يمانيون – متابعات
كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية النقاب عن تفاصيل مثيرة حول معركة قرية “عيترون” اللبنانية الجنوبية، التي وقعت قبل ثلاثة أسابيع. كانت هذه المعركة بمثابة تصدٍ شرسٍ من مقاتلي حزب الله ضد محاولة اقتحام قامت بها قوة من “جيش” العدو الإسرائيلي، حيث تحصّنت هذه القوة في مبنى مدمر داخل القرية.

وقد أسفرت المعركة عن حصار طويل واشتباكات عنيفة استمرت لما يقارب 14 ساعة.

وقبل الخوض في تفاصيل الكمين وفق شهادة الجندي المصاب، نشير الى أن العدو الإسرائيلي كان قد أعلن في 1 أكتوبر الماضي بدء عملية عسكرية برية ضد لبنان شملت غارات جوية وقصفا مدفعياً واغتيالات، لكن جيش العدو لم يتمكن حتى الآن من التمركز في أي قرية أو بلدة دخل إليها بسبب المقاومة التي يواجهها من قبل مجاهدو حزب الله، وهي الحقيقة التي تناقض ادعاءات العدو وتقزّم كل إنجازاته الميدانية، لا سيما مع حجم الخسائر المهولة التي يتكبّدها في المواجهات، وتكرّس واقع الفشل الكبير الذي يُمنى به العدو يومياً في مواجهاته مع المقاومة الإسلامية في لبنان.

وقد بلغت الحصيلة التراكمية لخسائر جيش العدو منذ بدء ما سماه “المناورة البرية في جنوب لبنان وحتى قبل أسبوع ،وفقاًُ لبيانات المقاومة، ، أكثر من 100 قتيل و1000 جريح من ضباطه وجنوده، كما تم تدمير 43 دبابة ميركافا، و8 جرافات عسكرية، وآليتي هامر، ومُدرعتين، وناقلتي جنود، وتم إسقاط 4 مُسيرات من طراز “هرميس 450″، ومسيرتين من طراز “هرميس 900”

كواليس الكمين المرعب والأكبر:
وفقًا للمراسل العسكري لصحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية يوآف زيتون، الذي أجرى لقاءً مع أحد جنود العدو الإسرائيلي الذي شارك في اشتباك عيترون وكمينها الشهير وأصيب خلاله، فإن المعركة تعتبر الأطول والأكثر دموية التي خاضها جيش العدو الإسرائيلي في جنوب لبنان، حيث أدت إلى مقتل 6 جنود صهاينة وإصابة 14 آخرين بجروح متفاوتة. (الحصيلة متوافقة مع العدد المعلن عنه رسمياً من قبل جيش العدو، مع الإشارة إلى فرض العدو سياسة الحظر الإعلامي).

تجسدت اللحظة الدرامية التي ستظل عالقة في أذهان المشاركين، من خلال مشهد إنقاذ أحد جنود العدو المصابين، وهو “إيتاي فوكس”، البالغ من العمر 24 عامًا. حيث حاول المقاومة من خلال رفع قبضته أثناء عملية إنقاذه، في محاولة لتقليل آثار الهزيمة والخسائر التي تكبدها الجيش العدو الإسرائيلي في هذه المعركة المؤلمة.

كمين عيترون
خلال هذه المعركة، لقي 6 جنود صهاينة من لواء “ناحال الشمالي ألون 228” مصرعهم، واستمرت الاشتباكات مع تبادل إطلاق النار وإلقاء القنابل اليدوية، بالإضافة إلى عمليات التفتيش المعقدة لإنقاذ القتلى والجرحى تحت جنح الظلام. دخلت القوة الإسرائيلية إلى المبنى المدمر جراء غارة جوية، حيث كان هناك عنصران من حزب الله قد كمنا لهم، وعند دخول القوة، أطلق مجاهدو حزب الله النار بشكل مفاجئ، مما أسفر عن وقوع إصابات فادحة.

لاحقاً أدى تبادل إطلاق النار إلى اشتعال النيران بشكل كبير في المبنى، كما تعرضت قوة دعم إسرائيلية لإطلاق نار مكثف، مما أوقع العديد من الضحايا في صفوف القوة المساندة.

