انعقاد مؤتمر “السرديات السياسية والإعلامية الدولية تجاه اليمن” في إسطنبول
تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT
إسطنبول
انعقد في مدينة إسطنبول، الخميس، مؤتمر اليمن في السياسات والسرديات الإعلامية الدولية، الذي نظمه مركز المخا للدراسات الاستراتيجية، على مدى يومين.
ويحاول المؤتمر فتح نافذة على التعقيدات التي تحيط بالأزمة اليمنية، كما يبحث عن صياغة سرديات جديدة يمكن أن تسهم في تقديم رؤية أكثر وضوحا للعالم عن القضية اليمنية وتصحيحها لدى الإعلام الدولي.
ويسعى المؤتمر إلى تتبع السرديات الإعلامية المختلفة وتقديم صورة أقرب للواقع.
وأثناء افتتاح المؤتمر، استهل رئيس مركز المخا للدراسات، عاتق جارالله، كلمته بتأكيد أهمية وجود دولة يمنية قادرة على حماية الإنسان والسيادة، معتبرا أن ذلك يصب في مصلحة اليمنيين والمجتمع الدولي على حد سواء.
وأشار جارالله إلى أن التعقيد الذي يعيشه الصراع في اليمن، وانشغال العالم بحروب متوسعة، أحال اليمن إلى خانة المنسيات، وهو ما أثر بعمق على الحياة المعيشية ومستقبل الاستقرار في البلاد.
بدوره، دعا السفير اليمني في تركيا محمد صالح طريق في كلمته إلى صياغة مخرجات المؤتمر بما يعزز جهود الحكومة الشرعية، مؤملا بأن يسهم هذا المؤتمر في توضيح موقف اليمن وسياساته على الساحة الدولية.
وتناول المؤتمر في جلساته عدة أوراق حيث ركزت ورقة “جونتر أرث” على أبعاد متعددة، أبرزها قراءة تاريخية للأحداث اليمنية، وتحليل كيفية رسم الإعلام البريطاني والأمريكي والصيني والروسي صورة اليمن وتأثير ذلك على الوضع في الداخل وخاصة الوضع الإنساني.
وناقشت باقي الأوراق التغطية الإعلامية الفرنسية والتركية للأزمة، والسياسات الأوروبية تجاه الملف اليمني في اليوم الأول من المؤتمر.
في ورقة الإعلام الروسي، قالت الباحثة آنا فاندنسكي إن الإعلام الروسي وتناوله للأزمة في اليمن يعكس مصالح سياسية محددة. وأشارت إلى أن الإعلام الروسي يستغل الأزمة لتشكيل روايات تخدم أطرافًا دولية.
وعن غياب الصورة الإعلامية المكتملة في أوروبا، تحدث إيفانونوف كونستانتين، عضو البرلمان الأوروبي سابقًا، بأن الإعلام يركز على الأزمات الإنسانية فقط ويغفل حقيقة الصراع. وقال إنه يجب تصحيح المعلومات إعلاميًا وبناء صورة متكاملة، بعيدًا عن إعلام الأزمات، للانتقال نحو تعزيز العلاقات والشراكة مع اليمن.
وبحسب الكاتب اليمني البريطاني أنور العنسي، الذي ركز في كلمته على الكوارث الإنسانية في اليمن، وأن القوى العالمية انشغلت عن الوضع الإنساني في اليمن والحرب بشكل عام بسبب الأحداث الإقليمية.
وقال العنسي إنه لا يتوقع أن يحظى الشأن اليمني في بريطانيا والغرب بأكثر من كونه ملفا إنسانيا.
من جانبها أكدت الصحفية الإيطالية سيمونا فرناندير أهمية الاعتماد على مصادر متنوعة، وأنه يجب التركيز على معلومات من منظمات المجتمع المدني، وليس فقط من الإعلام أو الجهات الرسمية، ما قد يمنح رؤية أشمل للوضع وخاصة الذين يحاولون فهم أعمق وأصدق لما يجري في الداخل.
