مشاريع استراتيجية لتنويع الاقتصاد: “مبادرة الضمانات” مع إسبانيا من أجل التوطين الصناعي
تاريخ النشر: 29th, November 2024 GMT
29 نوفمبر، 2024
بغداد/المسلة: العراق يخطو خطوات طموحة نحو توطين الصناعة المحلية من خلال “مبادرة الضمانات”، حيث توفر إسبانيا قروضًا ميسرة لدعم الاستثمار الصناعي المحلي ما يعكس رؤية استراتيجية لتنويع الشراكات الدولية وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة.
مبادرة الضمانات: نحو التوطين الصناعي
تمثل “مبادرة الضمانات” محطة بارزة في سعي العراق لرسم مستقبل زاهر لصناعته المحلية حيث تهدف المبادرة إلى توطين الإنتاج وربطه بالتقنيات والمنشآت المتطورة عالميًا.
ووفقًا للمبادرة، ستقوم إسبانيا بتقديم قروض مالية ميسّرة للعراق لتعزيز الاستثمار الخارجي داخل البلاد ودعم الصناعة المحلية.
هذه الخطوة تأتي ضمن سلسلة من المبادرات التي أطلقها العراق مع دول مثل ألمانيا وإيطاليا وأمريكا من أجل تعزيز قدرات البلاد في الإنتاج الوطني، وتقليل الاعتماد على الواردات، مما يسهم في تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة.
وفي هذا السياق، أُعلن عن توقيع محضر للتعاون المشترك بين العراق وإسبانيا لتأسيس مصانع ذات مناشئ إسبانية عبر القطاع الخاص العراقي. وحضر مراسم التوقيع شخصيات بارزة، من بينهم المستشار الفني لرئيس الوزراء العراقي، محمد صاحب الدراجي، ورئيس منظمة الضمان الإسبانية، فرناندو سالازا، إلى جانب رئيس اتحاد الصناعات العراقي وممثلين عن الغرف التجارية في البلاد.
ومن المؤمل ان يؤدي هذا التعاون الى الاستفادة من الخبرات الإسبانية في تطوير البنية التحتية الصناعية.
تطوير شبكة السكك الحديدية
إلى جانب الخطط الصناعية، يعمل العراق على تحديث وتوسيع شبكة السكك الحديدية بالتعاون مع شركات دولية، اذ تم الاتفاق مع شركة السكك الحديدية الإسبانية “إيمانيا” على مشروع طموح لمد خطوط جديدة لنقل المسافرين.
ويُعد هذا المشروع أحد الإنجازات التي تسهم في تحسين النقل العام وتعزيز الترابط الإقليمي.
خلاصة.. ما أهمية “مبادرة الضمانات”
تعد “مبادرة الضمانات” خطوة استراتيجية هامة نحو تعزيز توطين الصناعة المحلية في العراق، حيث تسهم في تقليل الاعتماد على الواردات وزيادة قدرة البلاد على إنتاج السلع الأساسية والتقنيات الحديثة.
ومن خلال تقديم القروض المالية الميسرة من إسبانيا، يتم توفير بيئة مواتية للاستثمار المحلي وتطوير البنية التحتية الصناعية، ما يعزز من قدرة القطاع الخاص العراقي على المنافسة والنمو.
المبادرة تدفع نحو انتقال اقتصادي مستدام، إذ تساهم في خلق فرص عمل جديدة، رفع كفاءة الإنتاج، وتطوير مهارات القوى العاملة.
كما أن توطين الصناعة يعزز من استقلالية العراق الاقتصادية ويقوي مركزه في الأسواق الإقليمية والدولية.