الفوضى تسود إثر انهيار الصف القيادي:
خلال مجريات المعركة، فقدت قوات العدو الإسرائيلي القدرة على التواصل الفعّال بين “الجنود والضباط،” الأمر الذي دفع “الفرقة 91” إلى الاعتقاد بأن “الجنود” قد وقعوا في الأسر. وصف أحد الجنود الصهاينة المشاركين في المعركة المشهد بأنه كان مليئًا بالفوضى والصراخ، مما زاد من حدة التوتر في تلك اللحظات الصعبة والحرجة.

بعد التعرّض لحدث معقّد وصعب، أصيب جنود الاحتياط من اللواء الصهيوني ذاته تحت قيادة “يانيف مالكا” بجروح خطيرة، وتعرض العديد من جنود العدو للقتل. وظلت القوة الصهيونية محاصرة في المبنى المدمر لساعات، ومع استقدام مزيد من القوات تمكنت “وحدات النخبة” من تحديد موقعهم وإنقاذهم بصعوبة بالغة، وبعيداً عن شهادة “الجندي” الصهيوني الجريح لا يستبعد أنّ هذه القوة النخبوية تعرّضت هي الأخرى لخسائر في صفوفها، وإن تحفظ العدو عن ذكر خسائره هنا في سياق الغموض والملابسات التي تغطي سردية الإنكار كاملة عن خسائره في الكمين.

تعتبر هذه المعركة، بحسب تسلسل الأحداث التي استعرضتها الصحيفة العبرية، آخر نشاط عملياتي لكتيبة الاحتياط في “عيترون” وهذا له دلالته. حيث أصر القادة العسكريون على التسلل إلى القرية لمهاجمة وتدمير البنية التحتية المسلحة لوحدة الرضوان التابعة لحزب الله.

كما أوضح “اللواء” في احتياط العدو “يوفال داغان” في حديثه للصحيفة العبرية: “كنا نعلم بوجود عدد أكبر من المسلحين في القرية، بعد أن عثرنا على آلاف الأسلحة ودمرناها، إضافة إلى اكتشاف مقر تحت الأرض لحزب الله، وشاحنات صغيرة مزودة بقاذفات صواريخ متعددة الفوهات. وقد قمنا بتكثيف العملية عبر الخداع للوصول إلى مبنى البلدية الذي كان يُعتقد أنه المقر المركزي لحزب الله”.

ووفقاً لـ”داغان”، فقد شنت القوات الإسرائيلية “هجومًا استمر ليوم كامل، حيث قام سلاح الجو الإسرائيلي بقصف بعض المباني المشبوهة لتسهيل تقدم القوات”، لكن الواقع كان معقداً، حيث أن المسلحين كانوا يختبئون بين الأنقاض.

كمين عيترون
معركة شرسة ومواجهات ضارية:
قال اللواء في احتياط ” جيش” العدو إنه في” الساعة 14:31 تلقى أول اتصال عبر أجهزة الاتصال اللاسلكي يفيد بوقوع حدث صعب، حيث كان من الصعب الحصول على معلومات دقيقة حول الوضع الميداني بسبب إصابة العديد من الضباط. وتظهر التحقيقات الأولية للجيش الإسرائيلي أن القوة الأولى التي دخلت المبنى “لتطهيره” من المسلحين، والتي كانت تضم 6 جنود، تعرضت لإطلاق نار شديد من مسافة قريبة من قبل مسلحَين إثنين من حزب الله مختبئين بين الركام”.

كما ألقى مجاهدو حزب الله قنابل يدوية، مما أدى إلى اشتعال حريق كبير في المبنى، وأضاف” اعتقد باقي جنود السرية الذين هرعوا إلى موقع الحادث لإنقاذ رفاقهم المصابين، بسبب الدخان الكثيف، أن هناك مسلحًا واحدًا فقط. لكن في الواقع، كان هناك مسلح آخر مختبئ تحت الأنقاض، ينتظر الفرصة المناسبة لإطلاق النار”.

وصف الجندي الصهيوني ” إيتاي فوكس” تجربته بقوله: “كنت ضمن قوة إسناد ورأيت أربعة أو خمسة جنود مصابين في باحة المبنى، بعضهم لم يكن يتحرك ولا يستجيب. كنت أعلم أنه وفقًا للإجراءات، يجب أولاً القضاء على التهديد وقتل المسلحين، ومن ثم إنقاذ الجرحى وتخليص القتلى”.

