الجزيرة:
2025-06-18@04:24:14 GMT

كيف تؤدي إسرائيل إلى خسارة الهند لحلفائها؟

تاريخ النشر: 29th, November 2024 GMT

كيف تؤدي إسرائيل إلى خسارة الهند لحلفائها؟

صعود الهند على الساحة الدوليّة كخامس أكبر اقتصاد في العالم، ورابع أكبر مستورد للنفط، يثير عددًا من التساؤلات حول مستقبلها ودورها على الساحة الدولية.

حقيقة الأمر، أن للهند موقعها ونظرتها إلى العالم، وهي تمتلك رؤية خاصة للمنطقة العربية، التي يُطلق الغرب عليها "الشرق الأوسط"، وهو مصطلح ترتبط دلالاته بحقبة الاستعمار، لكن الخارجية الهندية تسميها: "غرب آسيا وشمال أفريقيا".

وهي تسمية تعكس تأثر الهند بمعاناتها من الاستعمار البريطاني، إضافة إلى إدراكها التاريخي للعلاقات العريقة مع المنطقة.

هناك علاقة عضوية تاريخية بين الهند والعالم العربي تمتد إلى عصور مبكرة، مثل ارتباطها بحضارة دلمون (البحرين) وحضارة مجان (عُمان). كما تم العثور في سوريا على نقوش سنسكريتية هندية تعود إلى عصر السلالة الميتانية (1500 – 1350 قبل الميلاد). علاوة على ذلك، كان للحكم الإسلامي للهند أثر كبير في تشكيل هوية البلاد وثقافتها.

وحسب النظرة الهندية، فإيران ليست جزءًا من إقليم "غرب آسيا وشمال أفريقيا" (الشرق الأوسط)، فبين البلدين علاقات جوار طويل وتداخلات جغرافية وتاريخية، وهي إلى جانب ذلك مورد رئيسي للنفط الذي تحتاجه الهند.

أما علاقاتها مع دول الخليج فتتسم بتشابك اقتصادي واسع؛ فهي تستورد الغاز الطبيعي من قطر، والبترول من السعودية، والإمارات، والعراق، بأسعار تفضيلية. وإلى جانب ذلك، تلعب العمالة الهندية في المنطقة العربية دورًا محوريًا في العلاقات الثنائية.

فحجم التبادل التجاري بين الهند والسعودية يبلغ 52.67 مليار دولار سنويًا، ومع الإمارات يصل إلى 85 مليار دولار، بينما لا يزيد مع إسرائيل عن 4.42 مليارات دولار.

وقد تأخر اعتراف الهند بإسرائيل إلى عام 1994. ومنذ ذلك الوقت، تطورت العلاقات لتشمل التعاون العسكري والاستخباراتي، ما أدى إلى تغير في الرأي العام الهندي من مساندة القضية الفلسطينية إلى الانحياز لإسرائيل، رغم وجود 172 مليون مسلم هندي يدعمون القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم. تشاركهم في ذلك التيارات اليسارية وشريحة من المثقفين الهنود.

تواجه الهند معضلة في موازنة رغبتها في علاقات قوية مع الدول العربية من جهة، وعلاقاتها القوية مع إسرائيل من جهة أخرى. وهي حيرة تشبه تلك التي تعانيها في علاقاتها مع الصين التي تتعارض أيضًا مع علاقاتها مع الغرب.

ولنبدأ من معضلة علاقاتها بالصين، حيث يمكن القول إن الاتفاق الحدودي الذي وقعته معها في مدينة قازان الروسية خلال اجتماع مجموعة بريكس، ليس إلا ذوبانًا "تكتيكيًا" للجليد لا دفئًا بعيد المدى، وذلك في ظل حاجة الهند إلى التعامل مع الآثار السلبية للأزمات العالمية.

وقد ساعد هذا الاتفاق على إنهاء التوتر الذي بدأ في عامي 2020 و2022، لكنه لم يتضمن خطوات أساسية مثل خفض التصعيد أو سحب القوات الأمامية.

تدرك الهند أن أي تقارب مع الصين يُثير قلق شركائها الغربيين، الذين ينظرون إلى الهند على أنها أكبر ديمقراطية في العالم، ويخشون من انضمامها إلى تحالف روسي- صيني قد يُهدد الهيمنة الغربية على الاقتصاد العالمي.

الهند تسعى لتحقيق توازن دقيق بين تطلعاتها لأن تصبح قطبًا فاعلًا في نظام عالمي متعدد الأقطاب، وبين مخاوفها من أن تُصبح قارة آسيا "أحادية القطبية" تحت سيطرة نفوذ صيني غير محدود.

