مساعٍ لوضع بنود استرشادية لتعزيز دور القطاع الخاص في تحقيق نهج اللامركزية
تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT
◄ الندوة تنظمها "الغرفة" ضمن جهود إشراك القطاع الخاص في التنمية الاقتصادية
◄ الروّاس: اللامركزية تُعزِّز التنافسية بين المحافظات لتحقيق الرؤى التنموية
◄ توسيع الصلاحيات بالمحافظات يتطلب توزيعًا فعّالًا للموارد لتبلية احتياجات المواطنين
◄ دينستير: التجربة الألمانية في تطبيق اللامركزية يُحتذى بها عالميًا
◄ أدهم بن تركي: رؤية "عُمان 2040" تهتم بـ"اللامركزية الإدارية والاقتصادية"
الرؤية- ريم الحامدية
تصوير/ راشد الكندي
نظَّمت غرفة تجارة وصناعة عُمان ممثلة باللجنة الاقتصادية ولجنة سوق العمل بالغرفة ندوة "اللامركزية ودورها في تنويع الاقتصاد وتوليد فرص العمل في المحافظات"، تحت رعاية معالي قيس بن محمد اليوسف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، وبحضور سعادة الشيخ فيصل بن عبدالله الرواس رئيس مجلس إدارة الغرفة، وعدد من أصحاب المعالي والمكرمين أعضاء مجلس الدولة وأصحاب السعادة، وعدد من أصحاب وصاحبات الأعمال.
وهدفت الندوة إلى تعزيز دور اللامركزية في تنمية المحافظات، مع استعراض نماذج عملية من التجربة الألمانية، خاصة في مجالات إعداد موازنات المحافظات وآليات صرفها، وجذب الاستثمار المحلي والأجنبي، إلى جانب عرض الفرص الاستثمارية لكل محافظة.
وأكد سعادة الشيخ فيصل بن عبدالله الرواس رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان، أن الندوة تنعقد انطلاقًا من الأهمية التي توليها الغرفة للمساهمة في جهود التنويع الاقتصادي، انسجاما مع رؤية "عُمان 2040"؛ حيث تسعى الغرفة لتنمية اقتصاد المحافظات والمضي نحو تحقيق اللامركزية فيها، مشيرا إلى أن اللامركزية تعزز من التنافسية والتكاملية بين المحافظات، مما يساهم في تحقيق الرؤى التنموية.
وأوضح سعادته أن توسيع الصلاحيات في المحافظات يتطلب توزيعًا فعّالًا للموارد، لتوجيهها نحو جهود تنموية تلبي احتياجات المحافظات وتُعظِّم الاستفادة من مميزاتها، مضيفًا أن تنظيم هذه الندوة جاء استنادا إلى تقديم نماذج عملية من أنجح التجارب العالمية في تطبيق اللامركزية، مثل التجربة الألمانية التي تتميز بنظام عريق في هذا المجال.
من جانبه، استعرض فيليب دينستير مدير البرنامج الإقليمي لدول الخليج من معهد كونراد أديناور، نشأة اللامركزية في جمهورية ألمانيا الاتحادية، مشيرًا إلى أن التجربة الألمانية تعد نموذجًا ناجحًا يُحتذى به عالميًا؛ حيث تعتمد على نظام فيدرالي يوازن بين الحكومة الاتحادية (الفيدرالية) وحكومات الولايات والبلديات، ويتم تقسيم الصلاحيات والمسؤوليات بوضوح؛ حيث تتولى الحكومة الفيدرالية القضايا الوطنية مثل الدفاع والسياسة الخارجية، بينما تتولى الولايات شؤون التعليم، الشرطة، والتنمية المحلية، وتدير البلديات الخدمات العامة.
وأضاف الخبير الألماني: "تتمتع الولايات باستقلالية في إعداد موازناتها، وتخصص لها حصص عادلة من الإيرادات الوطنية لضمان تحقيق التنمية المحلية وفقا لأولوياتها، ويشجع النظام اللامركزي الولايات على جذب الاستثمارات من خلال حوافز ضريبية وبرامج تدعم البنية الأساسية؛ مما يعزز التنافسية الإقليمية، وفي الوقت ذاته، يضمن التكامل بين الحكومة الفيدرالية والولايات التنسيق لتحقيق الأهداف الوطنية، مع إشراك المجتمعات المحلية في صنع القرار لتعزيز الشفافية وتحقيق التنمية المتوازنة".
