطابه السوداني المعتاد.. بدا وكأن إحدى شركات (لوبي الضغط) في واشنطن هي التي كتبت النص، ونقحته بعناية ليتوافق مع المزاج الأميركي.. لكنه رغم ذلك، فشل في استيفاء الحد الأدنى من الإقناع؛ لأن واشنطن تعرف جيدًا ما يحدث داخل الجيش، وتملك معلومات تفصيلية عن حجم نفوذ الإسلاميين، وعن طبيعة قرارات البرهان. لذلك، فإن المقال لم يخاطب وعي الأميركيين بقدر ما كشف أزمة قائله.

(4)

لقد تجاهل البرهان في مقاله، حقيقة أن الجيش لم يعد مؤسسة وطنية صافية، بل أصبح رهينة جماعة ظلت لعقود تتغلغل في مفاصله، وتعيد تشكيله لخدمة مشروعها الأيديولوجي.. وهذا التجاهل بحد ذاته لم يكن سهوًا، بل حسابًا سياسيًا بائسًا يظن أن الغرب ربما يغض الطرف عن الإسلاميين مقابل إضعاف الدعم السريع.. لكن الغرب لم يعد يشتري هذه المقايضات الرخيصة، ولا يقبل إعادة تدوير نفس القوى التي أسقطتها ثورة ديسمبر العظيمة.

(5)

محاولة البرهان تحميل الدعم السريع كامل مسؤولية المأساة السودانية ليست سوى نصف الحقيقة، والنصف الآخر أخفاه عمدًا (غياب القيادة، وارتباك القرارات العسكرية، وانقسام المؤسسة، وفشل تقدير اللحظة السياسية). فالحرب لم تكن لتبلغ هذا المستوى من الوحشية لو كان الجيش موحدًا، ولو كانت هناك قيادة سياسية وعسكرية مسؤولة.. لذلك قدم البرهان نصف الحقيقة، لأنه يعلم أن ذكر النصف الآخر كفيل بتحويل مقاله إلى اعتراف مدوٍ وخطير.

(6)

المقال قدّم رسالة مبطّنة مفادها أن الجيش يقاتل «بالنيابة عن العالم» وهي العبارة التي فقدت قيمتها منذ زمن طويل.. ففي نظر المجتمع الدولي، الحرب في السودان ليست معركة قيمية بين (الخير والشر) بل نتيجة مباشرة لصراع نفوذ داخل مؤسسة مأزومة.. بهذا المعنى، فإن محاولة البرهان وضع نفسه في موقع «حامي الديمقراطية» ليست فقط محاولة مضحكة، بل إهانة لوعي السودانيين الذين يعرفون تمامًا من أفشل ديمقراطيتهم الوليدة.

(7)

الخطير في المقال ليس ما قاله البرهان، بل ما حاول إخفاءه وهو: “خوفه من العزلة الدولية، فقدانه السيطرة الداخلية، وتراجع رصيده داخل الجيش نفسه”.. بدل الاعتراف بهذه الحقائق، اختار مهاجمة خصومه، والتظاهر بأن العالم لا يرى ما يجري.. لكنه بهذا الأسلوب، كشف أكثر مما ستر، فقد بدا كرجل يكتب من زاوية أنه يعاني من حصار سياسي، لا من موقع قوة.

(8)

أما بالنسبة للقارئ السوداني، المقال يُقرأ بوصفه حلقة جديدة في سلسلة «الهروب من المسؤولية» التي مارسها البرهان منذ انقلاب أكتوبر.. وهو اليوم، بعد أن أوصل البلاد إلى واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية في القرن الحادي والعشرين، يحاول أخيرًا أن يقدّم روايته للعالم.. ولكن من كتب المقال لا يعلم أن الوعي السوداني أصبح قادرًا على فرز الروايات، وتمييز من يخدم البلاد ممن يخدم مصالح بقايا الدولة العميقة.. لذلك يمكن القول إن مقاله لن يغيّر وعي الداخل، لكنه سيُستخدم كدليل إضافي على إخفاق قيادته.

(9)

بقي أن نقول في محصلة كل ذلك أن (المقال الضجة) لم يكن إعادة تموضع استراتيجيًا كما أراد كاتبه، بل سقوط أخير في اختبار الصدق السياسي.. أراد به البرهان أن يظهر كقائد يملك رؤية، فإذا به يكشف أنه يملك فقط خوفًا متصاعدًا من فقدان الاعتراف الدولي.. أراد أن يقدّم نفسه كحامي السودان، فإذا به يثبت أنه أحد أبرز صانعي المأساة..

لقد كتب مقاله ليقنع العالم، لكنه أقنع السودانيين بأن الرجل الذي يدير البلاد اليوم لا يطلق النار على خصومه فقط، بل يطلق النار على قدميه، ويمضي في السير بقدمين تنزفان. إنا لله ياخ.. الله غالب

الوسومأحمد عثمان جبريل

مقالات مشابهة

  • وول ستريت جورنال: فرنسا تعيد إحياء الخدمة العسكرية تحسبا لمواجهة روسيا
  • الكاهن في وول ستريت
  • البرهان يطلق النار على قدميه
  • ‏الحقيقة التي لم يذكرها البرهان في وول ستريت جورنال..!‏
  • مقال البرهان في صحيفة وول ستريت جورنال
  • خالد عمر: البرهان في مقاله لـ «وول ستريت جورنال» يستجير بإسرائيل حتى يبقى في الحكم
  • البرهان في مقال لـ «وول ستريت جورنال»:السلام الحقيقي في السودان لن يتحقق عبر النصر العسكري
  • البرهان يكتب لوول ستريت جورنال عن حرب السودان
  • هؤلاء ان لم يتم قطع دابرهم ونسلهم لن ينعم السودان بالامان