لتحقيق هذا التوازن، تُحاول الهند اجتذاب الاستثمارات الصينية، وتعزيز الشراكات في مجال التصنيع، مع الحفاظ على علاقاتها الإستراتيجية مع الغرب، الذي تعتمد عليه بشكل كبير في صادراتها من تكنولوجيا المعلومات والبرمجيات وخدمات الإنترنت. وهنا تكمن معضلتها، حيث ستواجه قريبًا خيارات تحدد مستقبلها ومستقبل العالم.

فأمامها خيار أن تنحاز إلى الصين فتشكلان معًا قوة جديدة في جنوب شرق آسيا تتحدى الغرب. إن قرارًا من هذا النوع سيشكل تغيرًا جذريًا على الصعيد الدولي، عبر اجتماع الاقتصاد الثاني عالميًا (الصين) مع الاقتصاد الخامس عالميًا (الهند).

أما خيارها الثاني، فهو اتباع سياسة براغماتية بحتة تحفظ علاقاتها مع الجميع سعيًا إلى الحفاظ على مصالحها. ولا يملك هذا الخيار فرصًا كبيرة للنجاح، إذ يتطلب حذرًا شديدًا وشفافية مع شركائها الغربيين حول فحوى مباحثاتها مع الصين، وشفافية مع الصين بشأن فحوى مناقشاتها مع الغرب.

من بين التحديات التي تواجهها الهند أيضًا، تطوير قطاعها الدفاعي. فعلى الرغم من أنها تنتج طائرات مقاتلة، فإن محدودية نفوذها الدولي وصعوبات تسويق هذه المنتجات تعوق طموحاتها. الغرب، الذي يسيطر على سوق السلاح، يُشكل عقبة أمام الهند في هذا المجال، بينما يمكن أن تساعدها شراكة مع روسيا والصين على تطوير صناعات عسكرية متقدمة، ما قد يحول الهند إلى مصدر للسلاح بدلًا من مستورد له.

وبالعودة إلى معضلة علاقاتها بالعرب، تعرف الهند أن مواصلة تعزيز علاقاتها مع إسرائيل سيشكل تهديدًا لمصالحها الاقتصادية مع الدول العربية والإسلامية. إذا أُطلقت حملة مقاطعة ضد الهند، فقد تتأثر بشدة علاقتها مع الدول الإسلامية، مما يجعلها بحاجة إلى إدارة هذه العلاقة بحذر بالغ.

الهند تُدرك أنها بحاجة إلى إستراتيجية واضحة لمستقبلها، وشفافية في التواصل، سواء مع العرب أو مع العالم، ولا سيما إذا أرادت مواصلة البراغماتية في مدّ علاقاتها مع المعسكرات الدولية المتخاصمة.

وهو تحدٍّ يواجه رئيس الوزراء ناريندرا مودي، الذي أثار قلق دوائر غربية مؤخرًا بشأن تراجع الديمقراطية الهندية عندما اتخذ خطوات لمزيد من مركزة السلطة على حساب حكم الأقاليم غير المركزي.

كما يثير غضب الأوساط العربية والإسلامية؛ بسبب تواصل السياسات العنصرية ضد المسلمين في الهند، إضافة إلى العلاقات الدافئة مع إسرائيل فيما تتواصل مجازرها في غزة ولبنان.

الهند تجد نفسها في موقف صعب أيضًا فيما يتعلق بعلاقاتها الإقليمية. فهي تعاني من توتر تنافسي مع باكستان، وظهرت مؤخرًا بوادر توتر إضافي مع إيران. كما أن علاقاتها مع بنغلاديش وسريلانكا تواجه تحديات مستمرة، إضافة إلى قضية كشمير التي تُعد جرحًا نازفًا يؤثر على صورة الهند لدى العالَمين العربي والإسلامي.

فهل تعيد الهند تقييم سياستها تجاه محيطها الجغرافي الحيوي الذي تعصف به التوترات؟

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات علاقاتها مع مع إسرائیل مع الصین الهند ت التی ت

إقرأ أيضاً:

محمد كاظمي صائد الجواسيس الإيراني الذي اغتالته إسرائيل

محمد كاظمي قيادي أمني وعسكري إيراني بارز، ولد عام 1957 شرقي طهران واغتالته إسرائيل في غارات جوية شنتها على العاصمة ومدن إيرانية أخرى في منتصف يونيو/حزيران 2025.

انضم إلى الحرس الثوري الإيراني مع نهاية ثمانينيات القرن العشرين، وتولى العديد من المهام الأمنية، أبرزها مهمة الكشف عن الجواسيس داخل وزارة المخابرات عام 1998، كما تقلد منصب رئيس جهاز استخبارات الحرس الثوري.

عرف كاظمي في الأوساط الأمنية بألقاب كثيرة منها "حاج كاظم" و"صائد الجواسيس"، وترقى في الرتب الأمنية والعسكرية في الأجهزة الإيرانية، وتولى مسؤولية ملفات أمنية واقتصادية حساسة.

