هل ينجح السوداني في إجراء تعديل وزاري بالعراق؟
تاريخ النشر: 29th, November 2024 GMT
بغداد- تزايد في الأيام الأخيرة الحديث عن تعديل وزاري محتمل في حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني كجزء من التزاماته بتقييم أداء الوزراء بناء على برنامج وافقت عليه الحكومة منذ أكثر من عام.
وفي اجتماع لمجلس الوزراء في 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلن السوداني نيته إجراء تعديل بمناسبة مرور عامين على تشكيل الحكومة، فأثار بذلك تساؤلات بشأن توجهها السياسي خاصة أنه يأتي قبل عام واحد من الانتخابات البرلمانية القادمة.
وقال في تصريحاته إن "التعديل الوزاري ليس موقفا سياسيا تجاه هذه الكتلة أو هذا الحزب، وإنما رغبة في الوصول إلى أداء أكثر فاعلية لتلبية متطلبات المرحلة وتطلعات المواطنين"، مضيفا أن "نسبة الإنجاز الحكومي بلغت 62%، وتم تحقيق نجاح في ملفات بارزة ومهمة ومواجهة صعوبات في ملفات أخرى، وتأخرنا في بعض التفاصيل".
ومع ذلك، لم يكشف السوداني عن أسماء الوزراء المرشحين للاستبدال، فزادت الشكوك حول أسباب التعديل الحقيقية.
في الأثناء، أكدت عضو مجلس النواب سهيلة السلطاني عدم تهاون البرلمان مع أي خلل أو تقصير يؤثر على عمل أو أداء أي وزير أو مسؤول حكومي. وقالت -للجزيرة نت- إن البرلمان يتحمل دورا حاسما في مراقبة أداء المسؤولين والتعامل مع أي تلكؤ بحزم وجدية.
وأوضحت أنه عند التصويت على الحكومة الحالية، كان الشرط الأساسي أن تكون هناك تقييمات لأداء الوزراء والمديرين العامين والوكلاء، مشددة على أن البرلمان يرفض التخلي عن هذا الدور.
وكان مجلس النواب العراقي قد أقر يوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي المنهاج الوزاري لحكومة السوداني قبيل تسلمه مهامه، وتضمن ورقة عمل تتكون من محورين؛ الأول تنفيذي والثاني يتعلق بالتشريعات.
وحسب السلطاني، يراقب البرلمان أداء المسؤولين في مفاصل الدولة، وأي خلل في ذلك ينبه عليه مواطنون أو نواب أو رئيس الوزراء يتم التعامل معه بشكل حازم. وأكدت أن البرلمان يرفد رئيس الوزراء بكل المعلومات التي يمتلكها عن مسؤولي فريقه الحكومي وأنه سيتفاعل بشكل إيجابي مع قرار رئيس الحكومة لدى تقديم أي مسؤول يعاني من قصور في الأداء.
من جانبه، أكد عضو مجلس النواب محمد البلداوي أن السلطة التشريعية تراقب حالات الخلل وتقيم أداء المؤسسات. وأوضح -للجزيرة نت- أن التقييم الوزاري هو ضمن عمل الحكومة واختصاص رئيسها، وهو من سيقرر إذا كانت هناك حاجة إلى تعديل أم لا.
أمر مستحيليُذكر أنه في أبريل/نيسان 2023، أشار السوداني -لأول مرة- إلى عزمه على المضي في إجراء تعديل وزاري في حكومته، مؤكدا أنه سيكون "في الوقت المناسب". وأضاف حينئذ "نتعامل مع الوزراء بشكل واضح وصريح بشأن تقييم عملهم مهنيا، والدستور يمنح رئيس الوزراء صلاحية إعفاء الوزير المقصر".
وحسب تصريحاته، كانت هناك مهلة أولية بـ6 أشهر لمراجعة أداء الوزراء وتقييم مدى التزامهم بالمهام الموكلة إليهم، مع إمكانية تغيير أي مسؤول لا يحقق الأهداف المطلوبة.
وتابع النائب البلداوي أن المسؤولية تكافلية بين رئيس الحكومة والوزراء في تنفيذ ما جاء في المنهاج والبرنامج الحكومي لكل وزارة ومؤسسة، مشددا على أن الوزراء يتحملون المسؤولية عن ذلك.