وأشار الصحفي الفرنسي مولر في ورقته إلى أن الإعلام الفرنسي يختزل الصراع اليمني في كونه صراعًا سعوديا/ إيرانيا، في حين أنه أعقد من ذلك بكثير.
وأضاف بأنه تحسين التغطية الإعلامية يتطلب تسهيل دخول الصحفيين الأجانب لليمن، وخفض التكاليف المرتفعة المرتبطة بالتغطية وخاصة في جنوب اليمن.
من جانبه قال الصحفي التركي، محمد راكيب أوغلو، إن اليمن في الإعلام التركي لا يحظى بنفس الاهتمام مقارنة بقضايا مثل فلسطين وسوريا، على الرغم من الدعم الإنساني الذي تقدمه تركيا. أشار إلى أن غياب التحليل الإعلامي العميق يعد عائقًا أمام فهم جذور الأزمة، وأن الدور التركي حاول الابتعاد كثيرًا عن الملف اليمني السياسي لصالح الإنساني.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق أخبار محليةالله لا يلحقه خير من كان السبب في تدهور اليمن...
الإنبطاح في أسمى معانيه. و لن ترضى عنك اليهود و النصارى حتى...
تقرير جامعة تعز...
نور سبتمبر يطل علينا رغم العتمة، أَلقاً وضياءً، متفوقاً على...
تم مشاهدة طائر اللقلق مغرب يوم الاحد 8 سبتمبر 2024 في محافظة...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الإعلامیة الدولیة الیمنی فی فی الیمن إلى أن
إقرأ أيضاً:
كيف تعاملت جماعة الحوثي في اليمن مع قصف إسرائيل وأمريكا لإيران؟ وما الدلالات؟ (تحليل)
منذ شن إسرائيل عملية عسكرية هجومية لاستهداف إيران في الـ13 من يونيو الجاري، سجلت جماعة الحوثي التي تعد إحدى الجماعات التي تدعمها طهران إقليميا حضورا واضحا في الموقف المؤازر لإيران، وصل حتى التدخل العسكري المتزامن، وهو ما يعكس العديد من الدلالات، ويبرز الطريقة التي تفاعلت بها الجماعة مع هذا الحدث الإقليمي المحوري.
وتوالت مواقف جماعة الحوثيين، متخذة عدة أشكال، منها عبر مواقف قيادات الجماعة، وتصريحاتهم الإعلامية، وخطاباتهم، بما في ذلك زعيمها عبدالملك الحوثي، والثاني عبر التصريحات الرسمية للحكومة التي تمثلها الجماعة، سواء بشقها المدني ممثلا بالمجلس السياسي الأعلى، كأرفع هيئة حاكمة، أو شقها العسكري، من خلال تصريحات الناطق العسكري للجماعة يحيى سريع، ناهيك عن الموقف المعبر عن الجماعة، ومكوناتها التنظيمية، أما في الشق العملي، والتحركات، فقد بادرت الجماعة لتبني عمليات عسكرية مستهدفة إسرائيل، وذلك بالتزامن مع الهجمات المتبادلة بين طهران وتل أبيب.
سارعت الجماعة لإدانة الهجمات الإسرائيلية، واعتبرتها عدوانا مباشرا، معربة عن تضامنها، ومؤيدة لحق إيران في الدفاع عن نفسها، وأعلن عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي في الـ13 من يونيو – أي ذات يوم القصف الإسرائيلي – عن إدانته للعملية الجوية الإسرائيلية التي أطلقت عليها تل أبيب بالأسد الصاعد، واصفا الضربات بأنها دليل همجية العدو الصهيوني وإرهابه، وفقا لتغريدة نشرها حسابه في منصة إكس.