وأضاف: “أطلقت نيرانًا على نقاط مشبوهة ثم أنزلت بندقيتي الرشاشة لأستطيع إنقاذ جندي جريح آخر وسحبه إلى الخلف. في تلك اللحظة، كانت الأجواء هادئة نسبيًا، لكنني أصبت برصاصة دخلت بجوار الأرداف وخرجت من الفخذ”.

بأس المقاومة يفرض على العدو تغيير خططه:
ومن الواضح أن العدو الإسرائيلي تفاجأ بشدة المقاومة في تصديها أثناء التوغل البري رغم حشده الهائل للفرق العسكرية والنخبوية من قواته، وكذلك رغم اغتياله عدد كبير من القادة العسكريين على المستويين الأول والثاني، لكن جيش العدو وأمام استبسال المقاومين اضطر لدفع خطته إلى تعديل إستراتيجي والتحول إلى تكتيك جديد يعتمد على الدخول إلى المناطق وتفخيخ المباني ثم تفجيرها، والانسحاب السريع لتفادي المزيد من الخسائر البشرية، خاصة بعد نجاح المقاومة في نصب الكمائن.
——————————————–
موقع أنصار الله . تقرير | يحيى الشامي

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: العدو الإسرائیلی هذه المعرکة جیش العدو حزب الله

إقرأ أيضاً:

قراءة سياسية في انتصار أتى به الله

غزة تنتصر بعد جولتين من الطوفان المبارك وبوجه حلف دولي وقف ضد ثلّة من المقاومين وجبهة مساندة اليمن تتبوأ مكانة دولية خلّاقة بإسناد غزة خلافا لقومها العرب والتزاماً بإنسانيتها ودينها

