لجريدة عمان:
2025-12-01@03:45:13 GMT

يروت.. ذاكرة لا تنطفئ رغم جحيم الحرب

تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT

يروت.. ذاكرة لا تنطفئ رغم جحيم الحرب

لا تخرج بيروت المدينة الحالمة من الوجع إلا لتعود إليه، تعود له من بوابة الحرب، أو من بوابة أزمات المصارف أو من بوابة انفجار المرفأ، كما لو أن أوجاع المدينة جزء أصيل من جغرافيتها ومن تاريخها. لكن هذه المدينة التي يسكنها التاريخ قادرة دوما على ترميم ذاكرتها مهما كانت مثخنة بالندوب، ومهما كانت ملطخة بالدماء فهي مدينة تستطيع الصبر على الوجع لكنها لا تقوى أن تكون في دائرة النسيان.

لكن بيروت لم تكن يوما مجرد مدينة في إطار جغرافي إنها قصيدةٌ شُيِّدت من الحلم والحطام. شوارعها، التي اعتادت أن تحتضن الحبّ وتروي حكايات العشاق، كانت تألف أيضا، جميع أنواع الدمار الذي لا تلبث أن تنفث فيه روح الحياة. ومقاهيها التي يحاصرها الحرب والنار ما زالت رغم كل ما يحدث قادرة على توليد الحكايات وفتح النقاشات حول السياسة والثقافة والفكر.. إنها تستمد روحها من عمق بيروت نفسها التي ترفض الخضوع، بل تلملم جراحها لتكتب قصيدتها الخاصة، قصيدة لا تخلو من الألم لكنها لا تُفتقد الأمل.

كيف يمكن لمدينةٍ أن تحمل هذا الكمّ من التناقضات؟ أن تكون ضحية الحرب ومهد الإبداع في الوقت ذاته؟ في أحلك لحظاتها، كانت بيروت تُمسك بالقلم بدلًا من السلاح، تُنشئ المطبعة بدلًا من المدفع. كل حجر في بيروت، كل زاويةٍ من زواياها، يحمل في طياته ذاكرة وطن. وكأن الأدب والشعر هما صرختها الأخيرة في وجه العدم، محاولتها العنيدة للقول: «أنا هنا. أنا موجودة. لن أختفي».

وبيروت، بقدر ما تبدو منهكة، تُدهشنا دومًا بإصرارها على أن تكون «مدينة الذاكرة»، التي لا تستسلم للنسيان. تُصرُّ على أن تحفظ في دفاترها السوداء حكايات كل من عبروا فيها وتركوا بصماتهم على جدرانها، كي لا تصبح الحكايات مجرّد رماد. بيروت تقاوم النسيان؛ لأنها تعلم أن فقدان الذاكرة يعني فقدان الهُوية، وفقدان الهوية تعني الموت.

في كل زاويةٍ من زواياها، يتردد صدى كلمات درويش وقصائد أدونيس وأغنيات فيروز. كأنّ بيروت، المقهورة تحت ركامها، تُذكّرنا بأن الإبداع هو السلاح الأجمل في وجه الحرب، وأن القصائد التي كُتبت على جدرانها ستبقى شاهدة على حقيقتها، لا على أكاذيب العدو.

اليوم، بيروت وكل لبنان تحتاج إلينا بقدر ما نحتاج إليها. تحتاج لمن يعيد قراءة قصائدها، من يُرمّم ذاكرة شوارعها بحروف جديدة، من يمنحها حقَّ أن تبقى مدينة الحلم، لا مدينة الكوابيس. علينا أن نؤمن بأن بيروت ليست مجرد مدينة، بل رمز للصمود كما هي غزة التي علمتنا معنى الكرامة والصمود ومعنى التضحية من أجل الوطن.

بيروت، ستبقى كما كانت دائمًا، مدينة لا تُهزم حتى تحت قصف الطائرات ودوي المدافع وخذلان العالم مرة أخرى.

وفي هذا العدد من ملحق جريدة «عمان» الثقافي نفتح مساحة واسعة لنقرأ بيروت من الداخل، بأقلام من يعيشون الآن تحت وقع الموت وقصفه لنسمع منهم حكايتهم عن بيروت وعن تفاصيلها الأثيرة.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

«الصحفيين الإماراتية»: تضحيات الشهداء خالدة في ذاكرة الوطن ووجداننا

دبي (الاتحاد)
أكدت فضيلة المعيني، رئيسة جمعية الصحفيين الإماراتية، أن يوم الشهيد مناسبة وطنية تجسّد أسمى معاني الوفاء والعرفان لتضحيات أبناء الوطن الذين قدّموا أرواحهم دفاعاً عن دولة الإمارات، وصوناً لمكتسباتها. 
وقالت إن يوم الشهيد يمثل مصدر فخر واعتزاز لكل مواطن ومقيم على أرض الإمارات، مؤكدة أن تضحيات الشهداء ستظل خالدة في ذاكرة الوطن ووجدان شعبه، وراسخة، نموذجاً يحتذى به في الإخلاص والبطولة والولاء للقيادة والوطن. 
وأضافت أن إحياء هذه الذكرى يجسد حرص القيادة الرشيدة على ترسيخ قيم التضحية والالتزام الوطني، وتعزيز روح الوحدة والانتماء، وتخليد أسماء الشهداء الذين سطّروا بدمائهم صفحات مشرقة في تاريخ الإمارات، مشيرة إلى الرعاية الكبيرة التي توليها القيادة الرشيدة لأسر الشهداء.

أخبار ذات صلة يونس خوري: بطولات الشهداء نبراس يوجِّه مسيرة الأجيال وفاء للشهداء

مقالات مشابهة

  • شخصيات لـ”الثورة نت”: 30 نوفمبر ذاكرة تحرّر تُسقِط مشاريع الاحتلال
  • «الصحفيين الإماراتية»: تضحيات الشهداء خالدة في ذاكرة الوطن ووجداننا
  • ٣٠ نوفمبر.. ذاكرة وطن لا تنطفئ
  • الاتحاد الأوروبي: جنوب أوروبا معرض لخطر الحرب الهجينة التي تشنها روسيا
  • الشغدري: عيد الاستقلال خالد في ذاكرة شعب لا يعرف الخضوع والاستسلام
  • خولة السويدي: تضحيات الشهداء ستبقى خالدة في ذاكرة الوطن
  • الشرع: حلب كانت بالنسبة لنا بوابة دخول سوريا بأكملها
  • وصفي التل… ذاكرة رجلٍ لا يغيب في ذكرى رحيله
  • حرب غزة التي لم تنته
  • جحيم هونغ كونغ: ارتفاع حصيلة ضحايا حرائق الأبراج السكنية