وفي ذات اليوم أصدر المكتب السياسي للحوثيين بيان رسمي بثته وسائل إعلام الجماعة عبر فيه عن إدانته الشديدة للهجوم الإسرائيلي، واصفا الهجمات بالعربدة والعدوان السافر، وأكد حق إيران الكامل والمشروع في الرد، ودعم تطوير برنامجها النووي، معلنا وقوف الجماعة "قيادة وشعبا وجيشا" مع إيران في مواجهة الاعتداء علي إيران.
وفي اليوم التالي للهجمات ظهر زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي في كلمة متلفزة أكد فيها تأييد جماعته الكامل للرد الإيراني على الهجوم الإسرائيلي، معتبرة اليمن شريكا لإيران في الموقف بكل ما تستطيع، مهددا تل أبيب بحرب مفتوحة ومستمرة.
الموقف الرسمي للحوثيين أيضا ظهر في تصريحات رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط في الـ16 من يونيو مؤكدا موقف الجماعة الذي يصفه بموقف اليمن إلى جانب إيران في حقها بالدفاع عن سيادتها وردع المعتدين، واصفا إسرائيل بالكلب المسعور الذي أطلقته أمريكا، وحذّر من أن "العدوان الأمريكي" على إيران ستكون له عواقب كبيرة، وأن استهداف السفن لن يقتصر على الأمريكيين فحسب، بل سيطال كل الدول المتورطة في العدوان.
موقف جماعة الحوثي تجسد في تصريحات لقيادات في الجماعة، إذ اعتبر حميد عاصم القيادي في الجماعة أن صنعاء تقف مع طهران وسط تنسيق مستمر ضمن محور المقاومة، وأنهم سيصعدون عملياتهم ضد إسرائيل تماشيا مع تطورات الحرب، وفقا لتصريحاته لموقع الجزيرة نت، مؤكدا الوقوف إلى جانب طهران، وتوسيع نطاق الاشتباك إذا اقتضى الأمر، اما عضو المكتب السياسي للجماعة محمد البخيتي فقد قال هو الأخر إن جماعته على تنسيق عال مع إيران، ومستعدة لمساندتها في المواجهة مع إسرائيل، وفقا لحديثه لقناة الجزيرة مباشر.
البخيتي ذهب للتهديد بإلغاء الاتفاق مع الولايات المتحدة المعلن في السادس من مايو الماضي بوساطة عمانية، حول وقف الاعتداءات بين الطرفين، في حال مهاجمة أمريكا لإيران، ملوحا باستخدام إيران أو اليمن في استخدام الألغام البحرية إذا لزم الأمر "لإغلاق خطوط الملاحة بالكامل في منطقتنا"، مضيفا في تصريحات نشرها موقع الجزيرة نت باللغة الإنجليزية بأنهم سيستهدفون أيضا "القواعد الأميركية في المنطقة"، وتحديدا تلك المشاركة في التحالف ضد اليمن، مثل السعودية والإمارات"، معتبرا أنهم لازالوا في حالة حرب مع هذه الدول.
فيما يتعلق بموقف الحكومة التابعة للحوثيين في صنعاء فقد أصدرت هي الأخرى بيانا في الرابع والعشرين من يناير أعربت فيه عن دعمها لإيران، وذلك بعد التدخل الأمريكي المساند لإسرائيل في استهداف منشآت إيران النووية.
غير أن الموقف الأكثر بروزا في سياق تعامل جماعة الحوثي مع عمليات إسرائيل وأمريكا ضد إيران برز بشكل لافت في الموقف العسكري، وذلك من خلال مسارعة الجماعة لإعلان تنفيذ عملية عسكرية نوعية استهدفت أهدافا داخل إسرائيل في ذات يوم انطلاق الهجوم على إيران، معتبرا العملية جاءت متناسقة مع العمليات التي ينفذها الجيش الإيراني والحرس الثوري ضد إسرائيل، وتعد الثانية من نوعها في تزامنها مع الضربات الإيرانية.