وتحدث صاحب السمو السيد الدكتور أدهم بن تركي آل سعيد رئيس اللجنة الاقتصادية عن رؤية "عُمان 2040" والتوجه الاستراتيجي لتطبيق اللامركزية، مشيرًا إلى أن أولوية تنمية المحافظات والمدن المستدامة التي تضمنتها رؤية "عُمان 2040" تهدف إلى الاستخدام المستدام للأراضي وتأسيس مناطق حضرية وريفية ذات تراث طبيعي وثقافي تتميز بالمرونة والقدرة على التعامل مع المتغيرات المناخية. وبيّن سموه أن هذه الأولوية تهدف إلى تعزيز الميزة النسبية والتنافسية للمحافظات من خلال المدن الذكية المستدامة والريف الحيوي، بما يضمن جودة عالية للحياة والعمل والترفيه، وبنية أساسية عالمية المستوى، ووسائل نقل متنوعة وسهلة الوصول.
وأكد سموه أن رؤية "عُمان 2040" تهتم بمحور "اللامركزية الإدارية والاقتصادية"؛ حيث يمثل تفعيل اللامركزية خطوة أساسية لتحقيق أهداف التنمية المتوازنة والعدالة الاقتصادية بين المحافظات، مع تعزيز المشاركة المجتمعية وتمكين المحافظات في تنمية مواردها بهدف الاستفادة من مقوماتها الاقتصادية، وفي سبيل تحقيق ذلك تقوم الحكومة بتمكين المحافظات بالموارد المادية والقيادية، وفي ذات الوقت لا يمكن إغفال دور القطاع الخاص في تفعيل الفرص المتاحة في مختلف المحافظات لتنمية القيمة المحلية بها.
بدوره، قال سعادة محمد بن حسن العنسي عضو مجلس الشورى، رئيس لجنة سوق العمل بغرفة تجارة وصناعة عُمان، إن الهدف من هذه الندوة يتمثل في الاستفادة من التجربة الألمانية في تطبيق اللامركزية، خاصةً وأن التجربة الألمانية تُعد من أعرق التجارب على مستوى العالم، واستطاعت تحقيق التوازن بين متطلبات التنمية الشاملة للدولة مع خصوصية العملية التنموية في ألمانيا مع إزكاء البعد التنافسي بين الولايات لتحقيق الحضور القوي في الاقتصاد الألماني.
وذكر العنسي أن مساعي تطبيق اللامركزية في ألمانيا بسلطنة عُمان والتي جاءت بعد التوجيهات السامية من لدن مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- ستعمل على إعطاء المحافظين وأصحاب القرار في المحافظات المزيد من الصلاحيات التي تعود بالنفع على زيادة الاستثمارات التي تناسب الميزة النسبية لكل محافظة وبالتالي إيجاد المزيد من فرص العمل المستدامة.
إلى ذلك، تضمن المحور الأول من الندوة استعراض اللامركزية من خلال المتطلبات ومنهجية التحول؛ حيث جرى عرض التجربة الألمانية، إلى جانب استعراض التقدم المحرز في تجربة سلطنة عُمان، وتقديم ورقة عمل حول خطوات الانتقال نحو اللامركزية.
أما المحور الثاني، فتناول الاستثمارات وتنوع الاقتصاد وتوليد الفرص، مُتضمِّنًا دور القطاع الخاص في تحقيق نهج اللامركزية وإيجاد منهجية جديدة لصناعة الفرص الاستثمارية، كما شملت الندوة ورقة عمل حول خطوات بناء بيئة مواتية للأعمال في المحافظات، واستعرضت الورقة الأخيرة معايير ومؤشرات القياس والرصد وفق الأهداف المستقبلية.
وتسعى هذه الندوة إلى الاتفاق على بنود استرشادية لتعزيز دور القطاع الخاص في تحقيق نهج اللامركزية؛ بما يسهم في تحقيق التنمية المتوازنة على مستوى حوكمة الأداء، ومراجعة التشريعات والقوانين والضوابط للانتقال بالمحافظات إلى مرحلة التمكين.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
تقرير دولي: تنافس حوثي على الضرائب والجبايات يدفع لانهيار القطاع الخاص
كشف تقرير اقتصادي دولي أن القطاع الخاص في صنعاء يواجه تراجعًا ملحوظًا نتيجة حملات جباية الضرائب والجمارك المستحدثة من قبل المؤسسات الاقتصادية التابعة للحوثيين، حيث استهدفت هذه الحملات مختلف الأنشطة التجارية بما في ذلك المطاعم والمتاجر والفنادق، مع فرض رسوم إضافية وقيود تنظيمية مشددة على أصحاب الأعمال.
وأوضح التقرير الصادر عن شبكة أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعة "فيوز نت" التابعة للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أن العديد من الشركات الصغيرة، مثل متاجر البيع بالتجزئة، أُجبرت على الإغلاق بسبب فرض ضريبة جمركية بنسبة 100% على السلع غير الغذائية المستوردة، ما انعكس سلبًا على قدرة الأسر على تأمين احتياجاتها الأساسية من الغذاء والسلع الضرورية، خصوصًا لأولئك الذين يعتمدون على العمل اليومي والعمل الحر كمصدر رئيسي للدخل.