من جهته، يرى رئيس "مركز الرفد للدراسات" عباس الجبوري أن خيار التعديل الوزاري من قبل رئيس الحكومة يعدّ أمرا مستحيلا في الوقت الحالي "لأن جميع الوزراء جاء اختيارهم من قبل الكتل السياسية التي تتحكم في التوازنات السياسية داخل البلاد".
وقال الجبوري -للجزيرة نت- إن هذا الموضوع لا يمكن أن يتم إلا عند توفر استجوابات قانونية في مجلس النواب، مضيفا أن أي وزير أو مسؤول يُشار إلى قصور في عمله يجب استجوابه داخل المجلس، وفي حالة عدم القناعة بإجاباته يصار إلى إقالته وترشيح شخصية غيره.
توازنات سياسيةووفقا للجبوري، فإن الضغوط والتوازنات السياسية والمحاصصة هي التي تمنع تبديل أي وزير أو مسؤول حتى نهاية المرحلة، ولن يكون هناك أي تغيير وستبقى الحكومة على ما هي عليه حتى نهاية عهدتها بعام 2025 وإجراء الانتخابات.
ويُعد الموعد الانتخابي القادم للبرلمان العراقي استحقاقا دستوريا ثابتا، حيث يتم تحديده بناء على المادة 62 من الدستور التي تنص على أن الانتخابات العامة يجب أن تجرى بعد مرور 4 سنوات على أول جلسة لمجلس النواب، مع حذف 45 يوما من هذه الفترة. وبناء عليها، يكون الموعد يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول كل 4 أعوام.
من ناحيته، رجح الباحث السياسي علي المطيري أن يشمل التعديل من 4 إلى 5 وزراء، قائلا إنه تم تشخيص "تلكؤ" في عمل وزارات عدة. وبرأيه، فإن "الكتل السياسية هي التي تعرقل تغيير الوزراء الذين تحوم حولهم إشكالات وعلامات استفهام".
وأضاف المطيري -للجزيرة نت- أن السوداني، وفي أول 100 يوم من حكمه، ألزم نفسه بإجراء تغييرات، و"لكن مع الأسف لم يتمكن من تحقيق أي نتائج في هذا الخصوص"، مؤكدا أهمية الضغط من رئيس الحكومة لتغيير الوزراء الذين تم تسجيل ملاحظات عليهم من قبله ومن الكتل السياسية لوضع حد لهذا الجدل المستمر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رئیس الوزراء رئیس الحکومة مجلس النواب للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
المغرب يدين تعنت الجزائر التي ترهن العملية السياسية على حساب الاستقرار الإقليمي
أدان المغرب، الثلاثاء أمام لجنة الـ24 التابعة للأمم المتحدة، تعنت الجزائر التي ترهن العملية السياسية الخاصة بالصحراء المغربية، على حساب الاستقرار الإقليمي.
وخلال الدورة العادية للجنة الـ24، المنعقدة ما بين 9 و20 يونيو الجاري، أكدت نائبة السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، ماجدة موتشو، أن “العملية السياسية الجارية تحت إشراف الأمين العام والتي ييسرها مبعوثه الخاص، بدعم من مجموع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، لا يمكن أن تظل رهينة تعنت وعناد بلد وحيد، على حساب الاستقرار الإقليمي”.
وشددت على أن المجتمع الدولي وغالبية الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن خلصوا إلى هذا الاستنتاج، معربة عن الأسف لكون بعض الأطراف تواصل الاستغلال السياسي لقضية الصحراء المغربية لخدمة مصالح لا تمت بصلة لمبادئ حق تقرير المصير.
وقالت إن “بلدا جارا، يعد طرفا رئيسيا في هذا النزاع الإقليمي، ويدعي الدفاع عن حق تقرير المصير، يعرقل منذ عقود أي حل واقعي وبناء من خلال استغلال مبادئ ميثاق الأمم المتحدة لأهداف سياسية وسعيا للهيمنة”.
وأضافت أن البلد ذاته، السباق إلى التحدث بشأن الصحراء المغربية وتعبئة قنوات دبلوماسية ومالية هامة من أجل تغذية الانقسام والانفصال، يلوذ بالصمت المطبق بشأن باقي القضايا المدرجة في جدول أعمال هذه اللجنة.
واعتبرت موتشو أن “هذا الموقف الانتقائي يشي بالكثير عن دوافعه الحقيقية ويظهر إرادة صريحة لتحويل العملية السياسية الأممية عن هدفها، خدمة لاستراتيجية تروم زعزعة الاستقرار الإقليمي”.