تقرير / إبراهيم الوادعي
لم يعودوا بالقوة والنار ، ولا سحقوا المقاومة ، الصهاينة بعد عامين من القتال والعدوان والحصار على قطاع غزة الصغير المنبسط جغرافيا والساقط يفترض عسكريا أمام جيش الكيان الإسرائيلي الأقوى في المنطقة وفقا للعدة والعتاد والتكنولوجيا ومعه تحالف عسكري من دول غربية وعربية، الأولى معلومة واضحة للعالم تعاونها العسكري والأخرى العربية كشفت عنها صحيفة واشنطن بوست وسنأتي على ذكر الفضيحة في سطور التقرير كيف تعاونت ست دول عربية عسكريا مع الجيش الإسرائيلي خلال عامين قاتلوا جميعا لهزيمة المقاومة الفلسطينية في غزة .
عاد الصهاينة بعد عامين من القتال يجرون أذيال الخيبة والخسارة شبه الكاملة وفقا للأهداف الكبيرة ذات السقوف العالية التي وضعت عند بداية القتال، وعند استئناف الحرب على غزة بعد نقض الاتفاق السابق في 18 مارس 2025 م والموقع في يناير من ذات العام.
ستة أشهر من القتال حاول جيش العدو الإسرائيلي بمعية جيوش غربية تسنده وعربية تساعده إغلاق الثغرات وتحقيق الإنجازات التي كشف اتفاق يناير 2025م أنها لم تنجز وفقا لمشهد القوة التي ظهرت به المقاومة الفلسطينية غداة توقيع الاتفاق ومشاهد تسليم الأسرى بذلك العرض من القوة والدقة في الإدارة والتنظيم ..
عاد الغزيون إلى مدينتهم بعد أن فشل الجيش الإسرائيلي في فك عقد الدفاع عن المدينة بعد عمليات عدائية وهجومية قاسيه حضرت للهجوم على مدينة غزة شمال قطاع غزة واكبر مدن القطاع، في مشهد عكس الانتماء القوي للفلسطيني، وأكبر من ذلك استيعابه درس النكبة والنزوح في 48م و67م وخطأ الركون على الأنظمة والجيوش العربية التي كانت هذه المرة بوضوح في صف قاتليه وفقا لما نشره بوب وودوارد في كتبه حرب ، وتضمن تفاصيل مثيرة عن الدعم العربي السياسي والعسكري للكيان الصهيوني تفاصيل مثيرة حول لقاءات جرت غداة السابع من أكتوبر بين وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن وعدد من القادة العرب.
بحسب وودوارد، تضمنت لقاءات وزير الخارجية بلينكن مع القادة العرب مطالبات من بعض هؤلاء بتدمير حركة حماس.
وودوارد هو مُفجر أكبر فضيحة رئاسية في تاريخ أمريكا وهي (فضيحة ووتر جيت) التي أدت إلى استقالة الرئيس الأمريكي السابق “ريتشارد نيكسون” من منصبه، ويُعتبر أحد أكثر الصحفيين احترامًا في التاريخ الأمريكي وله مؤلفات وثائقية عديدة، احتوى كتابه “الحرب” على تفريغ مئات الساعات من المحادثات السرية التي أجراها “وودورد” مع عدد كبير من المسؤولين في البيت الأبيض، والتي تكشف تورط قادة عرب في دعم الاحتلال الإسرائيلي بالحرب الدائرة على غزة عقب السابع من أكتوبر 2023م.
ويذكر ودوارد في كتابه ان بلينكن وفريقه تلقوا من رئيس المخابرات المصري عباس كامل معلومات وخرائط جمعتها المخابرات المصرية عن أنفاق غزة، مع نصيحة الى نتنياهو مفادها: “إن حماس متجذرة بعمق في غزة ومن الصعب هزيمتهم، لذا يجب على إسرائيل أن لا تدخل غزة بريًا دفعة واحدة، بل على مراحل، وأن تنتظر حتى يخرج قادة حماس من جحورهم، وعندها يقطعوا رقابهم”. ويبدوا ان الجيش المصري تبع الخطة المصرية في الدخول على مراحل.
ويضيف بالفعل نقل معلومات أنفاق غزة ورسالة كامل إلى نتنياهو، كما لم تكن اللقاءات مع قادة البحرين والأردن والإمارات والسعودية وقطر تختلف في المضمون من حيث دعم «إسرائيل» وعدم الاكتراث للوحشية الصهيونية تجاه سكان القطاع باستثناء رغبة مصرية وحيدة بعدم تهجير الفلسطينيين إلى سيناء.
رضوخ للمقاومة
