أوهام التيار القومي حول معجزة ترامب في العراق
تاريخ النشر: 23rd, November 2024 GMT
آخر تحديث: 23 نونبر 2024 - 9:19 صبقلم:سمير عادل أتباع التيار القومي، الذين لا حول لهم ولا قوة، يرقصون فرحا بفوز دونالد ترامب في الانتخابات الأميركية، ويعتقدون إلى حد الغرق بأوهامهم، أنَّه السوبرمان المرتقب الذي سوف يغيّر الأوضاع في العراق لصالحهم، على حساب النفوذ الإيراني، ومن ثم صعود نجمهم عبر دعم الدول الإقليمية في المعادلة السياسية في العراق.
وسيُنشر مقال مفصل، قريبا، (ترامب ومكانة الولايات المتحدة الأميركية) عن السياسات الخارجية لإدارة ترامب التي هي رؤية سياسية محددة داخل الطبقة الحاكمة الأميركية، يعكسها ترامب كممثل لتيار في الحزب الجمهوري في هذه المرحلة، ويجب النظر إلى سياسة الإدارة الجديدة من خلال مكانة ومصالح الأمن القومي للولايات المتحدة في المنطقة.مسألتان ثابتتان في سياسة الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري، وأيا كان ممثلهما في هذه المرحلة؛ لا خطط لإسقاط النظام السياسي في إيران ولا حل للقضية الفلسطينية عبر تأسيس دولة الفلسطينيين المستقلة، وسيكون هناك دعم أكبر من إدارة ترامب لسياسات إسرائيل العسكرية والأمنية في المنطقة. اغتيال قاسم سليماني مسؤول فيلق القدس الإيراني في محيط مطار بغداد في بداية عام 2020، هو نقطة الارتكاز في نشر الأوهام لهذا التيار في العراق. وغير ذلك فليس هناك أي شيء في جعبة هذا التيار.خلال أربع سنوات من إدارة ترامب 2017-2020، وخلال أشهر انتفاضة أكتوبر منذ اندلاعها عام 2019، لم تحرك الولايات المتحدة ساكنا سوى التعبير عن “قلقها” أسوة ببقية البعثات الدولية تجاه الممارسات القمعية لحكومة عادل عبدالمهدي ضد المتظاهرين، مع الأخذ بنظر الاعتبار، فإنَّه بقدر ما كانت السفارة الإيرانية تستقبل عددا من المندسين في صفوف المتظاهرين من “أبنائها” الذين كانوا يعملون طابوراً خامساً في الانتفاضة وهم معروفون عند ساحات الانتفاضة، وقد فضح أمرهم بعد ذلك، وبالقدر نفسه كانت السفارة الأميركية تستقبل هي الأخرى “أبناءها”* وهم من كانوا يتوهمون بسياستها ويرفعون التقارير عمّا وصلت إليه التظاهرات. يعزو التيار القومي، الفقر بشكل عام وإفقار الطبقة العاملة وعموم الجماهير الكادحة في العراق، والفساد والقمع والاستبداد إلى النفوذ الإيراني وعملائه من الميليشيات في العراق، في حين يحاول وبشكل واع ومغرض وممنهج التعمية على أنَّ كل الويلات التي أصابت جماهير العراق هي بسبب علاقات الإنتاج الرأسمالية القائمة على استغلال العمال واستثمار قوة عملهم ورمي الفُتَاتِ لهم من الخيرات التي ينتجوها. ولم يكن النظام البعثي – أحد أجنحة التيار القومي – الذي كان يقوده صدام حسين اشتراكيا كما يحاول أصحاب “الورقة البيضاء” في حكومة مصطفى الكاظمي تسويقها لنا لتبرير خصخصة الخدمات والمحروقات والتعليم ومصانع الدولة. إن النظام البعثي هو من عسكر المصانع أيام الحرب العراقية – الإيرانية وطبق القوانين العسكرية على العمال مثل الجلد والسجن، وأمر بمنع الحريات النقابية عبر قرار تحويل العمال إلى موظفين في القطاع العام عام 1987، وانتهاءً بالتمويل الذاتي خلال سنوات الحصار الاقتصادي في التسعينات من القرن الماضي لرفع الإنتاجية من خلال تشديد ظروف العمل وغير ذلك.
أي بشكل آخر، التيار القومي المهزوم منذ إسقاطه، عبر الحرب واحتلال العراق، يحاول حصر كل ما يحدث في العراق، بوجود النفوذ الإيراني وتمدده القومي بالغلاف الإسلامي فقط. بالنسبة إليْنا، الفارق بين التيار القومي الذي يعلق آماله في العراق على إدارة ترامب، ومتمنيا أن يحالفه الحظ، مثلما حالف الحظ عصابات طالبان بعودتها إلى السلطة بمساعدة إدارة جو بايدن، وبين التيار الإسلامي، هو أنَّ الأخير يمثل جناحا من أجنحة الطبقة البرجوازية أسوة بالتيار القومي، ولكن بشكله المتعفن والرجعي والعائد كمنظومة فكرية وسياسية واجتماعية من العصور الوسطى أو المنقرضة.