المولد والنشأة

ولد محمد كاظمي -المعروف بلقب "حاج كاظم"- في 11 يوليو/تموز 1957 في مدينة سمنان شرقي العاصمة طهران.

محمد كاظمي بدأ مسيرته مع الحرس الثوري الإيراني في ثمانينيات القرن العشرين (الصحافة الإيرانية) التجربة المهنية والعسكرية

تعود بدايات مسيرته المهنية في الحرس الثوري الإيراني إلى ثمانينيات القرن الـ20، إذ انضم إلى اللجان الثورية التي شُكلت لمواجهة ما وُصف بـ"قوة معارضة الثورة الإيرانية"، ثم ألحقت فيما بعد بوزارة المخابرات.

وفي 1998 أوكلت إليه مهمة الكشف عن الجواسيس داخل وزارة المخابرات، بعد تحقيق مع عدد من عناصر الوزارة، اتهموا بالتورط في اغتيال كتاب وشعراء فيما عُرف حينئذ بـ"مسلسل القتل"، فحاز على لقب "صائد الجواسيس"، ويُنسب إليه كذلك التخطيط لاختطاف الصحفي آرش شعاع شرق من تركيا في عام 2018.

إعلان

عين عام 2009 رئيسا لقسم مكافحة التجسس وأمن المعلومات داخل جهاز استخبارات الحرس الثوري، وتولى هذا المنصب تزامنا مع الاحتجاج الذي عرف بـ"الثورة الخضراء"، وكانت أكبر أزمة داخلية في إيران منذ ثورة 1979.

ونبع هذا القرار من رغبة المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي في ملء المناصب العليا في الحرس الثوري بعناصر لها "سجل حافل" في "ملاحقة الجواسيس".

تولى كاظمي مناصب عدة داخل الحرس الثوري، من بينها قيادة وحدة "حماية المعلومات" عام 2019 ووحدة "الإشراف على شؤون قادة ومسؤولي الحرس"، كما شغل منصب رئيس "منظمة حماية الاستخبارات".

وتعد هذه المنظمة إحدى وكالات الاستخبارات التابعة للحرس الثوري، وهي المسؤولة عن مكافحة التجسس داخل الحرس، وتسعى إلى منع تسلل التيارات التي لا تتوافق مع السياسة الداخلية إليه، إضافة إلى حماية أفراده سياسيا وأمنيا.

وفي يوليو/تموز 2022، عين كاظمي رئيسا لجهاز استخبارات الحرس الثوري خلفا لحسين طائب بقرار من قائد الحرس الثوري العميد حسن سلامي ، الذي اغتالته إسرائيل هو الآخر في الغارات نفسها.

وتولى كذلك مسؤولية ملفات في إطار محاربة الفساد الاقتصادي والأخلاقي، والتحقيق في بعض الانتهاكات التي ارتكبها أعضاء في المؤسسة العسكرية.

ونظرا لطبيعة عمله الاستخباراتي، لم يظهر كاظمي إلا في عدد محدود من الصور، كما أنه لم يسمح بتداول معلوماته الشخصية في وسائل الإعلام.

مقتله

أعلنت وسائل إعلامية إيرانية مساء الأحد 15 يونيو/حزيران 2025 مقتل العميد محمد كاظمي ونائبه حسن محقق جراء الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع حساسة في العاصمة طهران في اليوم نفسه.

مقالات مشابهة

  • ماذا نعرف عن الصاروخ فتاح الذي أعلنت إيران إطلاقه على إسرائيل؟
  • أسرع من الصوت.. ما هو صاروخ فتّاح الذي أطلقته إيران على إسرائيل؟
  • المستشار الألماني يعترف: “إسرائيل” تؤدي مهمة قذرة نيابة عنا جميعاً
  • المستشار الألماني يعترف بدعم العدوان على إيران: “إسرائيل” تؤدي مهمة قذرة نيابة عنا جميعاً
  • كاتبة بريطانية: إسرائيل دمرت سمعتها بغزة وتحاول ترميمها عبر حرب إيران
  • هشام الحلبي: إسرائيل تسعى لاستدراج الغرب بدعوى الانهيار
  • سقط في الوحل.. الغرب الأعمى يحر.ق الشرق الأوسط لإنقاذ إسرائيل
  • مراسل #الجزيرة: مجلس حكام الوكالة الدولية فشل في تبني قرار يدين هجمات إسرائيل على منشآت #إيران النووية
  • محمد كاظمي صائد الجواسيس الإيراني الذي اغتالته إسرائيل
  • معهد وايزمان عقل إسرائيل النووي الذي قصفته إيران