ناطق الحوثيين العسكري سارع في الـ21 من يونيو لاستباق الغارات الأمريكية على طهران، معلنا أن أي هجوم أمريكي يساند إسرائيل ضد إيران سيُقابل باستهداف السفن والحاملات الحربية الأمريكية في البحر الأحمر، وأن القوة الصاروخية التابعة لجماعته سوف تستهدف سفنه وبوارجه في البحر الأحمر، وقال إن "العدو الإسرائيلي يحاول إزاحة" إيران "لأنه يعتبرها العائق الأكبر في طريق إنجاز مخططه"، وأكد سريع أن "المعركة مع العدو الإسرائيلي المعتدي على إيران هي معركة الأمة بأكملها"، مشددا على أنهم سيقفون إلى "جانب أي بلد عربي أو إسلامي يتعرض لعدوان صهيوني.
الرد الإسرائيلي
في خضم هذه المواقف الصادرة عن جماعة الحوثي بادرت إسرائيل لفتح هجوم جديد في اليمن، وسرت أنباء في الـ14 من يونيو تفيد بوقوع انفجارات في محيط ميناء الحديدة، وفقا لوسائل إعلام عربية رجحت أن طائرات بدون طيار إسرائيلية استهدفت مخازن أسلحة تابعة للحوثيين، وجاء رد الجماعة في تصريح لناطقها العسكري أكد أن أطرافًا صهيونية شاركت في عدوان جوي محدود، وتوعد بالرد في الزمان والمكان المناسب.
وفي ذات اليوم أعلنت إسرائيل عن تنفيذ عملية هجومية في العاصمة صنعاء، وقالت وسائل إعلام تابعة لها إنها استهدفت شخصية رفيعة في الجيش التابع للحوثيين، وذكرت لاحقا أن تلك الشخصية هي رئيس الأركان في جماعة الحوثي محمد عبدالكريم الغماري.
لكن صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية كشفت في اليوم التالي إن الغارة الإسرائيلية لم تستهدف الغماري، بل استهدفت عضو المجلس السياسي الأعلى لجماعة الحوثي محمد علي الحوثي في العاصمة صنعاء، ولم يصدر عن الجماعة أي تأكيد على مقتل الشخصيتين.
وحظيت العملية الإسرائيلية ضد قيادات الحوثيين في اليمن خلال الهجمات الإسرائيلية على إيران بتشجيع وترحيب في الداخل الإسرائيلي، وكتب نوا لازيمي الباحث في معهد ميسغاف للأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية في القدس مقالا في صحيفة جي بوست العبرية طالب فيه تل أبيب "بمواصلة الرد على هجمات الحوثيين بحزم وثبات، مُرسلةً رسالةً واضحةً إلى الإيرانيين ووكلائهم على حدٍ سواء، مفادها أنها تخوض حربًا شاملة ضد محور الشر. يجب أن تُفهم طهران أنه لا يمكنها الاعتماد على شبكة وكلائها المتعثرة أصلًا لتضييق الخناق على إسرائيل".
وقال إن عملية إسرائيل ضد الحوثيين بالتزامن مع الهجوم ضد طهران يكتسب أهمية استراتيجية، فهي تُظهر قدرة إسرائيل على العمل في آنٍ واحد عبر جبهات متعددة، بل وبعيدة، كما تبرز قدرة إسرائيل على الوصول حتى إلى كبار القادة داخل جماعة الحوثي، معتبرا ذلك قد يُضعف معنويات الجماعة ويُبطئ زخم عملياتها، خاصة في ضوء الانسحاب الأمريكي الأخير من الساحة اليمنية، والذي فسّره الحوثيون على أنه انتصار، وفق تعبيره.