ومع هذه الخطوة، يصبح العراق أكثر قدرة على مواجهة التحديات الاقتصادية ويحقق تقدمًا ملموسًا نحو تنمية شاملة ومستدامة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
لماذا أُثيرت قضية “خور عبدالله” ومن يقف وراءها
آخر تحديث: 2 غشت 2025 - 9:47 صبقلم: سمير عادل المأساة ليست في مَن يبيع الأوهام، إنما في مَن يشتريها دون أن يدرك أنه وقع في كمين سياسة التضليل. وعند إدراك الحقيقة، لا يمكن حتى إعادتها إلى صاحبها أو إعادة بيعها للتخفيف من وجع السقوط فيها.السيادة، بالمفهوم البرجوازي للدولة القومية، غير موجودة في العراق. فهناك أكثر من خمسين نقطة وقاعدة وموقع عسكري تركي في كردستان العراق، فلا ذكر لها في الإعلام حتى من باب تسجيل موقف. أما الميليشيات المنضوية في “الحشد الشعبي”، التي أُقرت شرعيتها بقانون صادق عليه مجلس النواب عام 2016، فيعلن رئيس أركانها “أبوفدك” أنه ينتظر أوامر المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، للرد على إسرائيل إثر اغتيالها لرئيس المكتب السياسي لحماس في طهران قبل أشهر. ولا حديث ولا حتى عتابا بين “الأحبة” – حكومة السوداني ووزرائها – على هذا التصريح. وهناك مجموعات أخرى تصرّح بأن نزع سلاحها على يد الحكومة مجرّد “وهم”، بل تقوم بتهديد الحكومة العراقية إذا ما أقدمت عليه. وبين هذا وذاك موسِم المسيّرات في ضرب الحقول النفطية في دهوك والسليمانية ومطار كركوك، في بلدٍ ليس لمسؤوليه شغلٌ ولا شاغلٌ سوى العويل والبكاء على حصر السلاح بيد الدولة وقدسية السيادة. من جهة أخرى، حوّلت إيران وإسرائيل السماء العراقية خلال 12 يومًا من القتال إلى ساحة للعبة كرة المنضدة، حيث يضرب كل منهما الآخر من خلالها. كما أن إيران بين الحين والآخر تقصف مدينة أربيل بحجة استهداف “أوكار الجواسيس الإسرائيليين،” في حين أن أكبر وكر للتجسس على إيران والمنطقة بأكملها هو السفارة الأميركية في بغداد، التي تُعدّ واحدةً من أكبر سفاراتها في العالم ويبلغ عدد موظفيها أكثر من 5000 شخص، ومع ذلك فهي محروسة من قبل “الحرس الثوري” وميليشياته الولائية في العراق. ورغم كل هذا، ترتفع سخونة الاحتجاجات والمطالبات حول “خور عبدالله” والبكاء على سيادة العراق!
لماذا هذه الضجة الآن حول “خور عبدالله”، ومن يقف وراءها؟
اتفاقية “خور عبدالله” هي حصاد هزيمة العراق في احتلاله للكويت، وصادقت عليها حكومة المالكي الثانية في 29 أبريل 2012، ووقعها وزير النقل هادي العامري. وتحولت إلى قانون مرقّم 42 عام 2013، بعد مصادقة البرلمان ثم توقيع الرئاسة عليها، ونُشرت في جريدة “الوقائع العراقية” العدد 4299 الصادر في 25 نوفمبر 2013، وأُودعت في صندوق الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية. ثلاثة مشاهد ساخرة في “الصحوة الوطنية” التي اجتاحت اليوم عقول وصدور عدد من السياسيين في الأحزاب والميليشيات الإسلامية “الولائية”: المشهد الأول، عددٌ ممن يرفعون اليوم لواء الوطنية والسيادة ويتباكون بحرقة على “خور عبدالله”، وكانوا جزءًا من حكومة نوري المالكي التي وقّعت على الاتفاقية عام 2012. أما المشهد الثاني، فهو إلغاء الاتفاقية أو إبطال قانون التصديق عليها بعد عشر سنوات من المصادقة عليها، وتحديدًا في 4 سبتمبر 2023، وهو ما يطرح تساؤلات جدّية حول التوقيت والدوافع. والمشهد الأخير، أن القاضي فائق زيدان، رئيس مجلس القضاء الأعلى، كان شاهدًا على قرار المحكمة الاتحادية بإبطال القانون، وهي محكمة تُعدّ جزءًا من مجلس القضاء الأعلى الذي يتحكم به زيدان نفسه. لكنه