قالتها المقاومة الفلسطينية منذ اليوم الأول لا عودة للأسرى الصهاينة إلا بتفاوض غير مباشر وصفقة تبادل، كابر المجرم نتنياهو وقال انه ماض في سحق المقاومة ومحو حماس، زاد من تمسكه برغبته تلك نتائج اللقاءات التي أجراها بلينكن في الساعات الثماني والأربعين الأولى عقب الـ 7 من أكتوبر 2023م وانفجار طوفان الأقصى مع قادة المنطقة ونقل مضمونها إلى نتنياهو
في يناير 2025 اضطر نتنياهو تحت وقع الإنهاك الذي أصاب جيشه وانسداد الحلول العسكرية على الأرض إلى التوقف مؤقتا عن الهجوم ومحاولة حلحلة العقد داخل القطاع الذي ابدى مقاومة أسطورية وصمدت المقاومة الفلسطينية رغم الحصار الشديد عسكريا بمساعدة دول عربية تحديدا وقفت إلى جانب الجيش الإسرائيلي في كشف ومنع وصول السلاح إلى قوى المقاومة.
شكلت عودة ترامب إلى السلطة دافعا جديدا للكيان الإسرائيلي للمضي في الحرب التي أنهكت جيشه واقتصاده، تمكن ترامب من انتزاع نحو 6 ترليون دولار من دول عربية ، مثلت انعاشا للاقتصادين الأمريكي المنهك من الديون والإسرائيلي المنهك من الحرب – يجري الحديث عن مساعدات أمريكية فاقت 128 مليار دولار للكيان الصهيوني خلال عامين من الحرب في غزة، زاد من الثقل التدخل اليمني الكبير خارج الحسابات الصهيونية والأمريكية وحتى تقديرات الأدوات العربية ، وفرض الحصار البحري بشكل مطبق على التجارة الصهيونية وشلها في البحر الأحمر بما اخرج ميناء إيلات عن الخدمة وضاعف من كلفة الحرب على المستوطن الصهيوني داخل فلسطين المحتلة.
نحو 7 أشهر انتقل فيها جيش العدو من عربات جدعون 1 إلى عربات جدعون 2، وصولا إلى جوهر العملية اقتحام مدينة غزة والتي أظهرت خلالها المقاومة ثباتا أسطوريا وعمليات قوية وكمائن فاجئت العدو بنوعيتها وحجم خسائرها وقوة المقاتلين الذين اشتبكوا مع قواته من مسافة الصفر، ناهيك عن عمليات الإغارة العسكرية على معسكرات وثكنات العدو داخل القطاع والتي تكتم العدو عن حجم خسائرها الكبيرة..
رضخ نتنياهو للتبادل وخضع كيانه، وأكدت كتائب الشهيد عز الدين القسام في أول إعلان صبيحة يوم التبادل الكبير 13 أكتوبر 2025 م: « لقد فشل العدو في استعادة أسراه بالضغط العسكري، رغم تفوقه الاستخباري وفائض القوة التي يملكها، وها هو يخضع ويستعيد أسراه من خلال صفقة تبادلٍ؛ كما وعدت المقاومة منذ البداية».
واستطردت: كان بإمكان الاحتلال النازي استعادة معظم أسراه أحياء منذ شهورٍ عديدة، ولكنه ظل يماطل ويكابر، وفَضّل أن يقوم جيشُه بقتل العشرات منهم نتيجة سياسة الضغط العسكري الفاشلة، ولطالما كانت المقاومة حريصةً على إيقاف حرب الإبادة، وسعت لذلك منذ الشهور الأولى، ولكن العدو أفشل كل الجهود لحساباته الضيقة، وإشباعاً لغريزة الوحشية والانتقام لدى حكومته النازية.
وللأسرى أكدت الكتائب لأسرانا الأحرار: لقد قدمت غزة ومقاومتها أغلى ما تملك وسعت بأقصى استطاعتها من أجل كسر قيدكم، وعهداً أن تبقى قضيتكم على رأس أولوياتنا الوطنية حتى تنالوا حريتكم جميعاً..
مقاومة ذكية
كان واضحا في المعسكر الصهيوني الابتهاج بحصول الاتفاق في خلال جلسة الحكمة الصهيونية، وذهاب جاريد كوشنر صهر الرئيس ترامب وتسيف ويتكوف مبعوث الإدارة الأمريكية إلى المنطقة للعمل لإنجاز الاتفاق وطمأنة الطرف الصهيوني والعربي الموالي بعد ضربة قطر وتداعيات انتصار حماس التي تعلم أن الجميع عمل ضدها، وباتت أقرب، بل في صلب ما يعدونه «المحور الإيراني».
على المستوى الشخصي يخشى نتنياهو إسقاط حكومته مع أول ساعة تصمت فيها المدافع، وخصومه انتظروا بشوق هذه اللحظة، ومن أكثر من سنه تحدث معارضوه وأوساط عسكرية داخل الكيان انه يقود الكيان نحو حماقة كبرى وسط انسداد الحلول العسكرية..