وأضاف التقرير أن الحوثيين استحوذوا خلال سنوات الحرب على إيرادات ضخمة متحصلة من الضرائب والجمارك ورسوم الخدمات والاتصالات، بالإضافة إلى عائدات بيع المشتقات النفطية والغاز المنزلي والسجائر والإسمنت، لتثري قياداتهم وتمويل عملياتهم العسكرية، ما أدى إلى تعميق الانكماش الاقتصادي وتدهور بيئة الأعمال.
ويشير التقرير إلى أن اليمن يواجه حالة أزمة واسعة النطاق (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي) يُتوقع استمرارها حتى مايو 2026 على الأقل، حيث يواصل الصراع الاقتصادي بين سلطات الحوثيين والحكومة المعترف بها دوليًا تقويض النشاط الاقتصادي وارتفاع تكاليف المعيشة وانكماش سوق العمل، الأمر الذي يجعل ملايين الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية.
وأوضح التقرير أن محافظات الحديدة وحجة وتعز تواجه مستويات طوارئ غذائية (المرحلة الرابعة) حتى منتصف 2026 نتيجة الآثار المستمرة للهجمات الصاروخية على البنية التحتية الحيوية كالموانئ والمصانع، وعجز سلطات الحوثيين عن التعافي، الأمر الذي فاقم الطلب على العمالة وقلل مصادر الدخل الأساسية للأسر.
كما يؤكد التقرير أن موسم حصاد الحبوب في نوفمبر، إضافة إلى موسم الحمضيات، قد يوفر تحسنًا موسميًا محدودًا في الدخل والغذاء، إلا أن المكاسب المتوقعة تبقى غير كافية لتعويض الأضرار الواسعة التي لحقت بالقطاع الزراعي، لا سيما مع محدودية الوصول إلى الأراضي المزروعة بسبب الصراع أو تلوثها بمخلفات الحرب، إضافة إلى ضعف الأمطار المتوقع حتى نهاية 2025، ما يجعل إنتاج الحبوب السنوي أقل من المتوسط للعام الثالث على التوالي.
وفي سياق جهود الحكومة، أقر مجلس القيادة الرئاسي في 28 أكتوبر 2025 خطة إصلاح اقتصادي شاملة لتعزيز خطوات البنك المركزي في عدن وإنعاش الموارد العامة، وشملت الخطة إغلاق الموانئ غير القانونية، ومعالجة اختلالات الإيرادات المحلية، ووضع حد للضرائب غير القانونية على الواردات، إلا أن النتائج الفعلية على الأرض تبقى محدودة بسبب استمرار نفوذ بعض الجهات التي تواصل تشغيل الموانئ المخالفة دون توريد الإيرادات للبنك المركزي، مما يبقي الحكومة عاجزة عن دفع الرواتب وتمويل الخدمات العامة مثل الكهرباء والمياه.
كما يعد تعديل سعر "الدولار الجمركي" أبرز الإجراءات المرتقبة في 2026، إذ يتوقع خبراء اقتصاديون أن يصل الارتفاع إلى 100% في محاولة لتقليص الفجوة بين السعر الرسمي والسوق الموازية، في حين تشير التجارب السابقة إلى احتمال ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية نتيجة زيادة تكاليف النقل والوقود واستغلال التجار للفرصة، في ظل ضعف الرقابة الحكومية على الأسواق.
وفي خطوة دعم مالي قصير الأجل، أودعت المملكة العربية السعودية في 16 نوفمبر 2025 مبلغ 90 مليون دولار من أصل 368 مليونًا متفق عليها سابقًا، لتعزيز الموازنة الحكومية وتخفيف عجزها، وتمكينها من استئناف دفع الرواتب المتوقفة، غير أن التقرير يشير إلى أن هذا الدعم لا يعالج جذور الأزمة الاقتصادية الممتدة منذ سنوات.
ويستمر توقف مساعدات برنامج الغذاء العالمي في مناطق الحوثيين منذ أغسطس الماضي، بينما انتهى البرنامج من التوزيعات في مناطق الحكومة دون أن يخفف ذلك من حدة الأزمة، ما يعكس استمرار تداعيات الصراع على الأمن الغذائي والاقتصادي.
ويخلص التقرير إلى أن الإجراءات الاقتصادية الحالية، رغم أهميتها، لا تزال عاجزة عن منع الانهيار الاقتصادي والغذائي، وأن استمرار الصراع وضعف مؤسسات الدولة وانخفاض الإنتاج الزراعي وارتفاع الأسعار يجعل الأزمة الغذائية والاقتصادية في اليمن مرشحة للتفاقم في الأشهر المقبلة، ما لم يطرأ تغيير جذري على المشهدين السياسي والاقتصادي.