الاستنتاجات والدلالات
منذ بداية القصف الإسرائيلي على إيران، ثم الأمريكي كان واضحا مستوى التكهن في الأوساط السياسية الدولية حول موقف الحوثيين، وانخراطهم في الحرب لصالح إيران، خاصة أنهم الفصيل الأكثر تنظيما، والأقل تأثرا من جملة الفصائل التي تدعمها إيران في المنطقة، ووصفتهم صحيفة جي بوست العبرية بأنهم إيران الأخيرة.
التركيز انصب في تساؤلات حول مدى المشاركة التي سيقدمونها لطهران، ومدى مجازفتهم لخرق اتفاقهم مع أمريكا، وسعيهم لزعزعة حركة الملاحة، واقدامهم على استئناف الهجمات في باب المندب، والذي سيكون له بالغ الأثر في حال قررت إيران اغلاق مضيق هرمز.
الرد الحوثي جاء واضحا في تبني تأييد إيران، والانخراط المباشر معها عسكريا، من خلال مهاجمة إسرائيل، والتهديد بالعودة للهجمات البحرية في حال مشاركة واشنطن بقصف طهران إلى جانب تل أبيب.
غير أن الولايات المتحدة هاجمت بالفعل إيران، لكن الرد المتوقع من الحوثيين لم يحصل، ولم يصدر عن الجماعة ما يشير إلى رد الفعل المنتظرة، خاصة مع إعلان ترمب توقف العمليات بين أمريكا وإسرائيل، عقب مهاجمة طهران لقاعدة العديد الجوية في قطر، وهو الموقف الذي حظي بترحيب إيراني.
يشير الموقف الحوثي من الهجمات على إيران إلى أن الجماعة لاتزال مرتبطة بالسياسة الإيرانية، وأتاحت لها هذه الهجمات الفرصة بشكل أكبر للإعراب عن موقفها الكامل، وإثبات عدم تضررها من الحرب الأمريكية الإسرائيلية التي تعرضت لها مؤخرا، وتمكنت من لعب دور دعائي وإعلامي وعسكري وسياسي يدعم الموقف الإيراني، ويؤكد عملها ضمن محور الردع الإيراني ضد إسرائيل.
وتمكن الحوثيون من خلال هذه الأحداث خلال 12 يوما فقط من ارسال العديد من الرسائل، من بينها التعبير الصريح عن اصطفافهم المعلن ضمن محور المقاومة التابع لإيران، وشرعنة الرد الإيراني وتبريره دوليا، وهو ما يشير إلى أن هذا الموقف من الجماعة يعد اصطفافا استراتيجيا بعيد المدى.
وكرست الجماعة رؤيتها الخاصة للهجمات التي استهدفت طهران باعتبار أنها ثمنا لموقف إيران المؤيد للمقاومة الفلسطينية، وارسلت الإشارات العسكرية بأنها لاتزال قادرة على استعادة الهجمات البحرية، ولا تبالي بالموقف الأمريكي، ولديها الإمكانية في العودة للتصعيد البحري، أو مهاجمة إسرائيل.
وعكست تصريحات التضامن التي أطلقتها قيادات في جماعة الحوثي مع إيران إلى وجود تنسيق عالي بينهم وبين إيران، ما يعكس امتلاك الطرفين لمعلومات استخباراتية مشتركة، ويعزز التأييد العسكري لأي تصعيد، كما ظهرت الجماعة تتحدث بلغة ولاء عقائدية متسقة مع اللغة الإيرانية، وهو ما يبرز وجود المشروع العقائدي المشترك، الذي يتجاوز التحالف السياسي.
وأثبت الحوثيون من خلال موقفهم أنهم لازالوا قوة قادرة على التأثير، ويتطلعون لنفوذ في المنطقة كقوة عسكرية، وسياسة فاعلة ضد إسرائيل، وعكست مواقفهم عدم تسامحهم مع دول الخليج، وتحديدا السعودية والإمارات التي ينظرون لها باعتبارهم خصوما دائمين، ولا يترددون في إطلاق التصريحات لاستهدافهم، من منطلق علاقة الدولتين مع المجتمع الدولي، خاصة أمريكا.