السيطرة على مدينة غزة كان من الممكن أن ينقذ نتنياهو بعد الهزيمة المدوية على يد الجمهورية الإسلامية في إيران، ولولا التدخل الأمريكي لكان الكيان انهار حينها بعد انهارت دفاعاته، فمن بين 11 صاروخا أطلقتها إيران في اليوم الأخير لحرب الـ 12 يوما وصلت 10 إلى أهدافها، ووثقت سفينة هندية خلال أيام الحرب من قبالة شاطئ تل أبيب الصواريخ الإيرانية وهي تنهمر على المدينة وسط فشل ذريع وواضح للمنظومة الدفاعية الصهيونية والأمريكية..
زيارة ترامب إلى الكيان الصهيوني قد يكون فيها مصلحة للإثنين معا فنتنياهو يريد القول بأنه الوحيد الذي يحظى بدعم مطلق من ترامب، والأخير يريد تقديم نفسه في سياق الصراع مع الديمقراطيين وتثبيت تياره السياسي بانه من جلب السلام والنصر حد زعمه للكيان وليس جو بايدن ، وجعل يد إسرائيل طليقة تجاه إيران وفي المنطقة – ضرب قطر مثال – وهو يريد من الإيعاز للسيسي باستضافة مؤتمر شرم الشيخ للسلام إظهار نفسه صانع السلام، السلام وفق المنظور الصهيوني ، «إسرائيل» مسيطرة على المنطقة، والآخرون خاضعون وفق ما جاء على لسان براك المبعوث الأمريكي إلى سوريا.
فضيحة عربية
بالإضافة إلى ما كشفه الصحفي “وودورد وأشرنا إليه في أعلاه، فقد كشفت صحيفة أمريكية أن التواطىء العربي لم يكن سياسيا أو بالحياد في معركة لا يجب أن يكونوا فيها محايدين، بل انتقل إلى إطار عملياتي جرى خلال تنسيق الجهود مع الكيان الإسرائيلي ضد المقاومة الفلسطينية ولتحقيق أهداف «إسرائيل».
وأظهرت وثائق أميركية أماطت اللثام عنها صحيفة واشنطن بوست الأميركية أن مسؤولين عسكريين إسرائيليين وعرب التقوا في اجتماعات وتمارين، برعاية القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)، لمناقشة التهديدات الإقليمية وإيران والأنفاق تحت الأرض.
وقالت الصحيفة: حتى مع إدانة دول عربية رئيسية للحرب في قطاع غزة، عزّزت سرًا تعاونها الأمني مع الجيش الإسرائيلي، وفقًا لوثائق أميركية مُسرّبة. وقد دخلت هذه الروابط العسكرية في أزمة بعد الضربة الإسرائيلية على قطر في سبتمبر، لكنها قد تؤدي الآن دورًا محوريًا في الإشراف على وقف إطلاق النار الناشئ في غزة.
وتضيف: على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، وبوساطة أميركية، اجتمع كبار القادة العسكريين من إسرائيل وست دول عربية في سلسلة اجتماعات تخطيط عُقدت في البحرين ومصر والأردن وقطر.
وتُظهر الوثائق أن التهديد الإيراني كان المحرّك الرئيس لتوثيق هذه الروابط، التي رعتها القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم). فإحدى الوثائق تصف إيران ومليشياتها بـ«محور الشر»، وأخرى تتضمن خريطةً تُظهر صواريخ موضوعة فوق غزة واليمن، حيث يتمتع حلفاء إيران بنفوذ واسع.
تكشف خمسة عروض تقديمية لِسنتكوم — حصل عليها الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين واطّلعت عليها «واشنطن بوست» — إنشاءَ ما يصفه الجيش الأميركي بـ«الهيكل الأمني الإقليمي». ويضم، إلى جانب إسرائيل وقطر، البحرين ومصر والأردن والسعودية والإمارات، مع الإشارة إلى الكويت وعُمان بصفتهما «شريكين محتملين» جرى إطلاعهما على الاجتماعات.
هذه العروض غير سرّية ووزِّعت على الشركاء، وفي بعض الحالات على تحالف «العيون الخمس». وقد كُتبت بين 2022 و2025م، قبل حرب أكتوبر 2023 في غزة وبعدها.
تحقق «ICIJ» و«واشنطن بوست» من صحة الوثائق بمضاهاة تفاصيلها مع سجلات وزارة الدفاع ووثائق عسكرية مؤرشفة ومصادر مفتوحة. تطابقت تواريخ ومواقع التدريبات والاجتماعات مع البيانات الرسمية، كما تطابقت أسماء ورتب ومسميات الضباط مع السجلات العامة. وامتنع مسؤولو سنتكوم عن التعليق، ولم ترد إسرائيل ولا الدول العربية الست على طلبات التعليق.