من جانب آخر، تطرقت نائبة السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة إلى الدينامية الدولية الإيجابية الداعمة لحل سياسي وواقعي وبراغماتي ومستدام، يقوم على التوافق، لتسوية هذا النزاع الإقليمي بشأن الصحراء المغربية، مسجلة أن هذه الدينامية ما فتئت تتعزز حول المبادرة المغربية للحكم الذاتي.
وقالت إن هذه المبادرة، التي حظيت بترحيب مجلس الأمن الدولي منذ تقديمها إلى الأمين العام في 2007، تعتبر اليوم استجابة ملموسة لانتظارات المنتظم الدولي، إذ تنسجم بشكل كامل مع روح القرارات الأممية ذات الصلة، مذكرة بأن هذا المبادرة تحظى اليوم بدعم أزيد من 118 بلدا في كافة مناطق العالم، من بينها القوة الاستعمارية السابقة في المنطقة، إلى جانب ثلاثة أعضاء دائمين في مجلس الأمن.
وسجلت، من جانب آخر، التناقض الجوهري في المناقشات داخل لجنة الـ24 التي تواصل، بشكل مجانب للصواب، إدراج قضية الصحراء، ضمن مسألة تصفية الاستعمار، مؤكدة أن هذا الوضع “لا يعكس لا الحقائق التاريخية والواقع الميداني، ولا تطور الملف داخل مجلس الأمن، ولا، أيضا، رأي أغلبية المجتمع الدولي، بما في ذلك العديد من البلدان التي عبرت عن رأيها أمام هذه اللجنة بشأن هذه القضية”.
وحرصت على التذكير بأن لجنة الـ24، التي تضطلع بتنفيذ القرار رقم 1514 الذي اعتمدته الجمعية العامة الأممية في 14 دجنبر 1960، مدعوة إلى أن تأخذ بعين الاعتبار تطور مفاهيم وآليات القانون الدولي، مضيفة أنه لا يمكن لهذه اللجنة الاضطلاع بدورها بشكل فاعل مع التغاضي عن آليات تنفيذ القرار المذكور، التي حددتها ووافقت عليها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، لاسيما في القرار 1541 الذي اعتمدته الجمعية ذاتها في 15 دجنبر 1960.
وقالت الدبلوماسية المغربية إنه “من الضروري التذكير بأن القرار 1541، الذي غالبا ما يتم عمدا إغفاله في هذا النقاش، يوضح أن الحكم الذاتي يعد صيغة لإعمال حق تقرير المصير”، مسجلة أنه خلافا للخطابات الإيديولوجية الضيقة التي تروج لها حفنة من الدول، فإن هذا الحق لا يقتصر على الاستقلال. بل يمكن ممارسته، وفقا للقانون الدولي نفسه، من خلال نظام حكم ذاتي داخلي ضمن إطار مؤسساتي أوسع للدولة.
وأوضحت الدبلوماسية أن هذه المقاربة الواقعية هي ذاتها التي تقترحها المبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي توفر إطارا للحكم الذاتي المتقدم، في إطار احترام سيادة المملكة المغربية ووحدتها الترابية.
وأكدت السيدة موتشو أن هذه المقاربة تحظى بدعم صريح من ساكنة الصحراء المغربية، من خلال مشاركتها الواسعة في جميع الانتخابات الوطنية والجهوية والمحلية، وكذلك من خلال انخراطها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لمنطقتها، مبرزة أن هذه المشاركة تعد تعبيرا مباشرا عن انخراط الساكنة في الإطار المؤسساتي المغربي، وهو ما يتعين على هذه الهيئة الاقرار به.
ودعت، في هذا الإطار، اللجنة إلى اتباع المسار الذي حدده أعضاء مجلس الأمن، من خلال الاعتراف بالتوجه الواضح والقائم على التوافق الذي تبنته المجموعة الدولية، ودعم مقاربة واقعية ترتكز على الحكم الذاتي.
وخلصت الدبلوماسية المغربية إلى أن “الوقت قد حان بالنسبة للجنة الـ24 من أجل تبني موقف شجاع إزاء المبادرة المغربية للحكم الذاتي، يتوافق مع مبادئ الأمم المتحدة. فلا يمكن إيجاد حل سياسي لهذا النزاع إلا في هذا الإطار، وليس من خلال قراءة مغلوطة ومغرضة لحق تقرير المصير”.