ويمكن القول بشكل كلي إن موقف جماعة الحوثي من مهاجمة إيران لم يكن مستغربا، مثلما لم يكن عابرا، بل إنه يأتي ضمن استراتيجية متشابكة في الصراع الإقليمي، وعبر عن تحالف عقائدي، وتماسك تنظيمي، وسعى لفرض معادلات ردع، لكنه لايزال محاطا بالعديد من التهديدات لعل أبرزها الرغبة الإسرائيلية في إضعاف الجماعة، واستهداف قدرتها، على المستوى العسكري بالمقام الأول.
خلفية مهمة
وترتبط جماعة الحوثي بإيران بعلاقة متجذرة، وراسخة، وواضحة المعالم، وترسخت بشكل أكبر خلال العشرين عاما الماضية، واتخذت العديد من الأساليب والصور، لكنها دخلت طورا جديدا من الانفتاح بين الطرفين مع إسقاط الحوثيين للعاصمة صنعاء في الـ21 من سبتمبر 2014، وهو الحدث الذي أتاح للحوثيين لاحقا السيطرة على الدولة اليمنية، والتحالف مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح، في مواجهة العمليات العسكرية للسعودية التي قادتها تحت مسمى عاصفة الحزم بتحالف عربي في الـ26 من مارس 2015م.
غير أن هذا التحالف بين صالح والحوثيين انتهى بانقضاضهم عليه، وقتلهم له في الرابع من ديسمبر 2017م، وتفردهم الكامل بالحكم، مع المحافظة على واجهة شكلية لحزب المؤتمر الشعبي العام الذي كان يمثله صالح في صنعاء.
أتاحت الحرب التي شنتها السعودية على الحوثيين فرصة لهم للإطلالة على المجتمع الدولي، من خلال أولا تعذر الحسم العسكري وهزيمتهم، ثم الانخراط معهم في مشاورات بعدة دول، ثم التطور الذي حصل في منظومتهم العسكرية، ومبادرتهم لشن هجمات على الأراضي السعودية، وكذلك طريقة تعامل السعودية وحليفتها الإمارات في إدارة الملف اليمني، المعروف بصعوباته وتدخلاته، وانتقالها من خانة القائد العسكري للعمليات العسكرية ضد الحوثيين في اليمن، إلى مربع الوسيط بينهم وبين الحكومة الشرعية التي تدعمها، واتخاذها خطوات فعلية لهذا التقارب، ومن ذلك وقوفها خلف إزاحة الرئيس عبدربه منصور هادي من الحكم، واستبداله بمجلس قيادة رئاسي في الـ7 من أبريل 2022م، وجعلت من أبرز أولوياته التحاور والتفاوض مع جماعة الحوثي.
واتخذت السعودية خطوات فعلية نحو التعامل مع الحوثيين كطرف ومكون يمني، وليس عدوا كما كان عليه الحال في بداية الحرب التي شنتها، وأسهمت الوساطة العمانية المدفوعة برغبة سعودية في إذابة الجليد بين الحوثيين والرياض، ووصلت حد زيارة السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر إلى صنعاء في العاشر من أبريل 202م برفقة وفد عماني لأول مرة منذ 2015م.
غير أن حدوث طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023م حال دون المضي في اتجاه السلام، والخارطة التي كانت منتظرة بموافقة سعودية، وذلك بعد انخراط جماعة الحوثي في العمليات العسكرية المؤيدة لفلسطين، والمستهدفة لإسرائيل والتجارة الدولية البحرية، وهو ما دفع لاحقا لشن أمريكا وبريطانيا وإسرائيل سواء على انفراد أو بشكل مشترك لشن هجمات على الحوثيين في مناطق سيطرتهم داخل اليمن.