عُقد اجتماع بارز في يناير 2025م بقاعدة «فورت كامبل» في كنتاكي، وتضمّن تدريب الشركاء على كشف وحياد تهديدات الأنفاق تحت الأرض — وهي أداة رئيسية لحماس في غزة. وتشير وثيقة أخرى إلى مشاركة ممثلين من ست دول في تدريبٍ لتدمير الأنفاق دون تسميتها.
كما قاد أفراد سنتكوم اجتماعات تخطيط لإطلاق عمليات معلوماتية تُواجه سردية إيران بأنها «حامية الفلسطينيين»، وتدعم — بحسب وثيقة عام 2025م — «سردية الشركاء عن الازدهار والتعاون الإقليمي».
وتشير الوثائق — اتساقًا مع الحساسيّات السياسية — إلى أن هذه الشراكة «لا تُشكّل تحالفًا جديدًا»، وأن الاجتماعات «تُعقد بسرّية».
وتميط هذه الوثائق اللثام عن الية العمل التي انطلق بموجبها الجسر البري العربي لدعم إسرائيل وفتحت الموانئ المصرية والسعودية والاماراتية لإغاثة الكيان ، بما حد من تأثيرات الحصار البحر اليمني الذي كان ليكون تأثيره قاتلا لو تخلف العرب عن دعم إسرائيل ..
وتكشف أيضا المحرك وراء اقفال معبر رفح المصري بوجه الشعب الفلسطيني ، وصد النظام المصري لقافلتي صمود بريتين حاولتا الوصول الى غزة المحاصرة ، وتقديم النظام المصري 35 مليار دولار للكيان تحت يافطة شراء الغاز من “ إسرائيل “ وغضب نتنياهو من حجم المبلغ ، وتامين شحنات الوقود للجيش الإسرائيلي من قبل النظام السعودي والاماراتي بما لا يوقف او يؤثر على عمله داخل قطاع غزة ، وشحنات الأسلحة العاجلة من قطر والإمارات إلى مطار النقب ورامون ، والقائمة طويلة في المربع الخطأ
فيما كان العالم يحتشد في الميادين بوصلته غزة، متفحصا النصر والصمود الفلسطيني بعد عامين من التكالب الدولي بقيادة أمريكا الدولة العظمي في العالم وتخلي الكل عن فلسطين إلا من محور المقاومة وشرفا ء في الشارع العالمي ..
واصلت الأنظمة العربية التوهان ، وبدلا من طرق أبواب غزة مواساة وقراءة في جوانب النصر ، ذهبت لتدق باب الاليزيه وتبحث في إنشاء قوة بديلة للمنتصر تحكم غزة وتدويل القطاع ، ومالم تستطع “ إسرائيل وأمريكا” أن تنالاه بالنار يريد العرب منحه إياهما بالسياسة والحيلة..
كان مخجلا كمية الشكر خلال لقاء كوشنر وويتكوف و ظل الرئيس المصري ينهال بها على القاتل ترامب لأنه أوقف الحرب، متناسيا انه مع صعوده إلى السلطة منح نتنياهو فرصة عشرة اشهر أخرى للقتل في غزة وتجويع للقطاع غير مسبوق ، بل وشارك في القتل عبر مؤسسة غزة الإنسانية سيئة الصيت والتي قتل أفراد حراستها ما يزيد عن الألف فلسطيني منذ شهر ابريل الماضي .
يكرر العرب خطأهم حين وقفوا إلى جانب “ إسرائيل “ بعد هزيمتها في حرب تموز 2006م على يد حزب الله ، واشتركت نحو 4 أجهزة عربية استخباراتية إلى جانب الأجهزة الغربية والأمريكية حتى توج ذلك العمل بقتل شهيد الإسلام والإنسانية ..
وذات الموقع وقف العرب إلى جانب إسرائيل في مواجهة الحصار اليمني وسيرت مصر عشرات السفن يوميا طوال عامين من الحصار اليمني على الكيان لإغاثة “ إسرائيل” رغم حاجتها وشحة إيرادات قناة السويس أحد أهم مداخيل الاقتصاد المصري ، وذلك مثال ، وبدل أن يلتزموا الحياد أمام الصواريخ اليمنية المساندة لغزة عملت منظومات عربية على صد المسيرات والصواريخ اليمنية دفاع عن “إسرائيل وشعب “ إسرائيل” وكان على اليمنيين في بداية الإسناد أن يتجاوز اخوة الدين واللغو والجغرافيا قبل ان يجهدوا العدو ..
وبدل أن تدفع ضربة قطر الدول العربية إلى الافاقة، انغمست الأنظمة في مزيد من الذل الرضوخ لإسرائيل” يحكي بذلك واقع مؤتمر شرم الشيخ الذي انعقد لتلميع صورة ترامب ونتنياهو الذي اظهر أكثر من مرة انه لا يحترمهم، وبل ويصرح علانية بانه يريد اقتطاع أجزاء من دولهم لصالح “ إسرائيل الكبرى “ دون أن يثير فيهم ذلك حمية من أي نوع…