اليوم، وبعد سنتين من القرار، يفاجئنا بمقالٍ في صحيفة “الشرق الأوسط” (الصادرة في 25 يوليو) يقول فيه إن إلغاء قانون الاتفاقية غير قانوني! ما كان يقف خلف إبطال الاتفاقية في 2023، هو ببساطة نفوذ إيران في العراق والمنطقة. فعندما تصاعد الخلاف بينها وبين الكويت بشأن حقل الدرة النفطي والغازي الواقع في منطقة “خور عبدالله”، حركت طهران أذرعها في العراق للضغط على الكويت من خلال إبطال الاتفاقية. فما الذي تغيّر اليوم في المشهد السياسي، حتى ينقسم أهل “الإطار التنسيقي” من نواب وبرلمانيين وسلطة تنفيذية وقضائية إلى “خونة” و”وطنيين”، وإلى من يبكي بحرقة أشد من حرّ صيف العراق على السيادة و”خور عبدالله”، ومن يُتّهم ببيع العراق بـ”رخص التراب”؟ الجواب ببساطة، إنه الشرق الأوسط الجديد؛ التحولات الكبرى عصفت بالمنطقة، وفي القلب منها تراجع النفوذ الإيراني.هذه الرياح دفعت رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، ورئيس الجمهورية عبداللطيف رشيد، ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، إلى “الاستيقاظ من الغفوة الوطنية” – إن صح التعبير – ومحاولة اللحاق بالركب الجديد الذي تتجه سفنه نحو الغرب. إنَّ السوداني، الذي غرق مدة سنتين في “الصحوة الوطنية” الإيرانية، يحاول اليوم الانسحاب من موقف إلغاء الاتفاقية بهدف تحسين موقعه السياسي أمام الكويت، بوصفها بوابة الخليج وبالتالي المحيط العربي، بما يمنحه فرصة لتعزيز فرص تجديد ولايته بعد انتخابات نوفمبر المقبلة، وإعادة التموضع سياسيًا بعد تراجع مكانة الجمهورية الإسلامية، من خلال خلق مسافة بينه وبين طهران، في محاولة لكسب رضا المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة، وإظهار عدم خضوعه للنفوذ الإيراني – على الأقل في هذه المرحلة – بعد فشله في كبح جماح الميليشيات ومحاولة تقويض خصومه السياسيين من حلفاء إيران داخل العراق، عبر تقديم نفسه كلاعب مستقل ومتوازن. في المقابل، يحاول خصوم السوداني استخدام ورقة “خور عبدالله” للظهور بمظهر المدافع عن السيادة، ووصمه بالخيانة، واتهامه بعدم الأهلية لحماية مقدرات العراق، بهدف النيل منه انتخابيًا.
معضلة “خور عبدالله” لا تكمن في مَن باعها أو مَن اشتراها، ولا في التنازع بين التخوين والوطنية، ولا حتى في ما إذا كان التنازل عنها قانونيًا أم غير قانوني. فجميع الأطراف التي صادقت على الاتفاقية من مختلف الأطراف والأطياف في حكومة المالكي والبرلمان، بمختلف انتماءاتها، سبق أن قدمت ثروات العراق وجماهيره على طبق من ذهب للغزاة الأميركيين مقابل تنصيبهم في السلطة. المعضلة الحقيقية تكمن في غياب الحصانة السياسية لدى الجماهير، ما يجعل من السهل اللعب على عواطفها وجرّها إلى أتون الصراع السياسي، مع التعمية على ما وراء هذا الصراع من ضحك على الذقون، في موسم بات معروفًا بـ”الاصطياد في المياه العكرة.” الإعلام المأجور والمشبوه، المملوك للأحزاب والميليشيات، ومعه جوقة السياسيين، لم يفتحوا أفواههم يومًا، ولم يثيروا أيّ ضجة حول حقيقة أن الحكومات العراقية المتعاقبة دفعت أكثر من 52 مليار دولار إلى صندوق التعويضات للكويت. إن التغيير الجذري في العملية السياسية وإنهاء عمر هذه السلطة هو الطريق الوحيد لحماية مقدّرات الجماهير وثرواتها وضمان توزيعها بشكل عادل. وذلك لا يمكن أن يتحقق إلا عبر حكومة غير قومية وغير دينية، أي علمانية، تقرّ دستورًا وقانونًا مدنيًا ضامنًا للمساواة المطلقة بين جميع المواطنين، دون أي تمييز على أساس القومية أو الدين أو الطائفة أو الجنس.