العلاقة مع إيران
لا تخفي جماعة الحوثي علاقتها بإيران، مثلما لا تنكر الأخيرة وجود علاقة مع الحوثيين، ووقوعهم في نطاق الجماعات والحلفاء الإقليميين الذين تمولهم طهران ماليا وعسكريا، ويتضح هذا من عدة مؤشرات، من بينها تقديس الحوثيين للثورة الإيرانية، ومحاولة استنساخها في اليمن، والتدخل العسكري المباشر إلى جانب طهران، وتحويل الحوثيين قيادات إيران الدينيين والعسكريين لرموز في مناطق سيطرتها، وللتذكير هنا فقد كانت إيران الدولة الوحيدة التي أرسلت سفيرها للعمل من صنعاء، واستقبلت سفيرا معينا من الحوثيين في طهران، والحديث هنا لا يتسع جذور العلاقة بين الطرفين، وواجهاتها المتعددة.
هذه العلاقة اتسعت خلال السنوات الأخيرة، مع بدء الحرب التي شنتها السعودية عليهم في اليمن، ومع التطورات المتسارعة في المنطقة، خاصة حرب إسرائيل في غزة، التي انخرطت فيها جماعة الحوثي بشكل كبير، واشتركت مع فصائل موالية لإيران في مهاجمة إسرائيل، بالتزامن أو لوحدها، وأعرب الحوثيون في أكثر من مناسبة عن تأييدهم للسياسة الإيرانية، ونصرتها، وباتوا يصنفون كأحد فصائلها المسلحة في المنطقة.
التسلسل الزمني للحرب بين إسرائيل وأمريكا وإيران
13 يونيو
إسرائيل تشن أولى الضربات الجوية ضمن “عملية Rising Lion”، مستهدفة منشآت نووية (نطنز، فردو، أصفهان) ومواقع عسكرية عليا داخل إيران، باستخدام طائرات مقاتلة وطائرات مسيرة.
13 يونيو (ليلاً)
رد إيراني واسع النطاق بهجمات صاروخية وبالطائرات المسيّرة، أطلقتها تحت اسم “عملية True Promise 3”، استهدفت مناطق في إسرائيل بما يزيد عن 150 صاروخًا وأكثر من 100 طائرة مسيّرة؛ تسبّب ذلك بإصابات وأضرار بينما تم اعتراض الغالبية بواسطة القبة الحديدية.
17–18 يونيو
ضربات إسرائيلية إضافية شملت قصف مقرّات إعلامية حكومية في إيران (IRIB – التلفزيون الرسمي).
19 يونيو
الهجوم على مستشفى سوروكا في بئر السبع (إسرائيل): صاروخ إيراني من نوع سجّيل يُصيب المستشفى، يخلّف أضرارًا وإصابات، ويعزز المزاعم بارتكاب جرائم حرب.
19–22 يونيو
تبادل صاروخي مستمر وبُلغ عن وصول الهجمات الصاروخية الإيرانية إلى المعدن المدني والعسكري؛ إسرائيل كثّفت الضربات الجوّية ضد مواقع إيرانية داخل طهران وأخرى.
22 يونيو
الولايات المتحدة تنضمّ بالضربة الجوية إلى إسرائيل ضمن “عملية Midnight Hammer”، مستخدمة قنابل ضخمة وصواريخ توماهوك لاستهداف منشآت نووية (فوردو، نطنز، أصفهان).
23 يونيو
هاجم الحرس الثوري الإيراني قاعدة العديد الجوية في قطر ردا على أمريكا بهجوم صاروخي إيراني باسم “Glad Tidings of Victory”، لكن الدفاعات قامت باعتراض الهجوم بالكامل، وفي نفس الوقت قصف إسرائيل مستهدفة سجن إيفين ومواقع مرتبطة بالحرس الثوري.
وفي ذات اليوم أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن هدنة مؤقتة مدتها 12 ساعة، بعد 12 يوماً من الصراع المكثّف.