أي منهج للتحليل السياسي هو غير صالح عمليا لقياس وقراءة سياسات كالتي تنتهجها الأنظمة العربية لا من باب المصلحة القومية أو نظرية الدور، سوى نظرية الخرفان التي ترفض التصديق بفكرة الذبح حتى تسير المدية على رقبتها ويبزغ الدم .
رغما عن ترامب
انتهت الجولة الثانية التي بدا العدو الإسرائيلي غدراً في الـ 18 من مارس 2025م، ناكثا بذلك اتفاق يناير الماضي، انتهت إلى هزيمة مذلة للجيش الصهيوني بفشل عملياته الكبرى عربات جدعون 1 و 2 والتي رام من خلالها التمهيد لاحتلال مدينة غزة وتحقيق ما فشل فيه على مدى 14 شهرا سابقة ..
منح ترامب نتنياهو والجيش الإسرائيلي كل ما يحتاجون وسخر لهم الأنظمة العربية والغربية على حد سواء، لكن الجيش الإسرائيلي ومع دخوله مرحلة جدية في الهجوم على مدينة غزة أظهرت المقاومة بعضا من مفاجآتها، التي صدت الجميع، وأن الاعتقاد بضعفها على مدى عامين من القتال لم يكن تقديرا دقيقا .
أغار المقاومون على مراكز وثكنات الجيش الصهيوني، واشتبك عناصرها من المسافة صفر من قواته المتوغلة بات وكل متر يتقدم فيه بمدينة غزة يضخ فيه دماء من جنوده وضباطه المرهقين..
انتهت الحرب وبدت الفرحة واضحة على وجه ايال زامير عشية سريان الاتفاق وهو يلتقي جنوده قبل الانسحاب ويتأمل مناطق لاتزال فيها حماس ورجال من فصائل المقاومة أعاروا الله جماجمهم..
انتهت الحرب.. ولم تنته حماس.. وقفت المدافع باتفاق ولم تخمد نيران المقاومة.. ركع الإسرائيلي وبقي المقاوم ثابتا وشعبه على أرضه.. رضخ العدو ومن معه لصفقة تبادل.. وعجز أن يأتي بأسراه بالقوة والنار أو على وثيقة استسلام..
انتهت الجولة الثانية من الطوفان المبارك بنصر واضح للمقاومة وخسارة العدو لإنجازات حققها في الجولة الأولى باتجاه لبنان وغزة ..
لا يمكن الجزم بعناصر مادية فقط لقراءة انتصار غزة بعد عامين من القتال الضاري والحصار القاسي، سوى القول كما قال احد سياسيي حماس الأمر برمته يشبه بدرا، والمقاييس الدنيوية لا تلم بصمود غزة، نحن نتحدث عن تدخل إلهي يلمسه الجميع ..
وممن خرج قويا وذا مكانة إقليمية كبيرة.. اليمن الذي حقق عبر التزامه المبادئ الإسلامية واستمرار الإسناد قوة إقليمية وسمعة دولية خلاقة..
انتهت جولتان من الطوفان المبارك.. وفي ترقب لجولة أخرى وربما جولات.. المعركة صفرية، لكن الله منح نصره للمؤمنين في هذه الجولة من حيث لم يتحسب العدو او توقعه الصديق ان يأتي من براثن اتفاق ترامب الذي تجاوزته بذكاء والهام إلهي فصائل المقاومة لتنتزع نصرا واضحا أقر به إعلام العدو ولم يخفيه.
وصدق الله “حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله، إلا إن نصر الله قريب”.

مقالات مشابهة

  • نتنياهو يؤكد “المعركة لم تنته” بعد في غزة
  • على أطراف بلدة عيترون.. هذا ما يفعله الجيش الإسرائيلي
  • “القسام”: ما تبقى من جثث أسرى العدو تحتاج لجهود ومعدات خاصة
  • “القسام” تكشف عن عملية لمجاهديها أدت لمصرع وإصابة عدد من الجنود الصهاينة
  • الحوثي يعلق على إثارة “ملفات الرفات” ويكشف الأهداف الخفية للكيان المجرم
  • وكلاء العدو من غزة إلى لبنان واليمن.. وجوه محلية لمشروع صهيوني واحد
  • “القسام”: جنود وحدة الظل حافظوا على أسرى العدو على مدار عامين في ظروف بالغة التعقيد
  • “الشعبية” تهنئ الفلسطينيين والحركة الأسيرة بمناسبة تحرر الأسرى من سجون العدو الصهيوني
  • الفاشر تحت القصف.. وتنسيقية لجان المقاومة تؤكد: “الأرواح التي ماتت بصمت لن تُنسى وهذا الخذلان لن يُمحى”
  • قراءة سياسية في انتصار أتى به الله