بعبارة أخرى إنَّ التيار القومي، وهو ينفخ سياسيا بأبواق ترامب، ينسى أنَّ الجماهير في العراق قد جربته أكثر من ثلاثة عقود، ولم تجن منه سوى الحروب والفقر والمعتقلات والسجون والإعدامات، وإنَّه لا يختلف قيد أنملة عن الأحزاب الإسلامية وميليشياتها، التي لم تتغير غير بوصلة حروبها السياسية والأيديولوجية من حروب الدفاع عن الأمة العربية والبوابة الشرقية إلى حروب أهلية بعناوينها الطائفية، أي تغيير اتجاه سهام الحروب من أعداء الأمة العربية إلى أعداء الطائفة.أمّا على الصعيد الاقتصادي، فبدلا من تخمة البطون التي أصابت أفراد عائلة صدام حسين الحاكمة ومن يدور في فلكها من البعثيين والأجهزة القمعية والعشائر المرتزقة، حلت تخمة بطون متمثلة في الأحزاب الإسلامية وميليشياتها وزبانيتها من كل حدب وصوب. وعلى صعيد قمع الحريات حلت سجون ومعتقلات جديدة وسرية، على سبيل المثال وليس الحصر في مطار المثنى وبوكا وجرف الصخر والمنطقة الخضراء بدلا من الأمن العام والحاكمية والشعبة الخامسة والرضوانية وغيرها.إنَّ معضلة التيار القومي ليست مع البطالة ولا مع الاتفاقيات الاقتصادية مع المؤسسات المالية العالمية المذكورة ولا مع أحقية جماهير العراق عموما بالحرية والرفاه والمساواة، إنَّما مشكلته مع جنسية المستثمر والمُستغِل، فهو يحاول الوصول من جديد إلى السلطة عبر دعم الأميركي مثلما وصل من قبل، ومثلما وصل التيار الإسلامي إلى السلطة. لذلك نجد أنَّ نوري المالكي وحزبه وأعوانه يتحدثون هلعا عن البعثيين وعودتهم لأنهم يدركون أنَّ المطية التي أوصلتهم إلى سدة الحكم، هي نفسها، قد توصل التيار القومي (وأساسا البعثيين) من جديد إلى السلطة.وأخيرا علينا التأكيد على أنَّ سياسة ترامب لن تحرك ساكنا تجاه الأوضاع السياسية في العراق من زاوية مصالح الطبقة العاملة والتواقين إلى التحرر والمساواة، وليس هذا فحسب، بل أنَّ سعي التيار القومي إلى نشر الأوهام حول ما ستفعله إدارة ترامب، من شأنه خلق حالة انتظار في صفوف الحركات الاحتجاجية الداعية للمساواة والمدنية والتحضر وإعلاء قيمة الإنسان، وهي حالة خادعة وكاذبة أقل ما يمكن وصفها بالسراب.وعليه تتمثل مهمتنا في ما يحتم علينا التصدي سياسيا ودعائيا واجتماعيا للإسلام السياسي، ليس من زاوية نزعة المعاداة للإسلام السياسي، بل لأنه جناح من أجنحة البرجوازية القائم على الاستثمار والاستغلال للعمال. وبالقدر نفسه يجب التصدي للسياسات الأميركية التي ليس لديها خلاف مع الإسلام السياسي سوى على نسبة الحصول على حصة الأسد من فائض قيمة قوة العمال. ولقد عشنا ورأينا كيف ساعد الغزو والاحتلال هذه العصابات لتتبوأ سدة السلطة وسوقتها عالميا ليس في العراق فحسب، بل أيضا سوقت الإخوان المسلمين في مصر وتونس وسوريا أيام هبوب نسيم الثورتين المصرية والتونسية على المنطقة لاحتواء التحركات ووأدها.المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: التیار القومی إدارة ترامب إلى السلطة فی العراق
إقرأ أيضاً:
بعد 6 أشهر من التعثّر.. واشنطن تراجع استراتيجيتها في غزة
ذكر "أكسيوس" أن صور الأطفال الجوعى في غزة باتت تثير انقساماً داخل قاعدة ترامب، التي بدأت تشكّك في دعمه غير المشروط لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. اعلان
أفاد موقع "أكسيوس" الأميركي أن إدارة الرئيس دونالد ترامب بدأت بإعادة تقييم مقاربتها لملف الحرب في غزة، عقب فشل الجهود الدبلوماسية الأخيرة وتصاعد الأزمة الإنسانية، في وقت لا يزال فيه الجمود يخيّم على مفاوضات التهدئة، رغم مرور ستة أشهر على تولّي ترامب الرئاسة.
ونقل الموقع عن مشاركين في لقاء جرى يوم الجمعة بين وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، وعائلات محتجزين، أن روبيو أعرب عن الحاجة إلى "إعادة التفكير بجدّية" في الاستراتيجية الحالية، قائلاً إن الإدارة تدرس تقديم خيارات جديدة للرئيس.
تعثر سياسي
وبحسب "أكسيوس"، لم تتمكن إدارة ترامب حتى الآن من تحقيق أي اختراق في ملف غزة، لا على مستوى إنهاء الحرب ولا في إعادة الرهائن، رغم وعود سابقة أُطلقت خلال الحملة الانتخابية. في المقابل، تتفاقم الأزمة الإنسانية بشكل غير مسبوق، وتتزايد الانتقادات الدولية للولايات المتحدة وإسرائيل، اللتين تُتهمان بالمساهمة في تفاقم الوضع من خلال استمرار العمليات العسكرية وعرقلة وصول المساعدات.
وذكر التقرير أن صور الأطفال الجوعى في غزة باتت تثير انقساماً داخل قاعدة ترامب، التي بدأت تشكّك في دعمه غير المشروط لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
انهيار التهدئة
أشار الموقع إلى أن انهيار المفاوضات الأخيرة شكّل نقطة تحوّل محتملة في موقف واشنطن. فبعد ساعات من فشل الجولة، قال ترامب لدى وصوله إلى اسكتلندا: "ما حدث مع حماس أمر فظيع.. سنرى ما سيكون رد إسرائيل. لقد اقترب الوقت".
ورجّح مسؤولون إسرائيليون أن تكون تصريحات ترامب مؤشراً على تحول تكتيكي، أو ربما ضوءاً أخضر لتوسيع العمليات العسكرية.
Related ياسر أبو شباب يظهر مجدداً في "مقال رأي": الأراضي التي استولينا عليها في غزة لم تتأثر بالحربمجاعةٌ في القطاع ومعابرُ مغلقة: مستشفيات غزة تقف عاجزة وهي ترى الأطفال يموتون جوعابريطانيا تتحرّك لإسقاط مساعدات جواً فوق غزة.. و"الأونروا" تحذّر من محدودية الجدوىهامش واسع دون نتائج ملموسة
بحسب "أكسيوس"، فإن إدارة ترامب منحت نتنياهو طوال الأشهر الماضية هامشاً واسعاً للتصرف في الملف الغزّي، بما في ذلك العمليات العسكرية، ومفاوضات الرهائن، وإدارة المساعدات. ومع ذلك، لم يُسجّل أي تقدم واضح في إنهاء الصراع أو تحييد حركة حماس.
كما أشار مسؤول إسرائيلي للموقع إلى أن ترامب، في اتصالاته المتكررة مع نتنياهو، كان يقول له: "افعل ما تراه مناسباً"، بل إنه شجّعه في بعض الأحيان على "الضرب بقوة أكبر".
دعم عسكري مكثف بلا نتائج حاسمة
أضاف التقرير أن ترامب، خلافاً لسلفه جو بايدن، زوّد إسرائيل بقنابل زنة 2000 رطل، وامتنع عن توجيه انتقادات علنية بشأن الضحايا المدنيين. ومع ذلك، لم تسفر هذه الحملة المكثفة عن إنهاء وجود حماس، في حين ارتفع عدد القتلى الفلسطينيين إلى نحو 60 ألفاً، بحسب وزارة الصحة في غزة.
انقسام بشأن الصيغة التفاوضية
ونقل "أكسيوس" عن روبيو قوله خلال اللقاء مع العائلات إن النهج المرحلي الذي اعتمدته إدارة بايدن – والقائم على هدنة مقابل إطلاق رهائن – لم يكن مقنعاً، لكنه قبل به مؤقتاً مطلع العام. وأشار إلى احتمال البحث عن "مقاربة شاملة" تنهي الحرب وتؤدي إلى تحرير جميع المحتجزين.
مبادرات إنسانية مثيرة للجدل
أورد التقرير أن ترامب، رغم كونه من أوائل من حذروا من المجاعة في غزة، لم يمارس ضغوطاً حقيقية على إسرائيل لفتح ممرات إنسانية. وبدلاً من ذلك، دعم مبادرة إسرائيلية لإنشاء "صندوق غزة الإنساني" لإيصال المساعدات عبر شركة أميركية خاصة، بعيداً عن إشراف الأمم المتحدة.
لكن هذه الخطة لم تَحُل دون مقتل مئات الفلسطينيين أثناء محاولتهم الوصول إلى مراكز التوزيع، في ظل ظروف بالغة الخطورة، وفقاً لبيانات وزارة الصحة في غزة.
وفي بيان مشترك صدر الجمعة، دعت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة إلى وقف "الكارثة الإنسانية"، معتبرة أن "منع وصول المساعدات الأساسية إلى المدنيين أمر غير مقبول".
عزلة دبلوماسية واستراتيجية غير محسوم
واختتم "أكسيوس" تقريره بالإشارة إلى أن واشنطن وتل أبيب أصبحتا في عزلة متزايدة على الساحة الدولية، في ظل تحميلهما مسؤولية تفاقم الكارثة. ورغم أن بعض مسؤولي إدارة ترامب يعترفون خلف الكواليس بعدم فعالية الاستراتيجية الحالية، لم يُتخذ بعد قرار واضح بشأن التغيير.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة